المحكمة الدستورية تقضي بعدم دستورية مشروع تعديل النظام الداخلي للغرفة الثانية للبرلمان في المغرب


2019-07-18    |   

المحكمة الدستورية تقضي بعدم دستورية مشروع تعديل النظام الداخلي للغرفة الثانية للبرلمان في المغرب

بتاريخ 09 يوليوز 2019 قضت المحكمة الدستورية بالمغرب بعدم دستورية أزيد من خمسين مادة من مشروع النظام الداخلي لمجلس المستشارين، وذلك بعد اطلاع المحكمة على مذكرات صادرة عن رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين ومجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إحدى أبرز المنظمات النقابية بالمغرب.

التصريح بالممتلكات

أكدت المحكمة الدستورية في قرارها، أن المادة السابعة من النظام الداخلي لمجلس المستشارين غير دستورية، حيث نصت هذه المادة على أنه “طبقا لأحكام الفصل 158 من الدستور، يتعين على كل شخص انتخب عضواً في مجلس المستشارين أن يقدّم تصريحاً كتابياً بمجموع الممتلكات والأصول التي في حيازته، وفقا للكيفيات التي يحدّدها القانون”.

وقد أشارت المحكمة الدستورية إلى أن الفصل 158 من الدستور نص على أنه “يجب على كل شخص، منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها، وعند انتهائها”؛

وعليه، خلصت المحكمة الدستورية إلى أن المادة السابعة من المشروع أغفلت التنصيص على أن التصريح الكتابي يشمل الممتلكات والأصول التي في حيازة عضو مجلس المستشارين بصفة مباشرة أو غير مباشرة، مما يكون معه هذا الإغفال، مخالفا للدستور.

تغيير الانتماء النقابي موجب للتجريد من العضوية

تطرق قرار المحكمة الدستورية إلى المواد 11 و13 و14 (الفقرتان الثالثة والرابعة) من مشروع النظام الداخلي. وتنص هذه المواد، على أنه يُجرّد من صفة عضو بمجلس المستشارين، “كل عضو تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشّح باسمه لانتخابات أعضاء مجلس المستشارين، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها بالمجلس”، و”إذا توصل رئيس مجلس المستشارين بإشعار من رئيس فريق أو مجموعة برلمانية بالمجلس، يحاط فيه علماً بتخلي عضو من أعضاء المجلس خلال مدة انتدابه عن انتمائه السياسي أو الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها، يعرض الملف والوثائق المتعلقة به على أقرب اجتماع لمكتب المجلس للتأكد من واقعة التخلي من عدمها”، و”في حالة نفي العضو المعني التخلي عن انتمائه السياسي، مع بروز حالة الشك في وضعيته، أو عدم اتفاق أعضاء المكتب بشأنها، يحيل رئيس المجلس الملف إلى المحكمة الدستورية داخل أجل أقصاه خمسة عشرة يوما، للبت في وضعية المستشار المعني”.

وقد اعتبرت المحكمة الدستورية أن الحالات الموجبة للتجريد، تطبيقا لأحكام الفصل 61 من الدستور، الخاصة بمجلس المستشارين تشمل فضلا عن حالات التخلي الواردة في الفصل المذكور، والمتمثلة في التخلي عن الانتماء السياسي الذي تم الترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية المنتمي إليهما، حَالة التخلي عن الانتماء النقابي الذي تم الترشح باسمه لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين عن الهيئة الناخبة الخاصة بممثلي المأجورين طبقا للفصل 63 من الدستور.

وعليه، خلص قرار المحكمة الدستورية إلى أن الفقرتين الثالثة والرابعة من المواد 11 و13 و14 بخصوص الحالات الموجبة للتجريد من عضوية مجلس المستشارين “أغفلت الإشارة إلى حالة تغيير الانتماء النقابي، من ضمن الحالات التي توجب عقوبة التجريد، وبالتالي فإنها غير مطابقة لأحكام القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين”.

لا يجوز التصرف في المال العام لمن لا يملك صفة آمر بالصرف

قضت المحكمة الدستورية بخصوص الفقرة الثانية من المادة 52، بعدم دستوريتها لأن “تخويل رئيس الفريق أو منسق المجموعة وأمين مال الفريق أو المجموعة، التصرف في المال العام عن طريق فتح حساب خاص، دون امتلاك صفة الآمر بالصرف، وعدم التقيّد في ذلك بقواعد صرف المال العام، لاسيما منها تلك المتعلقة بالمحاسبة العمومية”.

وجاء في قرار المحكمة الدستورية بهذا الخصوص: “حيث إن هذه المادة تنص في فقرتها المذكورة، على أنه “يوضع الغلاف المالي المخصص لكل فريق ومجموعة برلمانية في حساب بنكي خاص بها، ويصرف منه بشيكات تضم توقيعين إثنين (2)، أحدهما لرئيس الفريق أو منسق المجموعة، وأمين مال الفريق أو المجموعة؛

وحيث إن تخويل رئيس الفريق أو منسق المجموعة وأمين مال الفريق أو المجموعة، التصرف في المال العام عن طريق فتح حساب خاص، دون امتلاك صفة الآمر بالصرف، وعدم التقيد في ذلك بقواعد صرف المال العام، لاسيما منها تلك المتعلقة بالمحاسبة العمومية، يجعل هذه المادة مخالفة للدستور؛”.

حقوق المعارضة

اعتبرت المحكمة الدستورية أن المادة 88 من مشروع النظام الداخلي والتي تتعلق بـ “ضمان حقوق المعارضة بمجلس المستشارين”، تخالف الحقوق التي يضمنها الدستور للمعارضة التي هي “مكون أساسي لمجلسي البرلمان”، وهي “تشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة”، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 60 من الدستور. وذلك نظرا لخلو هذه المادة من بيان “كيفية ممارسة المعارضة لما هو مخول لها من صلاحيات.

وجاء في قرار المحكمة الدستورية بهذا الخصوص : “وحيث إنه، يتبين من الاطلاع على مقتضيات النظام الداخلي المعروض على نظر المحكمة الدستورية، أنه، باستثناء تخويل منصب رئيس أو مقرر لجنة مراقبة تنفيذ ميزانية المجلس للمعارضة (الفقرة السادسة من المادة 68)، وتحديد اللجنة الدائمة المخولة رئاستها للمعارضة (الفقرة الثالثة من المادة 99)، وتخويل منصب رئيس أو مقرر المهمة الاستطلاعية للمعارضة (الفقرة الأخيرة من المادة 127)، ورئيس أو مقرر مجموعات العمل الموضوعاتية (الفقرة الثانية من المادة 146)، والعضوية بلجنة العرائض (المادة 334)، فإن النظام الداخلي المعروض خلا من بيان كيفية ممارسة المعارضة لما هو مخول لها، بمقتضى أحكام فصول الدستور المشار إليها، مما يكون معه هذا الإغفال مخالفا للدستور”.

مواد أخرى غير دستورية

صرحت المحكمة الدستورية بعدم دستورية عدة مواد من مشروع النظام الداخلي للغرفة الثانية من أبرزها المادة 300، وقد اعتبر القرار أن “ما نصت عليه المادة، من تأليف لجان تقصي الحقائق من ممثل عن كل فريق ومجموعة برلمانية، يخالف أحكام المادة الخامسة من القانون التنظيمي المتعلق بتسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق”.

كما رفضت المحكمة الدستورية المواد 301 (الفقرة الأولى) و302 (الفقرة الأخيرة) و304 و307 (الفقرة الأخيرة)، بخصوص طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق. وعلّلت المحكمة قرارها بكون المواد المعنية أدخلت عليها تعديلات كان يجب أن تتم بمقتضى أحكام القانون التنظيمي المتعلق بلجان تقصي الحقائق وليس وفق النظام الداخلي لمجلس المستشارين، “مما يجعل إدراجها ضمن مقتضياته مخالفا لأحكام الفصلين 67 و69 من الدستور”.

وأضافت المحكمة الدستورية أن ما ورد في المادة 272 من النظام الداخلي للغرفة الثانية غير مطابق للدستور، حيث أشار القرار إلى أن المادة سالفة الذكر نصت على أنه “يمكن للجان الدائمة بالمجلس، بعد مضي 90 يوما من تاريخ المصادقة على البرنامج الحكومي، أن تطلب من أعضاء الحكومة تقديم عروض تتضمن الخطوط العريضة والتوجهات الكبرى للمشاريع والبرامج المرتبطة بالسياسات الترابية والقضايا الاجتماعية التي يعتزمون تفعيلها مجاليا. تتولى اللجان المختصة مناقشة هذه العروض وتنجز بشأنها تقارير ترفع إلى مكتب المجلس، الذي يسهر على نشرها بالموقع الإلكتروني للمجلس.”

وأبرز المصدر ذاته أن هذه المادة وردت في الباب الأول المعنون بـ “مناقشة البرنامج الحكومي” من الجزء الخامس الذي يحمل عنوان “مراقبة الحكومة من لدن مجلس المستشارين”، مشيرا إلى أنه فضلا عن أن عبارة “المصادقة” لا تسري على البرنامج الحكومي، بما تحمله من دلالة اتفاق إرادتي مجلسي النواب والمستشارين، على اعتبار أن برنامج الحكومة، طبقا للفقرة الثانية من الفصل 88 من الدستور، يكون “موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين يعقبها تصويت في مجلس النواب”، فإن مراقبة العمل الحكومي يجب أن تتم وفق الآليات الدستورية المقررة”.

وتابعت المحكمة الدستورية بأنه “ليس في الدستور ما يُلزم الحكومة بتقديم عروض للجان الدائمة بمجلس المستشارين في المواضيع المنصوص عليها في المادة المعنية، خارج سياق العمل التشريعي والرقابي كما هو محدد دستوريا”.

مواضيع ذات صلة:

حدث مؤسساتي هامّ في المغرب : المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بألوان 2011

النص الكامل للقرار الدستوري بشأن النظام الداخلي لمجلس النواب في المغرب: حق النواب بترؤس لجان دائمة وصلاحيات رئيس المجلس لا تحجب صلاحيات مكتبه

ملاحظات على القرار الدستوري بشأن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب: تطوير الموارد وحصر التحقيق بالشكايات بمرجع واحد

الدستورية تبت في قانون الدفع بعدم دستورية القوانين في المغرب

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، المرصد البرلماني ، دستور وانتخابات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني