كما هي الحال في كل انتخابات رئاسية لبنانية منذ عام 1976، تعود مسألة تفسير الدستور لجهة النصاب القانوني والغالبية المطلوبة لانتخاب رئيس الجمهورية إلى الواجهة. أما طرح هذا السؤال، فمردّه أنّه في كلّ انتخابات، يرى حزب ما أو تجمّع من الأحزاب مصلحة في ممارسة سياسة “الكرسي الشاغر” لمنع انتخاب مرشّح من خطّ مغاير. وهذا ما يؤدي إلى تكرّر حالات الشغور الرئاسي.
وإذا كان من فارق بسيط بين الوضع الحالي والحالات السابقة، فهو أن المحللين والمعلقين قد تخلّوا عن إبداء أي تعليق أو تحليل. فهم يتابعون أحداث المسلسل المفروض عليهم من قبل النواب والقوى السياسية التي يدورون في فلكها بشكل من أشكال الاستقالة والتسليم. ورغم ذلك، لا تستند سياسة الكرسي الشاغر هذه إلى أيّ أساس قانونيّ متين، إنما تبدو نتيجة توازنات ومشادات بين القوى السياسية وربما نوعا من اللجوء إلى استخدام القوة. لهذه المقالة هدف مزدوج في هذا الصدد. أولاً، تفكيك هذا الغطاء القانوني بما يخفيه من تجاذبات وعنف ذات طبيعة سياسية، وثانيا، لفت النظر إلى الأدوات القانونية التي تسمح بالتصدّي لسيّاسة الكرسي الشاغر بقدر معيّن من الفاعلية.
أولاً: وصف الغطاء القانوني لنظام النصاب والغالبية الذي يعزّز سياسة الكرسي الشاغر
يتمّ انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية كلّ ست سنوات من قبل أعضاء مجلس النواب وفقاً للشروط المحددة بموجب المادتين 49 و73 من الدستور.
تنص الفقرة الثانية من المادة 49 بصيغتها الحالية على ما يلي:
“ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي.”
كما تنص المادة 73 تحت باب “انتخاب رئيس الجمهورية” على ما يلي:
“قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد.
وإذا لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.”
ما كانت مجريات الأمور خلال الأسابيع القليلة الماضية في ما يتعلق بالعملية الانتخابية الحالية؟
دعا رئيس مجلس النواب لجلسات تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية. ولم يحصل أيّ من المرشحين في الدورة الأولى من أي جلسة من هذه الجلسات على غالبية الثلثين المطلوبة بموجب المادة 49. كما انسحب بعض النّواب في نهاية الدورات الأولى من هذه الجلسات، وأعلن رئيس المجلس أن النصاب القانوني لم يعدْ محقّقاً بسبب هذا الانسحاب (سيتمّ تحليل عملية تحديد النصاب القانوني أدناه). فكان يعمد إلى رفع كلّ جلسة ليدعو بعد بضعة أيام إلى جلسة جديدة حيث كان يتكرّر السيناريو نفسه.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو بشأن مصدر قاعدة النصاب القانوني هذه التي لم ترد في المادة 49 أو في المادة 72 والتي تمنع عقد الدورات التي تلي الدورة الأولى.
إن الممارسة الحالية تحوّل فعلياً شرط الغالبية للانتخاب إلى شرط توفّر النصاب القانوني لعقد الجلسة. وهذا التحول قد شرحه إدمون رباط في شرحه للدستور اللبناني (إ. رباط، الدستور اللبناني، مصادره، نصوصه وتعليقات عليه، منشورات الجامعة اللبنانية، 1982، ص. 303-306) بمناسبة انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 1976[1].
يشكل هذا الموقف ما يسميه القانون الدستوري الأنجلو-سكسوني “التعهّد الدستوري”، أي التفسير السياسي لقاعدة قانونية معينة الذي يفرض نفسه، في حال انعدام أي موقف قانوني منه، على الجهات الفاعلة، أقلّه طالما لم تسفر الظروف السياسية عن تفضيل أو اعتماد تفسير آخر جديد. غير أن الأمور ليست بهذه البساطة. فهذا التعهّد الدستوري كما هو مطبق اليوم يقوم على تفسير غير دقيق للمفهوم القانوني للنصاب (ثالثاً) ومن الممكن الطعن من الناحية التشريعية في هذا التفسير السياسي الخاطئ (رابعاً). ولكن من أجل تقدير مدى أهمية هذه الأسئلة وحجمها، لا بد أولاً من التذكير بالمبادئ العامة التي تحكم قواعد النصاب القانوني (ثانياً).
ثانياً: ما هي خصائص قاعدة النصاب القانوني لانعقاد مجلس النواب؟
تهدف قاعدة النصاب القانوني، إلى التأكد من أن القرار الذي قد يتخّذه مجلس ما أو الشخص الذي ينتخب أو يعيّن منه أو الرأي الذي قد يبديه بشأن أمر ما، إنما يحظى ليس بتأييد جزء صغير منه بل على العكس من ذلك بشرعية أوسع تشكيلة ممكنة من المجلس. وعليه، في أغلب الأحيان، يكون هذا النصاب مساوياً لغالبية أعضاء المجلس، ولكن قد يحدث أحياناً أن تدعو الحاجة إلى تأمين نصاب قانوني مشدّد، كما هي الحال عند إجراء تعديل دستوري مثلا.
إلا أن اعتماد قاعدة تفرض اكتمال نصاب قانوني، ومن باب أولى، نصاب قانوني مشدّد، قد يزيد من خطر “سياسة الكرسي الشاغر” ويسمح لأقلية معينة بمنع الانتخاب أو اتّخاذ القرار أو إبداء الرأي من خلال عدم حضور الجلسات وبالتالي تمكين الأقلية في نهاية المطاف من فرض إرادتها على الغالبية. هذا هو السبب في أن العديد من الصكوك القانونية توفر آليات لمنع مثل هذه الأنواع من التعطيل.
بالتالي، ثمة نصوص عدّة تحدّ من إمكانيات التحقّق من النصاب القانوني أو تؤسس لنصاب مفترض. ونجد مثل هذه النصوص في غالبية الأنظمة البرلمانية الوطنية لأن عدد النواب في الجلسة، كما نعلم، غالباً ما يكون محدوداً للغاية بسبب التزاماتهم العديدة.
كما أن هنالك نصوصا أخرى تجيز تخفيض النصاب القانوني المطلوب أو حتى إلغاء شرط النصاب بعد اجتماع أول لم يتحقّق فيه. هذه هي الحالة، على سبيل المثال، بالنسبة للمجالس البلدية الفرنسية: إذ “لا تصح مداولاتها إلا بحضور غالبية أعضائها”. ولكن في حال “عدم اكتمال هذا النصاب القانوني (…) تصبح مداولاتها (في اجتماع جديد) صالحة بدون شرط النصاب” (المادة 2121-17 من القانون العام للسلطات المحلية). وهذا يدلّ على قناعة المشرع بشأن أهمية النصاب، لكن من دون أن يتحول إلى عائق.
ختاماً، وبمعزل عن أي نصّ قانوني، وإذ اعتبر القضاء أنه من المهمّ اكتمال النصاب عند افتتاح الجلسة، فإنه اعتبر أن حالات الانسحاب أو المغادرة اللاحقة لا تؤثر على توفره، بغياب نصّ صريح. وكمثال على ذلك، أعلن مجلس شورى الدولة الفرنسي في تشكيلته الرسمية، وفي ما يتعلق بانتخاب رئيس لإحدى المقاطعات أنه “نظراً إلى أنه في حال انسحاب تسعة عشر عضواً من بين الأعضاء الثلاثة والخمسين الذين يشكلون المجلس الإقليمي للنورماندي العليا قبل بدء الاقتراع، فهذا الظرف لا يؤثّر في شرعية انتخاب رئيس المجلس الإقليمي طالما تمّ التأكيد على احترام قاعدة النصاب القانوني (…) عندما تولى أكبر الأعضاء سناً رئاسة الجلسة للمضي قدماً في هذه الانتخابات (مجلس شورى الدولة الفرنسي، الجلسة المنعقدة في 11 كانون الأول 1987، لوفيرن، مع تعليق الأستاذ السابق في جامعة القديس يوسف في بيروت، جان كلود دوانس الذي أكد أن “الحل مناسب للحد من ممارسات تعطيل معينة قد تقوم بها قوى المعارضة”، Ann. des coll. Loc. 1988، LITEC، ص. 189).
ثالثاً: التفسير القانوني الخاطئ لقواعد النصاب القانوني في سياق انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية
نلاحظ أولاً أنه لا يوجد حكم خاص في الدستور اللبناني بشأن اكتمال نصاب مجلس النواب عند انتخاب رئيس للجمهورية. وقد أشار رباط وفق ما تقدّم إلى مسعى النواب إلى إيجاد حكم في هذا الصدد، لكنهم فعلوا ذلك بطريقة مغلوطة.
فقد أوضحت الوثيقة النيابية إلى أنه “بما أن المادة 49 من الدستور تفرض أن ينتخب رئيس الجمهورية بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، فيجب أن يكتمل النصاب أيضاً بثلثي الأعضاء”. وهي بذلك إنّما تخلط بين قاعدة النصاب وقاعدة الغالبية. بالطبع، إذا كان أقل من ثلثي النواب حاضرين، فلا يمكن انتخاب الرئيس في الدورة الأولى، غير أن هذا الشرط يتعلق بالغالبية وليس بالنصاب القانوني. لذلك ينبغي أن يكون من الممكن الاستمرار في إجراء الانتخابات بغالبية مطلقة، في الدورات اللاحقة، وليس بغالبية الثلثين.
لكن، حتى لو اعترفنا بأن الوثيقة النيابية لسنة 1976 قد أرست قاعدة النصاب القانوني، فهذا لا يغير ما ذكرناه للتو: عند افتتاح الجلسة، حضر ثلثا النواب في بداية كل جلسة. مع ذلك، ما من نص في الدستور ينص على وجوب التحقق من النصاب بعد كل اقتراع. بالتالي، فإذا كان النصاب القانوني قد اكتمل عند بدء عملية انتخاب الرئيس، فيكون مكتملاً طوال مدة الجلسة التي تفضي إلى العملية الانتخابية. بناءً عليه، إذا غادر النواب الجلسة، فلن يكون لذلك أي تأثير: عند اكتمال النصاب، يظلّ يُعتبر مكتملاً طوال الجلسة بأكملها.
بالتالي، من الناحية القانونية البحتة، لم يكن من الواجب رفع الجلسات بعد الدورة الأولى على الرغم من مغادرة بعض النواب. ولا بد من التأكيد على أن ذلك يظلّ صحيحاً حتى لو اعتبرنا، كما جاء في وثيقة 1976 أن ثمة قاعدة بشأن ضرورة اكتمال نصاب محدد، على الرغم من صمت الدستور في هذا الصدد.
غير أن الأمر يتعدى ذلك، حيث لا بد هنا من استكمال التحليلات السابقة بالتركيز على مفهوم “الجلسة” أو “الالتئام/الاجتماع”.
لنستذكر في هذا الصدد منطق المادتين 73 و74 من الدستور: “قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد. وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فانه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس”. وتنص المادة 74 أنه إذا خلت سدة الرئاسة لأي سبب (ومن الواضح أن انتهاء الولاية هو أحد هذه الأسباب) “فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فورا بحكم القانون.”
هنا لا بد من فهم ما تعنيه عبارة “فوراً وبحكم القانون”. فالغرض من هذا التعبير وتأثيره هو حرمان رئيس مجلس النواب من صلاحياته العادية: بما أن الاجتماع “فوري وبحكم القانون”، فليس من الضروري ربطه بدعوة من رئيس المجلس. بالإضافة إلى ذلك، وللأسباب نفسها، طالما أن رئيس الجمهورية لم يُنتخب بعد، فإن المجلس يجد نفسه في ما يُعرف في عالم تكنولوجيا المعلومات ب “الحلقة”: فهو يخضع للمادة 74 ويلتزم بمواصلة الاجتماع “فوراً وبحكم القانون” إلى حين حصول الانتخابات. وهذا يعني أن رئيس المجلس يخسر أيضاً صلاحياته في ما يتصل بتأجيل الجلسة، وبما أنه الاجتماع الواحد والأوحد، فيجب ألا يتم النظر إلى عمليات الاقتراع التي تتم بعد الشغور على أنها “دورات أولى” (مع غالبية الثلثين) وإنما كدورات متتالية بغالبية مطلقة فقط.
وعليه، وإذا ما ركنّا إلى قراءة النصوص وتفسيرها بصورة صارمة، يكون مجلس النواب، ابتداءً من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، مجتمعاً بحكم القانون وبشكل متواصل حتى انتخاب رئيس جديد، من دون شرط النصاب، وبعد الدورة الأولى، بالغالبية المطلقة فقط وليس غالبية ثلثي أعضائه.
رابعاً: إمكانيات الطعن القانوني في الممارسات البرلمانية غير الدستورية
من الواضح أن هذا التفسير للنصوص، مهما كان دقيقا، ليس له وزن كافٍ في ظلّ الممارسة المتمادية. في كل من الانتخابات السابقة وتلك الجارية، تعقد الجلسات بناءً على دعوة الرئيس، ويتحقق الأخير من النصاب القانوني البالغ ثلثي الأعضاء في كل جلسة وحتى بعد كل عملية اقتراع. وبذلك، يعمد رئيس مجلس النواب إلى حدّ ما إلى زيادة الصلاحيات الممنوحة له بموجب الدستور والنظام الداخلي للمجلس.
غير أن وثيقة 1976 لا يعمل بها إلا بقدر ما تتوافق القوى السياسية على العمل وفق القواعد المحددة فيها. أما في حال انتفاء التوافق عليها، فإن ذلك يفتح الباب أمام اعتماد تفسير آخر أكثر توافقا مع المنطق القانوني. وفي حال وجود جهة قضائية صاحبة اختصاص (وهو أمر يوفره النظام القانوني اللبناني)، فإن بإمكان هذا التفسير أن يكتسب حجّية القضية المقضية.
ففي حال انعقدت الهيئة العامة لمجلس النواب لانتخاب رئيس جمهورية (من المرجح أن يحصل بذلك بناء على دعوة من رئيسه عملا بالممارسات السابقة) وفي حال قرر رئيس المجلس مجددا تأجيل الجلسة بحجة فقدان النصاب تبعا لانسحاب عدد من النواب كما حصل في أكثر من مرة خلال الشهرين الماضيين، بإمكان النواب غير المنسحبين الاعتراض على التأجيل والمطالبة بمواصلة الجلسة. ونكون عندها أمام فرضية من ثلاث:
إما ما يُعرف بـ”استخدام القوة والحراب”. وهذا ما قد يحصل عندما يرفض رئيس المجلس الاستمرار في الجلسة، خلافا لنص المادة 74 ولإرادة النواب المعترضين. ففي حال تمسك هؤلاء بمواصلة الجلسة عملا بهذه المادة، فلا يمكنه منع ذلك إلا بالقوة وعمليا باللجوء إلى شرطة البرلمان أو منع فارزي الأصوات من أداء وظيفتهم، وهو الأمر الذي يوصلنا إلى ما يشبه الانقلاب على النظام القانوني.
إما ينجح النواب في مواصلة الجلسة رغم اعتراض رئيس المجلس وتاليا الاقتراع. فإذا حصل أي من المرشحين على غالبية أصوات النواب الحاضرين، يكون قد انتُخب (علما أنه في الدستور اللبناني، ما من هيئة مسؤولة عن “إعلان النتائج”، وبالتالي فالتصويت نفسه هو الذي ينتج الانتخابات).
وإمّا قوة القضاء”. تتمثل هذه الفرضية في اللجوء إلى المادة 23 من القانون رقم 250 الصادر بتاريخ 14 تموز 1993 حول إنشاء المجلس الدستوري التي تمنح المجلس الدستوري صلاحية النظر في النزاعات المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية وفقاً للشروط التالية: “يتولى المجلس الدستوري الفصل في صحة انتخابات رئاسة الجمهوريـة ورئاسة مجلس النواب والبتّ في الطعون والنزاعات الناشئة عنها، وذلك بطلب من ثلث الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب قانونا، على الأقل (…) خلال مهلة أربع وعشرين ساعة تلي إعلان النتائج (…) يصدر القرار بمهلة أقصاها ثلاثة أيام من تاريخ ورود المراجعة ويبقى مجلس النواب منعقداً كهيئة انتخابية لحين صدور قرار المجلس الدستوري.”
إن تنصيب المجلس الدستوري للبتّ في الانتخابات الرئاسية مسألة فضفاضة للغاية: فعبارة “النزاعات الناشئة عنها” هي صيغة واسعة لا تشمل الانتخابات نفسها فحسب، وإنما أيضاً “عدم الانتخاب”، مثلما يحدث عندما يُمنع المجلس من الالتئام أو عندما يتمّ تأجيل الجلسة في حين لم يكن من المفترض حدوث ذلك، أو أيضاً بسبب فرض شروط مغلوطة تتعلق بالنصاب القانوني والغالبية. بالتالي، عندما يؤجل رئيس المجلس الجلسة أو يرفض مواصلتها على الرغم من طلب النواب، فبإمكان ثلث أعضاء المجلس استخدام هذه الوسيلة القانونية واللجوء إلى المجلس الدستوري وفقاً للشروط المنصوص عليها في نص المادة 23. وفي هذه الحالة، يتعيّن على هذه الهيئة العليا النظر في كل المسائل التي تطرقنا إليها أعلاه، وتحديدا في مدى صحة القواعد التفسيرية الواردة في وثيقة 1976.
خلاصة:
لا يستمد القانون قوته إلا من القوى الفاعلة التي تقوم بالحشد والتعبئة له. حتى هذا التاريخ، وحدها القوى السياسية تقوم بذلك بهدف فرض تفسيرات تتماشى مع أهدافها واستراتيجياتها. ومن هنا ثمة ضرورة في تسليط الضوء على إمكانية تولّي جهة فاعلة جديدة (المجلس الدستوري) مسؤولية تحديد القواعد الواجب اتّباعها بشأن الانتخابات الرئاسية على ضوء الدستور، بهدف تغليب رؤية أكثر عقلانية للقاعدة القانونية تكون في الوقت نفسه الأكثر توافقا مع مصلحة الدولة.
تم تعريب النص عن اللغة الفرنسية.
[1] “Le bureau de la chambre et la commission de l’administration et de la justice se sont prononcés au cours de leur réunion conjointe du 5 mai 1976 pour décider que du fait que l’article 49 exige que le candidat obtienne au premier tour les deux tiers de voix des membres de la chambre des députés, présuppose la présence des deux tiers au moins de la chambre pour tenir la séance”.