رمضان وجدلية الحريات الفردية في تونس


2018-05-28    |   

رمضان وجدلية الحريات الفردية في تونس

بعد وضع دستور الجمهورية الثانية في 2014، ما انفكت تقع الحريات والحقوق الفردية في تونس في الفجوة القائمة بين "الاسلام دينها" الواردة في الفصل الأول من الدستور و"تونس دولة مدنية" الواردة في الفصل الثاني. فكلما أثيرت قضية تمس الحريات والحقوق الفردية، سرعان ما تنقسم الآراء حولها لتتخذ موقفا مسانداً لأحد الفصلين. هذه السنة، يجدد رمضان بحلوله هذا الانقسام في الأوساط الاجتماعية التونسية. وكانت محكمة في ناحية بنزرت (شمال شرق تونس) في رمضان 2017 أصدرت حكما بالسجن شهرا في حق أربعة أشخاص أكلوا ودخنوا جهارا في حديقة عامة حدة الانقسامات، فتحرك اعتراضا على ذلك نشطاء حقوقيون تحت راية "مش_بالسيف" (ليس بالقوة) للمطالبة باحترام الحريات الفردية وبضرورة احترام السلطات لحق الفرد في الإفطار. وقد عاد المشهد ليتكرر هذه السنة.

ففي 15 مايو 2018، أصدر الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية، والذي يضم أكثر من 30 جمعية حقوقية تونسية، رسالة مفتوحة إلى الرؤساء الثلاثة مطالبين إياهم بالتصدي لكل محاولات تقويض الحريات والحقوق الفرديّة خلال شهر رمضان. هذه الخطوة أتت للفت انتباه السلطات استباقاً لوقوع أي انتهاك. وقد نص البيان على أنه "بالنظر إلى خطورة ما ورد برسالة وزير الداخلية السيد لطفي براهم الموجّهة في نوفمبر 2017 إلى مجلس نواب الشعب والتي يتم تداولها حاليا على صفحات التواصل الاجتماعي، من تعلّل بالفصل الأول من الدستور وبعض الأجزاء من الأحكام الدستورية وبالوضع الأمني بالبلاد والتهديدات الإرهابية ومن إنكار تام لتجاوزات دأبت خلال السنوات الأخيرة وزارة الداخلية على ارتكابها (خاصة من خلال إيقاف المفطرين في رمضان) لتبرير العمل بمنشور سنة 1981 والتضييقات التي تمارسها وزارة الداخلية بشكل ممنهج على حريات الضمير والمعتقد والتعبير والرأي والتجارة." ولكن سرعان ما جاء الرد الرسمي من وزير الداخلية الذي تمسك، على عكس ما طالبت به الجمعيات الحقوقية، بمنع فتح المقاهي والمطاعم للعموم إلا ضمن المناطق السياحية طيلة أوقات الصيام في شهر رمضان، على أساس أن على 1% من الفاطرين أن يحترموا 99% من الشعب. فما كان من بعض النشطاء الحقوقين إلا تنظيم وقفة "مش بالسيف" الاحتجاجية في 27 مايو 2018، المماثلة لتلك التى نظمت في 2017، للتشديد على حقهم في الإفطار العلني دون خوف من اعتقال أو تنكيل. يجدر الإشارة هنا إلى أنه وبالرغم من عدم سماح وزارة الداخلية بإقامة الوقفة "لدواعٍ أمنية"، إلا أنها انتهت إلى العمل على حماية المتظاهرين في ظل إصرارهم على تنفيذها، تخوفا من أي تداعيات في ظل اشكالية الموضوع المطالب به.

من الشعارات التى رفعت خلال الوقفة الاحتجاجية "حرية حرية في دولة مدنية" .. "وزير الأغلبية تونس ليك وليا" (أي لك ولي). قال حاتم الإمام رئيس حركة المفكرين الأحرار، وهي الحركة التى دعت إلى وقفة "مش بالسيف"، في حوار على موزييك FM "أن تونس فيها مختلف الأديان من مسيحيين ويهود، كما يضمن دستورها حرية الضمير. هذا يعني أن على الدولة احترام الاختلاف."

 

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني