المفكرة تنشر ملاحظات لجنة البندقية حول مشروع الدستور التونسي


2013-07-22    |   

المفكرة تنشر ملاحظات لجنة البندقية حول مشروع الدستور التونسي

تولت رئاسة المجلس الوطني التأسيسي التونسي في خطوة تبرز انفتاح المجلس على الخبرة الدولية في أعماله الدستورية توجيه نسخة من مشروع الدستور التونسي للجنة البندقية[1] وطلبت منها دراسته وابداء ملاحظاتها حوله. وبعدما كلفت اللجنة مجموعة من خبرائها بدراسة المشروع أعلنت بتاريخ 18 جويلية 2013 عن تقريرها الذي تضمن أهم ملاحظاتها حول المشروع المقترح.
ويتبين من الاطلاع على تقرير اللجنة التي تعد من الهياكل الاستشارية للاتحاد الاوروبي أن خبراءها سجلوا بايجابية النفس الديموقراطي الذي ميز مشروع الدستور وهو موقف يتعارض مع مواقف عديد خبراء القانون الدستوري المحليين الذين اعتبروا المشروع كارثيا وينذر بقيام دولة دينية تكرس هيمنة الأحزاب الحاكمة على المشهد العام.
حاول خبراء لجنة البندقية دراسة مشروع نص الدستور بشكل تفصيلي والتزموا بالمعايير الدولية المعتمدة بدساتير الدول الديموقراطية كمرجع في التقييم ليتوصلوا الى استنتاجاتهم فكانت مواقفهم موضوعية بينت أهمية المجهود الذي بذله أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في صياغة مشروع الدستور وكشفت على أن كثرة الحوارات والاستشارات التي تم القيام بها أدت الى صياغة مشروع دستور متطور.
كما كنت أعمال الخبراء علمية تقوم على تحليل النص وتبين حالات الغموض والنقص أو الالتباس بعيدا عن محاكمات النوايا والمواقف القيمية وهو ما ميزها عن غيرها من التصريحات التي ساقها الخبراء المحليون بخصوص المشروع والتي كانت في غالبها لا تستند الى دراسات موضوعية بقدر التزامها بالمرجعية الايديولوجية لأصحابها.
بينت لجنة البندقية في تقريرها ما اعتبرت أنه علامات ايجابية في نص مشروع الدستور وفي مقابل ذلك تولت لفت نظر السلطة التأسيسية التونسية لكون تصورها لعلاقة الدين الاسلامي بالدولة قد يثير اشكالات حول مدنية الدولة. كما لفتت نظر ذات السلطة لكون توزيع الصلاحيات بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية في صيغته الحالية بالمشروع لا يضمن حسن تسيير دواليب الشأن العام.
وفيما يتعلق بباب السلطة القضائية والمبادئ التي نص عليها الدستور والتي تضمن أصول المحاكمة العادلة، سجل الخبراء بارتياح حرص واضعي المشروع على احترام القواعد الدولية في المجال واعتبروا ان ارساء المحكمة الدستورية واقرار مبدأ عدم نقلة القاضي بدون رضاه وارساء مجلس اعلى للسلطة القضائية يتمتع بالاستقلالية مؤشرات ايجابية يتعين الاشادة بها. الا ان التقرير اشار بسلبية لتركيبة المجلس الاعلى للسلطة القضائية فيما يتعلق بغلبة عدد الأعضاء المعينين على عدد الأعضاء المنتخبين كما لاحظ أن الأسلوب المقترح لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية يتميز بالتعقيد ويهدد عمل المحكمة[2].
تميز تحليل خبراء لجنة البندقية لمشروع الدستور التونسي باعتمادهم لتقييم يعتمد معايير الانظمة الديموقراطية وهو ما يعطي عملهم أهمية تتجاوز المثال التونسي لتكون صالحة في التعاطي مع مختلف التجارب الدستورية في المنطقة. كما كشف التقرير عن نقاط القوة والضعف بمشروع الدستور التونسي وفق تصور استشرافي يقوم على توقع الاشكالات المستقبلية. وتدفع أهمية العمل المفكرة القانونية لنشره وفق نصه باللغة الفرنسية ليتسنى الاستفادة منه في منهجه والسلم التقييمي الذي يرسيه لتقييم ديموقراطية التجارب الدستورية.



[1]
COMMISSION EUROPEENNE POUR LA DEMOCRATIE PAR LE DROIT(COMMISSION DE VENISE)  لجنة البندقية أو
تم تأسيسها في تسعينات القرن الماضي بهدف مساعدة دول الاتحاد السوفياتي السابق على تبني القواعد الدستورية المتلائمة مع المبادئ الديموقراطية واحترام حقوق الانسان التي يدافع عنها المجلس الاوروبي
[2]كانت المفكرة القانونية اول من اشار للاشكالية المذكورة في دراستها للاحكام الدستورية المتعلقة بالمحكمة الدستورية بتونس
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني