قانون التنظيم القضائي في المغرب في محك المحكمة الدستورية


2019-01-19    |   

قانون التنظيم القضائي في المغرب في محك المحكمة الدستورية

صادق مجلس النواب يوم 18-12-2018 على مشروع قانون التنظيم الفضائي في إطار القراءة الثانية له، بعدما كان مجلس المستشارين صادق عليه مع إدخال تعديلات عليه. ورغم ذلك، فإن الجدل حول هذا القانون الذي أعدته وزارة العدل منذ سنة 2014 لا يبدو أنه انتهى بالمصادقة الأخيرة عليه.

ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر نشره بالجريدة الرسمية لتبدأ حساب مدة ستة أشهر التي اشترطها القانون نفسه لدخوله حيز التنفيذ، طفا إلى السطح خبر إحالته على المحكمة الدستورية لتقول كلمتها فيها.

فما هي دلالة هذه الخطوة وأسبابها؟ وقبل ذلك، ما هي مسطرة عرض هذ القانون على المحكمة الدستورية؟

مسطرة عرض قانون التنظيم القضائي على المحكمة الدستورية

قانون التنظيم القضائي هو من القوانين العادية ولا يدخل في زمرة القوانين التنظيمية المشار إليها في الدستور والتي أوجب فيها الدستور نفسه قبل إصدار الأمر بنشرها وتنفيذها إحالتها على المحكمة الدستورية لتقول كلمتها فيها. إلا أنه بالرجوع إلى الفصل 132 من الدستور المغربي لسنة 2011 نجده قد جعل أمر إحالة القوانين العادية على هذه المحكمة اختياريا عبر قنوات محددة وهي الملك ورئيس الحكومة ورئيسي البرلمان وتوقيع خمسة أعضاء مجلس النواب وأربعين عضوا من مجلس المستشارين[1]. وتنظر المحكمة الدستورية في هذه الحالة داخل أجل لا يتعدى شهرا ويمكن عند الاستعجال وبطلب من الحكومة تقصير المدة إلى ثمانية أيام وفقا لنفس الفصل من الدستور.

وبإحالة القانون العادي كما في قانون التنظيم القضائي إلى المحكمة الدستورية، يتوقف أجل إصدار الأمر بتنفيذه المحدد في شهر وفقا لنص الفصل 50 من الدستور الذي ينص على أن الملك يصدر “الأمر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه”.

وقد تم التأكيد على نفس المقتضيات التي نص عليها الفصل 132 من الدستور في القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية كذلك[2].

ثانيا: دلالة الخطوة وأسبابها

إن قيام الحكومة المغربية بعرض قانون التنظيم القضائي على المحكمة الدستورية، إذا ما تأكد[3]، فإنه سيكون مثيرا للاستغراب اعتبارا لكون الأغلبية الحكومية هي من صادقت على القانون ودافعت عنه إلى حين مصادقة البرلمان عليه وبعدها دافع أيضا وزير العدل عنه في الصحافة وفي مختلف المناسبات.

لكن، ومع ذلك يمكن قراءة خطوة الحكومة هاته إن أكملت باعتبار ما يلي:

  • إن الحكومة أرادت أن تخلي مسؤوليتها التاريخية من أي مقتضيات يرفضها القضاة من خلال جمعياتهم المهنية، وتم تمريرها بالرغم من ذلك، ومن بينها (بعض التفاصيل المتعلقة بالجمعيات العامة بالمحاكم ومخالفتها لمبادئ التسيير الديمقراطي والمقاربة التشاركية والتسيير المزدوج للمحاكم واستماع المفتشين التابعين لوزارة العدل إلى المسؤولين القضائيين مع وجود مفتشية عامة خاصة بالقضاة وبعض الالتزامات التي فرضت على القضاة مع أن كل ما يتعلق بالقضاة يجب أن يكون حصرا في القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة حتى يخضع للمراقبة التلقائية للمحكمة الدستورية).
  • هناك من يرى أن الحكومة بعرضها قانون التنظيم القضائي على المحكمة الدستورية، إنما أرادت أن تقطع الطريق مستقبلا على الدفع بعدم الدستورية بعد صدور القانون المنظم لهذه المسطرة[4]، على اعتبار أن أي دفع سيواجه بسبقية البت من طرف المحكمة الدستورية[5].

وتجدر الإشارة أخيراً، إلى أن هذه الخطوة إن تمت فإنها ستكون أول معركة قانونية بين القضاة كمؤسسات وجمعيات مهنية وسلطة التشريع والحكومة يتم الإحتكام فيها إلى مؤسسة دستورية (المحكمة الدستورية) لتكون الحَكم في نهاية المطاف ومن شأنها أن تفتح الباب لممارسات جيدة من هذا القبيل في المستقبل عوض سياسة فرض القوانين رغم معارضتها بشكل كبير ومعتبر من طرف الفاعلين في كل المجالات وليس مجال القضاء وحده.

 


[1] تنص الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور على ما يلي: ” يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو خمس أعضاء مجلس النواب، أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور”.

[2] – للاطلاع على الاطار التشريعي المنظم للمحكمة الدستورية في المغرب من حيث التكوين والصلاحيات يرجى الاطلاع على الاطار الدستوري والقانوني بالموقع الكتروني الرسمي للمحكمة  الدستورية على الرابط الآتي:

 www.cour-constitutionnelle.ma/ar

[3] – والراجح أنه أصبح مؤكدا لكون الحكومة عن طريق وزارة العدل وعلى خلاف العادة لم ينفيا الاخبار التي راجت مؤخرا في الجرائد حول الموضوع ومنها جريدة المساء المغربية في عددها ليوم 16-01-2018 .

[4] – للاطلاع على  مشروع القانون المنظم لهذه المسطرة يراجع مقال عبداللطيف الشنتوف  المنشور في موقع المفكرة القانونية على الرابط الآتي :

https://legal-agenda.com/article.php?id=5182

بعنوان : “مشروع قانون جديد بشأن دفوع عدم دستورية القوانين في المغرب: محكمة النقض ليست مصفاة للدفوع”.

[5] – قراءة الأستاذ أنس سعدون ، دكتور في الحقوق وعضو نادي قضاة المغرب وكاتب مقالات الرأي القانوني ، في احدى اللقاءات.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، مقالات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني