عقدت بتاريخ 12 شباط 2019 جلسة جديدة من محاكمة علي الزين، المتهم بقتل زوجته سارة الأمين، أمام محكمة الجنايات في بعبدا، برئاسة القاضي إيلي الحلو. وتم خلال الجلسة الإستماع إلى شهادة كل من إبراهيم سعد ورانيا محمد (زوج وزوجة)، وهما جاري المتهم والضحية. كما تم الإستماع إلى إفادة إبنهما محمد الزين بصفته مدعياً شخصياً بوجه والده.

وتعتبر قضية مقتل سارة الأمين، بعدما أطلق عليها زوجها الزين 17 رصاصة، من أبرز جرائم العنف الأسري الحاصلة خلال السنوات الماضية. وكان الزين ادّعى أنه لم يسمع صوت الرصاص “من فورة أعصابه”، وطلب وكيله طبيباً نفسياً لمعاينته خلال الجلسة الماضية إثر قوله هذا.

 

قتل… بعد الورد والقبلات

وبالاستماع إلى شهادة كل من الجارين، كل منهما على حدة، تبين أنهما لم يكن لديهما أي علم بوجود مشاكل زوجية بين سارة وعلي. على العكس من ذلك، “كنا نراهما قريبين من بعضهما وكنا نشعر أنهما يحبان بعضهما”، وفقاً لـلجارة. تقول الشاهدة أنها تفاجأت “عندما علمنا أن سارة تركت المنزل”. تروي أن سارة “تركت المنزل بعد شجار مع زوجها، ذهبت لأوصلها إلى منزل ذويها. وعند وصولنا إلى منطقة الكوستا برافا، إتصلت بأهلها لتعلمهم أنها قررت العودة إلى بيتها وقد لاموها على قرارها لكنها أصرّت على أن تعود على الرغم من أني عرضت عليها أيضاً أن تبيت في بيتي”. على المقلب الآخر كان الجار وصهر علي يحاولان التهدئة من روع المتهم. فقد كان وزوجته في منزل المتهم وسارة عندما تشاجرا “فطلب مني صهره أن نخرجه من المنزل، وقد ذهبا في جولة بالسيارة وكان يدخّن بشدة”. يضيف أن زوجته “اتصلت وأخبرته أنها وسارة عائدتان إلى المنزل فطلب مني صهره أن أعود إلى البيت وهذا ما فعلته”. وقد بادر الجار عندها إلى شراء باقة من الزهور ليقدمها علي إلى زوجته عربون صلحة، كما قام علي بشراء المعجنات للعشاء. هكذا، عندما عادت سارة، استقبلها علي بالعناق والقبل. أمضى الجيران بعض الوقت مع العائلة، ليقترحوا بعدها أن يصطحبوا بناتهم إلى العشاء خارجاً لـ “يغيرو جو بسبب التوتر”. وبقي الابن –محمد- مع أبويه في المنزل. كما يؤكد الشاهدان أنهما أعادا “البنات” إلى البيت حوالي منتصف الليل حيث لم يلاحظا أي خطب.

عند الساعة الخامسة فجراً، سمع الجيران صوت “وكأنما حصلت هزة”. نزلنا مسرعين: وإذ “الفتيات خارجات من المنزل من دون ثياب (في إشارة إلى خروجهن بثياب النوم بحالة هلع)”. تقول رانيا أنها “دخلت إلى المنزل وجدت المتهم يحمل سلاحاً حربياً ينبعث منه الدخان”. تضيف أنها “رأت أطراف أقدام الضحية وكأنها مستلقية على الأرض، فبدأت أصرخ للأبناء لكي يأتوا إلى منزلنا بينما والدهما (المتهم) يطلب منهم الدخول إلى البيت”. تقول أنها لم ترَ الضحية بوضوح لأن زوجها طلب منها أن تتراجع. الأخير دخل إلى المنزل “وشاهدت المغدورة بلا رأس (إشارة إلى تهشّم جمجمتها بالرصاص)”. يضيف أن المتهم “كان بثيابه الداخلية، ولكنني لا أذكر بدقة إن كان على هذه الهيئة عندما نزل لتغيير موقف سيارته”. ما يذكره الشاهد هو أن المتهم “أشعل لفافة تبغ، وكان بيده كيس أعتقد أنه يحتوي شوكولا”. يضيف أن “بعد ذلك جاء الدرك”. من جهتها تصف رانيا أنها لحظة رؤيتها للمتهم “كان هادئاً، وكان يحمل السلاح، كما بدّل ملابسه”. عند هذه المسألة، يتوقف فريق الدفاع الذي يستعيد شهادة رانيا أمام قاضي التحقيق مؤكداً أنها أدلت بكون المتهم ظهر “كأنّه مخدر”. وقد أعطى فريق الدفاع أهمية لهذا التفصيل ما يوحي باهتمامه الركون إلى مدى وعي المتهم لحظة وقوع الجريمة، لا سيما أنه سبق أن طلب من المحكمة عرض المتهم على الخبرة النفسية.

بنهاية شهادتهما، عرضت المحكمة على كل من رانيا وإبراهيم سلاح الكلاشنكوف المضبوط في موقع الجريمة، حيث تعرّف الإثنان على السلاح، فأكد إبراهيم أنه نفسه بينما أدلت رانيا أنها لا تعرف بأنواع الأسلحة لكنه شبيه.

 

عائلة تحت رهبة العنف

يدلي محمد – الإبن – أنه بعد خروج شقيقاته مع الجيران “إستمرت المشاجرة بينهما (الأبوين) حتى حوالي منتصف الليل، حيث هدؤوا قليلاً عند عودة شقيقاتي”. أمّا عن خلفية الشجار عندها، فهو أن “والدتي كانت تطلب منه عدم التعرض لها بالضرب وهو يجيبها أنها إن كانت غير راضية لتغادر المنزل وتعود إلى بيت أهلها”. وعندما كانت تقرر ترك المنزل “كان يهددها أنها لن ترانا مجدداً”، كما كان “يضربها ثم يطردها خارجاً”. يقول محمد أن والدته “كانت في بعض الأوقات تترك المنزل منفردة، لكننا في المرة الأخيرة قررنا أن نذهب معها، وقتها خيّرني والدي أو هو أو أمي وأنا اخترتها هي”.

يؤكد محمد أن والده “لم يتعرض بالضرب لي أو لشقيقاتي يوماً، فقط لأمي”. لكنه – أي علي- “هددنا عندما تركنا المنزل نحن ووالدتنا مدة شهر أنه سيقتلنا أنا وشقيقاتي ووالدتي”. يضيف أن سارة قررت “العودة لأنها لا تريد أن شقيقتي الصغيرة عيد مولدها من دون والدها”. يضيف أن أمه كانت تعود إلى المنزل “لأنها تحبه” (أي زوجها). التهديد يسكن ذاكرة الإبن، حيث لم يتوانَ الوالد وفقاً لما أدلى به محمد عن “تكرار إعلان نيته أنه يريد قتلها مراراً أمامي”. يقول أنه “منذ كنت صغيراً أذكره يقول ذلك”. كما يذكر “المشاجرات منذ طفولتي”.

أما عن ليلة الجريمة، يقول محمد أنه “شاهد الرشاش إلى جانب والده بالسهرة”. وأن والدته “أمسكت الرشاش مهددة بقتل نفسها به”. يضيف أن سارة “أحضرت الرشاش عن ظهر الخزانة ليلتها لأن والدي كان يهددها بالقتل أكثر من مرة. عندها تناولت الرشاش وقالت له أنا بقتل حالي، ريّح حالك إنت”. عندها قام محمد بإنتزاع السلاح من والدته، فأخذ المتهم السلاح منه بدوره. ينتهي مؤكدا: “أنا شاهدت أبي يقتل أمي بالرشاش، كنت في غرفتي، خرجت عندما سمعت الصوت ورأيت والدي يحمل الرشاش”، يقول محمد. السلاح كان في المنزل “وكنا نعلم بوجوده وبمكانه حتى”.

في نهاية الجلسة إستوضح القاضي المتهم حول إفادات الشهود، في حال كان لديه تعليق حولها فأجاب: “لا أعرف، ناسي”. ثم أضاف: “لم أسمع ما قالوه، لأن سمعي خفيف”.

أرجئت الجلسة إلى 9 نيسان 2019، لورود تقرير الأطباء ودعوة الطبيب النفسي يوسف فارس.

مقالات ذات صلة:

ذوو سارة الأمين يعرضون تعبهم أمام جنايات بعبدا: تأخّر المحاكمة يدمرنا

قضية مقتل سارة الأمين: الدفاع يطلب تقييماً نفسياً لزوجها المتهم بقتلها

3 سنوات بعد مقتل “سارة الأمين” على يد زوجها: والدة سارة تواجه قاتلها بسؤال واحد “لماذا؟”

17 رصاصة استقرت في جسد سارة الأمين ملف العنف الأسري يعيد النساء الى الشارع