طموح حملة الدكتوراه من ذوي الاحتياجات الخاصة بين سندان البطالة وطرق ابواب السفارة الامريكية


2014-10-21    |   

طموح حملة الدكتوراه من ذوي الاحتياجات الخاصة بين سندان البطالة وطرق ابواب السفارة الامريكية

من الناحية القانونية تحتل فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ذات المركز القانوني الذي يحتله بقية الاشخاص الاخرين، بمعنى أن التشريعات لا تتضمن عادة اي تمييز سلبي تجاه هذه الفئة من الأشخاص. ولكن هذه المساواة المستوحاة من المواثيق الدولية ونصوص الدساتير والمبادئ العامة في القانون يصعب ترجمتها حقيقة على ارض الواقع في كثير من المجالات لاسباب عديدة منها ما يعود لطبيعة الاعاقة التي يعاني منها هؤلاء الاشخاص ومنها ما يعود لنظرة المجتمع السلبية لهذه الفئة، وذلك رغم المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية التي تساند هذه الفئة للتغلب على ما تسببه الاعاقة لهم من صعوبات في حياتهم اليومية والمعيشية.

مطالب معيشية لذوي الاحتياجات الخاصة
برزت مؤخرا أزمة قضية الـ خمسة عشر شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة حملة شهادة الدكتوراه. فتوالت بشكل لافت خلال الاسابيع الماضية البيانات الصحفية الصادرة بهذا الخصوص، لتعلن بشكل واضح لا لبس فيه عن رفضها للتهميش والاقصاء وتعطيل تطبيق القانون، وما يمارس ضدهم من سياسة مزاجية تؤدي الى التمييز السلبي في منحهم حقوقهم الانسانية والطبيعية.هؤلاء لا ينقصهم اليوم تشريعات تحمي حقوقهم، أنما الازمة في تغليب ثقافة الحقوق على عقلية " العطف " والاستجداء بالتعامل مع مطالب هذه الشريحة، وربما هذا ما يناضل ذوو الاعاقة للوصول اليه للخروج من دوائر التهميش والاقصاء ولعنة الاعاقة[1].

وقد كان الأردن من اوائل الدول التي واكبت الاتفاقية الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث وقع عليها بتاريخ 30/ 3/ 2007، وصادق عليها بتاريخ 31/ 3/ 2008 معلناً بذلك التزامه بتنفيذ بنود هذه الاتفاقية تحقيقاً لهدفها وغايتها والمتمثلة في حماية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وضمان التمتع الكامل بحقوق الانسان والحريات الأساسية. وتم نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح جزءا لا يتجزأ من التشريع الوطني ووردت هذه الالتزامات العامة في المادة (4) من الاتفاقية. وهذه المصادقة ترتب مجموعة من الالتزامات على الاردن على الصعيدين الدولي والوطني.فكان صدور قانون حقوق الاشخاص المعوقين رقم (31) لسنة 2007، وتأسيس المجلس الاعلى لشؤون الاشخاص المعوقين بموجب احكام المادة (6) من قانون حقوق الاشخاص المعوقين كمؤسسة وطنية لدعم الاشخاص ذوي الاعاقة والدفاع عن مصالحهم ورسم السياسات والتخطيط والتنسيق مع كافة الجهات، والتوعية والتثقيف بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، وازالة العوائق والحواجز المادية لتحقيق المشاركة الكاملة في المجتمع، واجراء الدراسات والابحاث المتعلقة بالاعاقة كتوفير قاعدة بيانات اضافة الى التوعية والتدريب على حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة من خلال تدريب العاملين والاخصائيين في مجال الاعاقة.

موقف القانون الاردني من تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة
تنص المادة ( 4 / 3 / ج ) من قانون حقوق الاشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007على الزام مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقل عدد العاملين في أي منها عن (25) عاملاً ولا يزيد عن (50) عاملاً بتشغيل عامل واحد من الأشخاص المعوقين وإذا زاد عدد العاملين في أي منها على (50) عاملاً تخصص ما لا تقل نسبته عن (4%) من عدد العاملين فيها للأشخاص المعوقين شريطة أن تسمح طبيعة العمل في المؤسسة بذلك ، ورغم أن القانون يعاقب المؤسسات التي لا يعمل بها أشخاص من ذوي الاعاقات وفق النسبة المحددة في القانون[2]، إلا أن أحداً لا يستطيع اثبات أن سبب الرفض هو الاعاقة طالما لم يصرح بها علانية صاحب العمل. ويقول عدد من ذوي الاعاقات أنهم عادة ما يجابهون بالرفض لكنهم لم يسمعوها علانية من قبل أصحاب العمل بأن سبب الرفض هو الاعاقة بحد ذاتها[3]. وكذلك الحال ينص نظام الخدمة المدنية وتعليمات اختيار وتعيين الموظفين العموميين الصادرة بمقتضاه على تعيين ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن الحالات الانسانية[4]. اما في الدوائر المستقلة والمؤسسات الرسمية مثل الجامعات، فيعود الامر لهذه المؤسسات التي لا تحبذ عادة تعيين ذوي الاحياجات الخاصة دون ان تشير صراحة الى أن السبب المانع هو الاعاقة، وانما تتذرع بحجج أخرى. والحقيقة ان عدم التعيين يعود الى ان هذه المؤسسات تخشى من عدم تقبل المتعاملين معها لفكرة وجود شخص معوّق يقوم بمهام وظيفية، ناهيك عن خشية هذه المؤسسات من النظرة السلبية التي يحملها المجتمع لهذه الفئة باعتبارها بحاجة لمن يعينها لا ان تكون في موقع تقديم الخدمة . فيقول احد ذوي الاحتياجات الخاصة من حملة الدكتوراه "استنفذنا جميع الوسائل والسبل، اصبحت استحي ان اذهب للعميد لأطلب ان اعطي مادة وقد قال لي رئيس احدى الجامعات بالحرف "لن اوظفك لانك اعمى"، فشكرته لصراحته وصدقه وعلى الاقل لم يعدني وعود كاذبة كالباقين" [5].

طلب اللجوء الانساني الى امريكا عبر اعتصام امام السفارة
في ضوء تجاهل الحكومة لحقوق أنصارها، صعدت حملة شهادة الدكتوراه من الأشخاص ذوي الاعاقة من احتجاجاتها. وجاء في بيان لها السبت 11-10-2014 "نحن حملة شهادة الدكتواره من الأشخاص ذوي الاعاقة نسعى للحصول على حقوقنا الواردة في قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم (31) لعام 2007 وما ورد في الاتفاقيات الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين التي صادقت عليها الحكومة الاردنية وهذه الحقوق نص عليها الدستور الاردني في مختلف مواده دون أي تمييز.ومن هنا ونظراً لما وقع علينا من انتهاك لحقوقنا في التعيين في الجامعات الاردنية الحكومية والخاصة وعدم تحسين أوضاعنا في أماكن عملنا المنصوص عليها صراحة في قانون حقوق الأشخاص المعوقين… بناءً على ما تقدم، فقد قمنا بمجموعة من الاجراءات من أجل المطالبة بهذه الحقوق حيث قمنا بالتواصل مع بعض أعضاء مجلسي الأعيان والنواب والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الاعاقة باعتباره الممثل الشرعي للاشخاص ذوي الإعاقة.  لم نتلق أي استجابة لتلك المطالب مما دفعنا الى الاعتصام أمام رئاسة الوزراء بتاريخ 17/6/2014 وقد قابلنا ممثلا عن رئاسة الوزراء الذي وعد بعمل مذكرة فورية وتقديمها لدولة رئيس الوزراء من أجل تحديد موعد لمقابلة دولته والعمل على تعييننا في الجامعات. وطلب أن ننتظر لمدة ثلاثة أيام ولم يحدث شيء ولم نسمع خبرا، مما اضطرنا الى القيام باعتصام آخر أمام القصور الملكية العامرة بتاريخ 8/9/2014، وقابلنا أحد مسؤولي الديوان الملكي العامر الذي قام بأخذ الاسماء والتخصصات وأرقام الهواتف الخاصة بنا وأخبرنا بأنهم سيتصلون بنا بعد ثلاثة أيام وحتى هذا اليوم لم نتلق أي اتصال من الرئاسة والديوان الملكيّ العامر.وبعد تفكير عميق في واقعنا وظروفنا قررنا الاعتصام أمام السفارة الامريكية في يوم الاثنين الموافق 13/10/2014 من أجل المطالبة باللجوء الانساني الى الولايات المتحدة الامريكية وذلك نظراً لتهميش الحكومة لمطالبنا المشروعة[6]". وبالفعل نفذ مجموعة من حملة شهادة الدكتوراه اعتصاما امام السفارة الامريكية بالتاريخ المذكور. وكشف الناطق باسم المعتصمين أنالسفيرة الاميركية اعتذرت لهم لعدم استطاعتها الخروج للشارع ومقابلتهم (لأسباب أمنية) الا انها بعثت احدهم لاستلام بيان ذوي الاعاقة ومطالبهم للنظر فيها،وأن مدير الأمن بالسفارة ومدير مكتب السفيرة قد التقيا بالمعتصمين اثناء الاعتصام ووعداهم بأن تحظى قضيتهم بكل عناية واهتمام وأن يكون الرد خلال 72 ساعة من تنفيذهم للاعتصام[7].
 
جهود حكومية لتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة
في اليوم التالي للاعتصام، التقى مفوض حقوق الانسان في رئاسة الوزراء بمندوبين عن معتصمي ذوي الاعاقة من حملة الدكتوراه. وعلى اثر ذلك، وعد مفوض حقوق الانسان المندوبين باجتماع مع وزير التعليم العالي سيتم قريبا اضافة للقاء بأمين عام المجلس الأعلى لذوي الاحتياجات الخاصة ، فيما سيلتقي المندوبون بنواب مهتمين بحقوق الانسان في اطار الاهتمام الحكومي والنيابي لحل مشكلتهم. وعلى اثر ذلك أيضا، اعلنت وزارة العمل أنها تنوي تشكيل لجنة وطنية من القطاعين العام والخاص تضم عددا من المؤسسات المعنية لدعم تشغيل الأشخاص المعوقين، وإزالة العقبات التي تحول دون تشغيلهم. جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها الوزارة بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا), وتسعى إلى زيادة نسبة تشغيل الأشخاص المعوقين في سوق العمل.وقال مساعد أمين عام وزارة العمل للشؤون الفنية الدكتور محمد القضاة ان الورشة تسعى للخروج بإطار منهجي للخطوات الواجب اتخاذها من قبل وزارة العمل ومؤسسات أخرى، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة تشغيل الأردنيين من ذوي الإعاقة، ورفع كفاءة موظفي ومنسقي التشغيل لغايات إعادة دمج الأشخاص المعوقين في السوق المحلية. وأضاف "القضاة" إن المبادرات، ونتائج المناقشات التي ستنبثق عن ورشة العمل المذكورة، سيتم البناء عليها لاحقا لدى إطلاق لجنة وطنية سيصار إلى تشكيلها برئاسة أمين عام الوزارة، وعضوية المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، ووزارة التنمية الاجتماعية، ومؤسسة التدريب المهني، وصندوق التنمية والتشغيل، وممثلين عن القطاع الخاص، وذلك لغايات مأسسة العمل الوطني الهادف إلى دعم تشغيل الأشخاص المعوقين، ورفع مستويات الوعي لدى أصحاب العمل نحو ضرورة تشغيلهم،وإزالة أي موانع مادية أو معنوية تحول دون ذلك [8].

وبالختام اذا كانت الاعاقة بمثابة حبس لمن يعاني منها فإن اقترانها بالبطالة يجعل من ذلك الشخص رهينا للمحبسين. لذلك، لا بد من تكثيف الجهود الرسمية والشعبية لتوفير فرص عمل تليق بهذه الفئة وان لا تكون الاعاقة التي يعانون منها لعنة تطاردهم في مختلف محطات حياتهم.
 


[2]– تنص المادة ( 12) من قانون احقوق الاشخاص المعوقين على انه " يترتب على كل مؤسسة في القطاع الخاص ثبت امتناعها عن تنفيذ احكام البند ( 3 ) من الفقرة ( ج ) من المادة ( 4 ) من هذا القانون دفع غرامة مالية في لا يقل مقدارها عن ضعف الاجرة الشهرية للحد الادنى لعدد الاشخاص المعوقين المترتب عليها تشغيلهم خلال السنة وفي حال تكرار المخالفة تضاعف الغرامة "
 
[4]– تنص المادة (31/ أ)من(تعليمات اختيار وتعيين الموظفين في الوظائف الحكومية في الفئات الأولى والثانية والثالثة والعقود الشاملة لجميع العلاوات) للسنوات (2014/201 "  تشكل لجنة من ديوان الخدمة المدنية ووزارة الصحة ووزارة التنمية الإجتماعية والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين بقرار من رئيس ديوان الخدمة المدنية، تتولى النظر في الطلبات المقدمة ضمن الحالات الإنسانية وفق معايير وضوابط يعتمدها الديوان واعتمادها وحسب كل حالة من الحالات الواردة في البنود(1،2،3،4) من هذه الفقرة ، بما في ذلك حالة الإعاقة وفقاً لتقرير اللجنة المشكلة بموجب البند (2) من الفقرة (أ) من المادة (31) من هذه التعليمات ودراستها من حيث ملائمتها للوظائف الشاغرة وفقاً للتخصص وطبيعة الوظيفة.
2-  ذوي الإعاقات حسب التعريف القانوني ممن لا تؤثر إعاقتهم على أدائهم لمهام الوظائف التي يرشحون لها بناء على توصيه لجنة طبية خاصة يشكلها وزير الصحة تتولى الاطلاع على التقارير الطبية من اللجان اللوائية المختلفة ومدى توافق نسبة العجز المحددة في التقارير مع نظام اللجان الطبية المعمول به.
 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني