حملة اعتقالات على خلفية رفع العلم الأمازيغي في الجزائر: إهانة العلم الجزائري جريمة، رفع علم آخر ليس كذلك


2019-06-27    |   

حملة اعتقالات على خلفية رفع العلم الأمازيغي في الجزائر: إهانة العلم الجزائري جريمة، رفع علم آخر ليس كذلك

أمر قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة الجزائرية بحبس 19 متظاهرا بعد إيقافهم خلال تظاهرات الجمعة المنصرم، على خلفية حملهم للعلم الأمازيغي.

تعليمات من الجيش بمنع التظاهر بغير العلم الجزائري

مع استمرار حدة المظاهرات التي تعرفها الجزائر كل جمعة للمطالبة برحيل رموز النظام السابق، قال قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح في خطابه الأخير أن “للجزائر علما واحدا ووحيدا”، كما كشف أنه “وجه تعليمات صارمة لقوات الأمن من أجل التطبيق الصارم والدقيق للقوانين السارية المفعول في هذا المجال”، بغرض منع رفع أية أعلام أخرى في المظاهرات.

قال المحامي ورئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، نور الدين بن يسعد، إن قرار قاضي التحقيق بحبس عدد من الأشخاص، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات الجمعة وحملهم لأعلام غير وطنية، جاء بناء على اتهامات وجهت اليهم بالمساس بسلامة وحدة الوطن طبقا للمادة 79 من قانون العقوبات، ويمكن أن تصل العقوبة، وفق هذه المادة، إلى عشر سنوات سجنا.[1]

وذكر التلفزيون الحكومي أن جميع المتهمين “أوقفوا أثناء نزع قوات الأمن للرايات غير الوطنية” يوم الجمعة بمناسبة التظاهرة الأسبوعية بالعاصمة الجزائرية.

جدل حول مدى قانونية تعليمات قائد الجيش

أثارت الحملة التي باشرتها المصالح الأمنية لتنفيذ تعليمات قائد الجيش بمنع رفع أية أعلام غير العلم الوطني، (أثارت) جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضا لدى نشطاء حقوقيين وصفوها ب ـ”غير القانونية والمخالفة لمبادئ الدستور الجزائري الذي اعترف بالأمازيغية لغة رسمية ووطنية في البلاد“.

وفي هذا الصدد قال عبد الغني بادي، وهو محامي عدد من المعتقلين، “إنه لا يوجد في قانون العقوبات الجزائري، ما يمنع رفع الراية الأمازيغية، وإنما هناك تجريم لمن يهين العلم الوطني”، مؤكدا أن حملة الاعتقالات الأخيرة في صفوف المحتجين بسبب حمل أعلام غير العلم الوطني تعد عملا تعسفيا.

وأضاف في تصريحات إعلامية أنه “ثمة إشكالا يتعلق في عدم امتلاك رئيس الأركان صلاحية إصدار أوامر لقوات الشرطة التابعة نظاميا إلى وزارة الداخلية، وهو ما يطرح مسألة قانونية تطبيق جهاز الشرطة لأوامره.

المحامون يشكلون جبهة وطنية للدفاع عن المحتجين

أفصحت المحامية فطة سادات عن وجود مساعٍ لتشكيل لجنة من المحامين عبر مختلف ولايات الوطن، للدفاع عن الموقوفين، مؤكدة أن أكثر من 20 محاميا وافقوا على الدفاع مجانا عن الشبان الموقوفين مؤخرا على خلفية الاعتقالات الأخيرة.

وتساءلت “كيف يمكن لرفع راية الأمازيغ، التي تعد من أقدم الرايات في شمال أفريقيا، أن يشكل مساسا بأمن الدولة”، مجيبة أن “النظام الحالي يحاول بكل الأشكال أن يضع حدا للمظاهرات الشعبية التي بدأت في فبراير الماضي لكي يجدد نفسه ويمكث في الحكم”.

وواصلت “هم الذين يمسون بأمن الدولة، هم الذين يستفزون المواطنين لخلق التفرقة فيما بينهم”.

وأضافت أن هيئة المحامين قامت بنقض قرار وكيل الجمهورية الإثنين القاضي بإيداع الموقوفين الحبس الاحتياطي وهي الآن في انتظار رد المحكمة.

الطلبة يتحدون قرار المنع ويرسمون العلم الأمازيغي على أجسادهم

تفاعلا مع هذه الأحداث تظاهر مئات الطلاب والأساتذة الجزائريون تحديا لتعليمات قائد الجيش الوطني وقد وقرّروا العديد منهم رسم حرف “ياز” على وجوههم، وهو من حروف لغة التيفيناغ الأمازيغية والذي يتوسط الراية الأمازيغية باللون الأحمر إلى جانب الخطوط الثلاثة بالألوان الأصفر والأزرق والأخضر. في نفس السياق، ارتدت طالبات اللباس التقليدي الأمازيغي المتميز بقماشه الحريري وألوانه الفاقعة.

حمل العلم الجزائري عمل مشروع

قال عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، “إن العلم الأمازيغي الذي يحمله الناس ليس غريبا، ويعكس انتماء إلى هوية معينة”، مشيرا إلى أن “مطالب الحراك الجزائري واضحة، وعمقها مدني ديمقراطي، لا يطرح أي انفصال على الإطلاق، ولا يمس هيبة الدولة”، لافتا إلى أن “الحركة الأمازيغية مكون رئيسي داخل الحراك”. وأضاف أن “الناس يعبرون عن أمازيغيتهم من خلال العلم والشعارات واللباس كذلك، وهذا شكل من أشكال الاحتجاج المشروع”، مشددا على أن “العلم الجزائري والأمازيغي جاران في كل الوقفات”، وتساءل باستغراب: “لماذا يتم السماح باستعمال أعلام دول أجنبية مثل فلسطين وسوريا والعراق وغيرها، وكل هذه الحساسية ضد علم محلي”.

ولفت المتحدث الانتباه إلى أن “التصريح هو رغبة في تصريف أزمة النظام الجزائري، فالمشكل هو الديمقراطية، ورفع العلم الأمازيغي هو جزء منها، في ظل عدم الاستجابة لمطالب شرائح واسعة من الشعب الجزائري”، مبديا تضامنه المبدئي مع الحراك، موضحا أن “رفع العلم الأمازيغي سيستمر بحكم أن تعبيراته تبحث عن أسلوب لتصريف خطابها في ظل التهميش والتمييز”.

 


[1]– تنص المادة 79 من قانون العقوبات الجزائري على أن “كل من يعمل بأية وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن يعاقب بالحبس لمدة سنة إلى عشر سنوات وبغرامة من 3000 إلى 70.000 دج، مع جواز حرمانه من الحقوق المشار إليها في المادة 14 من هذا القانون”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، حراكات اجتماعية ، بلدان عربية أخرى



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني