لا تتوقف دموع هيام والدة ضحية انفجار المرفأ أحمد قعدان، المتّكئة على الجدار الذي أُلصِق عليه رسمٌ لوحيدها إلى جانب رسوم لجميع الضحايا في قلب بيروت: “كيف لدموعي أن تجفّ؟ خسرت وحيدي ولا شيء يبرّد قلبي إلّا عندما يحاسبوا المجرمين”.
على الجدار نفسه، تعانق والدة جيسيكا بازردجيان صورة ابنتها المعلقة وتقبّلها مراراً، وبصوت الوجع تردّد: “بدّي بنتي.. اشتقتلها”.
ريتا حتّي تحتضن صورة تجمع ابنها الشهيد نجيب حتّي وزوج ابنتها الشهيد شربل كرم وقريبها الشهيد شربل حتّي (وجميعهم من فوج إطفاء بيروت) تقول لـ “المفكرة القانونية”: ليفهموا جيداً أنّنا لن ننسى وسيأتي يوم ويتمنون لو متنا مع أولادنا وبناتنا، سنزعِجهم ونهزّ ضمائرهم ليلاً نهاراً، لن نتركهم يرتاحون لو بقي في حياتنا نهار واحد”.
تلك الأمهات هنّ صورة عن جميع أمهات ضحايا انفجار مرفأ بيروت، اللواتي يحملن دموعهن ووجعهن، في كلّ رابع من كلّ شهر، إلى مكان الانفجار ليذكّرن بأن قضيّتهن ما زالت مفتوحة، ومهما ذبلت وجوههنّ من شدّة الحزن والفقد، لن يغادرن هذا الحزن ولا الحزن سيغادرهنّ قبل إقفال هذه القضية بتحقيق العدالة ومحاسبة المسبّبين للتفجير.
3 أشهر ونصف الشهر على تجميد التحقيق
سنة و8 أشهر، مرّت على التفجير في بيروت، والأهالي يواصلون تحرّكاتهم، يحملون صور ضحاياهم، ويرفعون لافتات يحذرون فيها المنظومة التي تتفنّن في كفّ يدّ المحقق العدلي القاضي طارق بيطار في محاولة منها لعرقلة التحقيق وتتفنّن بكل الأساليب للإفلات من المحاسبة والعقاب وينذرونها: “منظومة النيترات ساقطة”.
وليام شقيق الضحية جو نون قال لـ “المفكرة” “بعد أكثر من 3 أشهر من التجميد، أي منذ 23 كانون الأول 2021 وأخيراً، صدرت تعيينات محكمة التمييز وأصبحت في عهدة وزير المالية، ليتفضّل ويوقّعها ويعمل شغله وإلّا سنزوره في منزله كما زرنا وزير العدل”، في إشارة إلى اقتراح مجلس القضاء الأعلى تعيين قضاة لرئاسة غرفة محكمة التمييز، ممّا يسمح للهيئة العامّة للمحكمة من استعادة نصابها والبتّ في قضايا المرفأ العالقة أمامها تمهيداً لعودة التحقيق.
أهالي الضحايا في الأحياء المتضررة
من الأحياء التي بلّلت دماء الضحايا أحجار أبنيتها ومقاهيها، انطلق الأهالي أمس الاثنين في الرابع من نيسان، بمسيرة بدأت من الجميزة وصولاً إلى تمثال المغترب مقابل الإهراءات، مروراً بمار مخايل أمام شركة الكهرباء، وكنيسة مار مطانيوس فشارع باستور.
أماكن عدة استوقفت الأهالي: “هنا منزل الضحية إلياس خوري الذي أصيب وهو على سريره”، “هنا منزل الضحية الرسامة جوزيه أبو زيد التي سقطت وهي ترسم الأمل”. و”في هذه البقعة سقط أحمد قعدان” و”هنا بناية جدتي وجدي التي تهدّمت ولم يعاد تعميرها لأن الانفجار قتلهما أيضاً”….
وفي كلّ حي وامام كل مبنى كانت أصوات الأهالي ترتفع عبر مكبّرات الصوت وتحثّ أهالي المناطق الأكثر تضرّراً على الانضمام إليهم في الشارع لا على الشرفات: “نحن أهالي الضحايا وينكن يا متضرّرين، قضيّتنا وحدة، ناطرينكن تكونوا معنا كلّ 4 الشهر، لازم نتكاتف ونكون إيد وحدة لنوصل للعدالة”.
“قضيتنا وحدة”
تحرّك الأمس، أتى تحت شعار “قضيّتنا وحدتنا” وذلك بعد حوالي أسبوع على وفاة ضحيتين جديدتين، جولييت عودة وريتا حرديني اللتين أضيف رسمان لهما على الجدار المقابل لتقاطع الجميزة – ساحة الشهداء. وستستكمل التحرّكات في مناطق أخرى، على أن يكون في 4 أيار المقبل في أحياء الجعيتاوي.
وأمام تمثال المغترب، تلت ريما شقيقة الضحية أمين الزاهد بياناً تحدثت فيه عن تجميد التحقيق العدلي لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة المنتظرة والمرجوّة وقالت: “20 شهراً على تدمير بيروت بفضل منظومة فاسدة مجرمة وحقيرة، دولة عقيمة لم تحصّل حقنا وما ولّدت إلّا الدمار والقتل”، مؤكّدة أنّ “الأهالي لم ولن يسكتوا عن المجاهرة بالحق والحقيقة الساطعة”.
وأكدت “استمرار الأهالي في الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية حتى صدور القرار الظنّي”، مشيرة إلى أنّ “أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين والمواطنين الشرفاء لن يسمحوا بالمماطلة المكشوفة والمستمرّة منذ أشهر طويلة لإخفاء كلّ معالم الجريمة والتقصير والاهمال ونفض اليد منها فقط لإعاقة التحقيق”.
ودعت “المرشحين إلى الانتخابات النيابية من الشرفاء إلى تبنّي قضية أهالي الشهداء”، مطالبة “نقابتي المهندسين والمحامين برفض الدراسات الهندسية والقانونية لتدمير معالم إهراءات المرفأ لأنها ستبقى شاهدة على المجرمين المرتكبين”.
وسألت: “كيف يترشح إلى الانتخابات النيابية من يعتبرون فارّين من وجه العدالة وفي حقهم مذكرات توقيف وجلب؟”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.