قرار قضائي بالمغرب يمنع الحجز على أموال هيئة المحامين


2018-10-25    |   

قرار قضائي بالمغرب يمنع الحجز على أموال هيئة المحامين

أصدر قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط القاضي مصطفى سيمو يوم 16-10-2018 قرارا قضائيا[1] في إطار الاختصاص الاستعجالي الممنوح ممارسته لرؤساء المحاكم المغربية بمختلف تخصصاتها وفق قانون المسطرة (المرافعات)المدنية المغربي والنصوص الخاصة الأخرى، رفع من خلاله الحجز الذي سبق لمصالح الخزانة العامة المغربية أن أوقعته على الحساب الخاص بالودائع لإحدى هيئات المحامين بالمغرب.

وبالعودة إلى تفاصيل القضية، يذكر أن هيئة المحامين بمدينة القنيطرة[2] (القريبة من الرباط)، رفعت دعوى ضد مصالح الخزينة العامة بمدينة وزان بتاريخ 16-10-2018 طلبت فيها من قاضي المستعجلات رفع الحجز الملقى من الخزينة العامة على مبلغ مالي في حسابها الخاص بالودائع المفتوح لدى مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير[3]، لكونه غير قانوني ويمس بحقوق الأغيار.

وبعد إدراج القضية بنفس التاريخ (16-10-2018) في الجلسة العلنية، قرر الرئيس إصدار قراره في نفس اليوم وعلله كما يلي:

  • إن مدونة تحصيل الديون العمومية المغربية تنص على أن الحجز في مثل الدعوى المقدمة، يجب أن ينصب على مبالغ ..” يملكها أو ينبغي أن تعود لفائدة الملتزمين بالضرائب …”.
  • إن الحجز موضوع الدعوى الذي قام به ممثل الخزينة العامة بمدينة وزان على حساب الودائع الخاص لهيئة المحامين بالقنيطرة هو في الواقع حجز على حقوق تعود للغير وهم “الزبناء والحقوق المترتبة لهم في إطار قانون المهنة (المحاماة)، وليس على الحساب الخاص للجهة المدينة (هيئة المحامين)”.
  • إن “من شأن استمرار الحجز المذكور إلحاق أضرار بمصالح مهنة المحاماة وسمعتها ” .

ولهذه العلل، اعتبر قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط الحجز المذكور قبله غير متسم بالشرعية وقرر رفعه وفق ما ورد بمنطوق القرار كالآتي:

“نأمر برفع حجز الخزينة العامة للمملكة “قباضة وزان” بمقتضى الإشعار للغير الحائز عدد01-2018 المؤرخ في 27-09-2018 على حساب الودائع والأداءات لهيئة المحامين بالقنيطرة تحت رقم (……) المفتوح لدى صندوق الإيداع والتدبير ..ونذكر الأطراف بأن هذا الأمر الاستعجالي هو بطبيعته مشمول بالتنفيذ المعجل بقوة القانون ونأمر بتنفيذه على الأصل ودون تبليغ”.

هذا القرار يستدعي عددا من الملاحظات، أبرزها الآتية:

  • أن القاضي المصدر لهذا القرار وهو يشغل رئيس المحكمة الإدارية بالرباط منذ مدة، يتابع مساره في إصدار أحكام اجتهادية متميزة،
  • بغض النظر عن  الاتفاق معه في هذا القرار وغيره أم لا –  وسبق للمفكرة أن نشرت عدة قرارات استعجالية تعود له، ومنها القرارات غير المسبوقة التي تتعلق بجواز الحجز على حسابات الدولة الخصوصية والتي أثارت جدلا داخل المؤسسات العمومية جعلت الحكومة تقترح على البرلمان وضع مادة قانونية في قانون المالية لسنة 2018 تمنع ذلك، قبل أن تتراجع عن ذلك بسبب الضغط الحقوقي والإعلامي. كما سبق له أن ابتكر طريقة كانت محل نقاش لحل مشكلة تنفيذ الأحكام مع الإدارات العمومية، منح بموجها هذه الإدارات وبمقتضى اتفاقات مكتوبة بصفته الجهة المشرفة على التنفيذ مهلة ستة أشهر للقيام بذلك.
  • إن القرار الاستعجالي أصدره الرئيس بسرعة قصوى ويوم تسجيله بصندوق المحكمة (16-10-2018) وتم الاستغناء عن استدعاء أطراف الدعوى دون بيان سبب هذه السرعة في حيثيات القرار. فرغم أن الفصل 153 من قانون المسطرة المدنية يمنح الحق لرؤساء المحاكم في تقدير طبيعة الاستعجال، ولكن كان ينبغي توضيح حالة الاستعجال القصوى هاته، سيما وأن المبلغ المحجوز ليس كبيرا وليس من شانه أن يوقف أنشطة هيئة المحامين أو تحقيق ضرر آني للزبناء. وعليه، كان ربما من المفيد الاستماع إلى ممثل الخزينة العامة لتكون المناقشة القانونية مفيدة قبل اتخاذ القرار.
  • إن الذي يستحق الوقوف عليه ويعتبر اجتهادا خالصا في القرار الاستعجالي ليس هو القراءة القانونية للمادة 101 من مدونة تحصيل الديون العمومية، أو مسألة حماية الزبناء وحقوقهم في إطار القانون المنظم لمهنة المحاماة، بل الاستنتاج الذي قام به قاضي المستعجلات، وهو إن من شأن هذا الحجز أن يضر بمصالح مهنة المحاماة وسمعتها. وبذلك يكون قد مدد الحماية المقرر المقررة لفائدة الأشخاص بمقتضى القانون و الاجتهاد القضائي (الزبناء) إلى هيئات منظمة قانونا (هيئة المحامين) وحفظ لها مكانتها المعنوية باعتبارها من أسرة العدالة وفق القانون المنظم لها، لأنه كان يكفي أن يعتمد القرار المذكور على مسألة حماية الزبناء المتعاملين مع المحامين ليكون القرار معللا تعليلا كافيا. ولكنه يبدو أنه استغل الفرصة للتذكير بمكانة مهنة المحاماة ولذلك تم ذكر مصالح حماية مصالح المهنة وسمعتها.

 


[1] – أمر استعجالي رقم 4867 وتاريخ 16-10-2018 في الملف عدد 3957 -7101-2018 (غير منشور) وتتولى المفكرة القانونية نشره لأول مرة (مرفق).

[2] – وفق القانون رقم   28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 2008 فإن هيئة المحامين تتواجد في كل دائرة استئناف يفوق عدد  المحامين الممارسين بها 100 محام فما فوق ، وإذ لم يصل لهذ العدد  يتم تنظيم المحامين بها ضمن أقرب هيئة لها ، وعمليا ، فإن هذه هناك  ثلاثة حالات في المغرب فقط هناك محامي مدينة العيون الذين ينتسبون لهيئة  أكادير ومدينة الراشدية المنتسبين لهيئة مكناس ومحامي مدينة ورزازات ينتمون لهيئة  مراكش وباقي الدوائر البالغ عددها حوالي 19 دائرة كلها لها هيئات مستقلة  .

[3] – صندوق الإيداع والتدبير هو مؤسسة عمومية كبيرة بالمغرب  تتلقى الودائع المالية وتستثمرها في قطاعات منتجة مقابل فوائد  محددة .

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، المغرب ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني