أحكام بإدانة ناشطي المقاطعة في المغرب: “الاحتجاج السلمي أمام “كارفور” يهزّ  اطمئنان المواطنين


2025-04-01    |   

أحكام بإدانة ناشطي المقاطعة في المغرب: “الاحتجاج السلمي أمام “كارفور” يهزّ  اطمئنان المواطنين

أصدرت المحكمة الابتدائية بسلا-ضواحي الرباط-في 26 ديسمبر 2024 حكمها بإدانة 13 ناشطًا حقوقيًا من مناهضي التطبيع بسبب احتجاجاتهم ضد أحد المتاجر العالميّة “كارفور” في المدينة، وحكمت عليهم بالحبس 6 أشهر موقوفة التنفيذ. 

الحكم الذي تنشره المفكرة القانونية يُعيد إلى الواجهة استمرار ملاحقة مناهضي التطبيع في المغرب، اعتمادًا على قانون التجمّعات العموميّة في وقت تتواصل فيه حملات مقاطعة المنتوجات الإسرائيليّة ومنتوجات الدول الداعمة للعدوان الإسرائيليّ، والتي كبّدت شركات أجنبية خسائر ماديّة كبيرة.

ملخص القضية 

تعود فصول القضية إلى شهر نوفمبر من العام الماضي حينما دعتْ منظمات مناهضة للتطبيع عدّة إلى تنظيم وقفات أمام مجموعة من المتاجر العالمية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي لغزة بالمدينة.

وقد استجاب عدد من النشطاء لهذه الدعوات ونظموا وقفات أمام هذه المتاجر رافعين شعارات تدعو إلى المقاطعة، وتؤكّد على دعم نضالات الشّعب الفلسطيني ضدّ الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الفلسطينيّون في غزة، وضدّ الاعتداءات التي تطال عموم الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وبعد تدخل قوى الأمن من أجل فضّ هذه الوقفات الاحتجاجية، تم القاء القبض على مجموعة من المحتجين.

عند مثول هؤلاء أمام الشرطة، تمّ الاستماع إليهم في محضر قانوني حيث أكد بعضهم عضويتهم في الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وبأنهم دعُوا إلى تنظيم الوقفة بشكل سلميّ تضامنًا مع الشعب الفلسطينيّ، وأضافُوا أنهم سلّموا المسؤول الإداريّ عن أحد المراكز التجاريّة العالميّة رسالةً تشرح أسباب الاحتجاج والدعوة إلى المقاطعة و التي تتلخّص في أنه يسوّق منتوجات مصدرها الكيان الإسرائيليّ، كما أكّد نفي عدد من المحتجّين عضويتهم في الجبهة المغربية لدعم فلسطين موضحين أنهم استجابُوا بشكل تلقائيّ لدعوات التظاهر وحملات المقاطعة المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتوافدوا على عين المكان تعبيرًا منهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ورفض سياسة التقتيل المممنهج التي يقوم بها العدو الإسرائيلي.

موقف المحكمة

تزامنًا مع تقديم المتظاهرين أمام النيابة العامّة، تمّ تنظيم وقفات تضامنية عدّة مع دعاة مناهضة التطبيع، وقرّرت وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسلا متابعة النشطاء من أجل جنح تنظيم مظاهرة غير مرخّصة، والمساهمة في ذلك، مع إحالتهم على المحاكمة في حالة سراح. أثناء المحاكمة التي شهدت حضور فعاليات حقوقية ونضالية متعددة، وتنظيم عدد من الوقفات التضامنية بالتزامن مع أطوار الجلسات، تمّ الاستماع إلى المتظاهرين الذين أعادوا التأكيد على نفس تصريحاتهم التمهيدية، موضحين أن المقاطعة سلاح استراتيجي لدعم كفاح الشعب الفلسطيني، وعلى سلميّة الوقفات الاحتجاجية كشكل من أشكال حريّة التعبير التي يكفلها الدستور وكافة الصكوك الدولية.

