أزمة جديدة بين القضاة والمحامين في تونس والاصطفاف القطاعي يمنع الإصلاح


2014-02-10    |   

أزمة جديدة بين القضاة والمحامين في تونس والاصطفاف القطاعي يمنع الإصلاح

تحولت جلسة استنطاق طالب ينشط بهياكل الاتحاد العام لطلبة تونس اتهم بمحاولة قتل زميل له ينشط في ذات الاتحاد الطلابي لكن يوالي شقا منافسا الى مواجهة بين قاضي التحقيق واعضاء هيئة الدفاع عن المتهم. فقد اتهم قاضي التحقيق بالمكتب ثلاثين مجموعة من محامي هيئة الدفاع بالتهجم على شخصه واهانته على خلفية اصداره بطاقة ايداع بالسجن في حق المتهم وتقدم بشكاية في الغرض للوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف التي يعمل بدائرتها. وتولت نقابة القضاة التونسيين بتاريخ 5/2/2014 اصدار بيان عبرت فيه عن "استنكارها لتواتر اعتداءات محامين على المحاكم ودعت الهيئة الوطنية للمحامين لتحمل مسؤولياتها في التصدي لمثل هذه التصرفات" متمسكة باستعدادها "للرد على هذه الاعتداءات بالطرق القانونية المناسبة". ولم يطل الانتظار اذ وبذات التاريخ اصدرت الهيئة الوطنية للمحامين بيانا أكد في منطلقه أن القاضي يتحمل مسؤولية الاخلال بواجب الحياد والاعتدال والاحترام المحمولة عليه وتضمن البيان استعراضا لوقائع نسبها لقاضي التحقيق تبين ما تم ادعاؤه من تجاوزات من قبله دون اي اشارة لما تم ذكره من تجاوزات بدرت عن المحامين. وانتهى البيان الى التصريح "بكون المحاماة الضاربة في عمق التاريخ في غير حاجة لتذكير هياكلها بواجباتها التي تقدرها حق قدرها وترجو من غيرها الاقتداء بها ويستغرب بالمناسبة التسرع في اصدار البيانات بشكل تضامن فئوي ورد فعل متشنج وغير رصين ينقل ادعاءات مجردة قبل تقصي الحقائق بشكل موضوعي".

وبتاريخ 8/2/2014، اصدرت جمعية القضاة التونسيين بلاغا تضمن انها تستغرب ما ورد ببلاغ الهيئة الوطنية للمحامين من استعراض لوقائع تنسب لقاضي التحقيق وادعاء اقراره بها صلب التقرير الذي رفعه للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في حين أن التقرير المقدم خلو من ذلك. كما عبرت جمعية القضاة من جهتها عن استغرابها من عدم مطالبة الهيئة الوطنية للمحامين بمجرد التحقيق في الوقائع الخطيرة المذكورة بتقرير قاضي التحقيق الذي اطلعت عليه هيئة المحامين وتضمن "أن عددا من المحامين تدخلوا لمقاطعته اثناء الاستنطاق بطريقة مستفزة ومتكررة وتدخلهم لتلقين المتهم ما يجب ان يصرح به شفاهيا وبأوراق مكتوبة. علاوة على تهديدهم قاضي التحقيق في صورة اصداره بطاقة ايداع والتوجه نحوه بعبارات مهينة وجارحة شملت شخصه واحد افراد عائلته".

وكما ذكر بيان الهيئة الوطنية للمحامين بقرار الوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف ببنزرت احالة مجموعة من المحامين على قلم التحقيق بعد ان اتهموا بتعمد منع عقد جلسات المحكمة الابتدائية بباجة باستعمال وسائل غير قانونية، بمناسبة تحرك احتجاجي لهم للمطالبة ببعث محكمة استئناف بجهتهم وعدّ ذلك مؤشرا على تواصل ارهاب المحامين بالمحاكمات الجزائية وبرّر تصرف المحامين باعتبار عدالة قضيتهم. ذكر بيان جمعية القضاة من جهته بواقعة اعتداء حصلت منذ مدة قصيرة تعمد خلالها احد المحامين الاعتداء على رئيس دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس بعد اصداره بطاقة ايداع بحق متهم باعتداء ارهابي ووصل الاعتداء لحد بصق المحامي على القاضي، لتنتهي جمعية القضاة الى تقرير ان ما يتم من اعتداءات متكررة ومتواترة على القضاة يتجاوز الخلافات العرضية التي تطرأ بين المحامين والقضاة وتكشف عن سلوك ممنهج "يستهدف تقويض هيبة القضاء والعدالة والحط من معنويات القضاة واضعاف موقع القضاء".

واكدت جمعية القضاة في ذات البيان فيما ما بدا ردا منها على اتهام هيئة المحامين لهياكل القضاة بالانتصار للفئوية القطاعية والتسرع في اتخاذ المواقف، انها تتابع عن كثب مجريات الاحداث الا ان عدم مسارعتها لاتخاذ المواقف كانت الغاية منه عدم تغذية الضغائن والبحث عن حلول سلمية للخلافات. كما اكدت انها تطالب بإجراء ابحاث في الوقائع المعروضة ليتم تحميل المسؤوليات بعد ان عدت التحقيق في التجاوزات وتطبيق القانون على الكافة مهما كان موقعهم محامين او قضاة او غيرهم لا يعد تعديا في دولة القانون وانما هو حق يمنع الانفلات والفوضى.

وبموازاة حرب البيانات والبلاغات ذكرت القاضية هادية العايدي عضو الهيئة الادارية لنقابة القضاة التونسيين في خبر نشرته على صفحة التواصل الاجتماعي لنقابة القضاة التونسيين أن عددا من قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس بصدد امضاء عريضة يطالبون صلبها اعفاءهم من خططهم على خلفية ما يتعرضون له من ضغوطات تمنعهم من ممارسة عملهم في ظروف مقبولة. ويذكر الخبر المنشور بما تسرب عن الهيئة الوقتية للإشراف عن القضاء العدلي بمناسبة اعداد الحركة القضائية لسنة 2013-2014 من رفض عدد هام من القضاة الاضطلاع بالخطط القضائية خاصة منها بمكاتب التحقيق بسبب ما يتعرض له قضاة التحقيق من اعتداءات وتجاوزات.

كشفت الازمات العلائقية المتواترة بين القضاة والمحامين والتي اشتركت جميعها في اعتداءات من محامين على مجالس قضائية أن اسلوبا في التعاطي مع القضاء يقوم على التهجم على القضاة في مجالسهم ومكاتبهم، بات يعتمد من قبل بعض المحامين للتعبير عن احتجاجهم على ما يعتبرونه قرارات جائرة او سوء معاملة من القضاة لهم. كما بينت ذات الوقائع في آثارها أن الهيئة الوطنية للمحامين التي اسند لها قانون المحاماة مهمة التتبع التأديبي للمحامين باتت تبرر الاعتداءات من خلال اعتبارها تحركات احتجاجية مشروعة أو من خلال البحث عن اسباب لها في تجاوزات قضائية. وتحولت بالتالي هياكل الاشراف على المحاماة الى هياكل ذات بعد واحد ينحصر دورها في تدعيم حصانة من تنسب لهم التجاوزات دون ان تتولى ولو لمرة واحدة التعهد بالبحث في واقعة ينسب فيها تجاوز لمحام على هيئة قضائية.

انتهت علاقة المحامين بالقضاة الى ازمات متعاقبة. وكان الاخلال في كل مرة باعتبار الحدث المنشئ له ينسب لأحد الشقين او لكليهما، الا ان اسلوب ادارة الخلافات بين جناحي العدالة في خضم الاحداث او بعدها بين في كل الحالات أن اخلاقيات التعامل كانت الغائبة عن الذهنية العامة، كما أن صفة القضاء كجهة تتبع جزائي للمحامين ظلت محل جدل، فيما غاب كل مظهر من مظاهر التعاطي كجهة اشراف لا كهيكل مهني عن عمل هياكل المحاماة في مقابل غياب ملفت للنظر للهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي عن المشهد، رغم انها المسؤولة الاولى عن حسن سير مرفق القضاء.
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني