ثلاثة قطاعات مهنيّة تحت وصاية “مذكرة الاخضاع” في لبنان


2014-05-30    |   

ثلاثة قطاعات مهنيّة تحت وصاية “مذكرة الاخضاع” في لبنان

تحت عنوان "الأمن العام يفرض عقوبة "الإخضاع" أو هذه "الديمقراطية" التي تعمل على إخضاع من يتمرد" عرضناسابقاًممارسة معتمدة من قبل المديرية العامة للامن العام تقضي ب"إخضاع" أي شخصتعتبر المديرية ان ما يصدر او ما صدر عنه، هو بمثابة "استفزاز" لها. وكما لفتنا اليه،  قد تدخل ضمن خانة الاعمال الاستفزازية مجموعة واسعة من الافعال. ومع مرور الوقت وبروز الحالات، ينجلي اهتمام خاص للامن العام تجاه  ثلاثة قطاعات مهنية رئيسية، تخضع لرقابتها وسطوتها وهي الصحافة، المحاماة والفنون . فمنذ بداية هذا العام، رصدت المفكرة القانونية ثلاث حالات امتنعت فيها المديرية العامة للأمن العام عن تجديد جوازات سفر وهي تتصل  بصحافية، ومحام ومخرج مسرحي.

في المقال السابق، كنا عرضنا حالة المحامي نزار صاغية، الذي فوجىء في شباط 2014 بقرار المديرية برفض تجديد جواز سفره دون إعطاء أي تعليل. على اثره، تقدم صاغية بدعوى أمام قاضي الامور المستعجلة في بيروت طالباً إلزام المديرية العامة للأمن العام بشطب مذكرة الإخضاع المتخذة بحقه وتجديد جواز سفره اللبناني وتسليمه إياه. وبعدما أعطى جاد معلوف، قاضي الأمور المستعجلة الناظر في القضية، الأمن العام مهلة عشرة أيام للجواب على ما ورد في الاستحضار، أقدمت المديرية على تسليم جواز السفر عوضاً عن تقديم جواب خطي تظهر فيه أسباب التمنع عن التجديد. وعليه، حُصر موضوع الاستدعاء بطلب شطب مذكرة الإخضاع الصادرة بحقه، ولم يصدر قرار بشأنها بعد لتقاعس الدولة عن تبلغ أوراق الدعوى رسميا.ويذكر صاغية أنه نال مذكرة الاخضاع في 18-1-2010 تبعا للجوئه الى الاعلام لالزام الأمن العام على تنفيذ حكم قضائي بالافراج عن اللاجئة المحتجزة تعسفا يسرى العامري.

هذا ما حصل أيضا مع الصحافية بيسان الشيخ في جريدة الحياة: فاذ أرسلت جواز سفرها للتجديد عبر مكاتب Liban post، خلال شهر شباط أيضا، فوجئت بعد يومين، باتصال وردها من مكتب ال liban postيطلب منها الحضور الى مكاتبهم لاستعادة ما دفعته، كون المديرية العامة للامن العام رفضت تجديد جواز السفر طالبة منها مراجعة مكاتب المديرية. غير ان المديرية ظلت تماطل، طالبة منها مراجعة مكاتبها بعد يومين. تفيد الشيخ، بأن محاميا كان يتابع القضية طلب منها "أن تراجع نفسها لتتذكر ما كتبته ونشرته من مقالات". ظل جواز سفر بيسان محتجزاً من قبل المديرية العامة للامن العام حوالي ال25 يوما، وهي تردف قائلة، أن ما حض المديرية على الرجوع عن قرارها، هو علمها أن الصحيفة التي تتعاون معها الشيخ، تنوي نشر خبر حجز جواز السفر من قبل الامن العام على صفحتها الاولى. عندها تراجعت المديرية عن قرارها، اتصلت بالصحفية وطلبت منها الحضور لاستلام جواز السفر المجدد.

وتعرض اخيراً المخرج المسرحي لوسيان بورجيلي، للممارسة عينها، حيث تقدم خلال الاسبوع الفائت من المديرية العامة للامن العام بطلب تجديد جواز سفره بالطريقة المستعجلة، وعاد في الموعد المحدد لاستلام جواز سفره، ليكتشف ان جواز سفره لم يُجدد، بحيث طُلب منه المراجعة " بعد شهر او شهر ونصف". عندها استفسر عن سبب تمنع المديرية عن تسليمه جواز السفر. قيل له انه "هو يعرف"، كما طلب منه ان "يتذكر ماذا حدث في العام 2013" ، تلميحا لمسرحية أخرجها بورجيلي، تناول فيها مسألة الرقابة على الاعمال الفنية من قبل الامن العام، تحت عنوان "بتقطع أو ما بتقطع" والتي، ترفض المديرية العامة للامن العام حتى يومنا هذا اعطاءه إذن بعرضها. أثيرت قضية لوسيان بورجيلي على مواقع التواصل الاجتماعي كما خصصت بعض الصحف مساحة للقضية[1]. على اثر الضجة التي اثيرت، قام السيد خليل جبارة وهو أحد مستشاري وزير الداخلية، بالاتصال بلوسيان بورجيلي، وافاده بأن الوزارة ستتدخل لحلحلة القضية. وهذا ما حصل، تراجعت المديرية العامة عن قرارها، يوم السبت 24/5/2014، بعد تدخل الوزارة: حينها توجه لوسيان بورجيلي الى المديرية العامة للامن العام، وبعد انتظار دام اكثر من 45 دقيقة، أعيد له جواز سفره.

تعرضت هذه الحالات الثلاث لممارسات متشابهة لدى الأمن العام: رفض طلبهم جميعا بتجديد جوازات سفرهم، وقد أعلموا بذلك شفهيا ومن دون أي تعليل، وعند استفسارهم عن السبب، طلب منهم أن يتذكروا جيدا ما صدر عنهم. كما ان اللائمة او "التهمة المبطّنة" لم تصل لاي من المهنيين عند وقوع "الجرم"، ولم يجر اطلاعهم على وجودها الا خلال مباشرتهم باتمام معاملة ادارية روتينية لا تمت "للتهمة" بصلة، اي عبر عرقلة حقهم الطبيعي باجراءات ادارية رسمية شفّافة.

هذا النهج المتبع من قبل جهاز الامن العام، المخالف للقانون والخارج عن الصلاحيات المعطاة له، والذي يشكّل انتهاكاً فادحاً للقوانين اللبنانية ولحرية أساسية هي حرية التنقل بوجه الخصوص ومعها حرية التعبير والابداع الفني وحقوق الدفاع، أصبح بوضوح اليوم ومع تكرار الحالات وتوسع تطبيقها ممارسة ممنهجة وعرفا، ممارسة يخشى أن تؤدي الى فرض قانون الصمت.
 


[1]يذكر منها موقع now lebanon، صحيفة l’orient le jour  وموقع سكايز ميديا
انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني