الإسلام الديمقراطي: عن أية ديمقراطية نتحدث؟


2018-05-25    |   

الإسلام الديمقراطي: عن أية ديمقراطية نتحدث؟

بعد حوالي عشرين عاماً من الإقصاء السياسي الممارس من قبل نظام الرئيس بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي، استطاعت حركة النهضة التونسية تجميع قواها واستعادة أتباعها بعد اندلاع ثورة 2011. قدرة حركة النهضة التنظيمية العالية التي اكتسبتها من خلال انتمائها للصحوة الإسلامية التي برزت في سبعينيات القرن الماضي، وتشبعها بالفكر الإخواني القائم على الفكر “التنظيمي” أساساً، جعلتها منذ عودة قياداتها من المنفى حتى اليوم الحزب الأكبر والأكثر تماسكاً في تونس.

في الواقع، بدا بروز “الإسلاميين” في الصفوف الأولى للتحركات  الشعبية أمرا طبيعياً، بعدما كانوا حرموا من الحرية طوال عقود. ولكن لم تقتصر عودة “الإسلاميين” على المشاركة في هذه التحركات وإسقاط النظام الديكتاتوري فحسب، بل نظمت هذه الجماعات صفوفها وتقدمت بخطوات صلبة لخوض الانتخابات، هادفة إلى الانخراط في الحكم.

تبعا لذلك، أثارت هذه الجماعات العديد من الإشكاليات والمخاوف، وبخاصة بعد فوز حركة النهضة الإسلامية والإخوان المسلمين في انتخابات وصفت بالديمقراطية في تونس ومصر. وبذلك حُمّلت كل من هاتين الجماعتين مسوؤلية إرساء مقومات النظام الديمقراطي الذي أوصلها للحكم وكان في صلب المطالب الاحتجاجية في كلا البلدين.

ومن الاشكاليات البارزة الناتجة عن تسلّم هاتين الحركتين مقاليد الحكم، هو كيفية التوفيق بين المهام الجديدة المناطة بهما في مجال الديمقراطية وأدبيات الإسلام السياسي “الكلاسيكي” والتي بنيت على أساس فكر معادٍ للإستعمار والديمقراطية. ناهيك عن معضلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور، الذي كان في الأساس أحد أبرز عوامل اندلاع الثورات.

وفيما أسهمت هذه العوامل في الإطاحة بالحركة الإخوانية المصرية السياسية، أبدت حركة النهضة التونسية مرونة فائقة مكنتها من الاستمرار في الحكم، لتتحول بفعل ذلك إلى ظاهرة في العالم العربي الإسلامي. واللافت أن الحركة لم تكتفِ بالمحافظة على بقائها في الحكم ديمقراطياً فحسب، بل تجاوزت ذلك بتبني خطاب سياسي حداثي من الدرجة الأولى، وصفه بعض الباحثين والمحللين بأنه أكثر حداثية من خطاب الحداثيين أنفسهم. وقد تبلور هذا الخطاب على شكل أيديولوجيا ناشئة، حيث أعلنت حركة النهضة في مؤتمرها العاشر لعام 2016 عن “الإسلام الديمقراطي”، مقدمة نفسها على أساس أنها حزب وطني مدني ذو مرجعية إسلامية قيمية، رافضة شملها في “قفّة” حركات الإسلام السياسي الكلاسيكي.

نظراً لأهمية هذا الإعلان وما لحقه من مواقف حداثية من قبل حركة النهضة فيما يخص حقوق الإنسان والحريات تحديداً، ارتأت “المفكرة” التدقيق في مفهوم الإسلام الديمقراطي المعلن عنه والذي يمكن أن يكون نقطة بداية لتطوير فكر مجدد لدور الحركات الإسلامية في الأنظمة السياسية الديمقراطية، من شأنه أن يؤدي إلى ترسيخها في تونس ودول عربية أخرى. بالمقابل، لن يدخل هذا المقال في تأويل خلفيات النهضة لإعلان الإسلام الديمقراطي، والتي تتصل بالتحليل السياسي وإلى حد ما بالنوايا.

من المطالبة بحق الاعتراف إلى المطالبة بحق البقاء:

محطات أساسية في تاريخ حركة النهضة

قبل المضي قدماً في شرح مضمون الفكر النهضاوي الجديد المسمّى بالإسلام الديمقراطي، وجب العودة إلى المسار التاريخي لحركة النهضة قبل 2011، لما يتيحه ذلك من فهم أفضل لسلوك النهضة السياسي اليوم. في هذا الخصوص، يذكر حميدة النيفر[1] أن بداية حركة الإتجاه الإسلامي (حركة النهضة لاحقاً) لم تكن سرية، كما يعتقد البعض، لأن نشاطها كان قائماً على العمل المسجدي والدعوي في الساحات العامة. وبالرغم من تركيز الحركة وقتها على إنعاش الهوية الإسلامية، إلا أن بعض قياديي الحركة، من ضمنهم عبد الفتاح مورو وراشد الغنوشي، حاولوا إدخال الحركة في المشهد السياسي مراراً.

ففي سنة 1975، ومع وهن نظام بورقيبة، سعى هؤلاء إلى تشكيل قوة ضغط محاولين شقّ طريقهم داخل الحزب الحاكم. ولكن أمام الرفض القاطع للنظام، عاد قياديو الحركة إلى العمل الدعوي العادي.

وقد كان لظهور التيار الديمقراطي الذي يقوده أحمد المستيري[2] في أوائل السبعينات تأثير سياسي كبير على الحركة، خصوصاً أنه كان قائما على فكر جامع مناقض للفكر الإقصائي للنظام. كما أن اشتداد الصراع بين الدولة والاتحاد العام التونسي للشغل في عام 1978، دفع الحركة لاتخاذ مواقف داعمة للحقوق الاجتماعية والاقتصادية من خلال بيان صدر في نفس العام في مجلة “المعرفة” التابعة للحركة. على أمل أن يمكّنها ذلك من دخول المعترك السياسي في البلاد. هذا ولعب انتعاش الحركة الطلابية في نفس العام واحتكاك أعضاء حركة الاتجاه الإسلامي، الذي كان أغلبهم من الجامعيين، بالتيار الطلابي اليساري، دورا في تعزيز طموحهم السياسي، وإدراكهم للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية. ومع اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979، حسمت الحركة قرارها باتخاذ خطوة جدية رسمية، تبلورت في عام 1981 بإعلان الحركة عن نفسها كحركة سياسية.

تحليل البيانات الصادرة رسمياً عن الحركة آنذاك يبين تطور فكر سياسي براغماتي للحركة منذ بداياتها. وهذا ما يذكر به زياد كريشان[3] بتأكيده على أن مصطلح الديمقراطية استعمل ولأول مرة علنا من قبل الحركة في البيان الصادر عن مؤتمرها في عام 1981، بالرغم من أن هذا الاستخدام بقي براغماتيا، في ظل طغيان المنحى الديني على البيان. بعد هذا المؤتمر، أعلن النظام الحرب على حركة النهضة، ليشن حملة إعتقالات واسعة طالت قيادات الحركة ومن بينهم زعيمها راشد الغنوشي.

من هنا، وكما أكد العديد من قياديي الحركة لكاتبة هذا المقال[4]، أصبح قياديو الحركة أكثر وعياً لضعف كلاسيكيات حركة الإخوان المصرية في خدمة العمل السياسي الفعلي، بالإضافة إلى وعيهم باختلاف الظروف السياسية بين تونس ومصر. وإذ مهّد هذا الأمر لعملية “تونسة” الفكر الإسلام السياسي الكلاسيكي، إلا أن متابعة وتحليل بيانات الحركة وكتابات الغنوشي في هذه الفترة وما بعدها، تبين أن عملية التونسة هذه اقتصرت على “أسلمة” المصطلحات الحداثية، مع إبقاء هذه المصطلحات خاوية من مضمون فكري تنظيري. كما سهلت هذه العملية قبول الحركة لمجلة الأحوال الشخصية ومدنية الدولة، رغم تعارضهما مع قضاياها “الإسلامية الكلاسيكية”، دائماً في إطار محاولات الحركة الحصول على “حق الإعتراف” بكونها فاعلا سياسيا في البلاد. وفي هذا الخصوص، يعلّق “كريشان” بأن “خطاب الحركة أصبح “خطابا فضفاضا”. فمنذ عام 1983، أي بعد الإفراج عن عناصرها، تبنت الحركة خطابا حداثياً دون العمل على بناء خطابها على أساس حداثي.”[5]

دائماً في إطار سعيها للتحصل على “حق الإعتراف السياسي”، سعت الحركة عبر الميثاق الوطني لعام 1987، الذي هدف زين العابدين بن علي من خلاله إلى تنظيم الحياة السياسية في البلاد، إلى اغتنام فرصتها مجدداً. فقد وافقت الحركة آنذاك، عبر ممثلها نور الدين البحيري[6]، على كافة شروط هذا الميثاق وقبلت بمدنية الدولة ومجلة الأحوال الشخصية. كما وافقت حركة الاتجاه الإسلامي على تغيير اسمها ليصبح حركة “النهضة”، متخذة بذلك وجهاً مدنيا.

تبعا للنجاح الكبير نسبياً الذي حققته حركة النهضة من خلال ترشح ممثليها المستقلين لانتخابات 1989، بالإضافة إلى عوامل خارجية أهمها نجاح الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية في الانتخابات البلدية الجزائرية في عام 1990، عاد نظام بن علي ليستأنف التعاطي الأمني معها بهدف إخراجها من المشهد السياسي مجدداً. أدى ذلك إلى سجن بعض قياديي الحركة ونفي البعض الآخر. وفي موازاة تفاقم الصراع بين النظام الجزائري وفصائل الجبهة الاسلامية للإنقاذ ودخول البلاد في حرب أهلية دامية عام 1992، تمّ الحكم على قياديي حركة النهضة بالسجن مدى الحياة. لم يمنع المنفى/السجن قياديي الحركة من استكمال السعي للانخراط في المشهد السياسي التونسي. ففي سنة 2005، شاركت الحركة في ميثاق 18 أكتوبر الذي جمع أغلب جهات المعارضة المنددة بممارسات نظام بن علي القمعية. عادت وقبلت الحركة بهذا الميثاق، والذي ضمّ شرط قبول مدنية الدولة ومجلة الأحوال الشخصية، بنية إثبات نفسها من ضمن اللاعبين السياسيين في البلاد، كما أكد “كريشان”.

نستنتج  من هذا العرض التاريخي للنهضة أن الأهداف السياسية للحركة فاقت بأهميتها التنظير الفكري والثوابت الاسلامية الكلاسيكية. غلّبت النهضة طموحها السياسي على مرجعياتها وقضاياها. وبذلك أصبحت متمرسة نوعاً ما براغماتياً بالعمل السياسي والمناورة السياسية. بعد ثورة 2011، وعودة النهضة القوية لتتصدر المشهد السياسي في البلاد، لم يتغير السلوك السياسي البراغماتي للحركة ولكن تغير المحرك وراء هذه البراغماتية. فقد انتقلت الحركة من المطالبة “بحق الإعتراف” إلى المطالبة “بحق البقاء”.

شكلت النهضة بذلك ظاهرة في العالم العربي الإسلامي، ما جعلها تحت المجهرين المحلي والعالمي. وُضعت على عاتق النهضة انتظارات عديدة كما وجهت إليها العديد من التهم، حيث انقسمت الآراء حولها بين من اتهموها بازدواجية الخطاب ومن ظنوا بأنها في طور إثبات تماهي الإسلام والديمقراطية. ولكل من هاتين الوجهتين ما يبررهما.

تجدر الإشارة هنا إلى ضرورة أن نتنبّه إلى أنه يمكن تقسيم الحركة داخلياً إلى شقين: شق إحيائي وشق إصلاحي. لعل السبب الأساسي لهذا الانقسام هو المصير الذي عرفته قيادات النهضة في تسعينيات القرن الماضي تحت حكم بن علي.

فمنهم من كان مصيره السجن، ومعظم هؤلاء شكّلوا الشق الإحيائي للحركة، بمعنى أنهم بقوا بعد خروجهم من السجن متمسكين بضرورة إحياء الهوية الإسلامية في المجتمع وبالعودة إلى الأدبيات الكلاسيكية للإسلام السياسي.

ومنهم من نفي إلى خارج البلاد وبخاصة إلى أوروبا. وقد تمكن هؤلاء عموما من إستكمال تعليمهم وإنضاج فكرهم الديني والسياسي في أجواء تتمتع بالحرية والإستقرار، ومعايشة الحياة السياسية الديمقراطية الغربية، بل والتأثر بها. وعليه، مال غالبية هؤلاء إلى تجديد الخطاب الديني الإصلاحي.

تحولات المرحلة التأسيسية: انفتاح فتصلب فمساومة

من خلال مقارنة بسيطة، يتضح الفرق الشاسع بين برنامج النهضة الانتخابي لعام 2011 والمطالب التي رفعتها خلال مناقشة الدستور في المجلس الوطني التأسيسي. فبخلاف البرنامج الانتخابي الصادر في سبتمبر 2011 حيث وعدت الحركة بالإلتزام بالنظام الجمهوري ونبذ العنف والمساواة، أعادت أغلب مواقف الحركة خلال مناقشة الدستور للذاكرة كلاسيكيات الإسلام السياسي الإخواني المعادية لهذا النظام ولهذه القيم.

وإثباتا لذلك، نقرأ في برنامج 2011: “تتبنى حركة النهضة نموذج الدولة المدنية التى ترعى الشأن العام وتحمي السلم الاجتماعي وتعمل من أجل الرقي الاقتصادي وتسعى إلى ترسيخ الحريات العامة والخاصة وتحترم قواعد الديمقراطية والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.”

بالمقابل، تمسكت الحركة خلال مناقشة الدستور بالتنصيص على “التكامل” بين الرجال والنساء، رافضة تعبير “المساواة”. مسألة التجديف أيضاً أخذت حيزا كبيرا من النقاش. حيث حاولت الحركة طويلاً فرض لغة تمكنها من تجريم التجديف في الدستور. ناهيك عن المطالبة بإدراج الشريعة كنص أساسي في الدستور. التمسك بهذه المطالب من قبل الحركة أحدث جدلا أيديولوجيا واسعا بين إسلاميي الحركة من جهة والليبراليين الرافضين لهذه المطالب من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى السلوكيات الفردية لبعض قياديي النهضة[7] التى أججت الشكوك وضاعفت علامات الاستفهام، خصوصاً أنّ النهضة لم تعلن عن موقف رسمي يدحض هذه التصرفات ويندد بها، باعتبارها لا تمثل الأيديولوجيا التقدمية للحركة.

اشتعل المشهد السياسي ليصل إلى ذروته في عام 2013. فقد تحول من جدل سياسي إلى جدل شعبي عنيف. في هذا العام، تفاعلت أحداث داخلية وخارجية، دفعت النهضة في نهاية الأمر إلى التنازل عن الحكم خوفاً من تكرار سنيّ المنفى/السجن. نذكر من هذه الأحداث ظهور الجماعات السلفية الجهادية في تونس، والتي اتهمت بتنفيذ اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وقد طالبت المعارضة بمحاكمة جزائية لمرتكبي هذه الجرائم، بخاصةً أن البعض وجه أصابع الإتهام إلى حركة النهضة، على خلفية تقاطع مصالحها مع هذه الجماعات، والتى أوحت بالتلميح بفتح أبواب السجن مرة أخرى أمام الحركة. ضِف إلى ذلك المشهد الاقليمي المتأزم الذي تسوده الحركات الإسلامية المتطرفة، أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصاً أن تونس تصدرت البلدان المصدرة للجهاديين المنخرطين في صفوف هذا التنظيم.

الاجتماع السري في باريس والذي جمع راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي في 15 أوت 2013، أوحى بأن قرار النهضة بتسليم الحكم لن يخرجها فارغة الأيدي.

هذا ما أكده إقرار دستور تونس الجديد بصيغة توافقية وصفها قيس سعيّد[8] بالبراغماتية البحتة، حيث أن التنازلات التي قدمتها كل من حركتي النهضة ونداء تونس لا تعد تنازلات بل مساومات، بقيت النهضة بموجبها في الحكم. منذ ذلك الحين، أصبحت السياسة المتبعة بين هذين الحزبين هي السياسة “التوافقية”، والتي استمرت حتى اللحظة.

النهضة وتساؤل ما بعد التمكين

بعد إقرار دستور تونس الجديدة، بدأ سلوك النهضة يتخذ مساراً أكثر اتزاناً مع وعودها “الحداثية” التى قطعتها منذ بداية الثورة. وبدأ المراقبون والمحللون – على مضض – التميبز بينها وبين الجماعات الاسلامية الأخرى. فقد عملت الحركة على إقصاء العناصر”الإحيائية” المتشددة من مشهدها السياسي. بلورت الحركة في مؤتمرها العاشر عام 2016 هذا “التقدم” بطريقة مفصّلة عبر تنوع لوائحها بين اقتصادية واجتماعية وسياسية وتنطيمية، والتى تعد بمثابة مشروعها للسنوات القادمة. يتشابه مضمون هذه اللوائح مع برنامج النهضة الانتخابي لعام 2011.

الاختلاف بينهما يكمن في تحويل المواضيع المطروحة في سنة 2011 إلى لوائح أكثر تفصيلاً ووضوحاً.  يمكن اعتبار المؤتمر العاشر لحركة النهضة بمثابة إعادة صياغة لبرنامجها الانتخابي على نحو من شأنه أن يحدث “الصدمة” المطلوبة لإقناع القوى المحلية والدولية بمدى تباين النهضة عن سائر الحركات الإسلامية. فبالرغم من تراجع حدة التهم الموجهة للنهضة بازدواجية الخطاب، ما زال يُعتقد أن جماعات الإسلام السياسي تتحرك بشكل مترابط وأنها تتصرف كمجموعة واحدة وإن بصورة انفرادية.

ويجدر التذكير في هذا الصدد بما كان صرّح به خيرت الشاطر، وهو النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المسلمين المصرية، في وثائقي[9] حول الجماعة، “أن هناك رؤية للحركة منتشرة في العديد من بلدان العالم. ولكن ليس هناك شبكة تربط بين الجماعات المنتمية لهذه الرؤية، بل هناك قاعدة أيديولوجية عالمية تمكّن كل مجموعة من ممارسة الرؤية في إطارها الخاص وخصوصية بلدها”.

ورغم ذلك، ليس بوسع أحد أن ينكر تطور خطاب النهضة الحاصل في لوائح المؤتمر العاشر لجهة الانفتاح على الديمقراطية والقضايا الحقوقية. وقد قدمت الحركة فيما بعد البرهان على توجهها هذا من خلال إقرار قانون تجريم العنف ضد المرأة الصادر في 11 أوت 2017. كما عبرت الحركة عن هذا التوجه بتصريحات بعض قيادييها “الثورية” فيما يخص الحقوق والحريات الفردية.[10]

أعلنت حركة النهضة في مؤتمرها العاشر إذا عن “الإسلام الديمقراطي”، معبرة من خلاله عن خروجها من تيار الإسلام السياسي. نقرأ في بيان النهضة الختامي أن “هذا المؤتمر التاريخي – المؤتمر العاشر للحركة –  بوضوح خياراته الاستراتيجية أن حزب حركة النهضة قد تجاوز عمليا كل المبررات التي تجعل البعض يعتبره جزءا مما يسمى “الإسلام السياسي.” فإذا ما سلمنا بأن الإسلام الديمقراطي أيديولوجية ناشئة للنهضة، فبالإمكان اعتباره أيضا خلاصة مسارها القائم على البراغماتية السياسية والتقلبات الفكرية التى عاشتها منذ نشأتها. وبكلام آخر، بإمكاننا أن نعتبر إطلاق “الإسلام الديمقراطي” بمثابة انتقال الإسلام السياسي من مرحلة التنظير الفكري إلى مرحلة العمل السياسي الفعلي. فمن خلال تبنيها لأيديولوجية تقطع مع كلاسيكيات الإسلام السياسي التقليدي، تحرر النهضة نفسها من “الالتزامات” التى تفرضها أدبيات هذا الفكر سواءً كان إلتزاما “فقهيا” أو إلتزاما بالممارسة السياسية. ما يجعل الحركة تكتسب “المرونة” اللازمة لتحديد خياراتها السياسية.

في الواقع، تملك النهضة اليوم أحقية إطلاق مثل هذه المبادرة، باعتبارها المثال الأبرز بين الحركات الإسلامية التي تمكنت من حمل راية إرساء مقومات الديمقراطية وأداء دور أساسي في كتابة دستور يعد الأكثر تقدماً بين الدول العربية، رغم ثغراته.

وفيما أن لوائح المؤتمر العاشر كررت نوعا ما العديد من “الإسقاطات” ومحاولات “أسلمة” المصطلحات الحداثية دون تأصيل فكري، إلا أننا نستطيع استنتاج عدة نقاط تحسب للنهضة من هذه اللوائح:

فمن جهة أولى، أعطت الحركة في تعريفها أولوية للبعد الوطني الديمقراطي على حساب البعد الإسلامي. وفي هذا الخصوص، نقرأ في لائحة “سبل إدارة المشروع” أن النهضة “حزب سياسي ديمقراطي ذو مرجعية إسلامية، وطني الانتماء، منفتح على جميع التونسيين والتونسيات، يولي العدالة الاجتماعية وقضايا التنمية أولوية قصوى في توجهاته، ويتموقع في الوسط المجتمعي العريض ويحمل تطلعات شرائحه الواسعة، ويعتمد الوسائل الحديثة في العمل السياسي والإدارة الناجعة والحوكمة الرشيدة.” بالإضافة إلى أن “الغنوشي” وصف النهضاويين “بالمسلمين الديمقراطيين” في خطاب المؤتمر العاشر الختامي. كما لاستعمال مصطلح “المسلمين” بدلاً عن “الاسلاميين” دلالة كبيرة عبّر عنها نوفل الجبالي[11]، قائلا أن “حركة النهضة ابتدعت مقاربة جديدة لعلاقة الاسلام بالسياسة لا تقوم على البعد العقائدي بل البعد القيمي، بمعنى أن هدف الحركة يتجاوز التركيز على العبادات وسلوكيات الأفراد، ليركز على المنظومة القيمية الإسلامية بذاتها، والتي هي جزء لا يتجزأ من المنظومة القيمية العالمية.” كما ننقل هنا ما قالته محرزية العبادي[12] في هذا الصدد “أنا كمسلمة، التزامي بالإسلام وواجبي الروحي يدفعانني لضمان العدالة وتحقيق الحقوق والحريات للجميع دون استثناء لا جنس أو عرق أو دين.” من هذا المنظار، تبدو النهضة وكأنها تتجه على عكس ما سعى إليه الإسلام السياسي الكلاسيكي منذ نشأته، إلى حصر الدين في إطاره الخاص عبر فصله عن الشأن العام والحياة العامة. وهذا ما يحدث الفرق بين “اسلامي” و”مسلم”. ف “الاسلامي” يسعى إلى نقل تدينه من حياته الفردية الخاصة إلى المجال العام، بالإضافة إلى إيمانه القوي بالدين كأيديولوجية قائمة بذاتها ويقتضي أن تصبح أيديولوجية للمجتمع والدولة.

يضاف إلى هذا التصريح ما أكده بعض قياديي الحركة للمفكرة، بأن مرجعية النهضة اليوم هي الاتفاقيات العالمية الموقع عليها من قبل الدولة التونسية والدستور التونسي.، متغاضين تماماً عن ذكر “الشريعة” أو “الفقه الإسلامي” كمرجعية للحركة. بل شدد هؤلاء على أن الاسلام يقتصر سياسياً عند النهضة بنظامه  القيمي الذي يتماهى كلياً مع القيم العالمية.

الفصل بين الدعوي والسياسي، والذي عبرت عنه النهضة في مؤتمرها العاشر، يهدف إلى تعزيز هذا الجانب. فبالرغم من أنها عبّرت عن هذا في برنامجها الانتخابي لعام 2011، حيث شددت على أهمية حياد واستقلال المجتمع المدني، إلا أن الحركة عادت وصاغته بطريقة تستقطب الأنظار الاقليمية والدولية وتجنبها حدة التهم والشكوك بتوظيف الدين لخدمة مصالح سياسية خاصة.

ولكن، مع أهمية التوجه المذكور، يبقى توظيف الدين في السياسة من قبل النهضة قائما بحيث أنها ما زالت تعلن عن نفسها حزبا يأخذ من الإسلام أساسا في فعله السياسي، مع ما يستتبع ذلك من استثمار للحس الديني. فحركة النهضة تعوّل في لوائحها على الفرد التونسي، بإعتباره فردا متمسكا بتراثه الحضاري الإسلامي وهويته الإسلامية. وهي تتبنى المنهاج “البورقيبي” في مقاربتها بخلق توازن بين التأصيل والتراث من جهة والحداثة من حهة أخرى. فقد نصّت لائحة الرؤية الفكرية أن حركة النهضة “تسعى إلى أن تكون حركة معاصرة توائم بين التحديث الإيجابي من جهة والتأصيل الثقافي من جهة أخرى”. هذا ما سيساعد الحركة على توسيع دائرة استقطابها لتشمل ليس فقط من يؤمن بالإسلام بشكل كلاسيكي عقائدي بل أيضاً أولئك “المحافظين” الذين لا تربطهم بالإسلام سوى علاقة حضارية تراثية. وهذا ما سيسهل علاوة على ذلك اعتماد النهضة على “الخيار الشعبي” في القضايا الإجتماعية الحقوقية والسياسية المحورية التى تسبب لها إشكالا “فقهيا”. أبرز مثال على ذلك هي مسألة المساواة في الإرث والتى لم تتخذ الحركة موقفاً رسمياً منها حتى اللحظة، بالرغم من أنها مسألة شبه محسومة إسلامياً. كما أن عددا من قياديي النهضة عبروا للمفكرة عن رفضهم لأي تغيير في مسألة المواريث. ولكن نجد النهضة اليوم داعمة لحوار شعبي حول هذه المسألة بين الأطياف المختلفة، معولة على تمسك التونسيين بهويتهم الإسلامية الرافضة لتغيير جذري في أمور مثبتة قرآنياً مثل مسالة الأرث.

منذ وصولها للحكم في 2011، ما انفكت النهضة تسعى إلى الحفاظ على “حق البقاء”، ما دفعها إلى العمل على تمكين نفسها في الحكم من خلال مدّ جذورها داخل أعماق مؤسسات وإدارات الدولة. تمثل ذلك في إقرار قانون العفو العام في 2011.  كما عبرت حركة النهضة عما ينقصها لتعزيز قوتها السياسية في لائحة “سبل إدارة المشروع” لمؤتمرها العاشر، حيث نقرأ: “اكتشف الإسلاميون إذّاك مفارقة بين قوة حضورهم الشعبي وضعف تأثيرهم في آليات صناعة الرأي العام والقدرة على ممارسة الحكم بشكل فعلي”.

هذا الوعي بضرورة تعزيز نفوذ الحركة داخل أجهزة الدولة، تجلى في لائحة “النظام الأساسي” للحركة. سعت هذه الأخيرة إلى بناء حزب يقوم على المؤسسات. من أبرزها مؤسسة الشورى التي تضم 150 عضوا من أبرز قيادييها ومنظريها، بالإضافة إلى المكتب التنفيذي والهياكل اللامركزية المحلية والجهوية.

عملية “التمكين” هذه تضع حركة النهضة أمام خيارين متناقضين في مداهما البعيد، أما مسارهما فمتشابهان. حيث أن بقاء النهضة في الحكم ديمقراطياً وعملها على تماهي خطابها الحقوقي مع فعلها التشريعي يجعلها تملك فرصة ذهبية لتمرير أجندة حقوقية تمهّد الأرضية اللازمة لإجراء تغيير ذاتي عميق وتبعا لذلك لفتح باب تجديدي تشريعي/ فقهي كبير، أقله فيما يخص الحقوق والحريات، في إطار يسوده الحوار الحر والنقاش بين المختصين والمفكرين، مهيئين بذلك الرأي العام التونسي والإسلامي لتقبل التجديد الإسلامي في كل أبعاده.

ولكن في المقابل هناك احتمال آخر لا يمكن في الظرف الحالي استبعاده، وهو حاضر في هواجس العديد من المراقبين. فثمة خشية أن تشكل عملية التمكين هذه تمهيدا يخول الحركة إعادة طرح كلاسيكيات الإسلام السياسي من جديد، فور شعورها بمناعة وقوة كافيتين للقيام بذلك.

كلا الإتجاهين مطروح، دون امكانية الجزم في اتجاه أو آخر. فرغم التحولات الحاصلة في خطاب النهضة، ما يزال هذا الخطاب مفعما بتناقضات كثيرة. فالتصريحات “الثورية” لبعض قياديي الحركة، خصوصاً في مجال الحقوق والحريات الفردية، يناقضها خطاب آخر أكثر محافظة و”إسلامية”. فبالرغم من تصريح راشد الغنوشي عن المثلية الجنسية بإعتبارها أمرا فرديا لا يحق للدولة التدخل به[13]، وتصريح يمينة الزغلامي[14] بضرورة الاعتراف بالمثليين كفئة موجودة في المجتمع على الدولة حمايتهم واعطائهم الحقوق، يعتبر بعض قياديي الحركة أن تصريحات مماثلة هي مواقف فردية لا تعكس بالضرورة موقف الحركة الرسمي. قال عبدالحميد الجلاصي “علينا أن نفرّق بين حركة النهضة ومواقف قيادياتها.”[15] بالإضافة إلى أن بعض القياديين[16]، صرحوا للمفكرة أن أولوية النهضة هي المحافظة على الأسرة التونسية وتماسكها. الأمر الذي يصعّب قبول إلغاء فصل  230 الذي يجرّم المثلية الجنسية والمساواة في الإرث على اعتبار ان هذه المسائل تهدد استقرار الروابط الاسرية، وبالتالي تؤثر عل تماسك الكيان الإجتماعي ككل.

أي فهم للديمقراطية؟ المساواة أم حكم الغالبية؟

مما تقدم، بالإمكان القول أن هوية النهضة السياسية لم تستقرّ بعد. فما زالت الحركة تسعى إلى “تلميع” صورتها محلياً وإقليمياً، أكثر مما تسعى إلى توضيح مواقفها الفقهية/الفكرية والسياسية.

وأغلب الظن أن البراغماتية تبقى غالبة في خطاب النهضة الحقوقي. في الواقع، قد يتأتى إيمان الحركة بالنظام الديمقراطي بالدرجة الأولى عن اقتناعها بأنه النظام الوحيد القائم الذي يمكنها من خلاله ممارسة الحكم دون الخوف من الإعتقال والنفي. عبّر عن ذلك “الجمالي” بقوله “أن المواطن المسلم لا يمكن أن يخير بين الفوضى والتطرف والديكتاتورية. هناك سبيل ثالث وهو أن يعيش في سلام في إطار ديمقراطي، مثله مثل كل شعوب العالم.”

وعليه، لا تسمح لنا منتجات الحركة حتى الآن من الجزم في معنى مفهوم “الإسلام الديمقراطي”. وما يزيد من أهمية هذا التساؤل هو أن أيٍا من الحركات الإسلامية التى أعلنت انفصالاً أو تبايناً مع تيار الإسلام السياسي، منها حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يعلن عن نفسه حزبا ديمقراطي ذا مرجعية إسلامية، حزب العدالة والتنمية التركي الذي أعلن تمسكه ب “ديمقراطية محافظة”، لم تعمل على ضبط مفاهيمها لا تجديداً تعريفياً ولا تأصيلاً مرجعيا، خصوصاً تلك “الفضفاضة منها”، كمفهوم المحافظة، والتحديث، والحرية، والأقليات، القيم الإسلامية، إلخ.

فماذا يعني مفهوم الإسلام الديمقراطي؟

هل هو يشير إلى أن الإسلام لا يفرض فرضا إنما فقط كنتاج خيار شعبي؟ بهذا المعنى، يصبح مفهوم “الإسلام الديمقراطي” مرادفا لالتزام النهضة بأن تمتنع عن فرض أي من قيم الإسلام ما لم تحظَ بتأييد الغالبية. من هذا المنطلق، يعبر هذا المفهوم عن التزام سياسي باعتماد أصول حكم معينة، بمعزل عن أي تحوّل في قناعات الحركة ذات الأبعاد القيمية، أو أي سعي إلى تجديد خطابها القيمي. وبهذا المعنى أيضا، يتقاطع “الاسلام الديمقراطي” إلى حدّ ما مع فهم حركات الإسلام السياسي للديمقراطية، والتى يمكن أن يطلق عليها تسمية “ديمقراطية إسلامية”. حيث سعت هذه الحركات إلى صبغ الديمقراطية بلون إسلامي في مسعى منها للتوفيق بين الديمقراطية وكلاسيكياتها الفكرية. وقد تمثل اعتماد هذا المفهوم باختزال الديمقراطية على أنها مجموعة من الآليات التي تخوّل هذه الجماعات الوصول للسلطة.

أم أن مفهوم “الإسلام الديمقراطي” يذهب أبعد من ذلك في اتجاه تجديد الخطاب الإسلامي بما يتوافق مع المنظومة القيمية المتمثلة في المساواة التامة والحقوق الملازمة لكل إنسان؟ بهذا المعنى، تتمثل أهم انعكاساته بالإعتراف بالحقوق الفردية بما فيها أمرة الفرد لنفسه في شؤونه الخاصة من دون تدخل، بحيث تكون الغالبية (المسلمة) مدعوة لاحترام هذه الحقوق بمعزل عن مدى توافقها مع قيمها الأخلاقية أو الدينية، عملا بمبادئ المساواة. بالطبع، من المبكر جدا التسليم بهذا الفهم: فتجديد الخطاب الإسلامي على هذا الوجه لا يتم بلحظة أو بإعلان، بل هو يتطلب جهدا فكريا هائلا، من شأنه أن يتفوق أو على الأقل أن يوازي تاريخا ما بات يعرف بكلاسيكيات التنظير الفكري والديني للإسلام السياسي.

كما ان قبول النهضة تغليب كفة المنظومة العالمية لحقوق الإنسان على حساب “اسلاميتها”، دون مبررات ايديولوجية تنظيرية، يجعلنا نتسأل عما سيبقى “إسلامياً” من حركة النهضة. فهل سنشهد تحول الحركة إلى حزب مدني بعد قطع صلته بمرجعيته الدينية؟

وبالطبع، لا يستبعد أن تكون سياسة الخيارات المفتوحة المتبعة حاليا مؤشرا، على تجاذبات بين تيارات مختلفة داخل النهضة، ليس لأي منها امكانية الحسم أو ربما على حيطة قوامها إجراء الإصلاح التغييري تدرجا ومرحليا مع تجنب القفزات الكبيرة التي قد تؤدي إلى مفعول معاكس لرغبات الحركة. فلا يمكن لأي تغيير جذري من هذا النوع أن يحدث خلال سنوات قليلة، بل هو يحتاج عادة لفترات طويلة قبلما يتبلور.

وعليه، وبانتظار مزيد من الوضوح، يقتضي  التعامل مع النهضة اليوم على أنها حزب سياسي وطني، يضع مسافة إزاء التنظير الفكري بشأن ثنائية الدين والدولة، ليصوغ على العكس من ذلك بشكل يغلب عليه البراغماتية برنامجا جاذبا للناخبين من شأنه أن يخوله توسيع مكانته في الحكم وقدرته على التغيير، بالأخص التغيير الذاتي في حال كان هو راغبا بذلك . فهذا ما سيمكننا من تتبع فهم الحركة للديمقراطية، ومعها ما تصبو حقيقة إليه.

نختم من خلال ما قاله حسام الدين درويش[17] الذي شدّد على أنه “ينبغي أن يُترك الباب مفتوحًا دائمًا لقيام هذه الأحزاب “الإسلامية”، بقدر قبولها بأسس الديمقراطية ومبادئها وآليات عملها؛ ومن هذه المبادئ المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، وسيادة القانون، وعدم المماهاة بين الأغلبيات أو الأقليات أو المجموعات الدينية أو الطائفية أو المذهبية والأغلبيات أو الأقليات أو المجموعات السياسية، والفصل بين المجالين العام والخاص، واحترام حقوق الأقليات السياسية، والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرةٍ … إلخ .وهذا يعني أيضًا أن هذه الأحزاب لن تحكم باسم الإسلام وإنما باسم برنامجٍ سياسيٍّ واجتماعيٍّ واضح، يتجاوز شعار “الإسلام هو الحل”، ليضع رؤيةً محدَّدةً ومفصلة للواقع العيني ولمشاكله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية … إلخ، ولآفاقه المستقبلية الممكنة والمأمولة، في إطار الالتزام بمبادئ الديمقراطية وآليات عملها.” في الواقع، ما يجعلنا في خوف على الديمقراطية اليوم في العالم العربي ليس حزب النهضة أو غيره، بل الكراهية والإقصاء و”الفوبيا” المتبادلة بين الإسلاميين والليبراليين والعلمانيين. فالتيار الديمقراطي الحقيقي هو الجامع الذي يضم التيارات المختلفة والتي تعمل وفق آليات الحكم الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة.

للاطلاع على المقال بالنسخة الانجليزية، انقر/ي هنا

 


[1]  حوار مع حميدة التيفر، استاذ جامعي، من أوائل أعضاء حركة الإتجاه الإسلامي ومؤسس حركة اليسار الإسلامي في سبعينيات القرن الماضي

[2]  وزير سابق في عهد بورقيبة

[3]  حوار مع زياد كريشان، رئيس تحرير جريدة المغرب، من أوائل أعضاء حركة الإتجاه الإسلامي، ومؤسس تيار اليسار الإسلامي في سبعينيات القرن الماضي

[4] نذكر منهم حبيب اللوز، عضو سابق عن كتلة حركة النهضة في مجلس الوطني التأسيسي، عبد اللطيف مكي ومحرزية العبادي نائبان عن كتلة حركة النهضة

[5]  حوار مع زياد كريشان

[6]  الرئيس الحالي لكتلة حركة النهضة بمجلس نواب الشعب

[7]  نذكر أمثلة على ذلك الفيديو المسرب لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي مع مجموعة من السلفيين. كما نذكر ايضا وصف حمادي الجبالي مرحلة حكم الترويكة “بالللخلافة السادسة”

[8] حوار مع قيس سعيد، أستاذ جامعي

 The Brotherhood: Investigating the Muslim Brotherhood, Michael Prazan [9]

[10]  المفكرة القانونية، قيادي في حركة النهضة التونسية: أنا ضد تجريم المثلية وضد تجريم تعاطي استهلاك الحشيش، https://legal-agenda.com/article.php?id=3511

[11] حوار مع نوفل الجمالي، عضو عن كتلة النهضة ورئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية في مجلس نواب الشعب التونسي

[12] حوار مع محرزية العبادي،  عضو عن كتلة حركة النهضة في مجلس نواب الشعب وعضو مجلس شورى النهضة

[15]  حوار مع عبدالحميد الجلاصي، نائب عن حركة النهضة

[16] حوار مع يمينة الزغلامي ومحرزية العبادي، نائبات عن حتلة حركة النهضة

[17] حسام الدين درويش، العلمانية تقتضي فصل الدين عن الدولة وليس عن السياسة، موقع قنطرة

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات ، مجلة تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني