أن يشهر وزير الصحة بالمؤسسات التجارية المخالفة


2014-11-19    |   

أن يشهر وزير الصحة بالمؤسسات التجارية المخالفة

عقد وزير الصحة وائل أبو فاعور مؤتمراً صحفياً في 2014/11/11أعلن فيه عن نتائج الفحوصات التي أجرتها وزارة الصحة لمراقبة سلامة الغذاء. ونشر عددا ببعض المطاعم والمؤسسات التي تبين له أنها تقدم للمواطن الطعام الفاسد، المغمس بالأمراض والمكروبات ومنها المغمس بمخلفات "البراز". وتبعا لذلك، تعرّض أبو فاعور لانتقادات كثيرة على الاسلوب الذي اعتمده بنشر أسماء المؤسسات المخالفة لمعايير سلامة الغذاء. وهذا الأمر يستدعي ثلاث ملاحظات أساسية:
–        أن تصرف الوزير يشكل مؤشرا آخر على أهمية المبدأ الذي نادت به المفكرة القانونية مرارا ومفاده أن "التشهير حق حين يكون واجبا"، ومؤداه اخضاع المرتكبين للمساءلة الاعلامية. ففي ظل غياب الرقابة من قبل الوزارات المعنية والتعتيم على الموضوع من قبل الإدارات العامة وتساهل القضاء في معاقبة المخالفين، تأتي خطوة وزير الصحة في سياق وجوب اعلام المواطن الذي له حق بالمعرفة لاتخاذ خطوات الحيطة والحذر. وهذا ما عبر عنه أبو فاعور من خلال قوله بأن الدولة ضعيفة أمام هذه المؤسسات. ويشكل هذا المبدأ عنوانا أساسيا للمعركة القضائية التي خاضها الوزير السابق شربل نحاس ضد الشركة صاحبة محلات سبينيس ومديرها التنفيذي التي كانت ادّعت عليه بالقدح والذم. وبالطبع، يكون هذا الواجب- االحق متحققا في حال توفر شروط حسن النية، أي أن يكون الدافع اليه هو الدفاع عن المصلحة العامة (وهو أمر متوفر في حال بيع غذاء فاسد أو مضر بالسلامة العامة) بمعزل عن أي دافع للاساءة الشخصية، وأن يكون الفعل موضوع التشهير ثابتا، وأن يكون ضروريا ومتناسبا مع المخالفة المعنية.
–        أن المشرع وعى أهمية التشهير. وهذا ما نقرؤه في التعديلات التي أدخلها في 2014/4/15على بعض احكام قانون حماية المستهلك. ومن أهم هذه التعديلات فيما يعنينا، المادة 122 التي جعلت نشر الأحكام الصادرة بحق المخالفين في الصحف وجوبياً على أن يكون لصقها على أبواب الأماكن المخالفة وحده جوازيا. ورغم ذلك، يبقى القضاء متقاعسا عن نشر الاحكام او الصاقها على أبواب المؤسسات المخالفة. ويشار إلى أن أحد المدعين العامين في بيروت القاضي سامر يونس قد قدم عددا من الاستئنافات على قرارات قضائية خلت من موجب النشر والالصاق على أبواب المؤسسات المخالفة حرصا على حق المواطن بالمعرفة. الا ان هذه الاستئنافات قد ردت كلها.
–        أن موقف الوزير يشكل من دون ريب أحد أهم أعمال التصدي للمؤسسات التجارية الكبرى، التي غالبا ما تلجأ الى استغلال نفوذها للاستقواء على القانون والدولة. ولعل خير دليل على ذلك هو انبراء عدد من الوزراء الحاليين (ميشال فرعون) والسابقين (فيصل كرامي) للدفاع عن هذه المؤسسات في مواجهة مساعي وزارة الصحة لحماية حقوق المستهلك.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني