أنس سعدون يكتب للمفكرة القانونية عن منعه من المشاركة في مؤتمر المحامي المناصر للقضايا الاجتماعية


2013-07-08    |   

أنس سعدون يكتب للمفكرة القانونية عن منعه من المشاركة في مؤتمر المحامي المناصر للقضايا الاجتماعية

يؤسفني أن أبلغكم اعتذاري عن المشاركة في فعاليات المؤتمر الدولي المنظم من طرف مجلة المفكرة القانونية بشراكة مع منظمة PILnet (منظمة القانون من أجل الصالح العام)أيام 04 و 05 و06 يوليوز 2013 حول موضوع المحامي المناصر للقضايا المجتمعية، في الجلسة الخاصة بالقاضي المناصر للقضايا الاجتماعية نظرا للمنع غير الدستوري الذي تعرضت له من طرف السلطة التنفيذية ممثلة بالسيد وزير العدل الذي رفض الترخيص لي بالتغيب عن العمل خلال أيام هذا المؤتمر الدولي، مستعملا وبشكل تعسفي الامكانيات التي خولها له القانون في هذا الصدد، حيث توصلت برسالة بتاريخ 01-07-2013 من طرف السيد وزير العدل يبلغني من خلالها بأنه يتعذر الترخيص لي بالمشاركة في فعاليات المؤتمر الدولي المنعقد ببيروت والمذكور أعلاه نظرا لالتزامات العمل، كما توصلت وبنفس التاريخ برسالة من طرف وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بأزيلال يرفض من خلالها الترخيص لي بالاستفادة من امكانية التغيب عن العمل تعويضا عن أيام الديمومة، فضلا عن رسالة أخرى من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال يؤكد من خلالها رفضه تمكيني من رخصة استثنائية.
وأشير إلى أن موقف وزارة العدل وكذا الادارة القضائية ينم عن تحامل واضح ومحاولة لاستغلال النصوص القانونية من أجل مصادرة الحقوق الدستورية المكفولة للقضاة خاصة حقهم في التعبير ، نظرا لكون قرار وزير العدل وكذا المسؤولين القضائيين بني على أساس معطيات مغلوطة، تفتقد لأدنى مسوغ قانوني خاصة مع استحضار مبدأ وحدة جهاز النيابة العامة إذ أن أعضاءها وطبقا لمختلف القوانين الوطنية والدولية يشكلون وحدة متكاملة متضامنة يحل فيها الواحد محل الآخر وبالتالي فإن امكانية الحلول تتيح لأي قاض من النيابة العامة أن يحل محل زميله خاصة إذا كان عدد قضاة النيابة العامة بالمحكمة كافيا كما هو الحال بالنسبة للمحكمة التي أزاول عملي بها، حيث يتواجد 07 قضاة للنيابة العامة، وليس من شأن حصولي على رخصة استثنائية مدتها لا تتجاوز 03 أيام من أجل حضور مؤتمر دولي في إطار ممارسة الحق في التعبير أن يؤدي إلى وقف سير المحكمة التي أعمل بها.
وفي الأخير أجدد استنكاري لمحاولة اغتيال حقي في التعبير كمواطن وكقاض، وهو الحق الذي كرسته المواثيق الدولية وكذا دستور 2011، وأجدد أسفي لتزامن هذا المنع الذي تعرضت له من طرف وزير العدل والحريات مع الاحتفال بالذكرى الثانية للمصادقة على دستور 2011 الذي كنا نعتقد أنه كرس بالفعل العديد من المكتسبات للسلطة القضائية ومن بينها حق القضاة في التعبير وفي العمل الجمعوي، إلا أن مثل هذه الوقائع تؤكد استمرار وجود عقليات رافضة للتغيير ولتنزيل مقتضيات الدستور الجديد على أرض الواقع، عقليات تأبى إلا أن تستغل مواقعها من أجل ضرب حرية الانتماء الجمعوي المكفولة دستوريا للقضاة، عقليات تحاول أن تطوع النصوص والإجراءات من أجل مصادرة أبسط حق للقاضي .. وهو الحق في التعبير. وأتأسف أن يكون من أسباب تفشي هذا الوضع الخطير الدور السلبي الذي تلعبه الادارة القضائية لأسباب مبنية في كثير من الأحيان على أساس اعتبارات الانتماء الجمعوي والرغبة في محاربة إطار جمعوي منافس لحساب إطار آخر، ومحاولة مصادرة حق القضاة في حرية التعبير والانتماء الجمعوي.
وأختم رسالتي بطرح تساؤلات من صميم اهتمام موضوع المؤتمر الدولي المنعقد ببيروت مؤخرا والذي يبحث في تجارب دولية ناجحة تكرس دور المحامي في مناصرة القضايا الاجتماعية وهو الدور الذي أثمر تكريس عدد من الحقوق المدنية والسياسية، حيث أتساءل عن دور القاضي في هذا الحراك المجتمعي المعاصر؟ فهل للقاضي دور في مناصرة القضايا الاجتماعية؟ هل دوره ينحصر فوق منصة الحكم عندما يتصدى لمعالجة الملفات المعروضة عليه؟ أم يمكن له من موقعه كمواطن ثم كقاض أن يكون له رأي في قضايا تهم الحياة العامة؟ كيف يمكن الجمع بين مناصرة القاضي للقضايا المجتمعية ومقتضيات واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية لا سيما واجب الحياد والتجرد؟
كنت أود أن أشارك معكم وأستعرض بعض التجارب الوطنية في هذا المجال وأستفيد أيضا من التجارب المقارنة، لكن المنع غير الدستوري حال دون تواجدي معكم لكنه لن ينجح أبدا في مصادرة حق القضاة في التفكير والتعبير لأن الأفكار لا ولن تخضع أبدا لأي قيود.
عضو نادي قضاة المغرب بأزيلال

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني