أزمة المجلس الأعلى للقضاء بتونس: الأصوات المستنكرة تغير في المشهد


2017-01-13    |   

أزمة المجلس الأعلى للقضاء بتونس: الأصوات المستنكرة تغير في المشهد

تتابع المفكرة القانونية الصراع المدمّر بين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء والهياكل القضائية حول شروط انعقاد هذا المجلس بقلق شديد. وهي تخشى أن يؤدي هذا الصراع إلى نسف الإصلاحات الدستورية والقانونية التي تحققت في هذا المجال، وخصوصاً لجهة تكريس مبدأ إنتخاب أعضاء المجلس من قبل القضاة وسائر المهن القانونية. وقد دعت المفكرة مرة ومراراً وما تزال تدعو إلى تغليب صوت الحكمة على قرع الطبول. أمس، نشرت المفكرة خبرا حول تمرد بعض هؤلاء الأعضاء الذين وصل بهم الصراع حدّ مخالفة قرارات قضائية. اليوم تنشر المفكرة خبرا بشأن تراجع هؤلاء عن ذلك بتأثير من الأصوات المستنكرة والدعوة الصادرة عنهم لزملائهم في المجلس للجلوس إلى طاولة الحوار بحثاً عن حلول توافقية. نأمل حقيقة أن يسارع الفريق الآخر إلى تلبية الدعوة: فأي مكسب يحققه أي من الفريقين بات أقل أهمية من الخسارة الناجمة عن استمرار هذا الصراع المدمر (المحرر).

إلى حد يوم 11-01-2017، كانت مجموعة الواحد والعشرين ماضية في رفض تنفيذ القرار الاستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية بتاريخ 09-01-2017 والقاضي بتأجيل اجتماع المجلس الأعلى للقضاء العدلي. فقد عقد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من تلك المجموعة مساء صدور المقرر القضائي اجتماعا لمجلسهم وتولّوا في اليومين اللاحقين نشر بلاغات تدعو القضاة لتقديم ترشحاتهم لشغل منصبي رئيس أول لمحكمة التعقيب ووكيل دولة عام لدى ذات المحكمة تنفيذاً لما اتفقوا عليه في جلستهم.

تغيرت المعطيات بشكل كامل بتاريخ 12-01-2017. فقد تراجعت المجموعة بشكل كامل عن خطواتها السابقة، كما كشف ذلك البلاغ الذي صدر عنها وأكد التزام أعضائها باحترام القرارات القضائية التي صدرت. وقد دعا ذات البلاغ الشق المقابل بالمجلس الأعلى للقضاء والهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي للجلوس إلى طاولة الحوار بحثا عن حلول توافقية للإشكالية القائمة.

لم يكن التراجع مفاجئا فقد تبين منذ البداية أن جانبا من أعضاء تلك المجموعة ومن الحزام الداعم لها على مستوى هياكل القضاة يرفض بشكل كامل الإنخراط في محاولتها فرض الأمر الواقع بالإستهانة بما للأحكام القضائية من حجية. وهو أمر عدته المفكرة القانونية في حينه مؤشرا إيجابيا وأكدت أنه سيثمر حتما حلحلة لأزمة وصلت شظاياها حدّ نسف القضاء باسم ضمان استقلال القضاء.

فرض انقسام مجموعة الواحد وعشرين أولا وما واجهه تمردها على القرار القضائي من معارضة وإدانات على مجموعة الواحد والعشرين أن تعلن صراحة تراجعها عن محاولاتها عقد المجلس الأعلى للقضاء بإرادة منفردة. كما فرضت عليها أن تعترف بأن حلول الأزمة لا يمكن إلا أن تكون نتيجة توافقات بين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء.

ويؤمل أن يفرض هذا المعطى جدية أكبر من طرفي النزاع في بذل الجهد اللازم لتجاوز ضغط من يحاولون منع الحوار من محيط الشقين والبحث عن حلول توافقية تعترف بجدية مؤاخذات الطرفين جزئيا في المواضيع الخلافية.

وتدعو المفكرة القانونية التي تُكبر هذه الخطوة سائر أعضاء المجلس الأعلى للقضاء للتحلي بالشجاعة اللازمة لإعلان نهاية أزمة أضرت بمجلسهم وبمكانتهم كرموز لمجتمع القضاة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني