لا يزال الناشط الشاب أحمد أمهز موقوفاً منذ يوم الثلاثاء 21 آذار/مارس 2017 بتهمة تحقير رئيس الجمهورية والذم بموظفين عموميين على خلفيّة ما نشره على صفحته الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك (Facebook) في بداية شهر شباط/فبراير الماضي. وقد أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان بيار فرنسيس صباح الاثنين 27/3/2017 مذكرة توقيف وجاهية بحق أمهز بتهمة تحقير رئيس الجمهورية وكل من رئيسي مجلس النواب والحكومة.
وبالعودة الى الوقائع، كان قد جرى توقيف أمهز بأسلوب بما يشبه "اصطياد الفريسة" بعد أن أوقفته دورية من قوى الأمنية الداخلية على الطريق العام يوم الثلاثاء الماضي وأحضرته الى مخفر برج حمود بسبب ضبط سير، ليصار بعدها الى توقيفه بناء على بلاغ سابق بحقه بسبب ما نشره على فيسبوك. سريعة كانت الإجراءات في قضيته، فمن مخفر برج حمود نُقل في اليوم نفسه الى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية للتحقيق معه. وعلى أثر ذلك، إدعت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بحقه تبعاً للمواد 383, 384 و386 من قانون العقوبات، وأحالته موقوفاً أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان بيار فرنسيس الذي مثل أمامه اليوم. وبعد صدور مذكرة التوقيف، إستأنف وكيله المحامي واصف حركة قرار قاضي التحقيق أمام الهيئة الاتهامية، لكن تم رد الاستئناف وصدق قرار القاضي وأّبقي أمهز موقوفاً. وسيقدم حركة نهار الثلاثاء 28/3/2017 طلبا بإخلاء سبيله أملا بتحقيق ذلك.
وبالرجوع إلى قضايا مشابهة، نجد أن القضاء اللبناني قد لجأ مؤخراً إلى توقيف عددٍ من الشبان على خلفية آراء إعتراضية أو نقدية بحق مسؤولين لبنانيين، نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم باسل الأمين وحسن سعد اللذين أوقفا لمدة ستة أيام في كانون الأوّل 2016، والمحامي نبيل الحلبي الذي أوقف لثلاثة أيام في أيار 2016 بعد أن رفعت نقابة المحامين في بيروت الحصانة عنه. وهذا الأمر إنما يعكس اتجاها نحو اعتماد أساليب قمعية هي على نقيض مبادئ حرية التعبير.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن توقيف أمهز حرك الرأي العام عبر وسائل التواصل الإجتماعي حيث عاد هاشتاغ #الستايتس_مش_جريمة ليتصدر التراند (الأكثر تداولاً). كذلك، أقيمت وقفات تضامنية عدة معه. وبموازاة ذلك، أصدرت منظمات حقوقية عدة بياناً استنكرت فيه عملية التوقيف.
كما عقد مؤتمر صحفي نهار الثلاثاء 28/3/2017 ضم عدداً من المنظمات الحقوقية والإعلامية، وأصدرت أربعة منها:(منظمة تبادل الإعلام الإجتماعي. هيومن رايتس ووتش، المركز اللبناني لحقوق الانسان و مؤسسة سمير قصير) بياناً أدانوا فيه إستمرار توقيف أمهز وطالبوا بإطلاق سراحه فوراً. كذلك تمت الدعوة الى اعتصام تضامني عند الساعة العاشرة من صباح الأربعاء 29/3/2017 أمام قصر العدل في بعبدا.
ربما لم يحسن أمهز إختيار تعابير النقد الموجهة الى الرؤساء الثلاث، ولكن هل عباراته تحقير وذم بحق الرؤساء أم قبل كل شيء شعار سياسي يرفض من خلاله أمهز (المواطن النموذجي) ما وصلت إليه مستويات الفساد في ظل النظام الحالي؟ ثم، هل بحث أحد في الخلفيات التي أوصلته الى حالة الغضب (أو اليأس)؟ عندما كتب أمهز "الستايس" المكروه هذا، وجّهت إليه الكثير من الإتهامات بأنه يسعى إلى تحقيق الشهرة. وردا على هذه الإتهامات، أجاب يومها: "ما بعمري ركضت ورا الشهرة.. بس ما عندي شي إخسرو.. لا بيت.. ولا شغل.. ولا حب..مافي شي خاف عليه..". وبسؤاله عما إذا كان يخشى على مستقبله، أجاب: "أي مستقبل؟ ليش شو تركولنا؟ بدن يحبسوني يحبسوني.. في غيري كتير رح يحكوا.. معقول يحبسونا كلنا؟"
مهما بلغت قسوة القمع، من المرجح أن تتكرر كلمات أمهز إبن الأربعة وعشرين عاماً على لسان آلاف الشباب والمواطنين وأن تلاحق القيمين على الدولة كغيمة سوداء يصعب حبسها. سيرددها كل شاب وشابة سئموا أن يبني البعض قصوراً على حساب مستقبلهم في هذا الوطن. منذ أيام، أطل وزير المالية علي حسن خليل عبر وسائل الإعلام ليقول أمام الملأ: "عرضت علينا رشوة من المصارف". هكذا ببساطة، يحاول البعض رشوة المقامات العليا في الدولة، فلا تحرك النيابة العامة ساكنا. أما أن ينشر شاب ستايتس على صفحة الفايسبوك، فهذا حدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام. ما أن يحصل، حتى تستنفر الأجهزة الأمنية والقضائية لترمي قائله خلف القضبان. وعلى خلفية ذلك، اعتقاد شعبي: "يللا بيتأدب، ما حدا بيتطاول عالمقامات".
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.