ورافع دفاع المتّهمين مؤكّدا انعدام العناصر التكوينيّة لجنح التظاهر والتحريض على ذلك، خاصّة أمام انعدام الركنين الماديّ والمعنويّ، طالما أن حراك مناهضة التطبيع هو حراك شعبيّ وسلميّ وعفويّ يحمل في طيّاته كل المعاني الإنسانية.

من جهتها، أكّدت النيابة العامة فصول المتابعة، وقضت المحكمة الابتدائية بإدانة المتّهمين من أجل المنسوب إليهم معتمدةً على العلل التالية: 

  • اعتراف عددٍ من المتّهمين بدعوتهم إلى تنظيم مظاهرة غير مرخصة، وتسليمهم رسالة احتجاج إلى المسؤول الإداري عن المركز التجاري تتضمّن أسباب احتجاجهم؛
  • اعتراف بقيّة المتّهمين باستجابتهم إلى دعوات الاحتجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ وحضورهم للمشاركة في مجموعة من الوقفات أمام المركز التجاري؛
  • خلو الملفّ مما يفيد توفّر المحتجّين على ترخيص قانونيّ يؤكد عدم احترام الشكليّات المنصوص عليها في الفصل 12 من قانون التجمعات العمومية؛
  • تأكيد السلطات على أنها منعت الوقفات الاحتجاجية في إطار الحرص على الحفاظ على النظام العامّ، وخاصة أن تجمهر المحتجّين أمام المركز التجاري الذي يشهد توافد عدد من الزبناء من شأنه أن يهزّ الاطمئنان لدى المواطنين.

وعليه قضتْ المحكمة بإدانة المتهمين من أجل ما نسب إليهم ومعاقبتهم بالحبس موقوف التنفيذ لمدة 6 أشهر، وغرامة مالية نافذة قدرها 2000 درهما (حوالي 200 دولار).

استمرار ملاحقة مناهضي التطبيع بالمغرب وتجريم التعبيرات السلمية

يعيد هذا الحكم الذي تنشره المفكرة القانونية إلى الواجهة استمرار الحراك الشعبي بالمغرب المناهض للتطبيع مع إسرائيل مند توقيع اتفاق 10 ديسمبر 2020،حيث اختارت التنظيمات والفعاليات الحقوقية المغربية خوض أشكال تعبيرية متعددة من تنظيم الوقفات والمسيرات الشعبية، إلى توقيع ملتمسات وعرائض تشريعية، فضلا عن رفع دعاوى أمام القضاء للطعن في شرعيّة اتفاقيّة التطبيع أو استصدار أوامر بإلقاء القبض على مسؤولين إسرائليّين.

ومن أبرز هذه الأشكال التعبيرية إطلاق حملات مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية ومنتوجات الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي. وهو ما كبّد عددًا من الشركات والمراكز التجارية الدولية خسائر مهمّة. وقد اختارت بعض هذه الشركات تقديم شكايات ضدّ عددٍ من النشطاء من أجل ما اعتبروه “تشهيرا” أو “تحريضا على التهديد”، أو “عرقلة حرية العمل” وذلك إما عن طريق الادعاء المباشر، أو عن طريق النيابات العامة.

وفي هذا السياق، كشف سيون أسيدون، المناضل والسياسي الحقوقي المغربي من أصل يهودي، عن دور حملة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية والشركات المستثمرة داخل فلسطين المحتلّة، مؤكّدًا أنّها تمثّل أسلوبا عمليّا للاحتجاج على اتفاقية التطبيع. وأضاف قائلا: “المقاطعة هي رد فعل على الاتفاقية وما تسببت فيه من ردود فعل، وهي تعبير عن استنكار من خلال الممارسة الفعلية للمقاطعة”.

وأوضح بأن الحملة شهدت تجاوبًا واسعًا من الناس كما أثبتت نجاحها في اجتذاب الدعم الشعبي، خاصة من خلال حركة BDS العالمية والتي تستهدف العديد من المنتجات، سواء من فلسطين المحتلة أو من دول تدعم إسرائيل مثل الولايات المتحدة وفرنسا. بحيث تمثل المقاطعة وسيلة للضغط على الشركات العالمية لسحب استثماراتها من فلسطين المحتلة، وقد نجحت الحملة في دفع عدد من الشركات إلى التراجع عن دعمها نتيجة الضغط الشعبي. 

وأكدت سلمى وعمرو الناشطة في حركة BDS – المغرب أنه بالرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقة حول التأثير المباشر لحملة المقاطعة، “إلا أننا على يقين بأنها تحقق نتائج ملموسة، إذ تشهد مجموعة من المدن المغربية حراكاً واسعاً في هذا الإطار”، وأضافت: “إن مجموعة من الشركات الأجنبية المعروفة بدعمها للكيان الإسرائيلي اضطرّت أمام حملات المقاطعة إلى توسيع انتشارها عبر استعمال أسماء مختلفة، في محاولة للالتفاف على تأثير المقاطعة عبر إظهارها كعلامات غير مرتبطة بالعلامة الأصليّة”. واستطردت قائلة: “هذا ما يدفعنا للاستمرار في توعية الرأي العامّ المغربي بأنّ المقاطعة تشمل جميع هذه المتاجر، بغضّ النظر عن اختلاف مسميّاتها، وهدفنا الأساسي عالمياً بسحب هذه الشركات استثماراتها من أسواق الاحتلال ووقف دعمها له”.

من جهتها، ناشدت الجبهة المغربية لدعم فلسطين الشعب المغربي بمواصلة حملات المقاطعة،  التي كبّدت الشركات الإسرائيلية والأمريكية خسائر ماديّة، مستنكرةً تجريم مكافحة التطبيع بملاحقة عدد من النشطاء في حملات المقاطعة،  وإصدار أحكام سجنية في حقهم، ودعت إلى إسقاط هذه الأحكام خلال المرحلة الاستئنافية احترامًا لحريات التجمّع والتعبير والضمير دعمًا لكفاح الشعب الفلسطيني المشروع.

ويشهد المغرب مند خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار موجة احتجاجات واسعة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي، من بينها عشرات المظاهرات التي خرجت يوم عيد الفطر، في مدن مغربية عدة، بما في ذلك العاصمة. تزامنًا مع تخليد يوم الأرض الفلسطيني.

مواضيع ذات صلة

انتقاد التطبيع مع إسرائيل “إساءة للملكية”: 5 سنوات سجن لشاب انتقد التطبيع مع إسرائيل في المغرب

القضاء المغربي يرد طلب حظر مشاركة وزيرة إسرائيلية في مؤتمر دولي

شكوى جنائية ضدّ جندي إسرائيلي أثناء تواجده في المغرب

تقديم عريضة إلى الحكومة في المغرب لوقف التطبيع مع إسرائيل: قانون العرائض في الواجهة

البراءة من “التحريض على الكراهية”: محكمة بني ملال تطبّق اختبار تفادي تقييد حريّة التعبير

استمرار المطالب الشعبية بإلغاء التطبيع في المغرب: النقض تردّ الطعن بقرار التطبيع بحجّة أنه “سيادي”

مسيرات في المغرب ضد العدوان الإسرائيلي على غزة: دعوات لتفعيل سلاح المقاطعة ووقف اتفاقية التطبيع

عودة الجدل بالمغرب حول قانون “تجريم التطبيع”

محاكم تفتيش ضد مُناهضي التطبيع في المغرب

المغرب: حملة “المقاطعة”.. احتجاج “افتراضي” بآثار واقعية

تخفيض ثمن الحليب انتصارٌ أول لحملة المقاطعة في المغرب: استجابة للمقاطعين أم “إنحناء للعاصفة”؟

48 عامًا على ذكرى يوم الأرض الفلسطيني: النكبة مستمرة والإبادة أيضًا

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكم جزائية ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني