هل تنهي هيئة الحقيقة والكرامة مسارها في مواجهة مع ضحايا الإستبداد؟ غضب الضحايا في ردهات العدالة الانتقالية في تونس


2018-11-20    |   

هل تنهي هيئة الحقيقة والكرامة مسارها في مواجهة مع ضحايا الإستبداد؟ غضب الضحايا في ردهات العدالة الانتقالية في تونس

كانت الرابعة بعد ظهر الخميس الواقع في 15 نوفمبر 2018 عندما توجهت إلى مقر هيئة الحقيقة والكرامة لحوار خمس معتصمات قررن بملء إرادتهن الاعتصام داخل مقر الهيئة لمطالبتها السماح للضحايا بالاطلاع على القرار الإطاري لجبر الضرر قبل المصادقة عليه وإعطائهن فرصة لتقديم أي إقتراحات تعديل أو توصيات بخصوصه. كما طالبن الهيئة تسليم الضحايا المقررات الرسمية الفردية، كونها هي الضمان الأساسي الذي يعترف بالضحية كونه ضحية ويشمل كل ما يؤكد صفته هذه ويعطيه حقوقه المادية والمعنوية، من عناية فورية إلى جبر الضرر الوقتي وتسوية المسار.

هنّ سجينات سياسيات سابقات في سجون الاستبداد: السيدة بسمة البلعي والسيدة حميدة العجنقي، اللتين تردد صدى جلساتهما العلينة أمام هيئة الحقيقة والكرامة في دول العالم، رافقتهنَّ ثلاث سيدات أخريات، هنَّ أيضاً سجينات سياسيات سابقات، سلمى بن محمد، خيرة المؤدب وبسمة شاكر.

من على كرسيها المتحرك، تتلقى بسمة البلعي خبرا أثار غضبها، “سهام بن سدرين، رئيسة الهيئة،  تريد الاجتماع بمعتصمتيْن فقط لسماع مطالبنا”، تخبرها بسمة شاكر، لتقول ثالثة باستغراب: “بعد أكثر من مضي أربعة أيام على إضرابنا عن الطعام دون أي إلتفاتة من سيادتها، يكون هذا قرارها؟ هل هذه محاولة من رئيسة الهيئة شق صفوفنا؟”

في الواقع، مطالبهنَّ لا تختلف عن المطالب التي اعتصمت مجموعات وجمعيات الضحايا منذ يوم 10 أكتوبر 2018، تحت راية تحالفهم التونسي للكرامة ورد الاعتبار الذي تأسس في أكتوبر 2017، من أجل رفعها بوجه بن سدرين”.

جاءت هذه التحركات على خلفية تصريحات نائب رئيسة الهيئة محمد بن سالم حول مضمون القرار الإطاري لجبر الضرر. هذا المضمون الذي وصفه الأستاذ حسين بوشيبة، المتحدث الرسمي بإسم التحالف، خلال لقائه مع المفكرة القانونية أنه “نقل حرفي لقانون العفو التشريعي العام الصادر عام 2012″، مضيفااستنتجنا ذلك من خلال إطلاع التحالف على الفصول 4 و14 و15 و16 من القرار الإطاري الذي سأسميه “وثيقة بن سالم”، كون الهيئة لم تصرح حتى الآن بالنفي أو التأكيد أن هذه الوثيقة التى هي فعليا القرار الإطاري. إنتظارات الضحايا أكبر من ذلك بكثير كون مفهوم العدالة الإنتقالية أكبر وأعم وأشمل من قانون عفو قديم.”

لقاءات تشاورية .. أمل بأذْنٍ تسمع

من جهة أخرى، صرّحت هيئة الحقيقة والكرامة يوم 11 نوفمبر 2018 عن استعدادها لتلقي كل إستفسارات وانشغالات الضحايا وجمعياتهم حول القرار الإطاري لجبر الضرر عبر أسئلة مكتوبة يتم توجيهها عبر مكتب ضبط الهيئة خلال الفترة الممتدة من يوم الاثنين 12 نوفمبر وإلى غاية يوم 18 نوفمبر 2018.

لذلك سارع تحالف الكرامة ورد الإعتبار إلى توسيع نطاق عمله وعدم الإكتفاء بالاعتصام أمام مقر الهيئة لرفع مطالبه. حيث عمل على مدار شهر أكتوبر إلى عقد جلسات تشاورية عديدة مع الضحايا في كل من نابل، شاملة كل ضحايا الشمال التونسي، وسيدي بوزيد، متوجهة لضحايا الوسط التونسي، ودوز للتشاور مع ضحايا الجنوب التونسي. ذلك كان بهدف إستقبال أكبر عدد ممكن من تساؤلات ومقترحات وتوصيات الضحايا والعمل على نقلها من خلال كتابة وثيقة شاملة وتوجيهها لهيئة الحقيقة والكرامة قبل 18 نوفمبر. ختم التحالف لقاءاته مع الضحايا نهار السبت الواقع في 10 نوفمبر 2018 في العاصمة التونسية بحضور رئيسة الهيئة سهام بن سدرين. هذا اللقاء الذي زاد من توتر وغضب الضحايا نظراً لمغادرة رئيسة الهيئة “بن سدرين” قاعة اللقاء فور إنتهاء مداخلتها التي دامت عشر دقائق دون سماعها لهموم ومخاوف الضحايا، الذين توافدوا بشكل كبير يومها للمشاركة في هذا الحدث.

وعود.. على مضض

بالأمس اجتمع ممثلو الائتلاف التونسي للدفاع عن مسار العدالة الإنتقالية، وهو إئتلاف ضم أكثر من أربعين جمعية تونسية ودولية، مع رئيسة الهيئة سهام بن سدرين رئيسة جبر الضرر ورد الاعتبار حياة الورتاني للتباحث حول القرار الإطاري لجبر الضرر. بإتصال هاتفي مع “بو شيبة”، أبلغنا بأن الرئيسة وعدت “بعرض القرار الإطاري لجبر الضرر على الضحايا قبل نشره رسميا. كما وعدت بإستقبال التوصيات بشأنه و بشأن برنامج جبر الضرر.”

يُذكر أن الهيئة أعربت اليوم على موقعها الرسمي عن نيتها عقد إجتماع مع جمعيات الضحايا السبت المقبل الموافق ل 24 نوفمبر 2018، للرد على جميع تساؤلاتهم ومخاوفهم التى تم جمعها خلال اللقاءات والجلسات التشاورية.

مقالات ذات صلة:

ضحايا الحقبة الاستبدادية يعتصمون احتجاجا ضدّ هيئة الحقيقة والكرامة: برنامج جبر الضرر يولّد أزمة جديدة في مسار العدالة الانتقالية في تونس

المفكرة القانونية، العدالة مشوّشة بصراع الإيديولوجيات في تونس: ذاكرة فئوية لغد فئوي؟ المفكرة القانونيةتونس، العدد 12، 2018-09-17

ياسمين هاجر، “الاختفاء القسرييعود في أول جلسات العدالة الانتقالية في قابس اليوم: الحكومة تختزل دروس الماضي بالإصلاح، موقع المفكرة القانونية، 2018-05-29

ياسمين هاجر، #ملفي_إيش_صار_فيه_يا_هيئة: صوت الضحية المنسية، موقع المفكرة القانونية، 2018-09-07

رسم لعثمان سالمي، قضايا في عهدة الذاكرة، المفكرة القانونيةتونس، عدد 12، 2018-09-13

عفاف النحالي، الضحية تطلب الحقيقة لقاء المصالحة: ملاحظات بشأن ثاني جلسات قضية البلعي في نابل، موقع المفكرة القانونية، 2018-10-08

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، عدالة انتقالية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني