
من المتوقع ان يبت قاضي التحقيق الأول لدى المحكمة العسكرية رياض أبو غيدا نهار الجمعة 16/10/2015، بطلبات إخلاء السبيل المقدمة للموقوفين الخمسة الذين اعتقلوا في مظاهرة الخميس 8/10/2015. وكان أبو غيدا قد قام باستجواب خمسة أشخاص من بينهم أربعة فتيات وقاصراً، ممن ادعى عليهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر. وتم إخلاء سبيلهم بسند إقامة بعد تبين ألا عناصر جرمية تطالهم على انهم يبقون عرضة للإستجواب من جديد وفي أي لحظة الى حيث صدور الحكم بحقهم.
أسبوع مر على إحتجاز الموقوفين الخمسة ولا يزال أهاليهم وأصدقائهم بإنتظار إطلاق سراحهم. كما لا تزال خيم الاعتصام التضامنية معهم منصوبة أمام المحكمة العسكرية في بيروت، والتي وضعت منذ ثلاثة أيام بعد أن أفرج عن مجموعة من المتظاهرين دونهم، بقرار يتأكد يوماً بعد يوم بأنه سياسي بحت يسعى بشكل او بآخر الى ترهيب المواطنين وتخويفهم بغية شل الحراك والقضاء عليه.
في خيم الاعتصام الموضوعة مقابل المحكمة العسكرية، يجلس أهالي الموقوفين وأصدقائهم على أعصابهم، ينضم إليهم عدد من الناشطين والوسائل الإعلامية، الاّ ان حملات التضامن لا تعجّل في عقارب الوقت الذي يمضي ببطء يحرق الأعصاب. في الداخل خلف القضبان هناك أبطال أحرار يواجهون نظاماً قمعياً يمكن توقع الأسوء منه.
فصحيح أن القاضي أبو غيدا ملزم باتخاذ قرار فيما خص طلبات إخلاء السبيل الاً أن هذه النتيجة، وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي نقلها بعض محامو الحراك للإعلام، يمكن الا تكون بالضرورة لصالح الموقوفين، كما ان قرار أبو غيدا ليس نهائيا وقد يكون عرضة للتمييز. هذا ما تشرحه المحامية ماريانا برو قائلة":لا يمكن الحديث عن أجواء ايجابية أم سلبية قبل صدور القرار النهائي. الآن نحن بإنتظار قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا أن يأخذ قراره. ولكن ليس هناك وقت محدد لصدور هذا القرار، وبإمكانه أن يرفض إطلاق سراحهم كما يمكن للقاضي صقر صقر ان يميّز القرار حتى لو وافق القاضي أبو غيدا على إخلاء سبيلهم".
عند الساعة الواحدة ظهراً خرج محامو الحراك من المحكمة العسكرية وشرحت المحامية نرمين السباعي بإسمهم، مجريات الأمور في الداخل وأكدت وجود جو ايجابي داخل المحكمة وأنه تم إخلاء سبيل الخمسة الذين تم استجوابهم بناء على ادعاء مفوض الحكومة بسند إقامة. وعن الموقوفين الخمسة قالت: "قدمنا طلب اخلاء سبيل للاشخاص الموقوفين ولكن الى الآن لم يتم البت بالملف". واشارت الى حصول لجنة المحامين على لائحة بأسماء الأشخاص الذين تم الإدعاء عليهم وهي تختلف عن تلك التي نشرتها حملة "بدنا نحاسب" على صفحتها. وقد تحفظت السباعي عن ذكر الأسماء الا أنها طلبت بإسم لجنة المحامين المهتمين بالدفاع عن المتظاهرين من الأشخاص الذين يشكون بأنهم قد يكونوا عرضة للملاحقة أن يقوموا بالاتصال على الرقم الساخن للجان التي تضم محامي الحراك وهي: 78935579 او03600952
لقد سبق ان تم توقيف الشاب القاصر اياد الشيخ حسين "16 عاما" في مظاهرة قبل 8/10/2015 وقد تعرض حينها للتعذيب والضرب المبرح الا ان هذا الأمر لم يشكل رادعاً بل زاده اصراراً على المشاركة. وعما جرى معه أثناء الاستجواب قال:"الاسئلة كانت بديهية وليست جديدة. هذه المرة عاملوني بلطف أو ربما تعودت وسأستمر بالنزول الى المظاهرة".
تخرج فاطمة حطيط من المحكمة العسكرية رافعةً شعارات النصر نفسها التي تم التقاطها لها سابقاً. وعن الاستجواب قالت: “وجهوا لنا مجموعة أسئلة لا يمكننا الافصاح عنها لسرية التحقيق. كما عرضوا علينا مجموعة صور واي منها لم يكن فيها السياج الشائك ولكن كننا نرفع علامة النصر وعليه قاموا بالتحقيق معنا وأطلقوا سراحنا".
يستقبل خلدون جابر صديقته ليال سبليني بفرح كبير بعد ان تم إخلاء سبيلها. ليال رفضت الحديث الى الاعلام لكن خلدون لم يتردد في سرد ما جرى معه هو الذي أطلق سراحه نهار الاثنين الفائت. وعما عاشه قال:"أنا كنت من أوائل الذين تم توقيفهم في مظاهرة نهار الخميس عند الساعة السابعة وعشر دقائق. كنت أثناءها أقوم بالتصوير وحماية صديقتي من المياه فقام أحد عناصر مكافحة الشغب بدفعي نحو السلك الشائك. من ثم غابت إمرأة أربعينية عن الوعي فقالوا لنا ان نساعدها، توجهنا لمساعدتها فتعرضنا للضرب والتوقيف. وصلنا الى ثكنة الحلو على اساس انه سيتم إخلاء سبيلنا في خلال ساعتين لكن هناك شهدنا مماطلة وإضاعة للوقت. من ثم فصلونا الى مخفر "الروشة" حيث بدأت رحلة ذل ومأساة لم تنتهِ الى حين خروجنا. كنا داخل المخفر نتعرض للضرب من المساجين على مرأى ومسمع القوى الأمنية. كانوا يقولون لنا "نازلين ضد الرئس بري… بدكن تعملوا سوريا التانية؟" فيما العناصر لم يحركوا ساكناً. كنّا ننام 14 شخصا في غرفة لا تتعدى المترين طول بعرض. لم يكن الطعام يصلنا ولم يكن يسمح بزيارة أهالينا. كنّا موقوفين على سبيل الامانة لصالح مخفر "المصيطبة" وكلما كنا نطلب شيئاً كانوا يقولون لنا انه لا يمكن لاننا موقوفين على سبيل "الامانة". الى ان تواصلنا مع محامي لاخبار الوضع الذي نعيشه الى الخارج وقمنا بالاضراب عن الطعام. وأحد الشباب معنا غاب عن الوعي فأخرجناه من الزنزانة قليلا فقال لنا الدركي "ماكسيموم بعملو محضر الله يرحمو." هذا ما حصل معنا. عندما كنا موقوفين كنا نعلم اننا لم نقم بأي شيء وأننا أقوياء وأبطال ولكن الدرك كانوا يتعاملون معنا بأسلوب ترهيبي ويقولون لنا اننا قد نسجن 6 أشهر و"رايحين محكمة عسكرية الله ينجيكن". ثم توجه للموقوفين بالقول:"قلبنا معكم وكلنا بانتظاركم وأنتم ابطال وفخر لبنان وحي على خير الشعب الذي يصنع الانتفاضة".
الصورة من ارشيف المفكرة القانونية – تصوير علي رشيد
متوفر من خلال: