محامو المغرب ينتقدون تقليص دور الدفاع في مقترح المسطرة المدنية


2018-07-30    |   

محامو المغرب ينتقدون تقليص دور الدفاع في مقترح المسطرة المدنية

أصدرت جمعية هيئات المحامين بالمغرب مذكرة مبادئ حول مسودة مشروع تعديل قانون المسطرة المدنية، الذي سيعرض على أنظار البرلمان في الأيام القليلة المقبلة.

المذكرة عددت مجموعة نقائص في مشروع القانون الجديد من زاوية نظر هيئة الدفاع تمثلت أساسا في ما اعتبرته مسا بالحق في الولوج المتبصر إلى العدالة من خلال تهميش دور المحامين أمام المحاكم والإبقاء على المسطرة الشفوية كأصل، وفرض غرامات مالية لفائدة الخزينة في حالة رفض بعض الدعاوى، فضلا عن ضرب نجاعة التقاضي عن طريق مراجعة مسطرة التبليغ.

المس بالحق في الولوج المتبصر إلى العدالة من خلال استبعاد دور الدفاع

في الوقت الذي نادت فيه هيئات المحامين بضرورة توسيع دورهم أمام المحاكم، جاءت مسودة قانون المسطرة المدنية لتضيق من إلزامية تنصيب المحامين في عدد من القضايا[1]، أهمها:

– القضايا التي تدخل ضمن اختصاص أقسام قضاء القرب، وهو ما خوّل في توقيت سابق لشركات ومؤسسات مالية كبرى امكانية الإستغناء عن تنصيب محام في هذا النوع من القضايا، ومن ثمة الاستفادة من خدمات العدالة بشكل مجاني؛

-إعفاء الدولة ومؤسساتها من إلزامية تنصيب محام وتكليف الوزير المعني أو من يفوض له في ذلك من الموظفين لتمثيل الدولة ومؤسساتها أمام المحاكم بمختلف درجاتها؛

-إحداث مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة وتخويلها حق ممارسة دور الدفاع أمام المحاكم بمختلف درجاتها؛

-إحداث المساعد القضائي بالنسبة للجماعات المحلية،

-توسيع دائرة المساطر الشفوية على حساب المساطر الكتابية، حيث أصبحت تشمل قضايا الزواج والطلاق والتطليق وإنكار النسب والنفقة والحضانة، فضلا عن القضايا الاجتماعية من نزاعات حوادث الشغل والأمراض المهنية، والمنازعات المتعلقة بتطبيق قانون الضمان الاجتماعي…؛

-السماح للقضاة بالترافع شخصيا في القضايا التي هم أطراف فيها؛

-السماح لموظفي نظارات الأحباس بالترافع في القضايا المتعلقة بالمنازعات الحبسية والأوقاف؛

-السماح بامكانية اللجوء إلى مسطرة تجريح قضاة محكمة النقض دون إلزامية تنصيب محام؛

-الإذن للقصّر برفع دعاوى في حالة تقاعس الوصي أو المقدم عليه عن رفعها، بدلا من تعيين محام يؤازره ولو في إطار المساعدة القضائية؛

-فتح المجال أمام المحامين الأجانب للممارسة المهنة؛

وعليه، طالبت المذكرة بضرورة العدول عن جميع النصوص القانونية التي تجيز الاستغناء عن تنصيب المحامين، وأن يقتصر تمثيل الخصوم أمام المحاكم على المحامين دون غيرهم، سواء في إطار النيابة الأصلية أو في إطار المساعدة القضائية التي تتحمل فيها الخزينة العامة أداء أتعاب الدفاع. على أساس أن المحامين هم المؤهلون والمختصون في الترافع على الأشخاص سواء كانوا طبيعيين أو معنويين، ضمانا لحقوقهم، وحرصا على جودة الأحكام القضائية وحفاظا على تحقيق العدالة المنشودة.

كما اعتبرت السماح لغير المحامين بمزاولة مهام الدفاع والاستشارة خرقا لمقتضيات قانون المحاماة[2].

الإبقاء على المسطرة الشفوية مظهر للتضييق على عمل المحامين ومس بحق الولوج المتبصر للعدالة

طالبت المذكرة بحذف المادة 65 من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بالمسطرة الشفوية، مقترحة جعل جميع القضايا المنظورة أمام القضاء كتابية ترفع الزاميا بواسطة محام؛

فرض الغرامات المالية تضييق من حق الولوج إلى العدالة

طالبت مذكرة جمعية هيئات المحامين بحذف جميع المواد التي تفرض غرامات مالية لفائدة الخزينة العامة في الحالة التي يخسر فيها المدعي دعواه، وأهمها المادة 07 من المسودة التي تنص على فرض غرامة مالية بسبب التقاضي بسوء نية، والمادة 127 المتعلقة برفض دعوى الزور، والمادة 308 المتعلقة بفشل دعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة، والمادة 459 المتعلقة برفض طلب التشكك غير المشروع، والمادة 483 المتعلقة برفض طلب اعادة النظر.

وقد اعتبرت المذكرة أن هذه المواد تشكل مسا بحق التقاضي الذي يكفله الدستور لكل شخص للدفاع عن حقوقه ومصالحه[3]، ويبقى للمتضرر من ممارسة هذه المساطر حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بشكل شخصي ومباشر وفق القواعد العامة.

مقتضيات التبليغ ضرب لنجاعة التقاضي

اعتبرت المذكرة أن ما نصت عليه المسودة[4]، والتي جعلت المدعي مسؤولا عن تبليغ كافة الاجراءات لجميع أطراف الدعوى تحت طائلة عدم القبول، ضربا لنجاعة التقاضي ومحاولة لتهرب الدولة من مسؤوليتها في ضمان الحق في الولوج إلى العدالة. فإلقاء عبء التبليغ على هيئة الدفاع يعد مسا بالقانون المنظم لممارسة مهنة المحاماة الذي لم يتضمن أي بند يلقي على عاتق المحامين مسؤولية التبليغ.

في المقابل قدمت المذكرة عدة مقترحات لمعالجة معضلة التبليغ من بينها الاستفادة من تطور وسائل الاتصال الحديثة، وتقييد التبليغ عن طريق السلطات الادارية بآجال قصيرة، واللجوء إلى اعتماد آخر موطن للمدعى عليه…

 


[1] تنص المادة 44 من مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية على ما يلي:     

ترفع الدعوى إلى المحكمة الإبتدائية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب مع مراعاة الإتفاقيات الدولية

غير أنه يجوز للمدعي تقديم مقال موقع من طرفه شخصيا في الحالات التالية

قضايا الزواج والنفقة والطلاق والتطليق والحضانة،

القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا طبقا للمادة 25 أعلاه، 
القضايا المتعلقة بالحالة المدنية،

القضايا التي ينص عليها القانون،

إذا كان طرفا في الدعوى أو أحدهما قاضيا أو محاميا أمكن لهما ولمن يخاطبهما الترافع شخصيا…..” 

والملاحظة الأولى حول هذا الفصل أنه وسع من مجال القضايا التي لا تستدعي تنصيب محامي فيها، فبالرجوع إلى المادة 32 من القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة نجدها تنص على ما يلي:   

المحامون المسجلون بجداول هيئات المحامين بالمملكة، هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل الأطراف ، ومؤازرتهم، لتقديم المقالات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية، وقضايا النفقة أمام المحكمة الإبتدائية والإستئنافية والقضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا، وكذا المؤازرة في قضايا الجنح والمخالفات “. 

ويلاحظ أن توجه مشروع قانون المسطرة المدنية في المغرب للتقليص من الزامية تنصيب محام يأتي عكس ما ذهبت اليه عدد من التشريعات المقارنة، من بينها قانون المحاماة التونسي الذي يحدد اختصاصات المحامي بشكل واسع جدا حيث ينص على ما يلي:

يختص المحامي دون سواه بنيابة الأطراف على اختلاف طبيعتهم القانونية ومساعدتهم بالنصح والاستشارة وإتمام جميع الإجراءات في حقهم والدفاع عنهم لدى المحاكم وسائر الهيئات القضائية والإدارية والتأديبية والتعديلية وأمام الضابطة العدلية كل ذلك وفق ما تقتضيه الأحكام التشريعية المتعلقة بالإجراءات المدنية والتجارية والجبائية والجزائية
كما يختص دون غيره بتحرير عقود تأسيس الشركات أو الترفيع أو التخفيض في رأسمالها كلما تعلق الأمر بمساهمة بأصل تجاري

كما يختص بتحرير العقود والاتفاقات الناقلة للملكية العقارية وبعقود المساهمات العينية في رأسمال الشركات التجارية، كل ذلك دون المساس بما أجازه القانون لعدول الإشهاد ولمحرري العقود التابعين لإدارة الملكية العقارية

وتعد الأعمال المنجزة من قبل غير من ذكر باطلة بطلانا مطلقا

ويمكن للمحامي القيام خاصة بمهام التحكيم والوساطة والمصالحة والإئتمان والتصفية الرضائية والتعهد بعقود الوكالة وبأعمال التفاوض والتمثيل لدى المصالح الجبائية والإدارية وبمهام التكوين

ويمكنه تمثيل حرفائه أو الحضور إلى جانبهم في الجلسات العامة أو هياكل التسيير الجماعي، وفق ما تنص عليه العقود التأسيسية للشركات التجارية

كما يجوز للمحامي المرسّم لدى التعقيب القيام بمهام عضوية مجالس الإدارة أو مجالس المراقبة في الشركات التجارية

ويتولى المحامي في إطار اختصاصاته تنفيذ المأموريات المسندة إليه من المحاكم وسائر الهيئات القضائية أو التعديلية

كما يمكن له القيام بمهام الوكيل الرياضي أو وكيل الفنانين أو وكيل الملكية الفكرية أو الصناعية أو مهام التصرف الائتماني

وللمحامي أن يتنقل خارج مكتبه بكل حرية وإن اقتضى الأمر خارج البلاد التونسية لغاية تنفيذ المهام المبينة أعلاه ما لم يكن ذلك مخالفا لقوانين الدول المعنية.” 

[2]– المواد 30 و31 و32 من قانون المحاماة.

[3]– الفصل 118 من دستور 2011

[4]-تنص المادة 50 في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية على ما يلي

يجب على المدعي أو نائبه أو وكيله بمجرد تعيين تاريخ الجلسة أن يتسلم الطيات المتعلقة بالاستدعاء وكذا جميع إجراءات الملف القضائية الأخرى والخاصة بجميع أطراف الدعوى قصد السهر على تبليغها تحت  مسؤوليته إلى المدعى عليه أومن له المصلحة من أطراف الدعوى بواسطة مفوض قضائي” 

ونصت المادة 51 من نفس المسودة على ما يلي

إذا لم تتوصل المحكمة بما يفيد قيام المدعي بالتبليغ أو بمحاولة التبليغ في الحالة المشار إليها في المادة السابقة، قبل تاريخ الجلسة أخرت القضية لجلسة تالية وإذا لم يتم إنجاز الإجراءات المطلوبة شطبت على الدعوى من جدول هذه الجلسة متى كان المدعي أو نائبه أو وكيله هو من تولى إجراءات التبليغ“. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني