النفايات السامة في لبنان ـ الجزء الثاني (1994-1995): السلطة تتحرك نحو…طمس القضية


2019-07-29    |   

النفايات السامة في لبنان ـ الجزء الثاني (1994-1995): السلطة تتحرك نحو…طمس القضية

ننشر في هذا المقال الجزء الثاني من بحثنا بشأن قضية النفايات السامة بعد نشر الجزء الأول تحت عنوان قضية النفايات السامة في لبنان ـ الجزء الأول (1987 – 1989) في عدد “المفكرة القانونية” الخاص عن “مناطق الموت”. فقد تبيّن أنّ القصة لم تنتهِ مع ترحيل جزء من البراميل إلى إيطاليا عام 1989 بعد ورود معلومات أكيدة عن بقاء عدد كبير منها مطموراً في مناطق لبنانية مختلفة. وتأكّدت هذه المعلومات تباعاً بعد صدور القرار الظني عن قاضي التحقيق في بيروت لبيب زوين عام 1992، ثم تسريب رسالة لمجلس الإنماء والإعمار بعثها إلى الحكومة عام 1990 وحدد فيها أماكن البراميل وبعدها تقرير لمخابرات الجيش اللبناني عام 1995. وأعيد فتح الملف على مصراعيه عام 1994 بعد محاولة مستشارين تابعين لوزارة البيئة طمر براميل في جرود عيون السيمان وبلدة يحشوش وتصدّي الأهالي لهم. اللافت أنّ هؤلاء المستشارين لم يكونوا سوى المتهمين الأساسيين في إدخال البراميل عام 1987. وبناءً عليه، كان من المتوقع أن تحاول وزارة البيئة حينها وخلفها حكومة الرئيس رفيق الحريري لفلفة القضية مجدداً على الرغم من الحملات التي أطلقتها منظمة “غرينبيس”(Greenpeace)  ومعها بعض الخبراء البيئيين اللبنانيين بالإضافة إلى بعض النواب.

سنتطرق في الجزء الثاني إلى تطورات القضية منذ العام 1990 إلى حين وصول الملف إلى القضاء عام 1995، إذ عمد وزيرا البيئة خلال تلك الفترة سمير مقبل ثمّ بيار فرعون إلى لفلفة القضية على الرغم من الأدلة التي قدّمتها “غرينبيس” بالإضافة إلى الخبراء البيئيين الذين توّلوا الكشف على البراميل. وتوالت الفضائح بعد تسريب تقارير رسمية من مجلس الإنماء والإعمار ومخابرات الجيش اللبناني أكدت بقاء الجزء الأكبر من البراميل في لبنان. ولكنّ السلطة وعلى الرغم من محاولة إظهار جدّيتها في متابعة الملف، سعت عبر جميع الوسائل المتاحة إلى طمس القضية وهو ما نجحت في تحقيقه في نهاية المطاف.

وعليه، نعود إلى السؤال الأساسي الذي طرحناه في خاتمة الجزء الأول من هذا البحث: لماذا أعيد فتح الملف عام 1994 إن كانت السلطة لا تنوي حلّه أصلاً؟ هل رضخت للضغط الذي مارسته منظمة “غرينبيس”؟ أم أن قرارها جاء في إطار المناكفات السياسية، لا سيما بعد توقيف قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع بتهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة في نيسان 1994؟

رسالة مجلس الإنماء والإعمار تؤكّد بقاء براميل في لبنان والمواجهة بالتكتّم

عادت القضية إلى الواجهة إذاً عام 1995. حينها كشفت جريدة “النهار” عن مضمون رسالة مرفقة بتقرير كان بعث بها في 20 حزيران 1990 رئيس مجلس الإنماء والإعمار آنذاك المهندس مالك سلام[1] إلى ممثل “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” (UNDP) في لبنان جورج أبو جودة يؤكد فيها دخول 15800 برميل من النفايات السامة إلى لبنان بالإضافة إلى عشرين مستوعب نفايات كيميائية و30 ألف طن من نفايات صناعة التبغ. طلب سلام في الرسالة مساعدة برنامج الأمم المتحدة للتخلص من هذه النفايات التي “أخذت تظهر أعراض مرضية مجهولة على مواطنينا، وبما أننا لا نستطيع الإستعانة بخبراء نظراً إلى الأوضاع الأمنية، فأننا نقدر إقتراح برنامج الأمم المتحدة لإرسال مجموعة من العلماء والتقنيين لإطلاعنا على التقنيات العلمية الحديثة التي تؤهلنا التخلص من هذه النفايات، وإعادة تأهيل الأماكن الملوثة”[2]. وأشار سلام إلى أنّ الدولة اللبنانية على علم بأماكن تواجد هذه البراميل وبمدى خطورتها، محدداً مواقع البراميل والمستوعبات في بيروت وكسروان والمتن وجنوب لبنان وطرابلس[3].

القرار الظنّي الأوّل في القضية

كما جرت العادة، لم يأخذ أيّ من المعنيين رسالة سلام على محمل الجد، حتى أنها بقيت قيد الكتمان إلى حين الكشف عنها بعد خمس سنوات. وكان سبقها إدعاء للنيابة العامة على المتورطين في الملف، فصدر قرار ظني عن قاضي التحقيق الأول في بيروت لبيب زوين في 30 آذار 1992 خلص إلى أن “المتورطين في القضية لن يواجهوا المحكمة لأن جريمتهم تعدّ من جرائم الحرب التي شملها قانون العفو العام”[4] وبالتالي منعت المحاكمة عنهم واستردّت مذكرة التوقيف الصادرة في حق أرمان نصار صاحب “شركة نصار للشحن” التي أوكلت إليها مهمة نقل النفايات السامة من إيطاليا إلى لبنان.

مرة أخرى، بقي القرار قيد الكتمان إلى حين حصول “النهار” عليه ونشره عام 1995. اللافت أن زوين نقل عن لجنة الخبراء البيئيين التي كان تابعت الملف في الثمانينيّات أن “هذه المواد تشكل على المدى القريب والبعيد خطراً داهماً محتملاً على الصحة العامة والبيئة”[5]، مؤكداً أن لا إشعاعات نووية مضرّة في المستوعبات وأنها لم تتسرب إلى جوف الأرض والمياه حتى هذه اللحظة.

وسرد زوين تفاصيل القضية فكشف أن “روجيه حداد[6] قد عهد إلى العميل الجمركي المدعى عليه أنطوان كميد في أعمال إدخال الباخرة إلى المرفأ وتفريغها وتسلم البضاعة ودفع الرسوم المتوجبة عنها وحجز المستودعات اللازمة لتخزينها في الحوض الخامس وفي أمكنة عدة أخرى داخل الأراضي اللبنانية. وقد قام العميل المذكور بكل هذه المهمات وأخرج البضاعة بمساعدة المدعى عليه ضوميط كميد[7] من الحوض الخامس الذي كان في تسليم قوى الأمر الواقع. وبموجب تصريح خروج وتسليم صادر عن الصندوق الوطني – الخدمات المرفئية – وبواسطة إذن التسليم الذي يصدر بالإستناد إلى “المانيفست”، ونقلاها إلى المستودعات المحجوزة في جعيتا وساحل علما وشننعير وإلى مستودعات المدعى عليه هنري عبدالله في زوق مصبح. ثم تولى المدعى عليه أنطوان أسد العم عملية تصنيف هذه المواد وتسويقها فقام عدد من التجار بالتعاون معه ومع روجيه حداد وشركة أرمان نصار البحرية بالكشف عليها وتحليلها في صورة سرية لفرزها ومن ثم بيعها وقد اشترى بعض التجار والصناعيين قسماً منها واستعملوها في الصناعات ومنهم المدعي عليه سامي نصار. كما جرى حرق القسم الآخر منها أو إتلافه برميه في مكبات النفايات ومنها مكب “النورماندي” إلى أن اكتشف أمرها فجرى جمع ما تبقى منها، وإخراجه من الأراضي اللبنانية”[8].

ولكننا نستنتج بأنّ أهم ما في القصة ليس ما جاء في القرار الظني، إنما بقاء قرار القاضي زوين في أدراج قصر العدل إلى حين استلام قاضي التحقيق في جبل لبنان ميشال أبو عراج القضية عام 1995، حين قرر ضمّه إلى الملف وبناء عليه استجواب المستوردين نصار وحداد بغية كشف تفاصيل هذه القضية وتحديد المسؤوليات المترتبة على الأطراف المشاركة في إدخال البراميل وطمرها والتستر عليها.

وبالتالي، بدل أن تفضح حكومات ما بعد الحرب الممارسات التي عرفتها الحرب، قررت التكتّم عليها وسعت إلى لفلفة الملف كما جرت العادة عند كل استحقاق مفصلي. فبدا واضحاً أنه لم يكن هناك من توجّه جدي للكشف عن الحقيقة ومعالجة البراميل المتبقية ومحاسبة المتورطين في هذه الكارثة البيئية.

ظهور براميل جديدة عام 1994

هكذا إذاً وعلى الرغم من هذين التطورين المهمين في القضية، تجاهلت الدولة اللبنانية الملف وانشغلت في إعادة إعمار البلد بعد انتهاء الحرب عام 1990. نسي اللبنانيون براميل النفايات إلى حين ظهورها مجدداً في 29 آب 1994 في جرود كسروان. وفي التفاصيل، وحسب ما نقل الصحافي بيار عطالله في كتابه النفايات السّامة في بلاد الأرز، القصة الكاملة، فقد توجّه موظفون في وزارة البيئة إلى بلدة يحشوش بعد منتصف الليل ومعهم 19 برميلاً معدّاً للطمر في مقلع يملكه أحد أبناء المنطقة. وقف الأهالي في وجه الموظفين ومنعوهم من إتمام العملية، فتدخلت النيابة العامة ونقلت البراميل إلى مرفأ بيروت. تبيّن لاحقاً إلى أن هذه البراميل تعود لمعمل “لاسيكو” في منطقة العقيبة. لم تكن هذه البراميل الوحيدة التي اكتشفت خلال تلك الفترة، إذ وجد بعض الرعاة حوالي 35 برميلاً في جرد عيون السيمان بعد بضعة أيام. وقد قيل حينها أن البراميل كانت محترقة وأدّت إلى نفوق قطيع من الماعز[9].

استلم الخبراء البيئيون الثلاث بيار ماليشيف ود. يوسف ولسن رزق ود. ميلاد جرجوعي[10] الملف مجدداً، فكشفوا على البراميل وتبيّن وجود مواد كيميائية منها مادة “إيتيل أكريلات”. وشدد ماليشيف على ضرورة نقلها إلى مرفأ بيروت “لأنه من الخطورة بمكان أن تترك هذه المواد في منطقة غنية بالينابيع حيث يخشى أن تختلط المواد السامة المتسربة من البراميل بالمياه الجوفية”[11]. وطالب الحكومة بإطلاق حملة تفتيش في الجرود لإحتمال وجود براميل أخرى مطمورة في المنطقة. ولكنّ وزارة البيئة كانت قد اتخذت قرارها بطمر النفايات من دون إطلاع الرأي العام على مخططها. ولم تصمد روايتها كثيراً على رغم إصرارها على إنكار أية مسؤولية لها في محاولة طمر البراميل. فقد تبيّن أن قائمقام كسروان بالتكليف ريمون حتّي كان أصدر مذكرة في 26 تموز 1994 سمح فيها لمستشار وزير البيئة سمير مقبل الدكتور جميل ريما “بالإشراف على تلف مواد بلاستيكية غير صالحة في مشاع كسروان الجرد العالي، وذلك وفقاً للشروط البيئية التي يراها مناسبة وعلى جميع المراجع الإدارية والأمنية تقديم التسهيلات اللازمة لذلك”[12]. اللافت أن ريما كان بين 27 شخصاً سمّاهم تقرير مخابرات الجيش (الذي سنتطرق إليه لاحقاً) كمتورطين في إدخال براميل النفايات. ونقلت “النهار” عن “مصدر رسمي” أن المذكرة صدرت بناء على أمر “من النيابة العامة في جبل لبنان التي أوكلت إلى الشرطة القضائية أمر التنسيق مع وزارة البيئة لإتلاف هذه المواد وطمرها في أماكن غير آهلة”[13]. وكان خبراء في الوزارة كشفوا على المواد الموجودة في البراميل وأعطوا التعليمات المناسبة لطمرها “فنياً”. إختار حتّي أرض في جرود كسروان، فزارتها بعثة من وزارة البيئة ووافقت على المكان وأعطت التعليمات للمباشرة بالطمر بإشراف خبراء من الوزارة[14].

وعلى الرغم من تكشّف الوقائع، بقي وزير البيئة مصرّاً على تسخيف القضية فأطلق شعار “النفايات خطرة وليست سامة”. ووصف تحرّك اللبنانيين بـ”الهستيريا”[15]. ولكنّ مقبل لم يشرح للرأي العام كيف يمكن أن تكون المواد خطرة وفي الوقت عينه غير سامة، لاسيما أنّ جميع الخبراء المتابعين للملف أكدوا وجود مواد كيميائية قد تتسبب بأضرار جسيمة على الصحة والبيئة.

وتحت ضغط الخبراء والرأي العام، نقلت شركة “يوروتك للخدمات البيئية” Urotec Environmental Services L.T.J البريطانية النفايات من يحشوش وعيون السيمان إلى مرفأ بيروت في 8 أيلول 1994 بعدما تعاقدت معها وزارة البيئة لإنجاز العملية وترحيل المستوعبات إلى بريطانيا لحرقها هناك. ولكن سرعان ما اتضح أنه لا يمكن شحن البراميل لأن مجلس النواب لم يكن قد أبرم إتفاقية “بازل بشأن التحكّم في نقل النفايات الخطرة والتخلّص منها عبر الحدود”[16] التي انضم إليها عام 1989.  تطوّرت فصول القضية بعد وصول سفينة منظمة “غرينبيس” إلى مرفأ بيروت في 15 تشرين الثاني 1994. فقد طالب رئيس جمعية “الخط الأخضر” حينها الدكتور شادي حمادة الحكومة اللبنانية في مؤتمر صحافي من على متن السفينة بالسماح لخبراء المنظمة بأخذ عينات من البراميل لتحديد المواد الموجودة فيها. استجابت الحكومة لطلب حمادة وكشف الخبراء على المستوعبات في 17 تشرين الثاني تحت إشراف ضباط من القوات المسلحة ومندوب الوزارة ريما[17].

وأعلنت “غرينبيس” في 31 كانون الثاني 1995 أن العينات أظهرت “وجود مواد كيميائية سامة جداً وخطرة، تحتوي على معادن ثقيلة”. وربطت بين هذه المواد وتلك التي اكتشفت عام 1987-88. ووجهت اللوم إلى وزارة البيئة وقرارها طمر النفايات في الجرود، “فالطمر لا يحلّ مشكلة النفايات السامة والجبال ليست المكان المناسب لذلك، فهي قابلة للذوبان ويمكن أن تتحلل بسهولة وتتسرب إلى مصادر المياه الجوفية”[18]. واعتبرت المنظمة أنّ “من واجب الحكومة الإيطالية الأخلاقي استعادة النفايات المتبقية التي يقدّر عددها بعشرة آلاف برميل”[19]. تحرّك مقبل فور صدور تقرير “غرينبيس” محاولاً طمأنة الرأي العام فكشف أنه تمّ تكليف شركتين ألمانيتين “درس مواقع في مناطق لبنانية عدة تمهيداً لإجراء مسح جوّي شامل لتحديد أماكن وجود براميل النفايات السامة”[20]. وأوضح أن الشركتين ستقومان بالزيارة على نفقتهما الخاصة قبل تقديم عرض للحكومة في ما خص تكاليف المهمة.

البرلمان يسائل الحكومة: النفايات يشملها قانون العفو؟

ولكنّ هذا الأمر لم يمنع النواب من انتقاد إدارة الحكومة للملف لاسيّما وزارة البيئة. فهاجم النائب منصور غانم البون خلال جلسة لمجلس النواب خصّصت لمناقشة القضية، طريقة معالجة الملف وطالب بمساءلة مساعد الوزير مقبل الدكتور قيصر نصر، الرئيس السابق لجهاز العلاقات الخارجية في “القوات” الذي “يعرف كيف أدخلت هذه النفايات السامة وأين طمرت”. وسأل “لماذا المجيء بالخبراء الأجانب لمعرفة مكان وجود النفايات، فليسألوا رعاة الماعز”[21].

الجدير بالذكر أنّ مساعٍ جرت لطمس الملف من خلال شمله في قانون العفو الصادر عام 1991 إبّان انتهاء الحرب الذي أدّى إلى تجنيب زعماء الميليشيات المحاكمة وسمح لهم بالعودة إلى السلطة. وهاجم رئيس مجلس النواب السابق والنائب آنذاك حسين الحسيني هذا القرار قائلاً إن “قانون العفو لم ولا يشمل هذا الملف… قانون العفو تناول الإقتتال في الحرب الأهلية الذي له علاقة بصدام التنظيمات والحوادث الناتجة من الفتنة الطائفية، فما هي علاقة النفايات بقانون العفو؟”. وأكد الحسيني أنّ “قانون العفو لم يعف عن أي حق شخصي حتى في الأمور المشمولة بالعفو، فكيف الحال مع موضوع خطير كموضوع النفايات؟”[22]. وتساءل النائب أحمد عجمي عن السبب الذي أدّى إلى “شمل العفو لهذه القضية، ما دام ضررها موجوداً. القضايا التي شملها العفو تم طيها أما قضية النفايات فضررها مستمر وباق طوال فترة وجودها. لذا على النيابة العامة ملاحقة المسؤولين وإيجاد الحل قبل أن يتسمم كل لبنان[23]“. وهو ما أكده أيضاً النائب محمد قباني الذي استغرب شمول “قانون العفو جرائم جماعية، خصوصاً أنها، في رأيي، جرائم غير سياسية”[24].

من جهته، كشف رئيس الحكومة السابق والنائب آنذاك سليم الحص لـ”النهار” أنّ الحكومة الإيطالية دفعت 10 ملايين دولار للحكومة اللبنانية لترحيل 6000 برميل. وطالب بإعادة فتح الملف في القضاء[25]. ورفض شمل القضية في قانون العفو، معتبراً أنها “جريمة متمادية باعتبار إستمرار وجودها على لبنان وإستمرار الخطر الذي تشكله على السلامة العامة”[26].

لم تنجح محاولة شمل القضية في قانون العفو بعد المعارضة الشديدة لعدد كبير من النواب، لاسيّما النائب سمير عون، عضو جبهة النضال الوطني التي يرأسها النائب وليد جنبلاط. حمل عون الملف طوال تلك الفترة وبادر إلى الكشف عن معلومات خطيرة في الإعلام ومن على منبر المجلس، فساهم في إبقائه قيد التداول ما دفع القضاء للتحرك مجدداً لفتح القضية. اتهم عون وزير البيئة بأنه “كانت له اليد الطولى في استيراد النفايات السامة لمصلحة “القوات اللبنانية” عام 1985″[27]. ورأى بأن هدف مقبل طمس القضية لاسيما أنه عيّن نصر وريما كمستشاريه في الوزارة وهما “على علاقة مباشرة باستيراد مواد سامة ولهما صلات بشركات نفذت عملية الإستيراد ويقومان حالياً بالتستر على أماكن طمر النفايات”[28].

تقرير مخابرات الجيش يفجّر القضية

مع تكشف فصول جديدة من القصة، ظهر إلى العلن تقرير سري صادر عن مخابرات الجيش اللبناني نشرته “النهار” في شباط 1995. وتبيّن أن النائب هاغوب جوخاداريان كان قد عرض مضمون التقرير على النواب في جلسة مغلقة. وأعلن أن التقرير “يشير إلى تورّط “القوات” في هذه العملية، وإن إسم رئيس “القوات” سمير جعجع ورد ذكره لجهة أنه أوصى بتعيين ريما ونصر مستشارين لدى وزارة البيئة”، مؤكداً أن “إسم الوزير مقبل ليس بين المتورطين”. وأشار كذلك إلى أن التقرير يؤكد أن إيطاليا هي الدولة التي شحنت منها براميل النفايات[29]. وذكر التقرير أن معظم المتورطين هم من “القوات”، وبينهم ثلاثة مسؤولين كبار فيها هم نصر، والنائب السابق جورج كساب الذي كان عضواً في مجلس قيادتها، وجورج أنطون، الذي كان مسؤولاً عن “الصندوق الوطني” فيها[30].

وأشار التقرير إلى مسؤولية نصر عن تعطيل مهمة الخبراء المكلفين آنذاك بالكشف على البراميل أثناء محاولة ترحيلها من مرفأ بيروت وانتزاع صور منهم في هذا الشأن عام 1988. وعدّد أماكن وجود البراميل السامة في بعض المناطق اللبنانية وعددها، بالإضافة إلى نتائج إستقصاءات مديرية المخابرات في هذا الموضوع وإفادات الخبراء البيئيين ونتائج عملهم. وذكر ملاحظات لجنة الخبراء التي تؤكد تلوّث كل النفايات مئة في المئة، فضلاً عن إيراد لائحة بأنواعها ومنها ما يتضمّن مواد سامة وسرطانية ومتفجرة وملوثة ومدى خطرها على الصحة العامة والبيئة[31].

وعلى الفور، نفى نصر تورّطه في القضية وأوضح أن مجلس قيادة “القوات” كلّفه معالجة هذه القضية وأنّ دوره كان التصدّي لهذه النفايات “بكل ما أوتيت من دأب وقوة يوم تصاعدت رائحتها في تلك المرحلة” وأنه قام “بالإتصالات مع إيطاليا لإستعادتها وأشرف على توضيبها لترحيلها”[32].

حمل النواب على وزير البيئة فور صدور التقرير، فوصف النائب قباني وزارة البيئة بأنها “موبوءة، فمعظم موظفي الوزير مقبل ينتمون إلى “القوات” وقد استخدمهم لتغطية فضيحة البراميل السامة”. وشدد على “ضرورة عقد جلسة عامة لمجلس النواب لرفع مستوى الإهتمام بهذه القضية ومحاسبة مقبل الذي يدّعي معالجة الموضوع عبر الإستعانة “بوزارة قوات”[33]. وفي المقابل، أشار النائب عون إلى أن ما جاء في التقرير يؤكد كلّ ما أورده من معلومات حول القضية وأن مسؤولية جعجع مرتبطة بتوظيفه قواتيين متورطين في الملف في وزارة البيئة[34]. تجدر الإشارة إلى أن قائد “القوات” سمير جعجع كان أوقف عام 1994 وبدأت محاكمته في قضايا اغتيال زعماء لبنانيين خلال الحرب. وبالتالي، اعتبر البعض أن توقيت إعادة فتح الملف مرتبط بتصفية الحسابات مع جعجع.

بيار ماليشيف يكشف على البراميل (1995) (المصدر: مختبر شهود الزور للأبحاث البيئية والمعلوماتية)

الحكومة تتحرك نحو الهيئة العليا للإغاثة

ووسط تسارع الأحداث وأمام الضغط الشعبي والسياسي، قررت الحكومة أن تتحرك فلم تجد حلاً سوى تحويل الملف إلى الهيئة العليا للإغاثة المتهمة بإهدار أموال الخزينة العامة والعجز عن حلّ المشاكل التي عهدت لها. كما ارتأت إحالة القضية على المجلس العدلي[35] الذي وصفه النائب وليد جنبلاط بـ”مقبرة القضايا[36]” نظراً لبطء البت في الملفات المرفوعة أمامه. وحدد مجلس الوزراء خطته للكشف عن مصير هذه البراميل وإقفال الملف نهائياً على النحو التالي: “إجراء مسح شامل للمناطق اللبنانية بغية تحديد أماكن طمر البراميل السامة؛ العمل على إخراج هذه البراميل والتأكد من خلو الأراضي اللبنانية والمياه الإقليمية من آثارها المدمرة؛ المضي في التحقيقات القضائية لكشف المتورطين ومحاكمتهم وإنزال أشد العقوبات في حقهم”[37]. وبغية تحقيق تلك الأهداف، عمدت الحكومة إلى تشكيل لجنة، وهو الحلّ المفضل لدى الحكومات في لبنان، لمتابعة مقررات مجلس الوزراء. فكان مصيرها كمصير جميع اللجان الوزارية: وضع تقارير لا تناقش ولا تنفذ.

وبالعودة إلى هذه اللجنة، فقد ترأسها وزير الداخلية ميشال المر وضمّت وزراء الصحة مروان حمادة والبيئة والدولة للشؤون المالية فؤاد السنيورة. ووضعت منهجية عمل تقوم على أربعة مراحل: “الأولى، تحديد أماكن طمر البراميل بالإستعانة بالمعلومات المتوافرة لدى القضاء والاجهزة والإدارات المختصة؛ الثانية، إستخراج هذه البراميل بطريقة فنية دقيقة تجنباً لكارثة بيئية قد تنجم عن تسرّب النفايات منها؛ الثالثة تحليل النفايات ومعرفة طبيعتها؛ والرابعة تحديد وسائل التخلّص منها حرقاً أو إخراجاً من لبنان”[38].

وفيما اعتقدت الحكومة بأنها نجحت في تهدئة الرأي العام، انهال عليها الهجوم مجدداً من بعض النواب. فانتقد الحسيني قرار الحكومة إحالة الملف على الهيئة لعليا للإغاثة “التي تأخذ الأموال من خزينة الدولة، ومن الهبات، جزافاً، وتبدده جزافاً، من دون حسيب أو رقيب كبقية الصناديق الشهيرة… فكيف يمكن لهذه الهيئة الغامضة أن تساهم في جلاء غموض النفايات؟”[39] من جهته شنّ وزير شؤون المهجّرين وليد جنبلاط حملة على اللجنة الوزارية ودعا الوزيرين حمادة والسنيورة إلى الإنسحاب منها، معتبراً أن مهمتها هي “التغطية” على وزير البيئة وفريقه “بدل أن يُحاكم ويُحال إلى المحكمة”. اللافت حينها كان إشارة جنبلاط إلى وجود نيّة لدى بعض الجهات في الحكومة لـ”رصد 300 مليون دولار لإنشاء محارق للنفايات”[40] وهو الحلّ الذي تسعى الحكومات المتعاقبة منذ 2010 إلى اعتماده لمعالجة أزمة النفايات المتمادية.

وعلى الرغم من الانتقادات، أصدرت اللجنة تقريرها في 10 شباط 1995 وألّفت فريق عمل مهمته تحديد مواقع البراميل في غضون عشرة أيام ومن ثمّ انتشالها. وقد قررت اللجنة في تقريرها الذي نشرته “النهار” “صرف النظر عن عروض الشركات الأجنبية لمسح مواقع براميل النفايات وكشفها، واعتماد التحقيق القضائي والمعلومات الأمنية التي تمكّن من معرفة الأماكن التي طُمرت فيها البراميل وكُشف مستورديها وناقليها. ودعت اللجنة إلى التعاقد مع شركات تنفّذ الحفريات شرط أن يتم هذا العمل تحت إشراف إختصاصيين بيئيين وذلك منعاً لإلحاق الضرر بهذه البراميل أثناء القيام بالحفريات لكشفها، للانتقال بعدها إلى أخذ عينات لتحليلها في مختبرات أجنبية ومحلية بغية وضع خطة لإتلافها نهائياً وبطريقة علمية”[41].

وفي مقابل هذه الخطوات التي حاولت الحكومة تصويرها على أنها جدّية، اكتشفت اللجنة الفرعية إلغاء الوزير مقبل توصية كانت طالبت من خلالها الأمم المتحدة إرسال خبراء مجاناً لمعالجة هذه القضية، ما أثار استغراب النواب “الذين اعتبروه مخالفة للدستور إذ لا يحق لوزير وقف قرار نيابي مما حدا باللجنة على تجديد الطلب”[42]. وبرّر مقبل في مقابلة مع “السفير” قراره بإجابة تشبه الإجابات المعلّبة للمسؤولين عند مواجهتهم لإستحقاق مماثل، إذ رأى أنه “في حال استعاننا بهؤلاء الخبراء فسيتمّ تضليل الرأي العام العالمي الذي سيظن أن لبنان موبوء”، مؤكداّ بأنه لا يثق “إلا بالخبراء اللبنانيين وبالقضاء اللبناني وبالأشخاص اللبنانيين الذين يهتمون بهذه القضية”[43]. وسانده في تبريره هذا وزير الدفاع محسن دلول الذي اعتبر أن طرح الملف في هذا التوقيت “مخطط إسرائيلي هدفه إظهار لبنان على أنه بلد موبوء بغية إبعاد الرساميل والاستثمارات عنه”[44]. وجاءت الحجج التي اعتمدها الوزيران شبيهة بتلك المعتمدة دوماً من قبل الجهات الرسمية. فخرج إلى العلن الخطاب الخائف على “صورة لبنان في الخارج” وعلى مصير “الاستثمارات الأجنبية” وقابله الخطاب الذي يعتبر إثارة أي قضية مصيرية “مخطط للعدو لضرب الاستقرار والسلم الأهلي”.

وكما كان متوقعاً، انتهت مهلة الأيام العشرة التي وضعتها اللجنة من دون أن تتمكّن من تحديد أماكن تواجد البراميل السامة، في وقت تبلّغ رئيس الحكومة من وزير البيئة أن “إتفاق بازل” سيدخل حيّز التنفيذ إعتباراً من 21 آذار 1995، وبذلك “يستطيع لبنان بعد هذا التاريخ إرسال النفايات الصناعية لمعالجتها في الخارج”[45]. وأبلغ منسق فريق عمل الهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد اللجنة أنه تمّ الاستعانة بخبراء من الشركة الفرنسية “بورجاب” Burgeap فأخذوا عينات من التربة والمياه الجوفية من عشرين نقطة يعتقد أنّ النفايات طمرت فيها “لمعرفة إذا كانت ملوثة أم لا، وإذا كان هناك خطر متماد من جراء النفايات”[46] وقد أرسلت جميعها إلى فرنسا لتحليلها. ونقل رعد أن “كميات البراميل التي أدخلت لبنان إستنفدت تقريباً إما بواسطة الحرق أو الطمر أو رميها مواد سائلة في المجارير التي تصب في البحر، ولم يعد موجوداً منها إلا القليل، وفقاً لما أظهرته إستقصاءات فريق العمل”[47]. وأكد رعد أنهم لم يجدوا سوى برميلين من نفايات 1987، أحدهما في منطقة شننعير والآخر في منطقة حالات وطلب المساهمة “في حمل الجهات المختصة وخصوصاً المحافظين على تحديد بقع من الأراضي لتجميع براميل النفايات الفارغة من أجل إعادة إخراجها من البلاد”[48].

لجنة الخبراء (1995) (المصدر: مختبر شهود الزور للأبحاث البيئية والمعلوماتية)

“غرينبيس” تعود إلى الواجهة

بموازاة تحرك الحكومة، قررت “غرينبيس” فتح الملف على مصراعيه مجدداً. فعقد المسؤول عن مكتب البحر الأبيض المتوسط في المنظمة فؤاد حمدان مؤتمراً صحافياً في 11 أيار 1995 أكد خلاله أن الحكومة الإيطالية لم تسترجع كلّ براميل النفايات السامة وبأن “غرينبيس” تملك معلومات دقيقة عن أماكن تواجد البراميل الباقية وهي مستعدة لإعطائها للدولة اللبنانية.

وأشار حمدان إلى أن “ما خرج من لبنان رمي في البحر”[49]. فثلاث سفن شاركت في عملية الترحيل لم تصل إلى إيطاليا وأن إحداها (“إيفون”) “أغرقت على الأرجح في البحر الأبيض المتوسط فيما أغرقت السفينتان الأخريان حمولتيهما في البحر”[50]. وشدد حمدان على أن “النفايات مزيج من السموم، وهي في كل أنواعها تسبب أمراضاً وسرطاناً، وهذا لا يعني أن المرض سيأتي بعد أيام فقد يظهر بعد سنين”[51].

تلا المؤتمر الصحافي صدور تقرير لـ”غرينبيس” عن القضية في أيار 1995 تحت عنوان “الهجمة السامة على لبنان. القضية الأولى: النفايات السامة الإيطالية” بالتزامن مع جلسة حمدان مع قاضي التحقيق سعيد ميرزا التي سنعود إليها لاحقاً. أورد التقرير أن جزءاً من البراميل “أحرق في الهواء الطلق وأغرق في البحر وطمر في جبال كسروان”[52]. وجال حمدان مع الخبراء ماليشيف ورزق على عدد من المناطق في كسروان والمتن فوجد “براميل محروقة عليها كتابة إيطالية وأرسلت عيّنات منها للفحص”[53].

أنهى حمدان زيارته إلى لبنان في 24 أيار بمؤتمر صحافي كرر فيه اقتناع “غرينبيس” بتلوّث بعض المناطق جرّاء طمر البراميل السّامة وحذّر مجدداً من الضرر الذي سيلحق بالمياه الجوفية في المستقبل[54]. وطالب حمدان الحكومة الإيطالية بتحمّل مسؤولياتها ورصد التمويل اللازم لإعادة تأهيل الأراضي الملوثة والتخلّص من الباقي من هذه البراميل. وقد أشار التقرير إلى نتائج تحاليل أجرتها المنظمة في جامعة “أكستر” (Exeter)  البريطانية على عيّنات أخذت من كسارات شننعير في 15 أيار 1995 تظهر أنّ “المنطقة تعاني من حالة تلوّث شديد بسبب مزيج من المواد السامة جداً”[55]. وأعلنت المنظمة في 15 أيلول 1995 أنّ “تربة الكسارات وصخورها مزجت بطبقات من النفايات السامة والرماد الناجم عن حرق تلك النفايات، مما يؤدي إلى تلوّث المواد المستعملة في أعمال البناء ويعني ذلك أن المشكلة ستنتقل من موقع إلى آخر، وستعرّض الأشخاص الذين يقاربون مواد البناء إلى خطر داهم”[56]. كما اتهم التقرير الحكومة اللبنانية بالتلكؤ لحلّ هذا الملف وسعيها إلى إغلاقه بسبب تمسّكها بالحصول على “المساعدات المالية والقروض التي تقدّمها الحكومة الإيطالية إلى الحكومة اللبنانية”[57].

لم تنتهِ حملة “غرينبيس” مع مغادرة سفينتها مرفأ بيروت، إذ بقي حمدان حريصاً على مواكبة الملف الذي أخذ منعطفاً جديداً بعد صدور نتائج تحاليل العينات التي كانت قد أرسلت إلى المختبرات الفرنسية. سارع حينها وزير البيئة بيار فرعون الذي خلف مقبل، إلى التأكيد على خلوّ لبنان من النفايات السامة ومن التلوّث. لذلك لم يكن أمام المنظمة سوى إنكار تفسيرات الحكومة والتأكيد مرة أخرى على أن نتائج الفحوصات تشير إلى عكس ذلك، ونشرت نتائج التقرير الفرنسي كإثبات. وقد جاء فيه أنه “بعد الاستقصاء في منطقة شننعير، تبيّن وجود احتمال كبير لأن يكون ذلك الموقع استخدم لطمر النفايات السامة بدءاً من وسط المنطقة، وصولاً إلى الوادي حيث آبار عدّة، في اتجاه مجرى النهر. وبما أن بعض هذه الآبار يتمتّع بأهمية قصوى، نظراً إلى أن السكان يستخدمونها، ينصح بالقيام بخطوات استقصائية أخرى، أهمّها مسح مفصّل للموقع في اتجاه النهر وتبدو تقنية الجيورادار الأكثر ملاءمة لهذا المسح، خصوصاً أنها متوافرة في لبنان”[58].

وحسب التقرير، فإن خبراء الشركة الفرنسية أخذوا عينات في الفترة الممتدة بين 23 نيسان و7 أيار 1995 إلا أنّ معظم العيّنات تركت في لبنان لتقوم الهيئة العليا للإغاثة بتحليلها. وعلاوة على ذلك، أكد أكرم شهيب الذي عيّن وزيراً للبيئة عام 1996 في حديث لـ”النهار” في 21 تشرين الثاني 1996، أنّ “بعض العاملين في الوزارة أتلفوا ملفات أو أخذوها معهم، وبعضهم كان موجوداً أيضاً في الوزارة أيام الوزيرين قيصر نصر وسمير مقبل”[59].

وبالعودة إلى تطورات القضية عام 1995، فقد تمّ استدعاء حمدان مجدداً للاستماع إليه أمام القاضي ميرزا في أيلول 1995. هاجم حمدان الحكومة بعد خروجه من التحقيق ولكنه عاد واتفق مع وزير البيئة على التعاون لحلّ القضية بشكل نهائي. وعليه، سلّم فرعون جميع الوثائق التي بحوزة المنظمة في مؤتمر صحافي مشترك في 29 أيلول 1995[60].

ولكن حمدان عاد وقرر في آذار 1996 “وقف التعاون مع السلطات اللبنانية المختصة، بعدما تأكد أن تعاملها طوال ثمانية أشهر مع “غرينبيس” أظهر في صورة جليّة أنها لا تسعى إلى حلّ جديّ لقضية النفايات السامة”. وكشف أنّ وزارة البيئة والهيئة العليا للإغاثة ترفضان إعادة تأهيل موقعين في كسارات شننعير وتمتنعان عن نشر جميع المعلومات المتوافرة حول جريمة استيراد النفايات السامة[61].

يعتبر الخبير البيئي د. رزق في حديث لـ”المفكرة” أن متابعة الملف عام 1995 لم تكن جدية. “كلفو”

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني