“
يقود عدد من أطباء المغرب في الآونة الأخيرة، حملة لمقاطعة منح شهادة العذرية للفتيات المقبلات على الزواج، باعتبارها ممارسة تتنافى مع المعايير الدولية ومع أخلاقيات مهنة الطب، وتشكل إهانة لكرامة المرأة، كما قد تتسبب لها بأمراض جسدية ونفسية، وتؤدي في العديد من الحالات إلى ارتكاب بعض الجرائم.
مبادرة من القطاع الخاص إلى القطاع العام
تؤكد وسائل إعلام وطنية، أن فكرة مقاطعة منح شهادة العذرية تبلورت، منذ أسابيع، وشارك فيها أطباء من القطاع الخاص، قبل أن تنتقل المبادرة إلى أطباء القطاع العمومي.
ويبقى المغرب من الدول القليلة، بشهادة منظمات دولية أهمها المنظمة العالمية للصحة، ومجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، الذي ما زال يحرص على منح الشهادة، رغم أن اختبار العذرية، لا يستند إلى أي دليل علمي، ويشكل انتهاكًا لحقوق المرأة، ويقوض سلامتها الجسدية والنفسية والاجتماعية.
التنسيق مع منظمات نسائية
يؤكد أصحاب المبادرة غير الحكومية تنسيقهم مع عدة جمعيات نسائية من أجل القطيعة مع منح “شهادة العذرية”، التي اعتبروها مؤلمة ومهينة وتتسبب في نزيف والتهابات في الأعضاء التناسلية، وإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا، كما تؤدي إلى صدمات نفسية تتمثل في سلوكيات جنسية غير مقبولة، وتتسبب في الانتحار أو القتل في بعض الحالات، إذا فشلت الفتاة في الحصول عليها.
وفي هذا السياق ثمنت بشرى عبدو، مديرة جمعية التحدي للمواطنة في تصريحات لوسائل الإعلام، قرار الأطباء المقاطعين واعتبرته خطوة إيجابية، خاصة أن “شهادة العذرية، تختزل المرأة في بكارتها، وتربط كل فتاة فقدتها بالفحشاء والمنكر”، موضحة أن “شهادة العذرية منتشرة، على نطاق واسع، بغض النظر عن اختلاف الفئات الاجتماعية، إلا أن الطلب عليها يرتفع خلال شهري يونيو وغشت من كل سنة، وهي الفترة التي يختارها الأزواج لإقامة حفلات الزفاف”.
وأضافت أن “حالات عديدة تتوصل بها الجمعية تعكس علاقة شهادة العذرية، بالشرف في التقاليد المغربية، لدى بعض الفئات، علمًا أنها مهينة وتذل الفتاة، وتمس كرامتها”، موضحة أن “التجربة بينت أن أم العريس تتشبث بالحصول على شهادة العذرية، قبل زواج إبنها. فقد رصدت الجمعية حالات تحتفظ فيها أم العريس بالشهادة ضمن الوثائق، وأحيانًا يطلع عليها الأصهار والأقارب لإبراء ذمة الفتاة، وتأكيد عدم وجود علاقات جنسية سابقة لها”.
حملة على مواقع التواصل الاجتماعي
أطلقت الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية المعروفة اختصارا “مالي” حملة تحت عنوان “فرجي ملك لي” على مواقع التواصل الاجتماعي طالبت من خلالها بالوقف الفوري لفحص العذرية الذي يتم إخضاع بعض الفتيات له من طرف ذويهن.
وأضافت الحركة في بيان لها أن “فحوصات العذرية لا مصداقية علمية لها حيث لا يمكن لأي طبيب أو طبيبة ولا حتى المتخصصين واختصاصات أمراض النساء معرفة إن كانت المرأة عذراء أم سبق لها ممارسة الجنس، وهناك العديد من النساء اللواتي يولدن دون غشاء البكارة وأخريات ببكارة عريضة حيث يبقي غشاؤها سليماً حتى بعد الاتصال الجنسي.”
وأكدت الحركة أنها “تدين هذه الممارسة المناقضة للحرية الجنسية، وتستهجن بعض الأصوات النسوية التي رغم إدانتها لهذه الممارسة، إلا أنها ترفض اعتبارها انتهاكاً للحرية الجنسية”، معتبرة أن “شهادة العذرية ليس لها أي مبرر طبي، وهي خرق للخصوصية ومصدر للربح”.
ودعت الحركة الأطباء إلى التعاون معها، والامتناع عن إخضاع الفتيات لهذا الفحص “المهين” وعدم تسليم شواهد العذرية لذويهن.
مقترح قانون لمنع شهادة العذرية يواجه عراقيل
سبق للجمعية المغربية للعلوم الجنسية-وهي منظمة غير حكومية-، أن أكدت عزمها على تقديم مقترح قانون يمنع على الأطباء إجراء فحوص العذرية، ويقصرها على حالة صدور أمر قضائي في دعوى جنائية تتعلق باعتداء جنسي.
وفي هذا الصدد، أوضح، رشيد بوطيب، رئيس الجمعية، أن مقترح القانون يهدف إلى تقنين عملية منح شهادة العذرية، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة تُمنح “في حالات الطب الشرعي فقط، وفي قضايا التحرش والاعتداءات الجنسية”.
من جانبها ثمنت خديجة الرباح، رئيسة جمعية حقوق المرأة في تصريحات لوسائل الاعلام مقترح الجمعية المغربية للعلوم الجنسية مؤكدة أنه يعدّ أحد المطالب القديمة للحركة الحقوقية عموما والنسائية على وجه الخصوص، لكنها رفضت مقترح الإبقاء على كشوف العذرية في قضايا الاغتصاب، مشددة على ضرورة إلغاء تلك الكشوف نهائيا، لعدم اقتصار جريمة الاغتصاب على الفتيات العذارى اللواتي “لم يسبق لهم الزواج“.
وأضافت : “ما معنى شهادة العذرية في ظل سهولة إجراء عمليات ترقيع غشاء البكارة”.
وتوقعت رئيسة جمعية حقوق المرأة أن يواجه مقترح القانون الجديد صعوبات قبل أن يعرف طريقه للإصدار على غرار ما وقع لقانون محاربة العنف ضد النساء الذي استغرق صدوره 15 عاما، مفسرة ذلك بأن “المجتمع المغربي يتعامل بحساسية مفرطة، مع كل شأن يخص المرأة، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالجنس، ليس من منطلق ديني وإنما من منطلق العادات والتقاليد”.
مواضيع ذات صلة
فحوصات العذرية في المغرب: عادة مجتمعية قديمة لا تملك سندا قانونيا
دعوات دولية لإلغاء فحوص العذرية بالمغرب
الحكومة المغربية ترد لا وجود لأي نص قانوني يفرض فحص العذرية
اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تقرر قبول دعوى كشوف العذرية
دعوى “فحص العذرية ” أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان: المبادرة المصرية وإنترايتس تنددان بعدم محاسبة المسئولين عن انتهاكات السجون الحربية
“