حرب بيانات بين القضاة والمحامين في محكمة قصرين/تونس: لماذا لا تفتح ورشة مشتركة لاصلاح قطاعي القضاء والمحاماة؟


2012-03-26    |   

حرب بيانات بين القضاة والمحامين في محكمة قصرين/تونس: لماذا لا تفتح ورشة مشتركة لاصلاح قطاعي القضاء والمحاماة؟

محمد العفيف الجعيدي
انطلقت في 19 مارس (اذار) 2012 ما يصح تسميته حرب بيانات بين القضاة والمحامين وذلك من مدينة القصرين وسط الجمهورية التونسية. فمن داخل اسوار محكمتها الابتدائية،  اعلن محامون في ختام اجتماعهم من دون اي مقدمات عن قرار مفاجئ مفاده تطهير المحكمة من القضاة الذين اتفقوا على عدهم فاسدين. اما آلية تنفيذ هذا القرار، فهي ليست الا "طرد من تخيروا". وفي رد على هذا التحرك اجتمع قضاة المحكمة واطاراتها من الاعوان الاداريين بعد يومين (21 مارس) بذات المكان، واصدروا بيانا مشتركا ادانوا فيه ما اعتبروه تجاوزا من بعض المحامين لاصول التعامل مع هيئة المحكمة من خلال تعمد التشهير بقضاة دون اي اثبات مع التستر على فساد زملائهم المحامين. وغداة هذا البيان (22 مارس)، عاد المحامون ليجتمعوا ويصدروا بيانا يكذب ادعاء تعمدهم التشهير والمزايدة السياسية ويعلن تمسكهم بمطلب التطهير. وتبعا لذلك، اصدرت جمعية القضاة التونسيين ومن ثم نقابة القضاة التونسيين بيانا بمساندة قضاة القصرين وبالتنديد بالتجاوز في هذا الشأن.
هي اذن "حرب بيانات"، "حرب" ذكرت الجميع بفرقة تصر على شق اواصر اسرة القضاء،  "حرب" تذكر بتعثر ملف المحاسبة وتطهير القضاء والمحاماة ممن افسدوا في زمن الفساد. تذكر القضاة تجاوزات عدد من المحامين اسهموا في افساد القضاء والبلاد، وذكروا بمواقف  عزوها لهياكل المحاماة رفضت فتح ملف تطهير هذه المهنة واستذكروا انهم كانوا السباقين في رفع شعار تطهير القضاء واصلاحه. ورأى القضاة ان التحرك المعزول لهؤلاء المحامين – والذي لم تعلن عمادة المحامين مساندتها له- لا يهدف لا الى اصلاح القضاء ولا الى تطهيره، بل الى اضعافه ويندرج في اطار تجاذب سياسي بين مكونات قطاع المحاماة بشأن العمادة. فيما نفى محامو القصرين ذلك وتمسكوا بان موقفهم ينم عن وفائهم لشعارات الثورة واتى كرد فعل على استشراء الفساد. ولا يمكن للمتتبع بعيدا عن قصف البيانات والبيانات المضادة ان يغفل ان مجريات محكمة القصرين لا يمكن عزلها عن ازمة علائقية اكبر هي جزء من موروث خلفه نظام الاستبداد، انها ازمة العلاقة بين المحامين والقضاة، هذه العلاقة التي  تعرف توترا مستمرا رغم تلاحم المحامين والقضاة في تاريخهم النضالي من اجل فرض استقلالية القضاء.
يبقى الامل في ان يتوقف التقاذف في هذا المجال، فلا يمتد لمحاكم اخرى وان لا يتحول شعار التطهير حصان طروادة يستغل لضرب المؤسسة القضائية. فالتطهير الشامل والقطع مع الفرقة والفساد معركة مشتركة يخوضها المحامون والقضاة جنبا الى جنب وفي ذات الخندق طالما ان استقلال القضاء والمحاماة ونزاهتهما تبقيان بالضرورة تحديا مشتركا، وهي معركة لا تتحقق الا من خلال الحوار الهادئ. فلماذا لا تبدأ حلقات النقاش باشراف هياكل المحامين والقضاة معا، فيترافق كسر الصمت بشأن احداث ما قبل الثورة مع تصورات مشتركة لتعاط من شأنه نقل العمل القضائي الى فضاء آخر، بعيدا عن اللغط والفرقة؟             
 
 
 
ملاحق (2):
1-  ملحق: بيان محامي محكمة قصرين، 22-3-2012
2-  ملحق: بيان قضاة محكمة قصرين، 21-3-2012

انشر المقال



متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني