أي رقابة على مؤسسات الرعاية؟ الملاح يضرب عن الطعام مطالبا بتحقيق


2016-10-05    |   

أي رقابة على مؤسسات الرعاية؟ الملاح يضرب عن الطعام مطالبا بتحقيق

عادت قضية اغتصاب الأطفال في دور الرعايا في لبنان إلى الواجهة بعدما أطل الشاب طارق الملاح (23 سنة) على وسائل الإعلام ليكشف عن حادثة اغتصاب جديدة حصلت في إحدى الدور التابعة لـ “دار الأيتام الإسلامية" في منطقة الأوزاعي. وكان الملاح الذي سبق أن ترعرع في احدى دور الرعاية وتعرض في صغره للإغتصاب، تقدّم منذ سنة ونصف بدعوى ضد "دار الأيتام الإسلامية" و"وزارة الشؤون الاجتماعية" على خلفية تقصيرهما في حماية الأطفال المودعين في دور الرعاية. وعند الساعة الحادية عشرة من صباح 5/10/2016، أعلن طارق الملاح عن بدء اعتصامه المفتوح أمام وزارة الشؤون الإجتماعية وإضرابه عن الطعام مؤكداً عدم التراجع عن ذلك حتى يتم التحقيق جدياً في الحادثة الجديدة.

الخبرية مش جديدة
اقترب الملاح من مبنى الوزارة وجلس على الرصيف أمامها رافعاً شعارين "وزير الاغتصاب الاجتماعي" و"حالات إغتصاب جديدة في دار الأيتام الاسلامية ووزير النفايات السياسية في غيبوبة". اقترب منه عنصران من قوى الأمن الداخلي كانا يحرسان مدخل المبنى للاستفسار عن مراده. وعندما أخبرهما أنها قضية اغتصاب، ردّ أحدهم "معك حق، بس هيدي دايما بتصير منها جديدة الخبرية". أما عن معلوماته عن الحادثة الجديدة، قال: "وصلني اتصال من عامل يعمل في مطبخ لدى "دار الايتام الاسلامية"، أخبرني أن هناك حالة إغتصاب جديدة، في مركز موجود في منطقة الأوزاعي تابع للدار". وأردف: "بعد أن أخبرني بما سمعه الموظف داخل الدار، أردت التأكد حتى لا أتهم بتلفيق الموضوع. قمت بالإتصال بدار الأيتام لأتأكد من صحة الخبر فجاءني الرد أنه "لا علاقة لك بالموضوع، فدعواك عند القضاء". أجبت بأنني لا أسأل عن الدعوى الخاصة بي، وانما عن الطفل الجديد المغتصب وطلبت رؤيته فقالوا لي "أنه لا يمكنني ذلك".

ولفت الملاح إلى أن المعلومات التي وصلته تفيد "بأن الطفل المغتصب يبلغ من العمر أحد عشر عاماً وأن من قام بالاعتداء عليه هو قاصر عمره 17 عاماً". وقال إنه "من المفروض ألاّ يتم جمع هكذا أعمار مع بعضها في الدار ولكن إلى الآن يحدث ذلك".
ولفت إلى أنه في صدد التواصل مع أشخاص كانوا في "دار الأيتام" وتعرضوا للاغتصاب لمشاركته في الاعتصام، "حتى لا تبقى القضية محصورة بشخص "طارق الملاح"، وحتى يعرف الناس أنني لست الوحيد الذي حصلت معي هذه الحادثة". ولم ينكر الملّاح وجود "خوف لديهم فليس من السهل الاطلالة عبر وسائل الإعلام للحديث عما حصل معهم. كما أنني أحاول اقناع الشخص الذي أخبرني بالحادثة بأن يتحدث إلى وسائل الإعلام دون أن تظهر صورته أو يذكر اسمه حتى لا نتسبب له بالمشاكل وبخسارة وظيفته".
وختم متوجهاً إلى "دار الايتام الإسلامية" ووزير الشؤون الاجتماعية بالقول: "حكموا ضميركم لأن هناك أطفال تغتصب في كلّ اليوم". ودعا الناس الى الانضمام إليه ومشاركته بالاعتصام المفتوح.

ردّ وزارة الشؤون الاجتماعية
وفي سياق متابعة هذه القضية، رأى مستشار وزير الشؤون الاجتماعية فهمي كرامي في تصريح إلى جريدة السفيرأنه يجب أن "تتلقى الوزارة كتاباً رسمياً من الجهة المدّعية مرفقاً بالمعطيات اللازمة عن أسباب الاعتداء، وإلا، فإن الوزارة لا تستطيع التحرك ضد حادثة لا تصنّف كجرم مشهود".
وعند الساعة الحادية عشرة والنصف، وصل كرامي إلى مبنى وزارة الشؤون الإجتماعية، واثناء صعوده على الدرج ناداه الملاح قائلاً: "أستاذ فهمي كرامي لو سمحت".
فرد عليه بـ"نعم".
فقال له الملاح: "أنت مستشار وزير الشؤون الاجتماعية، يجب أن تسمعني لأنني شخص لديه حق. ومع ذلك أنا اليوم لا أطالب بحقي. أنا اقول لكم أن هناك حالة إغتصاب جديدة في دار الايتام تفضلوا وتحركوا. أنتم تقولون إنكم تريدون طلبا رسميا. لكن أنا ليس لدي صفة رسمية، أنا مواطن أقوم بالتبليغ. أريد أن يعلم وزير الشؤون الاجتماعية أني مضرب عن الطعام حتى الموت ولن أتحرك من هنا قبل أن يُفتح تحقيقٌ شفافٌ بالحادثة".
فردّ عليه بكل برودة أعصاب: "أوكي".
وأثناء صعود كرامي إلى مكتبه، طلب عدد من مراسلي الوسائل الإعلامية ومن ضمنها "المفكرة القانونية"، مرافقته للوقوف عند رأي وزارة الشؤون بالحادثة والإجراءات التي تنوي اتخاذها. وكانت "المفكرة" تحمل إليه سلسلة من الاسئلة المشروعة ومنها: "هل أن هناك من خطة لتحسين الوضع في دور الرعاية؟ وهل بالإمكان اطلاع الرأي العام على آلية الرقابة، ودفتر الشروط مع دور الرعاية؟ كيف تتم الرقابة من قبل الوزارة؟ وهل عدد المراقبين كافٍ؟" إلاّ أن مستشار الوزير رفض الإجابة عن أسئلتنا حصراً قبل أن يطلع عليها مبرراً موقفه بكون المدير التنفيذي لـ "المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية هو نفسه وكيل طارق الملاح في الدعاوى التي سبق أن رفعها ضد "دار الأيتام الإسلامية" ووزارة الشؤون الاجتماعية.

ومما قاله كرامي حرفياً: "ستنا معليش، أنا بدي اعتذر منك. المفكرة القانونية يعني أستاذ نزار صاغية نحن في خصومة بيننا وبينكم وهناك دعوى بيننا وبينكم. لذلك لنبقَ في القضاء. اليوم مؤسستكم قررت أن تسلك الطريق القانوني وهناك محامون يتوّلون هذا الملف. وليس بإمكاني الحديث اليك بكلام قد يؤثر على ملفّ الدعوى. موضوع الدعوى هو الموضوع نفسه. أنتم خاصمتونا بحجة أننا لا نقوم بدورنا الرقابي ولأننا نسهل الأعمال والمخالفات. ونحن في قضية طارق الملاح لم نقم بواجبنا لذلك لا يمكنك سؤالي عن هذا الموضوع".
وأضاف: "أنا أعرف أن الكلام الذي سأقوله لن يعجب المسؤولين عنك ولا الاتجاه الذي تسيرون فيه. أنا واضح وصريح وأقولها لك بكل أخوية. وأتمنى إذا اردتم التطرق إلى هذا الموضوع والقول إنكم جئتم إلى وزارة الشؤون وطلبتم حديثاً معنا ورُفِض الأمر، أن تقولوا إن السبب هو وجود منازعة قضائية. وأن لا أرى أننا رفضنا التعاون. نحن تحفظنا عن التعاطي بأيّ موضوع لأن هناك منازعة قضائية مع هذه المؤسسة".

فك الاعتصام
وعند الساعة الرابعة من بعد الظهر، أعلن الملاح فكّ اعتصامه بعد أن تلقى وعداً من مستشار وزير الشؤون الاجتماعية فهمي كرامي بقيام الوزارة بفتح تحقيق بالحادثة، وبالسماح له بالاطلاع على ملف التحقيق.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني