
فوجئ صبيحة يوم 02-04-2018 صحفيو وأعوان صحيفة الصريح التونسية بتعمد إدارة مؤسستهم قفل مقرها منعا لهم من دخولها. وفيما بعد، تم إبلاغهم بواسطة بلاغ صحفي "أنّها (الشركة) اضطرت إلى إيقاف إصدارها جرّاء المصاعب المالية الكبرى التي واجهتها وأنها تتعهد بخلاص أجور العمال للشهر الجاري كاملة". تغيب ممثلو إدارة الصحيفة عن حضور جلسات المصالحة بتفقدية الشغل، ليتبين لاحقا أنهم باعوا بتاريخ سابق مقر الجريدة بثمن بخس[1] فيما يبدو محاولة منهم لحرمان العمال والصحفيين من استخلاص مستحقاتهم القانونية التي رفعوا قضايا عدلية طلبا لها.
شابهت تجربة العاملين بصحيفة الصريح في تفاصيل نهايتها تجارب مئات من زملاء لهم توقفت الصحف التي كانوا يعملون بها عن الصدور وبدد مالكوها كل ما يمكن أن يكون رصيدا يستخلصون منه تعويضاتهم[2]. كما تشابهت فيما كان قد سبقها من هشاشة في شروط العمل استمر طويلا.
تضطر هشاشة المؤسسات الإعلامية التونسية غير الحكومية والتي يطغو عليها صبغة مؤسسات الشخص الواحد وأسرته سبعين بالمائة من الصحفيين التونسيين لقبول عقود عمل لا تضمن حقوقهم الاجتماعية القانونية ولا تجيز لهم ما يستحقون من أجور قانونية[3]. ويبدو أن هذا الوضع السيئ يتجه نحو مزيد من التأزم على وقع أزمة الصحافة المكتوبة التي لم تترك للصحفيين القليل الذي قبلوا به.
ويخشى هنا أن يؤدي تعمق الأزمة لإعاقة المسار الديمقراطي بتونس اعتبارا لما للإعلام من دور أساسي في تحقيقه، وهو دور لا يمكن لمؤسسات إعلامية لا تحترم حقوق الصحفيين أن تضطلع به كما لا يمكن لصحفيين يعانون من الحاجة والعوز، ممارسته باستقلالية.
[1] هل اقتنت قريبة صالح الحاجة مقر الصريح مقابل نصف مليار فقط !! – موقع الجمهورية 25-04-2018
[2] تراجع عدد النشريات المكتوبة بتونس من 255 سنة 2010 إلا 50 حاليا
[3] معطى احصائي ورد بالتقرير الذي صدر بتاريخ 10-04-2018 عن شبكة الصحفيين الدولية تحت عنوان معدل أجور ورواتب الصحافيين في العالم العربي بين الأعوام 2007 إلى 2017
متوفر من خلال: