ابطال 3 مواد في قانون الإيجارات يعطل 28 من مواده ويجعله غير قابل للتطبيق


2014-08-24    |   

ابطال 3 مواد في قانون الإيجارات يعطل 28 من مواده ويجعله غير قابل للتطبيق

بتاريخ 6 آب 2014 صدر عن المجلس الدستوري قرار قضى بإبطال المواد 7 و 13 والفقرة ب 4- من المادة 18 ، والتي تتعلق باللجنة المعينة في قانون الإيجارات والتي لديها مهمات متشعبة وصلاحيات واسعة ومعقّدة تتّصل بأغلبية مواد القانون. كما أصدر المجلس الدستوري توصيات توازي من حيث أهميتها إبطال المواد المذكورة، وتضع المسؤولية على المجلس النيابي والحكومة بإيجاد خطّة سكنية والحفاظ على حق السكن وعلى الوطن، ويجب تنفيذها قبل اصدار قانون الإيجارات المرتبط بشريحة كبيرة جدا من المواطنين.

كما تطرق القرار إلى المخالفات المتعلقة بعدم مناقشة القانون والتصويت عليه مادة مادة، والتي تشكّل مخالفة للنظام الداخلي لمجلس النواب وهو إشارة واضحة لعدم دراسة القانون وفقاً للأصول وبالتالي عدم إمكانية الإطلاع عليه أو تعديله كما تقتضي الإجراءات.

ما هي هذه المواد التي أبطلت، وما علاقتها بباقي مواد القانون، ولماذا إذا أبطلت يصبح معها القانون غير قابل للتطبيق؟
بدايةً نصّت المادة 37 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري على أن النص الذي تقرر ابطاله يعتبر كأنه لم يكن، ولا يرتب أي أثر قانوني. واستناداً الى ذلك إن النصوص المتصلة باللجنة والتي تم ابطالها تعتبر كأنها لم تكن كما يعتبر النص أو القانون غير ساري المفعول. ويتوجب وقف العمل به، خاصة أن الجزء الذي أبطل يرتبط بباقي مواد القانون ويشكل معها وحدة غير قابلة للتجزئة لارتباط مواده ببعضها البعض، ولعدم جواز العمل بقانون مبتور وفاقد لأهم أركانه الأساسية.

يتبيّن من مراجعة مواد قانون الإيجارات الجديد،  لا سيما المادة 3 منه، أنه أنشأ صندوقاً خاصاً للإيجارات السكنية، يكون تابعاً لوزارة المالية ويهدف إلى مساعدة مستأجرين محدّدين شرط ألا يتجاوز دخلهم مع جميع شاغلي المأجور الحدّي الأدنى للأجور، ومساعدتهم بصورة جزئية اذا كان دخلهم بين حدّي الأدنى وثلاثة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، وهذا الصندوق مرتبط فعليا وعمليا باللجنة التي تحدد المستفيدين منه وقد تم ابطالها، والتي اصبح من المستحيل عمليا تطبيق المواد المتعلقة به.

ان القانون استثنى في المادة 4 من القانون، الأبنية المؤجّرة وفقاً للقانونين 29/67 و 10/74  من هذه المساعدة حتى ولو كان المستأجرعاجزاً عن دفع الإيجار كما هو محدّد في شروط الإستفادة من الصندوق، وخصص له تعويضا جزئيا عند استرداد المأجوروفقا لشروط محددة ويجب أيضا أن يمر باللجنة التي أبطلت وأصبحت غير موجودة .

كما ان المادة 7 التي أبطلها المجلس الدستوري تنص على تولّي اللجنة وهي مؤلّفة من قاض عامل أو متقاعد رئيساً وأربعة أعضاء يمثّلوا المالكين والمستأجرين ومندوب عن وزارة المالية ووزارة الشؤون الإجتماعية، تكون صلاحيتها النظر في تطبيق الأحكام المتعلّقة بدفع الزيادة على بدلات الإيجار.

.بحيث استناداً للمادة 8 من القانون يجب على المستأجر الراغب بالحصول على مساهمة الصندوق أن يقدّم طلباً لهذه اللجنة. ويؤدي هذا الطلب إلى تعليق مهلة دفع الزيادة إلى حين نفاذ قرار اللجنة بالموافقة على المساهمة أو عدمها ونصّت على شروط واجراءات معينة لم تعد موجودة لإبطال اللجنة .

.ونصّت المادة 9 من ذات القانون على أن تنظر اللجنة بطلبات المساهمة لجهة معدل الدخل العائلي الشهري للمستفيد وتبتّ بها وفقاً لأصول دقيقة يجب توفرها لدى المستفيد مع امكانية اجراء تحقيقات، وهذه المادة أيضاً علّق تنفيذها كون اللجنة أُبطلت وهذه المادة مرتبطة بشكل مباشر بوجودها وبتكوينها والمنصوص عليها في المادة 7 و 13 و 18 .

كما استعادت المادة 10 من ذات القانون الأصول والإجراءات التي يجب أن تتبع في عملها وتم ربطها بالمادتين 8 و 11، ونصّت على أن تبتّ اللجنة التي سبق وأبطلت بالطلبات المقدمة امامها، في ضوء نتائج تحقيقاتها والأصول والإجراءات، المتّبعة لديها، كما لديها الصلاحية بتحديد المستفيدين من الصندوق من عدمهم ورتبت نتائج عند عدم دفعهم للزيادات المنصوص عليها، مما يؤدي الى التقدم بدعوى إسقاط حقهم من التمديد  عند عدم الدفع، وكل ذلك أصبح غير قابل للتنفيذ.

ونصّت المادة 11 من ذات القانون أن على المستأجر الذي يرغب في الإستمرار بالإستفادة من مساهمة الصندوق أن يتبع ذات الإجراءات المنصوص عليها في المواد السابقة أمام اللجنة ذاتها التي سبق وأبطلت.

كما نصّت المادة 12 على ملاحقة كل من أعطى اللجنة إفادةً أو تصريحاً كاذبا وعلى أصول وإجراءات الملاحقة وبالتالي لا يمكن تنفيذ هذه المادة لإبطال اللجنة المنصوص عليها في المواد 7 و 13 و18.

ونصّت المادة 15 فقرة أ على تحديد قيمة بدل المثل. وربط المشترع تنفيذها أيضاً باللجنة وعطفها على المادة 18 التي نصت أنه يحق للمالك تعيين خبيرين كما يحق للمستأجرتعيين خبيرين وعند الإختلاف تبتّ اللجنة التي تمّ إبطالها بهذا الموضوع، وبالتالي يصبح عملياً تحديد بدل المثل للمأجور مستحيلاً كون المادة 15مرتبطة باللجنة  التي تبتّ بتقارير الخبراء عند النزاع والتي سبق وأبطلها المجلس الدستوري.

كما نصّت المادة 16 من ذات القانون، أنه يحق للمستأجر الذي يكون لا يزال مستوفياً لشروط الإستفادة من تقديمات الصندوق، أن يقدّم طلباً خطّياً للجنة، وذلك قبل حلول أجل العقد  في السنة التاسعة ووفقا لأصول محددة، شرط أن يثبّت حصوله على قرار من اللجنة التي أُبطلها المجلس الدستوري، بأنه يستوفي الشروط المطلوبة، وبناءً على قرار اللجنة التي تتبع سلسلة من الإجراءات المعقّدة متّصلة بالمستأجر والمالك والصندوق ووزارة المالية وبعد دراسة المستندات،تبتّ ذات اللجنة  بقيمة الأقساط وغيرها من القرارات والإجراءات المتبعة . وبالتالي، تصبح جميع هذه الإجراءات المنصوص عليها في المادة 16 معلّقة لارتباطها باللجنة التي سبق وأبطلها المجلس الدستوري في المواد 7 و13 و18.

كما نصّت المادة 17على إعطاء مساهمة مالية للمستأجر عند إخلاء المأجور، إذا توفّرت لديه شروط  الافادة من هذا الصندوق مع ربطها بالمادة 27 من ذات القانون، والتي تبتّ فيها اللجنة التي سبق وأبطلها المجلس الدستوري وبالتالي فإن هذه المواد أيضاً تصبح معلّقة التنفيذ ولا يمكن أن يصار استبدالها بأية مواد أو إجراءات أخرى لتعلقها مباشرة باللجنة التي أُبطلت.

وبالعودة إلى المادة 18، فقد نصّت على إجراءات محددة لتحديد بدل المثل. وقد نصّت الفقرة أ، أنه في حال عدم الإتفاق بين المالك والمستأجر على تحديد بدل المثل، وبعد تعيين الخبيرين من قبل كل من المالك والمستأجر، يعود للجنة القرار النهائي للبت بالموضوع. فإذا اختلف التقريران، جاز لكل من المالك والمستأجر أن يلجأ إلى اللجنة في المحافظة التي  يتبع لها المأجور وذلك للفصل في النزاع الناشئ عن الإختلاف مرفقاً بطلبه نسخة التقريرين ومربوطاتها بما في ذلك صور وثائق التبليغ، وتصدر اللجنة قراراً معللاً ويكون قرارها نهائياً وغير قابل لأي طريق من طرق الطعن.

هذا وقد أبطل قرار المجلس الدستوري هذه الفقرة وتبعا لها الإجراءات المتصلة بها، وأشار بوضوح الى المخالفة الدستورية لناحية تشكيل اللجنة وعدم إمكانية المراجعة بقراراتها، الأمر المخالف للدستور والمواثيق والإتفاقيات الدولية الموقع عليها لبنان.

كما نصّت المادة 19 على أصول محدّدة يجب أن يتضمّنها التقرير. وهذه المادة مع باقي الإجراءات تصبح معلّقة لإبطال اللجنة والأصول التي تتبعها كما بيّنا ولارتباطها الأساسي بها، مع العلم أن عدم القدرة على تعيين الخبراء أو البتّ بتقاريرها يؤدي عملياً إلى وقف باقي مواد القانون حكماً.

ونصّت المادة 20 على كيفية تحديد بدل المثل، وهو أمر رئيسي وجوهري لمعرفة بدل الإيجار الحالي للمأجور، ولكنها مرتبطة عملياً باللجنة التي أبطلت، وبالتالي تعلّق تطبيق هذه المادة أيضاً.

أما المادة 21 فتتعلق بالخبراء وهذه المادة بدورها متعلّقة باللجنة التي أُبطلت كما بيّنا.

كما نصّت المادة 22 من القانون على تحديد التعويض في حال الإسترداد للضرورة العائلية والهدم وحدّدت هذا التعويض على أساس بدل الإيجار المحتسب على أساس بدل المثل الذي جرى تحديده من اللجنة التي أبطلت والتي يتوجب على الصندوق والمالك دفعها، وبالتالي لا إمكانية لتطبيق هذه الإجراءات لارتباطها باللجنة.

ونصّت المادة 22 على أن يتقدّم المستأجر الذي تتوافر فيه شروط الحصول هلى هذا التعويض بطلب إلى اللجنة التي أبطلت، على أن تبتّ في ضوء المستندات بقيمة المساهمة التي كان سيدفعها الصندوق وعلى إجراءات وأصول يجب أن تتبعها اللجنة التي في عملها .

وبالتالي، إن إمكانية تحديد أي تعويض أصبح غير ممكن لارتباطه ببدل المثل الذي يتوجب على اللجنة التي باتت غير موجودة تحديده وضرورة متابعتها لكامل الموضوع والتحقق من الشروط وتطبيق الأصول التي باتت جميعها معلّقة ومستحيلة التنفيذ كما استحالة استبدالها بأصول أخرى.
كما نصّت المادة 23 من القانون على حالة استرداد المأجور لغير حالتي الضرورة العائلية والهدم وربطها المشترع بتحديد بدل المثل المحدّد من اللجنة والتي سبق وأبطلها المجلس الدستوري، والتي تصبح معها هذه المادة مستحيلة التطبيق والتنفيذ.

ونصّت المادة 24 على أصول وإجراءات معيّنة إذا أراد المالك إسترداد المأجور الذي أجرّ في ظلّ سريان احد القانونين 29/7 و 10/74 بخصوص الأبنية التي كانت تعتبر فخمة، ويكون على المالك في هذه الحالة أن يسدد الى المستأجر تعويضاً يساوي نصف التعويض المحدّد في البند من المادة 22 والذي حدّد على أساس بدل المثل المرتبط باللجنة التي ابطلت. وبالتالي يصبح معه مستحيلاً تعيين وتحديد التعويض المشار اليه في هذه المادة أيضا.

أما المادة 25 و26 من القانون المعطوفة على المواد 22 و23 و24 نصت على الإجراءات التي يتوجب اتباعها في جميع حالات الإسترداد، وعلى الأصول المتعلقة لعرض وإيداع التعويض الذي سبق للجنة أن حدّدته، وبالتالي لا يمكن تنفيذ المادة 25 و26 لعدم وجود اللجنة وعدم إمكانية الوصول إلى تحديد التعويض.

كما نصّت المادة 27 على شروط وإجراءات لحصول المستأجر على مساهمة مالية من الصندوق وبالتنازل عن إجارته، وهذا عملياً مستحيل التنفيذ كون اللجنة قد أبطلت، وهي المرجع الوحيد الذي يحدّد من يستفيد من الصندوق من عدمه وبعد إجراءات معقّدة وبعد أن تدقق بالمستندات المطلوبة. وبالتالي أصبح مستحيلاً تطبيق المادة 27 لارتباطها بالشكل والأساس باللجنة والمواد التي أبطلت.

نصّت المادة 28على الشؤون المالية وبراءات الذمة والمرتبطة بشكل تلقائي باللجنة لأنها نتيجة طبيعية ومتممة لعملها، وبعدما تكون قد انجزت عملها وحددت المستفيدين والتعويض، الأمر المستحيل تحقيقه وتحديده والقيام به لعدم وجود اللحنة وابطالها.

نصّت المادتان 32 و 33 على أحكام خاصة بالإسترداد وتم ربطها بالمادة 22 ونصت على تحديد التعويض المرتبط بدوره باللجنة التي أبطلت.
أما المادة 34 من القانون الجديد فقد نصّت على عدّة حالات للإسقاط من الحق التمديد، ومنها عدم دفع بدلات الإيجار والمرتبطة باللجنة التي سبق وابطلها المجلس الدستوري كما بيّنا.

كما نصّت المواد 35 و36 على إعفاءات معيّنة عند تملك المأجور وهذا أيضاً مستحيل التطبيق لعدم إمكانية تحديد المستفيدين وتحديد قيمة المأجور المرتبط بقرار اللجنة التي أبطلت.

اما القول بأن القاضي المنفرد المدني الناظر بقضايا الإيجارات سيتولى صلاحيات اللجنة التي سبق وأبطلت من المجلس الدستوري، فهذا مستحيل قانونياً وعملياً دون إدخال تعديلات على القانون للأسباب التالية:

1- إن اللجنة مرتبطة بالصندوق وبوزارة المالية وبوجود مندوب دائم من قبلها مع اللجنة وهذا لا يمكن تحقيقه بدمج ممثل من وزارة المالية والقاضي المنفرد المدني اضافة إلى ممثل عن وزارة الشؤون الإجتماعية وممثل عن كل من المستأجرين والمالكين.
2- ان صلاحيات اللجنة التي أبطلت واسعة جداً ومنها تحديد بدل المثل والنظر بمساعدات الصندوق والتحقق من الشروط المطلوبة للإستفادة منه والتدقيق بالمستندات، وإجراء التحقيقات الخاصة واستناداً إلى أصول خاصة لا يمكن عملياً أن تنفذ من قبل القاضي المنفرد المدني لوحده، إضافة إلى البتّ بتقارير الخبراء عند الإختلاف بين المالك والمستأجر  حول تقارير الخبراء، وغيرها مما يجعل القيام بهذه المهمة شبه مستحيلة من الناحية القانونية دون تعديل كامل القانون، ومتعذرا عملياً نظراً لكثرة الملفات وتشعبها والتي ستحوّل القاضي إلى موظف إداري يتحقق عملياً بذاته من جميع الطلبات والقيام بجميع الإجراءات التي تتطلب فعلياً وزارة للقيام بها.
4- واستطراداً، إذا سلّمنا جدلاً بنقل صلاحية اللجنة إلى القاضي المنفرد المدني، فيجب أن تعدل كافة مواد القانون لتصبح عملياً قابلة للتطبيق مع إنشاء وزارة بجانب القضاء للقيام بهذه المهام كما حصل في وزارة المهجرين وغيرها.
5-إن مبدأ فصل السلطات يوجب على القانون الذي أبطل أن يعود إلى المجلس النيابي ليصار إلى تعديله بكافة مواده وفقراته، خاصة بعد أن شدّد المجلس الدستوري على ان القانون يتوجب مناقشته والتصويت عليه مادةً مادة، وبعد أن صرح رئيس مجلس النواب وأكثر من مرجع رسمي وقانوني بوجوب تعديل القانون وعدم قابليته للتطبيق.
6- كما يجب التقيد بتوصيات المجلس الدستوري لناحية الحق في السكن وايجاد خطة إسكانية وإنماء متوازن بين المناطق وانشاء شبكة طرقات وغيرها، خاصة عندما حمّل هذه المسؤولية إلى المجلس النيابي والحكومة وأفرد في قراره وحيثياته أكثر من ثلاث صفحات تتضمن توصيات وتوجيهات للإلتزام بها توصلاً لضمان حق السكن، وعدم نشر القوانين قبل الدرس والتمحيص والتدقيق كون هذا الموضوع أساسيا متعلقا بحياة اللبنانيين وحقوقهم كما تتعلق بالوطن والأمة جمعاء.
7- ان قانون الإيجارات هو قانون خاص ولا يجوز التوسع بتفسيره أو تأويل النصوص الواضحة على غير حقيقتها وبعكس ما تنص عليه صراحة المواد المنصوص عليها في القانون .

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني