قضية “سماسرة العدل” إلى الحكم غدا: هل ترفع المحكمة الحصانة عن محاميين استباحا القضاء بالصوت والصورة؟


2019-01-30    |   

قضية “سماسرة العدل” إلى الحكم غدا: هل ترفع المحكمة الحصانة عن محاميين استباحا القضاء بالصوت والصورة؟

بتاريخ 10 كانون ثاني 2018 انعقدت الجلسة الأخيرة، في قضية المحاميين وسام شعر وماغي وزنة أمام محكمة الاستئناف الناظرة في القضايا النقابية في بيروت. إذن أحيلت هذه القضية اخيراً إلى الحكم، المفترض أن يصدر في 31 كانون الثاني الحالي، بعد مرور سنتين ونصف السنة على الجلسة الأولى فيها.

وكانت هذه القضية بدأت فصولا حين نشرت محطة “الجديد” في 2016 تحقيقا استقصائيا أعدّه الصحافي رامي الأمين على حلقات ثلاث، تحت عنوان “العالم السفلي للعدالة في لبنان”. وملخص ما ظهر في حلقات التقرير الثلاث، أن المحاميين زارا الكاتب العدل أسامة عضيمي وعرضا عليه التدخل لدى قاضي التحقيق الناظر في القضية المرفوعة ضدّه بالإتجار بالبشر. وقد عرضا عليه إقناع القاضي بحفظ الدعوى مقابل تسديدهما مبلغ مائة وخمسين ألف دولارا أميركيا. وهذا الفعل المثبت بالصوت والصورة، إنما يقع تحت طائلة عدد من مواد قانون العقوبات، منها المادة 352 من قانون العقوبات التي تعاقب صراحة المحامي الذي يلتمس مالا مقابل أداء عمل مناف لوظيفته بالاعتقال المؤقت الذي قد يصل إلى خمس عشرة سنة حبس وبغرامة مالية تعادل ثلاث مرات ما التمساه. كما قد تعدّ المادة ذماً بالقضاء أو جرم احتيال. تبعا للحلقات، أحال نقيب المحامين في بيروت آنذاك أنطونيو الهاشم بداية المحاميين إلى المجلس التأديبي، ولم تعرف حتى اللحظة نتيجة هذه الملاحقة. لكن، بالمقابل، رفض مجلس نقابة المحامين في بيروت بداية اعتبار القضية جرما مشهودا يسمح للنيابة العامة التحرك من دون إذن منها. ثم عادت وحجبت الإذن بالملاحقة بحجج واهية لا تستقيم أمام أي نقاش جدي، وأبرزها أن الفعل يتّصل بممارسة المهنة وأنه لا يمكن إعمال جرم صرف النفوذ بحق محام. تبعا لذلك، عادت النيابة العامة الاستئنافية في بيروت واستأنف القرار بحجب الإذن أمام محكمة استئناف بيروت الناظرة في القضايا النقابية. وقد انضمّ الكاتب العدل العضيمي إلى هذه الدعوى، ممثلا بوكيله المحامي علي ناصرالدين.

الدعوى التي وصلت اخيراً إلى خواتيمها، تركزت حول مسألة فريدة هي إطلاع هيئة المحكمة على التسجيلات موضوع الإدعاء على المحاميين. وفيما سلّم عضيمي التسجيلات الكاملة للمحكمة قبل أشهر على USB، عاد محاميه وسلّم المحكمة مذكرة تتضمن روابط الحلقات للتمكن من حضورها عبر الإنترنت. وكان ذلك في الجلسة الأخيرة التي أرجئت من بعدها القضية للحكم”.

بانتظار حكم الغد، يهمّ المفكرة لفت النظر إلى خطورة هذه الدعوى، من زوايا ثلاث:

أولا، أن هذه الدعوى شاهد على أحد أبرز أشكال الفساد القضائي، القائم على السمسرة القضائية، وتحديدا على قيام محامين ببيع صكوك براءة لقاء أموال طائلة، بما يتعارض مع وظائفهم، وبما يمس بالثقة بالقضاء وبالمنظومة القضائية برمتها،

ثانيا، أنها شاهد على أحد أبرز أشكال المنافسة غير المشروعة بين المحامين، بحيث يستغل بعض المحامين نفوذهم داخل القضاء لاجتذاب زبائن يأملون بنتيجة مؤكدة، ولو خلافا للقانون، وكل ذلك على حساب المحامين الآخرين ولا سيما هؤلاء المتمسكين بآداب مهنتهم،

ثالثا، أنها تؤشرإلى إخلال في عمل نقابة المحامين في بيروت وخصوصا بما يتصل بضمان التزام المحامين بآداب مهنتهم. فبدل أن تعاجل إلى محاسبة هؤلاء حفاظا على مهنتي المحاماة والقضاء، تراها تغدق عليهم بحصانة وُجدت لغير الغاية التي استخدمت فيها في هذه القضية.

ختاما، يؤمل أن تكون المحكمة غدا على مستوى تطلعات المتقاضين بها، ضنا بمنظومة القضاء برمتها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني