
أعلن مساء يوم 22/05/2015 رئيس كتلة الحزب الحر بمجلس نواب الشعب التونسي السيد محسن حسن ان النائبين من حزبه الذين شاركا في اثارة الطعن بعدم الدستورية في مشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء "يوسف الجميلي وتوفيق الجملي" توليا تحرير كتب تضمن تراجعهما عن امضائهما في لائحة الطعن وقد تم ايداع الكتب بالهيئة الوقتية للرقابة على دستورية القوانين التي قبلته. وأكد بذات المناسبة رئيس الكتلة النيابية التي تعد من مكونات الائتلاف الحاكم بتونس لوسائل الاعلام أن "عريضة الطعن بعدم الدستورية باتت تضم ثمانية وعشرين نائبا فقط".
صدر اعلان سحب النائبين لدعمهما للائحة دعوى عدم الدستورية عن رئيس كتلتهما النيابية. ويلاحظ في شأنها أن النائبين لم يعلنا شخصيا عن موقفهما رغم أن توقيعهما على اللائحة لم يحصل بوصفهما ممثلين عن الكتلة النيابية ولكن بصفتهما الشخصية. كما يلاحظ ان سحب الامضاء ورد اثر ساعات قليلة من ايداع لائحة الطعن بعدم الدستورية بمقر هيئة الرقابة على دستورية القوانين.
ويظهر جليا أن تراجع النائبين عن موقفها كان نتيجة ضغوط تعرضا لها داخل حزبيهما، و ضغوط أخرى سلطت على حزبيهما من شركائه في الحكم. ويذكر هذا التراجع بتهديد رئيس كتلة نواب حزب نداء تونس السيد محمد الفاضل عمران لحزب آفاق تونس باستبعاده من الائتلاف الحاكم على خلفية رفض نوابه المصادقة على قانون المجلس الاعلى للقضاء.[1]
حاولت الاغلبية الحاكمة منع تعهد الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بالنظر في المطاعن التي اثيرت في خصوص دستورية مشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء الذي صادق عليه نواب مجلس الشعب في 15-05-2015. ونجحت تلك الاغلبية في ثني كتلة "آفاق تونس" عن اتخاذ موقف موحد يدعم الطعن بعدم الدستورية في مشروع القانون واكتفى ثلاث نواب منها بتسجيل مساندتهم للطعن، فيما التزم بقيتهم بعدم مساندة الطعن رغم انهم صوتوا بالجلسة العامة ضد مشروع القانون لعدم دستورية احكامه. وكان ينتظر منهم بالتالي ان يكونوا من ضمن النواب الذين يطعنون بعدم دستورية مشروع القانون وهو أمر لم يحصل.
ويبدو ان الاغلبية الحاكمة فوجئت بامضاء نائبين من الحزب الحر على لائحة الطعن وأن امضاءهما مكن اللائحة من النصاب القانوني على مستوى عدد النواب لتكون مقبولة شكلا من هيئة الرقابة على دستورية مشاريع القوانين. فتحركت الاغلبية النيابية في الوقت الضائع لتسجيل سحب النائبين اللذين ينتميان لها لطعنهما على أمل أن يسقط ذلك لائحة الطعن.
لم تنجح الاغلبية الحاكمة في منع تعهد المحكمة الدستورية بمشروع القانون اذ ورد تراجع من النائبين عن امضائهما بعد رفع دعوى عدم الدستورية. لكن الاغلبية النيابية نجحت في مقابل ذلك في ان تفرض على المحكمة الدستورية ان تبت قبل نظرها في اصل الطعون في صحة تعهدها شكلا بعد ان فقدت عريضة الدعوى النصاب القانوني اثناء نظر القضية.
ويبدو الدفع مهم قانونا وسيمكن هيئة الرقابة على دستورية القوانين من ارساء فقه قضاء في الموضوع. ولها في هذه الحالة أن تذهب في اتجاه من اثنين:
فاما أن تعتبر أن الدعوى ملك لاطرافها كما هو حال الدعاوى المدنية والدعاوى القضائية التي تحمي الحقوق الخاصة وتنتهي تبعا لذلك برفض عريضة الطعن بعدم الدستورية شكلا لعدم توفر شروط نظر الدعوى خصوصا وان القانون يفرض ان يكون الطعن من ثلاثين نائبا وهو امر فقد اثناء نظر القضية،
واما أن تعتبر الهيئة ان شرط الثلاثين نائبا هو شرط قيام بالدعوى وان التعهد بالدعوى يمنع لاحقا سحبها لكون دعوى عدم الدستورية تهم المصلحة الدستورية لا مصلحة من تولى رفعها. وهو الموقف الأمثر صلابة وتلاؤما مع المادة الدستورية. فلو أخذ بالرأي الثاني، لأدى ذلك الى تكريس ثقافة التدخلات لثني النواب عن ممارسة قناعاتهم بل أيضا ثقافة الاتجار السياسي بالنزاعات الدستورية.
الصورة منقولة عن موقع almesryoon.com
[1]قال بن عمران، في حوار مع وكالة ر امس 20 ماي 2015 "نحن نقول لمّا نكون في ائتلاف قد نختلف لكن نختلف داخل أسوار قاعات اللجان أو في إطار اتفاقي، وقد تفاوضنا في ذلك قبل الجلسة العامة لكنهم رغم ذلك أرادوا أن يصوتوا ضد القانون، حتى أنه هناك من داخل كتلة نداء تونس من يريد الدفع في اتجاه استبعاد هذا الحزب من الائتلاف الحاكم"واضاف : "طبعًا أنا لست مع هذا الرأي، فأنا أقول نحن نرغب في أن يكون حزب آفاق تونس دائما داخل الائتلاف الحاكم، أمّا لو تعاد مثل ردود الأفعال هذه سنكون مضطرين لاستبعاد هذه الكتلة من الحكم "
http://www.africanmanager.com/site_ar/detail_article.php?art_id=44413
متوفر من خلال: