أزمة التعيينات تعمق الانقسام بين قضاة المحكمة الإدارية في تونس


2014-03-27    |   

أزمة التعيينات تعمق الانقسام بين قضاة المحكمة الإدارية في تونس

رحب الرئيس المؤسس لاتحاد القضاة الاداريين القاضي السيد احمد صواب في حوار صحفي نشرته له جريدة المغرب التونسية يوم 19 مارس 2014 بقرار رئيس الحكومة التونسية بانهاء تكليف القاضية السيدة روضة المشيشي برئاسة المحكمة الإدارية. واعتبر صواب القرار الحكومي تصحيحا لاخطاء سابقة وضرورة املاها واقع المحكمة بالنظر لما عده ادارة سلبية للرئيسة السابقة للمحكمة. وقد انتهى الى التأكيد بأن اقالة رئيسة المحكمة ثمرة لنضال اتحاد القضاة الاداريين الذي شكل سلطة مضادة لرئيسة المحكمةوبأن اقالة رئيسة المحكمة "لم تكن لها ابعاد سياسية في مقابل وجود ذات الابعاد في قرار تعيينها". لا بل بدا وكأنه يبارك تعيين رئيس جديد للمحكمة خصوصا وان الرئيس المعين تتوفر فيه شروط تقلد المسؤولية طالما أنه "قاض إداري أولا وهو اكبر سنا من بين كل القضاة الاداريين والأقدم بالمحكمة الإدارية والأعلى خطة وظيفية". وقد بدا جليا للمتابعين بان صواب يجيب من خلال تصريحاته على اعتراضات جمعية القضاة التونسيين على اقالة رئيسة المحكمة الادارية. فقد كانت جمعية القضاة التونسيين بادرت الى تاكيد رفضها المبدئي لاقالة رئيسة المحكمة الادارية بعد ان اعتبرت قرار الاقالة محاسبة سياسية لرئيسة المحكمة على احكام جريئة اصدرتها.

استحال الاختلاف في تقييم قرار الاقالة  الى انقسام بين قضاة المحكمة الادارية ذكر بذات الانقسام الذي نجم عن قرار تعيين رئيسة المحكمة المقالة من قبل رئيس الحكومة الأسبق في 2011، مع انقلاب لافت لمواقف الأطراف المتنازعة داخل المحكمة. فالقضاة الذين رفضوا سابقا تعيين هذه الأخيرة بحجة ان قرار اقالة خلفها وتعيينها من قبل الحكومة كان لاعتبارات سياسية تضر باستقلالية القضاء الاداري عادوا ليساندوا هذه المرة قرار اقالتها وتعيين خلف لها. بالمقابل، عارض شق القضاة الذين ساندوا رئيسة المحكمة عند تعيينها قرار الاقالة وتمسكوا برفض تدخل السلطة السياسية في التعيينات القضائية دون ضوابط موضوعية تمنع تدخل السياسي في العمل القضائي. وكشف اختلاف المواقف بين اتحاد القضاة الاداريين الذي يمثل شق القضاة الذين رحبوا بقرار الاقالة وبين جمعية القضاة التونسيين التي تمثل القضاة الذين رفضوا قرار الاقالة عن تحول لافت في المواقع بين الشقين، فجمعية القضاة التونسيين التي ساندت قرار تعيين رئيسة المحكمة الادارية السيدة روضة المشيشي في تاريخه دون اعتبار للمؤاخذات الموضوعية التي سجلت على قرار التعيين عادت لتدين قرار اقالتها وتعيين خلفها بدعوى عدم احترام قراري التعيين والاقالة لشرط استقلالية القضاء. فيما تجاهل في مقابل ذلك قضاة اتحاد القضاة الاداريين ذات المؤاخذات الموضوعية التي سبق لهم ان تمسكوا بها عند صدور قرار تعيين رئيسة المحكمة الادارية السابقة ليسجلوا ترحيبهم بقرار تعيين خلف لها واقالتها رغم ان قرار الاقالة كان في سياق مراجعة سياسية للتعيينات بالخطط الوظيفية العليا. وقد انتهى الامر الى حرب اعلامية بين الشقين سلاحها تبادل الاتهامات. وفي الساحة المقابلة لحلبة حرب بيانات القضاة، تنفست الحكومة ومن خلفها الاطراف السياسية التي صاغت البنود الخفية لصفقة الاقالات الصعداء، اذ أن انقسام القضاة حول قرار اقالة  رئيسي المحكمة الادارية ودائرة المحاسبات رفع الحرج عنهم. بالمقابل، ادى تبادل الاتهامات بين هياكل القضاة الى اضعاف الموقف المبدئي للقضاة الذي يرفض ان تكون التعيينات في المناصب القضائية العليا تستند لتقييمات سياسية للعمل القضائي او جزءا من محاصصات حزبية تكرس وصاية السياسي على القضائي.
 
 
  

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني