أوقفوا بيع وشراء البشر… أوقفوا نظام الكفالة! عاملات المنازل يرفضن أن يكون “بيتهم سجني”


2019-04-25    |   

أوقفوا بيع وشراء البشر… أوقفوا نظام الكفالة! عاملات المنازل يرفضن أن يكون “بيتهم سجني”

“نحن بشر” كلمتان  جمعت العاملات المهاجرات في لبنان  اللواتي أدلين بشهاداتهن الأربعاء في 24 نيسان 2019  في بيت-بيروت السوديكو. روت العاملات  تجارب مرة عشنها في أماكن عملهن ومع مكاتب الإستقدام ومع بعض الأجهزة الأمنية في الدولة. أتى ذلك في سياق حملة وتقرير جديد أطلقتهما منظمة العفو الدولية لتوثيق  إنتهاكات صارخة بحقهن، واضعة الحكومة اللبنانية الجديدة أمام مسؤولياتها. لعل ذلك يلقي بعض الضوء على هذه القضايا، ويحفز المسؤولين على شمل عاملات المنازل بقانون العمل اللبناني، وإلغاء نظام الكفالة الذي يبيح تسليع البشر.

وللمناسبة، ضاقت  قاعات بيت-بيروت  بالحضور من جنسيات مختلفة، حتى قبل أن تصبح الساعة السادسة، موعد بدء نقاش التقرير جديد تحت عنوان “بيتهم سجني: استغلال عاملات المنازل المهاجرات في لبنان”. يلقي التقرير الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تتعرض لها  العديد من عاملات المنازل المهاجرات، ومعظمهن من النساء، على أيدي أصحاب العمل. فعلى الرغم من حملات عدة والمطالبات المستمرة للجمعيات المدنية على مدى سنوات بوضع حد لنظام الكفالة، تقاعست الحكومات اللبنانية عن حماية الوافدين/ت إلى أراضيها من الانتهاكات وغضت النظر عن ضرورة الإنصاف الفعّال للضحايا. كان الغضب والتأثر واضحين على وجوه الحاضرين من ناشطين ومسؤولي جمعيات وممثلي سفارات وصحافيين بعد سماعهن لقصص عدد من  العاملات من جنسيات مختلفة إثيوبية وغانية وسيرلانكية ومن ساحل العاج والكاميرون ودول أخرى.

في قاعة أخرى عند المدخل، كان هناك معرضاً لجمل قصيرة مقتطفة من شهادات للعاملات، تختصر الوضع المزري ببضعة كلمات. وتجد أيضاً 4 أو 5 منصات عليها أسماء جمعيات تسعى إلى مساندات المهاجرين والمهاجرات وتأمين الحماية القانونية والمادية لهم على قدر المستطاع. في القاعة أيضاً عرضت عاملات بعضاً من أعمالهن  اليدوية ذات الألوان الفولوكلورية الزاهية الملفتة للنظرفي بلدانهن، وهي إحدى الأمور التي تسهم في تأمين دخل زهيد لهؤلاء  يضاف إلى أجورهن الزهيدة أيضاً. يتبادل الزوار الكلام قبل بدء النقاش، ويأخذ بعضهم الآخر الصور. عدد من العاملات المهاجرات الحاضرات يعيش في لبنان منذ أكثر من 30 سنة، أخريات مضى على وجودهن بضع  سنوات فقط. بعضهن، حوالي خمس عاملات، حضرن مع منظمة العفو لكلمات يريدون إلقاءها، تلخص ما جرى معهن ومع صديقاتهن. وأخريات أيضاً وجدن  في الأمر مناسبة لإطلاع الناس على أمور لم يحدثن  بها أحداً من قبل.

بدء النقاش

كان هناك كلمات مقتضبة في بداية النقاش لكل من مسؤولة حملات المناصرة بلبنان في منظمة العفو الدولية ديالا حيدر وممثلة حركة مناهضة العنصرية في لبنان فرح سلقا، متيحتان بذلك لعاملات وقتهن  في النقاش. وطلبت حيدر من الحضور قبل بدء النقاش الوقوف دقيقة صمت بخصوص أحداث سيرلنكا الأليمة مؤخراً، التي حصدت أكثر من 300 ضحية، وذلك تضامناً مع عدد من العاملات اللواتي  تركن أقاربهن  هناك وأتين  للعمل في لبنان. وتحدثت حيدر عن شهادة ماري وهي عاملة أثيوبية أتت إلى لبنان في الـ2013، تم حجزها لسنة كاملة في بيت صاحب العمل الذي منعها من الخروج ومن أخذ أي يوم إجازة وصادر جواز سفرها وتعرض لها بسوء المعاملة والضرب والإهانة. وفي مقابلة لها مع منظمة العفو قالت ماري: “أقمت في هذا المنزل مدة سنة، كنت أبكي كل يوم، حاولت ان أقتل نفسي ثلاث مرات في ذلك العام، بيتهم سجني”. تشرح حيدر أن قصة ماري منحن التقرير اسمه،  لتشرح مضمون التقرير وما يوثقه من إنتهاكات.

وعبرت حيدر عن غضبها من تجاهل الحكومات اللبنانية المتعاقبة لمجموعة الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل المهاجرات في أماكن عملهن، رغم التقارير الدورية  للمنظمات الحقوقية التي توثق الإنتهاكات. وأملت أن تكون الأمور مختلفة هذه المرة خاصة وأن “وزير العمل اللبناني الجديد وعد بأكثر من مناسبة بأن لديه النية لتغيير نظام الكفالة وتوفير حماية قانونية لعاملات”. وتمنت أن تترجم هذه الأمور إلى أفعال في القريب العاجل.

لم ترد حيدر التحدث عن مضمون التقرير بل أرادت أن تترك المجال للعاملات للكلام عما يتعرضن له في حياتهن  اليومية بسبب نظام الكفالة، ولكي يطرحن ما لديهن من مطالب. وأوضحت أن “المطلب العريض بطبيعة الحال هو إلغاء نظام الكفالة وشمل العاملات بقانون العمل”. وطالبت الجميع بالتوقيع على عريضة سيتقدمون بها إلى وزارة العمل. ليعرض بعدها فيديو تعبيري “أنمايشن”[1] قصير في سياق الحملة التي تقوم بها المنظمة.

مضمون التقرير

من يطّلع على مضمون التقرير[2] ويستمع إلى شهادات العاملات، يشعر وكأنه أمام حلقة من مسلسل “وست وورلد” الأميركي. من لا يعرف المسلسل، هو يتحدث عن مكان مصطنع في أميركا فيه روبوتات يكاد المرء لا يميزها عن البشر، مع فارق أنه بإمكان الزوار أن يتركوا العنان لأنفسهم لممارسة كل أنواع الشرور طالما أن من يتعرض لهذه الممارسات هم روبوتات. ولا يمكن أن نفهم ما يجري في لبنان وفقاً لما عرضه التقرير سوى أننا خصصنا أمكنة لاستباحة وتحليل كل ما هو محرَّم لمجرد أن العاملة  التي تتعرض لهذه الممارسات هي من جنسية مختلفة وقد أتت لتعمل في منزل، أو أنها لم تأت فعلاً للعمل بمنزل بل أُجبرت قسراً على ذلك بعد أن سُلبت أوراقها الثبوتية وحُجزت حريتها. وواقع الحال أن مروحة ما قد تتعرض\يتعرض له أكثرمن 250,000 من عاملات\عمال المنازل المهاجرين القادمين من بلدان أفريقيا وآسيا، من ظروف عمل إستعبادية يشمل ما يلي:

ساعات عمل طويلة بلا إستراحة ولا يوم إجازة- عدم دفع الأجور وتأخير دفعها واقتطاعات الرواتب،مصادرة جوازات السفر، فرض قيود لى حرية التنقل والإتصالات، الحرمان من الطعام، أماكن سكن غير لائقة وانعدام الخصوصية، إساءة المعاملة اللفظية والجسدية والجنسية، تقييد إمكانية الحصول على الرعاية الصحية، التأثير على الصحة النفسية.

والتقرير الذي قام على جمع معطيات إحصائية من مصادر منوعة، وعلى 32 مقابلة معمقة مع نساء يعملن كعاملات منازل في لبنان، يتحدث عن عمل جبري وإتجار بالبشر. ويتطرق إلى العوائق التي تحول دون حصول العاملات  على العدالة. حيث تجد العاملات  أنفسهن عالقات في نظام الكفالة، لا تشعرن بأن لديهن الحق في حرية التعاقد. ولا يلحظ القانون أصلاً نوعاً من عقد عمل مكتوب في لغتهن الأصلية الأم، ولا يجدن إعتراف بهن ولا حماية لهن في قانون العمل. كما تشعرن بالخوف من الإعتقال، ومن عدم الحصول على عمل جديد خاصة إذا كنّ معيلات لأسرهن، ويشعرن كذلك بالخوف من الإتهامات الكاذبة بالسرقة.

المشكلة في الثقافة أيضاً

بعد حيدر، عبرت ممثلة حركة مناهضة العنصرية في لبنان فرح سلقا بدورها عن حالة من الغضب، مشيرة إلى أن نظام الكفالة هو “نظام كارثي يكرس العبودية، ويجعلنا نشاهد يوماً بعد يوماً جثثاً -أكثرها من جنسيات إثيوبية- على الطرقات والشوارع، تمر الناس بجوارها وتصوّر ثم تكمل حياتها كأن الأمر بات عادياً جداً. بات أمراً عادياً أن نرى جثثاً لعاملات أجنبيات من بلدان محددة على الطرقات. قد نضع بوست على فايسبوك ونتكلم قليل عن الأمر ثم نكمل حياتنا”.

وأرادت سلقا التعبير عن خلل كبير في الإعتياد على هكذا نمط يتكرر، لتقول أن حديثنا عن نظام الكفالة ليس حديثاً بأمور معقدة لا يمكن إيجاد حل لها. فنظام الكفالة “وضع معيب جداً موجود لدينا، ولابد أن نعمل في وقت مبكر لا لإصللحه بلصقه بـ”بلاستر” (لاصقة جروح) من هنا أو هناك، بل أن نقبعه من جذوره”. ترفض سلقا هذا الواقع، كيف من الممكن التأخر برواتب العاملات 3 أشهر وأكثر؟ “وأوقات ما منأمن نعطيهن المصاري منبعت المصاري لأهلها!”

من الواضح وفق ما تعبر عنه سلقا أنه لا يتم إقامة أي اعتبار للعاملات، لا يتم إحترامهن واحترام خصوصياتهن وحرياتهن وحقوقهن. تقول موجهة الكلام إلى الرأي العام: “في شي مش ظابط، الي بتنام جوعانة والي بتنام مقهورة والي بتنام عم تبكي! أنا كيف فيي كون نايمة ببيت وبنفس البيت عالبلكون أو بالمطبخ أو مدري وين نايم حدا مقهور وجوعان أوعم يتوجع وعم يدعي عليي وأنا مش مضايقني الموضوع!” في السابق كان الحديث عن ضحية واحدة في الأسبوع، اليوم نتحدث عن 2و3، وفق سلقا. وترى  أن الأمر لم يعد بالنسبة لها مسألة حقوقية فحسب بل تعداه ليصبح موضوعاً أخلاقياً. وأملت بدورها أن تكون التغييرات الموعودة من قبل وزارة العمل تغييرات فعلية لا مجرد “بلاسترز” هنا أو هناك. تختم سلقا بالقول “ألأن هناك 300 ألف شخص عامل في لبنان، لا يمكن لبيروت أن تستمر 24 ساعة دون خدماتهم، لا المنازل ولا المستشفيات ولا الفنادق، في حين أن درجة الإمتنان التي لدينا هي أنه لا يوجد لدينا قانون يلحظ حمايتهم”.

شهادة العاملات

شهادات العاملات اللواتي  تعاقبن على الكلام محاولات إختزال كل الواقع. تحرص هارك Harek، وهي فتاة أثيوبية أتت إلى لبنان في الـ2011، على التعبير بلغة عربية واضحة لكي توصل صوتها لمن يريد أن يسمع. تتوقف تارة عن الكلام حين تجد صعوبة في التعبير ثم تعود لتكمل حديثها. لم تكن هارك آتية للعمل في أحد المنازل بل للعمل على الحاسوب، لكن فور وصولها المطار إستقبلتها إمرأة وأخذت باسبورها وكل أوراقها الثبوتية، ثم رمت حقيبة ملابسها بعد خروجهن من المطار. وحين وصلت هارك إلى منزل الإمرأة علمت أنها ستعمل في تنظيف المنزل. توضح الفتاة الإثيوبية أنها ليست أول العاملات  اللواتي يتعرضن لأمور مماثلة، فكثير من بينهن يصلن إلى لبنان ثم يجدن أنفسهن عالقات ولا يستطعن المغادرة بسبب نظام الكفالة. “أنا شو فيي إعمل هون؟” تقول هارك بحسرة “نظام الكفالة يتيح لهم التحكم بحياتنا ويعاملوننا على أننا لسنا من البشر. أنا لم أستطع المغادرة لأني كفيلتي لم تسمح لي بذلك، وقالت لي إذا ما أردت العودة ردي لي 1500 دولار (التي دفعتها لمكتب الإستقدام) ثم اذهبي”. وتشرح هارك “لو أنني هربت لكانوا حبسوني ثم أعادوني إلى أثيوبيا مرغمة”. هن  يتركن بلادهن كما أي شخص يسعى إلى السفر للخارج لتأمين عيشه، لكنهن يجدن أنفسهن  عالقات بنظام يتيح إستغلال البشر.

تعطي  هارك الكلام إلى صديقاتها اللواتي يتحدثن إنطلاقاً من تجاربهن عن الطرق المختلفة التي يعرضهن لها نظام الكفالة للظلم. تستلم ساندي الكلام، وهي فتاة من الكاميرون، تتحدث الفرنسية، تقول “معظمنا من الضحايا في بلادنا، نحن ضحايا لمواطنين لنا جعلونا نأتي إلى هنا من دون أن يشرحوا لنا أي من شروط العمل في لبنان. وما ان نصل حتى نصبح ضحايا نظام الكفالة. ونحن أيضاً ضحايا مجتمع ينظر إلينا بعين مختلفة. ونحن ضحايا أصحاب العمل الذين يحدون من حريتنا في التنقل. هؤلاء يجعلوننا نعمل دون أي يوم فرصة عن العمل وبدوامات طويلة. ولا يسمحون لنا بالحديث مع عائلاتنا إلا مرة في الشهر. يحبسوننا في منازلهم حين يخرجون. نحن ضحايا لأصحاب العمل الذين يعتقدون أننا آلات تفعل كل ما يريدون. ونحن هنا لنقول أنكم بحاجة لنا كما نحن بحاجة لكم. وأن باستطاعتنا معاً أن نغير نظام الكفالة، ونجد حلولاً بشكل يتيح إحترامنا واحترام حقوقنا. أنتم لا تشتروننا بل تشترون خدماتنا لأن الكائن البشري ليس سلعة للبيع. أنا فقط هنا لأقول لكم أننا  فتيات، أننا أمهات، أننا أطفال، وأننا زوجات ونحن كلنا نساء. فليتم احترام النساء”.

يتفاعل الحضور مع العاملات بالتصفيق ويبدو التأثر على الوجوه، تتحدث باتريسيا عن معاناتها وصديقاتها، وهي أيضاً من الكاميرون. تتحدث عن الأماكن السيئة التي يخصصها أصحاب العمل لمنامتهن، تخت أقصر من قامتها على الشرفة أو في الصالون أو حتى في “نملية الطعام”. حالات التعنيف والتحرش اللفظي والجنسي تصبح أموراً معتادة… وتشرح باتريسيا أيضاً كيف أن صاحب العمل يجعلهن  يأكلن وهن واقفات كي لا يضيعن من وقت العمل. تتكلم عن حالات المرض “كل شيء يعالج بالبانادول”، وإذا ما سمحوا لهن بالذهاب إلى الطبيب فالعلاج على حسابهن. بعد باتريسيا تتحدث أيضاً تانيا من سيرلنكا وهي تعمل في لبنان منذ أكثر من 27 سنة، بدورها، ومعها الكثير من العاملات ، أتت لتعمل كسكرتيرة فوجدت نفسها أسيرة لنظام الكفالة والعمل المنزلي… تعود هارك إلى النقاش لتقول أنه، وبرغم كل ما سمعناه، فهن لا يستطعن الإشتكاء للشرطة. تقول “أنا ما فيي أطلب حقي وإتشكى أما كفيلي فيتشكى”. وتتساءل لماذا لا توجد تحقيقات على إثر حالات الإنتحار. تضيف هارك “يقولون أنهم خصصوا خط hotline في وزارة العمل لتلقي الشكاوى، لكنهم لا يردون على الإتصالات.”

بعد أن أنهت العاملات الحديث عن تجاربهن وواقعهن، بدأن الحديث عن الحلول المطلوبة. وتولت هيريت الكلام باسمهن “نريد أن نلغي نظام الكفالة، نريد قانوناً يحمينا، هذا الحل الوحيد. نريد دولة تحترم حقوقنا، لذلك نطالب وزارة العمل أن تأخد إجراءات سريعة: أولاً أن تعيد فرض وجود عقد مع صاحب العمل، كي تساوي ما بيننا وبين صاحب العمل وكي أستطيع أن أستفيد من يوم فرصتي دون أن آخذ إذن مسبق. ونريد عقد العمل بلغتنا كي نستطيع قراءته، وكيف نفهم مضمونه قبل التوقيع عليه. نريد أن يكون هناك قسماً خاصاً في وزارة العمل لعاملات المنازل كي نستطيع أن نقدم شكوانا إليه. وأن يكون هناك تعويض لنا لأن صاحب العمل لا يعطينا حقنا. نريد أن تضع الوزارة لائحة سوداء باسم أصحاب العمل الذين لا يعطون العملات رواتبهن  أو الذين يسيؤون معاملتهن. نريد الوزارة ألا تسمح لرجال الأمن بأن يأخذوا  جوازات سفرنا  ويعطوها لأصحاب العمل. كذلك نريد تحقيقات جديدة بقضايا الإنتحار أو ما يقال عنه أنه انتحار، لابد من بحث الأسباب التي تؤدي بها إلى الإنتحار. نريد من رجال الأمن أن يساعدوننا حين نقدم شكوى لا أن يستمعوا لصاحب العمل فحسب. ونريد أن يتم السماح للعاملات الذين لديهن أطفال بأن يدخلونهن المدرسة. ونحن بحاجة إلى مساعدتكم لتحقيق كل ذلك”.

بعد ذلك فتح المجال لمداخلات الحضور، تشجعت إحدى العاملات، المتواجدة في لبنان منذ 5 سنوات، للحديث عن تجربتها الخاصة. “تعرضت ثلاث مرات للعنصرية والتحرش والإغتصاب. أعرف الكثير من العاملات اللواتي عدن حوامل  إلى بلادهن وانتحرن  هناك. وأنا اليوم أعترف أمامكم تعرضت لذلك في المرة الأولى داخل البيت. وفي المرة الثانية بعد أن تركت  منزل كفيلتي. ولازالت أمور التحرش في الشوارع مستمرة اليوم وهي بشعة جداً. ما أود قوله هو أن الفتيات من بلدي كلهن عانين من هذه الأمور لكن هذا معيب جداً. هل يقبل أي منكم أن يحصل أمر مماثل مع أخته أو والدته!!! ثاني أمر أردت الحديث عنه هو اننا نحن أتينا من بلادنا لنعمل، نحن نريد حريتنا لا أن نسجن في المنازل. حتى أنني بت أتمنى السجن لأن السجن فيه نوع من الحرية، لكن ما يحصل في المنازل هو يعيدنا إلى أيام العبيد، الذي تخلصنا منه منذ أكثر من 100 سنة ولكنه يبدو أنه لا زال موجوداً. لماذا نذهب إلى المدرسة؟ لنتعلم أم لنتعرض لمثل هذه الأمور؟ أريد أن أطرح عليكم سؤالاً، هل يحصل في بلادي أثيوبيا مع اللبنانيين المتواجدين هناك مثل ما يحصل معنا نحن هنا؟ لا أحد منهم يتعرض لشيء، لكن نحن هنا نتعرض لأسوأ الأمور. نحن تعلمنا في الجامعات وأتينا لنعمل هنا كي نعين أهلنا لا لنعرض أنفسنا لأبشع أنواع التحرش والإغتصاب. لا أحد يأتي الموت بقدميه. أبداً! كل من يأتي إلى هنا منا إما يريد أن يعيل أهله، أو أن يعلم أخوته. هناك البعض من يعاني أهلهن من السرطان أو مرض في الكلى ولهذا يضطررن للقدوم إلى هنا…”

تكلمت أخريات أيضاً، ومن تجارب متشابهة، سيسي من ساحل العاج تحدثت مثلاً وكانت غاضبة جداً، فهي بدورها أتت لأنهم وعدوها بعمل تجني منه بعض المال، إلا أنها اكتشفت بعد ذلك أنهم استقدموها كي يجبروها على العمل في المنازل. كذلك تحدثت عن محاولة إغتصاب استطاعت أن تفلت منها. تحدث في المداخلات أيضاً ممثلون لجمعيات عبروا عن تضامنهم وعن استيائهم لاستمرار الأوضاع على ما هي عليه: “ونحن بدورنا نجد أن الأمور التي تكشف عنها التقارير المتاحة وما يصلنا يومياً من أخبار إعلامية يعبر عن حالة لا يحتمل السكوت عنها في أي بلد فيه أدنى مقومات الأمن الإجتماعي وأدنى مقومات الحس الإنساني. العبودية أمر مرفوض! تسليع البشر مرفوض! العنف والإغتصاب والتحرش بحق النساء مرفوض! والكلام العنصري مرفوض بأي شكل من أشكاله. فلنخرج من خصوصياتنا الثقافية ولنرفض كل ما يمارس على من هم من ثقافات مختلفة مما لا نقبل أن يمارس علينا ونتعرض له”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني