هل انتهت عهدة هيئة الحقيقة والكرامة في تونس؟ اتفاق في خضم الخصومة يؤسس لاختلاف جديد


2018-05-25    |   

هل انتهت عهدة هيئة الحقيقة والكرامة في تونس؟ اتفاق في خضم الخصومة يؤسس لاختلاف جديد

وجهت رئاسة الحكومة التونسية بتاريخ 22-05-2018 مراسلة لهيئة الحقيقة والكرامة تذكرها فيها بنهاية عهدتها بتاريخ 31-05-2018 وتطالبها ترتيبا على ذلك بتسليم تقريرها الإداري والمالي للرئاسات الثلاث علاوة على مباشرة الإجراءات الإدارية لإنهاء إلحاق الموظفين العموميين المستخدمين بالهيئة.

كان يتوقع أن تكون هذه الخطوة إعلانا لبداية معركة بين حكومة رفعت لواء تنفيذ قرار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب التي عقدت يوم 26-03-2018 ورفضت التمديد للهيئة وهيئة تتمسك بكون الفصل 18 من قانونها الأساسي يسند لها الاختصاص في تمديد مدة عملها بعام بما يكون معه نظر المجلس النيابي في المسألة في حكم المعدوم لا يلزمها.   خلافا لتلك التوقعات، أعلن يوم 24-05-2018 عن لقاء جمع وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية ورئيسة الهيئة سهام بن سدرين وإنتهى لتوافق بينهما وثق كتابيا بما كان يفترض معه نظريا نهاية معركة قبل بدايتها. إلا أن ما كان منتظرا لم يتحقق مرة أخرى بعدما اختلف المتصالحان في قراءة بنود اتفاقهما. فبعدما رحبت الهيئة بالاتفاق الذي ذكرت أنه يفرض تمديد ولايتها لغاية نهاية سنة 2018، نفت الحكومة  ما نسب لها وذكرت أن ما تم التوافق عليه لا يعدو أن يكون التزاما بالتنسيق بين الحكومة والهيئة في تحقيق إنهاء عهدة الهيئة بحلول 31-05-2018.

لم يتضمن الاتفاق في نصه أي إشارة صريحة لتوافق على تمديد عمل الهيئة. وفي المقابل فإن  ما تضمنه من جدول أعمال ينتظر أن تتولاها الهيئة قبل نهاية عملها لا يتوقع ان يتحقق في بحر أسبوع واحد بما يكون معه لكل من القراءتين المتناقضتين سند في الاتفاق الخلافي. 

عند هذا الحدّ، لا يعلم إن كانت الهيئة التي صاغت الاتفاق بشكل غامض فعلت ذلك لغاية استغلاله مستقبلا في منازلات قضائية تعطل سعي الحكومة لتجميد حساباتها وسحب موظفيها منها أو إن كانت الحكومة قد قدمت فعلا تعهدات سرية اختارت أن تتراجع عنها سريعا بعد تحقيق غايتها منها التي قد تكون  التلويح بالقدرة على الإيذاء للأغلبية الحاكمة التي تسعى لسحب الثقة منها.

وعلى اعتبار أن هذه فرضيات لا يمكن تأكيدها ولا نفيها، فإنه يتعين انتظار حلول أجل 31-05-2018 ليتبين جانب من حقيقة معركة تدخلها الهيئة ضعيفة بسبب انقساماتها الداخلية رغم ما تحظى به من دعم على مستوى الشارع السياسي والمجتمع المدني، وتخوضها السلطة على ذات المستوى من الضعف رغم تسلحها بآليات قانونية وترتيبية تمكنها من إنهاء الوجود القانوني للهيئة ولكنها لا تضمن لها إنهاء وجودها الفعلي. وهي معركة يرجح أن يكتب مخرجاتها الساسة بعيدا عن أعين من يبرزون الآن كشخصيات أساسية تدير منازلاتها.

 

  ينص الفصل 18  من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 مؤرخ في 24 ديسمبر 2013  الذي يتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها   على أنه “حددت مدة عمل الهيئة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها “

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، مقالات ، تونس ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، عدالة انتقالية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني