المؤتمر 30 للاتّحاد الدّولي للصحفيين في تونس: تبنّي نموذج اقتصادي للصحافة الرقمية وتعديل ميثاق الأخلاقيات


2019-06-14    |   

المؤتمر 30 للاتّحاد الدّولي للصحفيين في تونس: تبنّي نموذج اقتصادي للصحافة الرقمية وتعديل ميثاق الأخلاقيات

بدعوة من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ولأوّل مرّة في الشرق الأوسط وافريقيا انطلقت بتونس أشغال المؤتمر الثلاثون للاتّحاد الدّولي للصحفيين تحت شعار “من أجل صحافة حرّة” بداية من يوم 11 جوان 2019 إلى غاية يوم 14 جوان بمشاركة أكثر من 300 صحفي وقيادي نقابي يمثّلون 600 ألف صحفي من مختلف بلدان العالم ينتمون إلى 187 نقابة وجمعية صحفية من 140 دولة.

وانطلقت أشغال المؤتمر بمدينة الثقافة بالعاصمة يوم 11 جوان الجاري بتنظيم ثلاث ندوات أشرف عليها ممثّلون عن الاتّحاد الدولي للصحفيين. ثمّ تمّ افتتاح المؤتمر رسميا مساء من خلال كلمات لرؤساء النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والاتّحاد الدولي للصحفيين والاتّحاد الإفريقي للصحفيين والاتّحاد العام للصحفيين العرب وكلمة لرئيس الجمهورية التونسية الباجي القائد السبسي.

وشهد اليوم الأوّل مسيرة تضامنية بالعاصمة انطلقت من أمام الفندق المحتضن للأشغال وصولا إلى مقرّ النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين من أجل التعبير عن التضامن مع الصحفيين الذين يقتلون في كلّ البلدان من أجل مهنتهم. وقد رفعت صور الصحفيين المقتولين أو المفقودين من مختلف أنحاء العالم.(قرابة 271 صحفي من مختلف العالم قتلوا بسبب مهنتهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة).

وتزامنا مع أشغال اليوم الافتتاحي، تمّ انتخاب قيادة المجلس النوع الاجتماعي الجديدة صلب الاتحاد الدولي للصحفيين. وقد تمّ انتخاب عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين فوزية الغيلوفي بخطّة نائبة رئيس للمجلس في انتظار انتخاب القيادة الجديدة للاتحاد الدولي للصحفيين. وستتقدم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بترشيح أحد أعضائها للقيادة الجديدة المزمع انتخابها يوم الجمعة 14 جوان الجاري.

رهان كبير للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

وفي تصريحها للـ”المفكرة القانونية ” قالت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين فوزية الغيلوفي أنّ احتضان تونس لأشغال المؤتمر الثلاثين للاتّحاد الدولي للصحفيين مثّل رهانا وتحدّيا كبيرا للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتنسيق مع الاتّحاد الدولي للصحفيين، خاصة بعد المنافسة بين نقابات أخرى من أجل احتضان الأشغال. وقد نجحت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في الفوز بتنظيم المؤتمر بعد تقديمها منذ سنة لملفّ متكامل تضمّن تنظيما محكما. ولهذا فقد تمّ التصويت لفائدة تونس بالنظر لما تعيشه من انتقال ديمقراطي والحفاظ على مناخ الحرّيات والتنظيم القانوني الذي يتميز به قطاع الصحافة مقارنة بدول أخرى.

وأوضحت الغيلوفي أنّ من أهمّ المحاور التي ستميّز أشغال المؤتمر النقاش حول مستقبل الصحافة الرقمية في ظلّ الثورة التكنولوجية في العالم، خاصّة أنّ هذا القطاع غير مهيكل ولا توجد قوانين منظّمة له وهو حال القطاع في تونس فالصحافة الرقمية لاتزال تابعة للصحافة الورقية.

كما أضافت الغيلوفي أنّ المحور الثاني خلال أشغال المؤتمر سيخصّص للصحافة بعد الثورات العربية خاصة في الدول التّي عرفت ثورات وقامت بتغيير المنظومة القانونية لقطاع الصحافة وحافظت –نوعا ما- على مسار حرية التعبير. وهو ما تعيشه تونس منذ الثورة سنة 2011 من خلال إصدارها مراسيم منظّمة للقطاع على غرار المرسومين 115 و116. في المقابل، شهدت دول عربية أخرى على غرار مصر (غير منخرطة منذ سنوات في الاتحاد الدولي للصحفيين) تراجعا في منسوب حرية الصحافة والتعبير.

لأوّل مرّة منذ سنة 1954 سيتمّ تنقيح ميثاق اخلاقيات المهنة الصحفية

ومن أبرز التحدّيات هذا المؤتمر المنعقد بتونس هي ايجاد آليات واضحة لحماية النقابات والصحفيين من أيّ استهداف قد يطالهم من أنظمة حكم استبدادية عسكرية أو دينية، وإصدار وثيقة تنص على جملة من الإجراءات التي تحمي الصحفيين خاصة في مناطق النزاع والحروب. إضافة إلى تدعيم الصحفيين العرب والأفارقة من خلال تمثيليتهم كمّا ونوعا في القيادة الجديدة للاتّحاد الدولي للصحفيين وستتقدم تونس – البلد المحتضن للأشغال- بترشيح أحد أعضاء مكتبها التنفيذي الحالي صلب القيادة الجديدة.

إضافة لذلك وفي ظلّ واقع قطاع الصحافة في مختلف أنحاء العالم، فسيتمّ تنقيح ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية الصادر منذ سنة 1954 وهذا ما سيعدّ سابقة في أشغال المؤتمر الثلاثون.

التحدّي الأكبر سيكون بتبنّي نموذج اقتصادي للصحافة الرقمية

في تصريحه للمفكرة القانونية، قال منير زعرور مدير السياسات والبرامج في العالم العربي والشرق الأوسط بالاتّحاد الدولي للصحفيين أنّ الرهانات المطروحة لهذا المؤتمر ستكون أوّلا انتخاب قيادة جديدة تكون قادرة على قيادة عمل الاتّحاد خلال السنوات الثلاث المقبلة خاصة في ظلّ هذا الوضع المتأزّم فيما يتعلق بمستقبل الصحافة. ثانيا تبنّي برنامج عمل ووضع اليد على القضايا الأساسية والمهمّة لمستقبل الصحافة من ناحية التحديات الكبرى والمهمّات التي سيتولّاها الاتّحاد الدولي للصحفيين خلال الفترة المقبلة.

وأكّد زعرور أنّ من أبرز التحدّيات الجوهرية لأشغال هذا المؤتمر بالتزامن مع التحدّيات المعروفة على غرار ضمان سلامة الصحفيين والحدّ من الانتهاكات والاعتداءات ضدّهم وضمان حريّة الصحافة سيكون بالبحث عن نموذج اقتصادي يكون قادرا من أجل ضمان مستقبل القطاع للأجيال المقبلة والحفاظ على مفهوم صحافة الخدمة العمومية خاصة أنّ النموذج القديم قد انهار في ظلّ هشاشة الإعلام الرقمي الذي انطلق منذ سنوات.

أمّا بخصوص واقع الصحافة بعد الثورات العربية، أشار زعرور أنّ تونس كمثال للدول التي عاشت ثورة عرفت تقدّما كبيرا في الجانب التشريعي وضمان الحريّات الأساسية (حريّة التعبير والصحافة). لكن لا يزال القطاع يشهد حالة احتقان بسبب غياب الضمانات والهشاشة التي يعاني منها الصحفيون خاصة منهم الشباب، معتبرا أنّه من المهم اليوم إيجاد توافقات بين النقابات والاتحاد الدولي للصحفيين والدولة التونسية من خلال -إرادتها السياسية- من أجل إيجاد استراتيجية كبرى لواقع أفضل للصحفيين. مؤكّدا أنّ التحدّي الأكبر اليوم هو كيفية إيجاد ظروف اجتماعية واقتصادية للصحفيين، خاصة منهم الشّباب الذي يعملون في الإعلام الرقمي (غير مقنّن في تونس إلى اليوم).

وبخصوص مخرجات هذا المؤتمر، نوّه زعرور أنّ جزءا كبيرا منها سيحدّد مسيرة الاتّحاد الدولي للصحفيين خلال السنوات المقبلة التي ستعمل على متابعتها النقابات المنضوية تحته وطواقم العاملين في الاتحاد الدولي من مختلف مناطق العالم. كما أنّه -وكما هو حال مؤتمرات سابقة- فإنّ بعض القرارات تكون واقعا وأخرى تظلّ طموحا يتطلّب نضالات أخرى من أجل تكريسها على أرض الواقع وهي مسيرة العمل النقابي.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني