المشنوق على خطى هيئة التشريع والاستشارات:


2015-02-04    |   

المشنوق على خطى هيئة التشريع والاستشارات:

صدر عن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بتاريخ 2 شباط 2015، بيان يؤكد فيه ان الوزير "مع مبدأ الزواج المدني الاختياري في لبنان"، مشدداً في الوقت ذاته على أنه لا يمكنه تسجيل عقود الزواج المدني المعقودة لدى الكاتب بالعدل في لبنان. ودعا البيان "أصحاب هذه العقود إلى مراجعة المحاكم المدنية للنظر في قانونيتها وبتّ تسجيلها". هنا، قام المشنوق بالاستناد إلى رأي خاطئ لهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الصادر في أواخر 2012 والذي قامت الهيئة الاستشرية العليا في الوزارة فسها الى نقضه. فكأنما لكل مسؤول أن يتذرع بالرأ يالذي يناسب سياسته الحالية دون أن يجد حرجا في تجاهل جميع الحجج التي أدت الى نقضه.

رأي يستند الى رأي هيئة الاستشارات والتشريع

ورد في البيان حجج عدة لرفض تسجيل عقود الزواج المدني المعقودة في لبنان (هي بالواقع الحجج نفسها التي بينها ذلك الرأي)، وهي على التوالي:
أولا: "غياب أيّ نص قانوني مدني نافذ يرعى أحكام الزواج المدني ويحدد الإجراءات والآليات والمستندات المطلوبة والمرجع الصالح لعقده وبتّه". وبهذا الصدد دعا الوزير الى "سن قانون للزواج المدني الاختياري يرعى شؤون هذا الزواج وآثاره".  
وثانيا، ان "القرار 60 ل. ر. الصادر بتاريخ 13/3/1936 أجاز الزواج المدني فقط في حال إنشاء طوائف تابعة للحق العادي، على أن تقدّم هذه الطائفة إلى الحكومة نظاماً يحتوي على ملخص مبادئها الدينية أو الأدبية وعلى تنظيمها وعلى أن يعترف إذا اقتضى الأمر بهذا النظام ويوضع موضع التنفيذ بقرار تشريعي. وهذا ما لم يحصل حتى تاريخه.

وأخيرا اختُتم البيان بالقول "إن الحل الأمثل للقضية المثارة وما تمثل من أهمية بالغة على مختلف الصعد الوطنية، يجب أن يتولاه مجلس النواب مصدّرا التشريعات اللازمة في شأنها". وهو بذلك استعاد تماما الرأي الصادر عن هيئة التشريع والاستشارات، والذي انتهى الى القول بانه "لا بد من سن قانون سواء لانتماء لبناني الى غير الطوائف الدينية كما وسن قانون يرعى أحكام عقد الزواج المدني"
 
في دحض رأي هيئة الاستشارات والتشريع:

وكانت المفكرة فسرت في مقالها المنشور في 26-4-2013 تحت عنوان: ابعد من قضية الزواج المدني… المبدأ هو الحرية ..(1)مآل هذا الرأي، وصولا الى دحضها. ومن أبرز العيوب التي أثبتتها المفكرة، الآتية:

أولا، أن الهيئة حرجا في تشويه نص المادة 10 من القرار رقم 60 ل/ر التي شملت المواطنين الذين لا ينتمون الى أي طائفة من دون اشتراط انتمائهم الى أي طائفة، بمعنى أن القرار أبدى احتراما لكل مواطن لا يرغب بالانتماء الى احدى الطوائف، بحيث تخضع أحواله الشخصية للقانون المدني.ومن هنا، ارتكبت وزارة الداخلية الآن على غرار الرأي الاستشاري خطأ كبيرا من خلال ادخال شرط غير موجود،

ثانيا، ان الهيئة بدت وكأنها نسيت المادة 9 من الدستور التي نصت على أن حرية المعتقد مطلقة، وأيضا المواثيق الدولية التي ذهبت في الاتجاه نفسه أي في اتجاه اطلاق حرية المعتقد، فهذه الأمور تبقى كلها وفق الاستشارة غير منتجة. وقد بدت الهيئة وكأنها تشترط التمتع بحرية المعتقد بوجود قانون يجيز ذلك، متناسية أن اعلان حرية المعتقد حقا انسانيا يجعله حقا ملازما للانسان،

ثالثا، الأمر نفسه بشأن حق الزواج. فلم يعر رأي الهيئة الاستشارية أي اهتمام بما نصت عليه المواثيق الدولية لجهة الحق بالخصوصية والحق بأنشاء عائلة، لتصرلاحقا أن "لا عقد زواج الا بالاستناد الى قانون صادر عن سلطة مخولة التشريع في هذا المجال تابعة لدولة معينة". ولكن على نقيض ذلك تماما، يبقى المبدأ هنا هو الحرية بحيث يكون للشخص أن يعقد زواجا ما لم تتدخل القوانين لمنعه من ذلك.

وهذا هو تماما ما أقره الرأي الصادر عن الهيئة الاستشارية العليا. فبعدما ذكّرت هذه الهيئة بالنصوص الدستورية والدولية المكرسة لحقي المعتقد والزواج، قامت بإعلان ثلاثة مبادئ من شأنها أن تضرب صميم رأي هيئة التشريع والاستشارات. وهذه المبادئ هي الاتية: أولا "ان الأصل هو الاباحة والمنع هو الاستثناء، وليس في التشريع اللبناني نصوص تمنع عقد الزواج المدني في لبنان"، ثانيا ان" المبدأ هو تفعيل النص وليس تعطيله" وثالثا ان" القانون اللبناني يعترف بالزواج المدني المعقود في الخارج، وبالتالي فمن باب أولى أن يعترف بالزواج المدني المعقود في لبنان وذلك تطبيقا لحرية المعتقد".

انشر المقال

متوفر من خلال:

مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني