بعد سنوات من النضال الجامعي والنقابي: إطلاق سراح عصام خليفة بسند إقامة


2018-07-27    |   

بعد سنوات من النضال الجامعي والنقابي: إطلاق سراح عصام خليفة بسند إقامة

تشاء الصدف أن يستدعى د. عصام خليفة للتحقيق لدفاعه عن قضية الجامعة اللبنانية وبشكوى من رئيسها، في نفس الأسبوع الذي أحال فيه وزير العدل سليم جريصاتي القاضي المتقاعد راشد طقوش، المعروف بسيرة طويلة من النزاهة والكفاءة في القضاء على خلفية دفاعه عن استقلال القضاء. المفكرة ترصد وتتابع الملاحقتين بالنظر إلى أهميتهما (المحرر). 

“أُطلق سراح د. عصام خليفة بسند إقامة بعدما يزيد عن 4 ساعات من التحقيق معه في المباحث الجنائية في بيروت”. لم يستسغ كثر في البلاد أمس هذا الخبر، وتحديدا لارتباطه بدعوى مرفوعة من رئاسة الجامعة اللبنانية على خليفة. فلخليفة تاريخ طويل من النضال  من أجل جامعة الفقراء وأبناء عامة الشعب منذ كان طالباً على مقاعدها عبر فروع مجالس الطلاب، ثم أستاذاً محاضراً في قاعاتها، ونقابياً عبر رابطة أساتذة الجامعة اللبنانية. وبرغم تقاعده منذ سنوات، لم ينسَ خليفة الجامعة اللبنانية، بقي على تماس مباشر مع كل محاولات إنقاذها والحفاظ على مكانتها واستقلاليتها.

المناضل نفسه، وقف أمس الخميس في 26 تموز 2018 أمام المباحث الجنائية في بيروت للتحقيق معه بالإدعاء الذي قدمه بحقه رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب بتهمة القدح والذم.

يأتي الإدعاء بعد طرح خليفة سلسلة أسئلة حول قضايا متعلقة بالفساد الذي يطال الجامعة اللبنانية، وتحديداً الجانب المتعلق برئيسها، لا سيًما موضوع الدعوى التي تقدم بها طبيب الأسنان عماد الحسيني في العام 2014، واتهم فيها أيوب بتزوير شهادته، وانتحال صفة طبيب شرعي. ورُفعت الدعوى ضد خليفة على إثر مؤتمر صحفي عقده في 11 تموز الحالي تحدث فيه عن استغلال أيوب وعمداء أخرين في الجامعة اللبنانية لنفوذهم. ويومها قال خليفة أن هؤلاء “رفعّوا أنفسهم درجات عن سنوات سابقة واستفادوا بمبالغ توازي مئات ملايين الليرات”. وكان المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم قد استمع الثلاثاء الماضي إلى إفادة خليفة في الدعوى التي قدمتها الجامعة اللبنانية بحق أيوب، وعبر وكيله، على خلفية إخبار خليفة. وبالتزامن مع جلسة التحقيق أمام المباحث الجنائية مع خليفة، نفذت رابطة قدامى الأساتذة الجامعيين وناشطون وقفة تضامنية مع الجامعة اللبنانية ومع خليفة، أمام قصر العدل في بيروت

خرج خليفة من الجلسة بسند إقامة. قال أنه لم يتراجع عما أدلى به، بل خرج من التحقيق مشدّداً على مطلبه بإبراز أيوب شهادته أمام القضاء المختص، وتحريك الدعوى المقدمة ضده من قبل الحسيني، والتي جُمدت. ويقول خليفة في حديث إلى “المفكرة” أن التحقيق معه تم على خلفية تصاريح وبيانات صدرت، وكذلك المؤتمر الصحفي الذي عقده في ١١ تموز الجاري. وخلال التحقيق معه، استنتج أنه تم رصد ما يقوله، حتى أنه جرى تفريغ مقابلة معه على إذاعة صوت الشعب منذ أيام. ورغم استدعائه، ينظر خليفة إلى الموضوع بإيجابية: “من الجيد الإهتمام بقضايا الجامعة اللبنانية”. ويشدد تمسكه بتنفيذ القانون وعدم مخالفته فما قام به “هو واجب وفق الإتفاقيات الدولية”، حسب تعبيره. ويرفض خليفة اعتبار الموضوع تهجما شخصيا على أحد. “فالجامعة للجميع، وما نطرحه قضايا عامة تتطلب عودة القانون إلى الجامعة وإصلاحها”.

وعن مصير الدعوى، يتوقع خليفة إما حفظ الملف وإما استدعاءه للتحقيق معه أمام القاضي. ويؤكد أنه في الحالتين لن يخف “إذ أن الهدف إخافتنا”. ويروي أن الإتحاد الأوروبي أرسل بعثة علمية أجرت تقييماً لجودة التعليم في الجامعة اللبنانية، وأقرت خلال اجتماعها مع مسؤولين في الجامعة أنه و”في حال بقيت الجامعة على حالها دون القيام بأي إصلاحات فستفقد إعتراف الإتحاد الأوروبي بشهاداتها” وفق ما نقل خليفة.

من جهته، ينفي جورج بارودي، محامي د. خليفة، أن يكون موكله قد ارتكب أي قدح وذم بحق رئيس الجامعة. ويرى في الدعوى المقدمة بحقه محاولة لإسكاته ومنعه من الدفاع عن الجامعة اللبنانية، وأيضاً محاولةً لجعله عبرة للآخرين كي لا يتجرأ غيره على التكلم. ويضيف المحامي أن موكّله تحدًث بناءً على معلومات وصلته من جهات عدة تتحدث عن وضع الجامعة السيء. ويؤكد أن خليفة يملك وثائق تثبت ما قاله.

ويقول د. فارس اشتي، أحد الأساتذة المتقاعدين الذين شاركوا بالوقفة التضامنية، أنه يتضامن مع حرية التعبير والحريات عامة، خاصة لأساتذة الجامعة. فخليفة رمز نقابي رافق الجامعة كطالب وكأستاذ، والتضامن معه هو تضامن مع موقف من قضية تطال الجامعة. واعتبر اشتي أنّ الرد على كلام خليفة يكون عبر الأصول القانونية وعبر إثبات الحصول على الشهادة، رافضاً منع الأساتذة من الكلام عن الفساد، ف “الكلام يشكل مدخلاً للنهوض بالجامعة”. ويعتبر اشتي  أن “لا إساءة شخصية، فالقول بأن شخصا بمنصب عام لا تتوفر فيه الشروط، يعني أن السلطة التي عينته لم تلتفت للقانون”.

حاولت المفكرة الوقوف عند رأي رئيس الجامعة اللبنانية د. فؤاد أيوب، لكن أيوب اكتفى في حديث معها بالبيانات التي صدرت بإسم الجامعة. وكانت رئاسة الجامعة قد أصدرت بياناً أعلنت فيه أنها “اتخذت صفة الإدعاء الشخصي تجاه بعض الأشخاص الذين تطاولوا على رئاسة الجامعة بشخص رئيسها، وأمعنوا في الإساءة إلى صورة الجامعة الوطنية ودورها، عن طريق تلفيق تهم وبثّ افتراءات باطلة وكاذبة، وتحمل إساءة مباشرة لرئيسها البروفسور فؤاد أيوب”. كما أكدت في بيانها “أنّ مجلس الجامعة والمراجع المختصة أكدت تكراراً بطلان كل الادعاءات والاتهامات التي عملت قلة لتسويقها بهدف النيل من أيوب”. وأكدت “مرجعية القضاء في الدعوى التي أقامتها الجامعة تجاه بعض الأشخاص في هذه القضية”.

وأثار استدعاء خليفة استغراب أساتذة وناشطين ومثقفين وصحافيين يعرفونه ويتابعون نضالاته عبر سنين طويلة، ويدركون ما قدمه للجامعة اللبنانية خلال عشرات السنين. هو من استمرّ في الدفاع عنها وحمل همومها حتى بعد تقاعده بسنوات. واستنكر هؤلاء  عبر تعليقات نشروها على صفحاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي استدعاء خليفة، متمنين على القضاء استدعاء أيوب للتحقيق معه في الملفات التي سُئل عنها، آملين أيضاً حسم الجدل القائم حول صحة شهادة أيوب لإنهاء هذه المسألة بما فيه مصلحة الجامعة اللبنانية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، لبنان ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني