بتاريخ 14 نيسان 2016، تقدمت الهيئة الوطنية الصحية ممثلة برئيسها النائب السابق اسماعيل سكرية بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة، سجلت تحت رقم 20981/2016. وكانت الهيئة تقدمت بطلب مع ربط نزاع لجانب وزارة الصحة طالبةَ منها “إعادة تطبيق القانون القاضي بضرورة وجود مختبر مركزي وانشاءه بكافة متطلباته البشرية والتقنية لمراقبة كل ما يتناول اللبنانيون من غذاء وماء ودواء”. ويعتبر سكوت الوزارة تجاه الطلب المذكور بمثابة قرار ضمني بالرفض. بناءً عليه، طعنت الهيئة أمام مجلس شورى الدولة بقرار الرفض، ليصار إلى الزام الدولة بتطبيق قانون إنشاء مختبر مركزي للصحة العامة، وذلك عبر القضاء.
19 سنة في النضال الصحي
الضغط الذي يمارسه سكرية في ملف الدواء ليس وليد اليوم. وهو يوضح خلال مقابلة مع المفكرة القانونية أنه أطلق ملف الدواء “للمرة الأولى منذ حوالي 19 سنة في مجلس النواب من خلال سؤال للحكومة عن الدواء، ومن بعده سؤال تابع له عن المختبر”. بالنسبة لسكرية، هذه القضية في تفاقم مستمر منذ زمن والعمل عليها لم ينقطع. فالمختبر بالنسبة اليه “حاجة ضرورية وأشبه بصمام أمان يرتبط بكل ما يدخل جسم اللبنانيين من ماء ودواء وغذاء”.
وعن قراره باللجوء إلى القضاء، يوضح سكرية أنه “أمام استمرار تجاهل هذا الموضوع، وخلال مرحلة أطلق فيها وزير الصحة شعار تشجيع دواء الجينيريك على أساس أنه أوفر سعراً” يصبح الحديث عن المختبر المركزي مسألة ملحة. ويفصّل سكرية في هذا الشأن: “المختبر يكون مسؤولا عن الفحوصات المتعلقة بنوعية دواء الجينيريك ومدى نقاوته”. يتأكد سكرية أن دواء الجينيريك أقل كلفة على المواطن، “ولكن… شو في بقلبو؟”. يضاف الى هذه الإشكاليات، “واقع الفوضى في سوق الدواء والتهريب، ودخول الأدوية التي يجهل الشخص تركيبها”. كل هذه المشاكل التي تتعلق بصحة المواطن، وبعد “محاولات طيلة 19 سنة مر خلالها مسؤولين متكررين على وزارة الصحة لا يولون هذه المسائل اهتماماً، لم يعد أمامنا الا القضاء”. بالتالي، تجد الهيئة أن “القضاء هو الحل الأخير الذي تعول عليه لتنفيذ القانون خاصة في مسألة تتعلق بصحة الإنسان”. يضيف سكرية أن من “مظاهر الجدية أن المراجعة بلغت الى الجهات المعنية خلال 5 أيام”.
أما عن سبب إعتبار المختبر ضرورة ذات أهمية كبيرة، لا يمكن التعويض عنها باللجوء للمختبرات الخاصة. يوضح سكرية أن هذه الاهمية تظهر على مستويين: “التكاليف، وما هو أخطر من التكاليف”. لجهة التكاليف، توضح المراجعة أن وزارة الصحة كانت قد قدمت عام 2010 طلباً الى مجلس الوزراء لتأهيل مبنى ملاصق لمستشفى الكرنتينا لإعادة تفعيل المختبر بكلفة اجمالية قدرها 2.978 مليون دولار. أما لجهة ما يصفه سكرية بالأخطر من التكاليف، فهو غياب الضمانات بالنسبة للمختبرات الخاصة “لا سيما أنه لا توجد معايير واضحة ومطبقة للرقابة على عملها”. ليستشهد لهذه الناحية بالخلاف الذي قام بين وزيري الصحة وائل أبو فاعور والإقتصاد آلان حكيم بالنسبة لمدة صحة خبر “القمح المسرطن”. هذا الخلاف بالنسبة لسكرية يدعو أولاً للتشكيك في صحة نتائج المختبرات.
لماذا المختبر ضرورة؟
تستعيد المراجعة حيثيات إقفال المختبر. آنذاك “جرى التذرع بالدواعي الأمنية عام 2006 لنقل المختبر الموجود على مقربة من مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري”. وفي إثر ذلك، ” طلب وزير الصحة عام 2007 نقل المختبر الى الكرنتينا”، الا أن طلبه رفض في مجلس الوزراء. ليصار خلال العام نفسه الى هدم المبنى وإلحاق أرض المختبر بـ”المربع الأمني الخاص بمقر الرئاسة الثانية”. بعد إنهاء وجود المختبر في ظل بقاء “مصير معداته مجهولاً”، أصدر وزير الصحة قراراً عام 2007 قضى “بتحويل الفحوصات الى المختبرات الجامعية، أما الفحوصات الدوائية المعقدة فقد حولت الى المختبرات الخارجية على نفقة المستورد”.
وتستند المراجعة الى تقرير منظمة الصحة العالمية الذي يلفت الى “ضرورة والزامية وجود مختبر مركزي في اطار تطبيق معايير الصحة العالمية”. بالإضافة الى واقع السياسة الصحية في لبنان والتي شابها، وفقاً للمراجعة، “الكثير من التجاوزات على مختلف الأصعدة لا سيما على صعيد نوعية الدواء”. وتعزز الهيئة الصحية مراجعتها بالإضاءة على ” الأذى الكبير الذي ألحقه غياب المختبر بصحة اللبنانيين نتيجة للأدوية الفاسدة والمجهولة التركيب. وحيث ان وجود مختبر كان ليوفر تكاليف فحوصات المواد الغذائية التي تقوم بها وزارة الصحة”.
للإطلاع على مذكرة ربط النزاع، والتي تم تقدبمها كمراجعة لمجلس شورى الدولة، الضغط على الرابط أدناه:
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.