كيف نجحت الدولة المصرية في السيطرة على الإعلام الاجتماعي؟


2018-05-16    |   

كيف نجحت الدولة المصرية في السيطرة على الإعلام الاجتماعي؟

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا جوهريًا في خروج المواطنين للشوارع في عام 2011. فكان موقع الفيسبوك هو المنصة التي انتشرت عليها صور خالد سعيد وحكاية تعذيبه من قبل الشرطة المصرية. وفي أثناء التظاهرات، شكلت مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فيسبوك وتويتر الوسيلة الأساسية للتواصل والحشد بين المتظاهرين في أنحاء الجمهورية. بالإضافة إلى أنها ساهمت في نشر أخبار التظاهرات وبث الفيديوهات والصور التي تفضح جرائم السلطة بطريقة سريعة. وبالتالي، شكلت إعلاما بديلا عن إعلام الدولة، فكانت "صوت الثورة". وهو ما دفع  النظام، حينها، إلى اتخاذ أول قرار حاسم ضد هذه المواقع عن طريق قطع الإنترنت والاتصالات عن طريق الهواتف المحمولة لقطع التواصل بين المتظاهرين في محاولة للسيطرة على الشارع وتمرير رواية النظام للأحداث. ومنذ ذلك الحين، وعت الدولة المصرية خطورة وسائل الاتصال الحديثة تلك وبدأت رحلتها للسيطرة الكاملة على هذه المواقع ومراقبة استخدام المواطنين لها. وازدادت هذه المحاولات في الأربع سنوات الأخيرة أي منذ 2014، تحت دعوى محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي. فما هي أدوات الدولة للوصول إلى هذا الهدف؟ وهل هي نجحت في خطتها؟

 

الإطار القانوني للاتصالات والإنترنت قبل ثورة 2011

بدأت مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل ثورة يناير، في لعب دور بارز في بعض الأحداث كنوع من الإعلام البديل، ولكن على نطاق أضيق مما هو عليه الآن. نذكر على سبيل المثال، الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008 حيث انتشرت الأخبار على مواقع التواصل وحشدت الرأي العام ضد الحرب. وحاولت وزارة الداخلية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى السيطرة على هذا العالم الإفتراضي عن طريق اعتقال المدونيين والنشطاء السياسيين وتقديمهم للمحاكمة. فعلى سبيل المثال، اعتقلت الشرطة في 2005 المدون كريم عامر على خلفية مقالة كتبها على الإنترنت عن أحداث الفتنة الطائفية فى منطقة محرم بك بالاسكندرية وحكم عليه بالسجن أربع سنوات عام 2007 لاتهامه بإهانة رئيس الجمهورية والإساءة للإسلام. كما تم القبض، في 2011، على وائل غنيم أحد مؤسسي صفحة كلنا خالد سعيد التي كانت من الصفحات الداعية للتظاهر يوم 25 يناير.

 كما أنه مع أزدياد أعداد مستخدمي الإنترنت بسرعة فائقة بكافة أرجاء الجمهورية، اتخذت الحكومة خطوات للحد من استخدام الإنترنت. ففي 2005 على سبيل المثال، أمرت وزارة الداخلية أصحاب مقاهي الإنترنت بتسجيل أسماء وأرقام بطاقات زبائنهم وهددت بغلق الأماكن التي تخالف هذه التعليمات[1]. وهو ما اعتُبر انتهاكا للحقّ فى الخصوصية الذي نصت عليه المادة 45 من دستور 1971 الساري آنذاك. وقبل ذلك، في عام 2002، تم إنشاء إدارة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات التابعة لوزارة الداخلية والتي تختص بتلقي البلاغات الخاصة بجرائم الاتصالات من معاكسات هاتفية ومحاضر سب وقذف عن طريق التليفون. ثم بدأت الدولة في سن التشريعات الخاصة بالاتصالات والإنترنت مثل قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، والذي ينظم كافة أشكال الاتصالات في مصر، ويحدد مهام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات واجراءات الترخيص وطلبات استيراد معدات الاتصالات أو تصنيعها أو تجميعها بالإضافة إلى تحديد أوجه التعاون بين الجهاز وغيره من الجهات المعنية فيما يتعلق بالأمن القومي. ثم قانون التوقيع الإلكتروني رقم 15 لسنة 2004، الذي أُسست بموجبه هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات والأنشطة ذات الصلة بالتجارة الألكترونية.

وعلى الرغم من أن تلك القوانين هي بمثابة قوانين تنظيمية لإنشاء كيانات وإدارات جديدة ضمن أجهزة الدولة إلا أنها  تضمنت  عددًا  من النصوص التي تمنح بعض الجهات والهيئات صلاحيات واسعة من دون حاجة حقيقة لذلك. فعلى سبيل المثال، نصت المادة 28 من قانون التوقيع الإلكتروني على استثناء رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية من تقديم تقارير أو إحصاءات أو معلومات إلى هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات في حالة طلبها. وهو ما يعني أن تلك الأجهزة فوق القانون ويحق لهم عدم الالتزام به[2].

وفي الإطار ذاته، جاءت المادة الأخيرة من قانون الإتصالات لتحدد مجموعة من نصوص القانون التي لا تسري أحكامها على القوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي وشركات الهيئة القومية للإنتاج الحربي[3].

فنلاحظ أن المادة 64 من القانون[4] منحت القوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي بطريق غير مباشر الصلاحية المطلقة -والغير مشروطة بموافقة الجهات القضائية- للحصول على بيانات المواطنيين. فقد ألزمت هذه المادة جهاز الاتصالات أو مقدمي الخدمة بتوفير كافة الإمكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج واتصالات داخل الشبكة لتمكين أيّ من أجهزة الأمن القومي من ممارسة اختصاصاته المحددة قانونًا مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة للمواطنين. وهو ما يعد إهدارًا لمبدأ حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وحرمة المراسلات، وانتهاكًا لضرورة الحصول على أمر قضائي مسبب للاطلاع على تلك البيانات أو رقابتها.

كما نصت المادة 67 على حق السطات المختصة في الدولة، دون تحديد هذه السلطات، في إخضاع جميع خدمات وشبكات الاتصالات وأي مشغل أو مقدم خدمة لإدارتها واستدعاء العاملين لديه، في حالات الكوارث الطبيعية أو بيئية أو في حالات التعبئة العامة أو حالات تتعلق بالأمن القومي؛ مما يسمح بإباحة البيانات الخاصة بالمواطنين دون أية ضوابط.

ورغم كافة المحاولات المذكورة  للسيطرة على الإنترنت قبل ثورة يناير. إلا أن الدور الذي لعبته هذه المواقع أثناء الثورة، دفع الدولة المصرية للنظر إلى هذه المواقع بنظرة مختلفة ومحاولة السيطرة عليها بصورة أكبر، كما سنوضح.

 

بعد ثورة 2011

ساعدت الثورة على اتساع حرية التعبير في مصر خلال عام 2011، وأصبحت وسائل الاعلام الاجتماعي "Facebook- Twitter- Youtube" منصات اعلامية يتواصل الكثيرون من خلالها بمختلف انتماءاتهم. وأدى ذلك إلى ظهور مجموعات على هذه المواقع للتنديد بالانتهاكات التي تُرتكب من قوات الجيش والشرطة بحق المواطنين المصريين، مثل مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" التي كانت تهدف إلى وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين أمام القضاء العسكري، وغيرها من المجموعات التي كانت تحاول الحفاظ على مسار الثورة المصرية وأهدافها الرئيسية.

ولكن هذا المتنفس من الحرية لم يدم طويلاً حيث بدأت أجهزة الدولة فرض المزيد من القيود على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص وعلى شبكة الإنترنت بشكل عام. فبدأت وزراة الداخلية القبض على الصحفيين والمعارضين بسبب نشاطهم على هذه المواقع وتقديمهم للمحاكمات العسكرية، بالإضافة إلى سن قوانين جديدة تجرم استخدام تقنيات المعلومات[5] وأخيرًا بعقد صفقات استيراد تقنيات حديثة تسهل ملاحقة المواطنين والتجسس على محادثتهم واقتحام خصوصيتهم[6].

 

بعد 2013

على الرغم من نص دستور 2014 صراحة على أمن الفضاء المعلوماتي وإلزام الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه[7]؛ إلا أن النظام الحالي لم يتخذ خطوات فعلية في سبيل تحقيق ذلك للحفاظ على أمن المواطنين والدولة. فحتى اللحظة، لا يوجد تشريع يكافح الجرائم الإلكترونية. في المقابل، استخدم النظام الحالي قوانين مكافحة الإرهاب لفرض رقابة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يعكس نظرته لهذه المواقع كتهديد لأمنه خشية اندلاع حركات اجتماعية أو سياسية مناهضة لقراراته.

جاء قانون مكافحة الإرهاب[8] كمثال يعصف بالكثير من حقوق المواطنين ومنها حرية تداول المعلومات وحرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر. فاستحدث القانون عقوبات على إنشاء أو استخدام المواقع الإلكترونية إذا كانت بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية لإرتكاب الجرائم الارهابية أو تضليل السلطات الأمنية أو التأثير على سير منظومة العدالة أو تبادل الرسائل وإصدار التكليفات أو المهام تضرّ بالأمن القومي للبلاد  بالسجن لمدة خمس سنوات[9]. كما تضمن القانون نصًا عقابيًا بالغرامة بمبالغ قد تصل إلى 500 ألف جنيه في حالة نشر الأخبار الكاذبة أو المخالفة لقواعد البيانات التي تصدر عن وزارة الدفاع؛ وهو الأمر الذي يعكس الرغبة في التضييق على استخدام هذه الوسائل كنوع من الإعلام البديل والرغبة في ترويج رواية الدولة عن الأحداث دون غيرها.

بالإضافة إلى ذلك، نصّ القانون صراحة على إمكانية مراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل الاتصال الحديثة. ولأول مرة، سمح بإمكانية تسجيل وتصوير ما يجري فى الأماكن الخاصة أو عبر شبكات الاتصال أو المعلومات أو المواقع الإلكترونية لفترات غير محددة المدة[10]. وهو ما يعد انتهاكا صريحا لحرمة الحياة الخاصة وسريتها وحرمة المنازل المنصوص عليهما فى الدستور.[11] ويتم استخدام هذا القانون كأداة لقمع المعارضين، بالرغم أنه من المفترض أن يكون أداة لمحاولة القضاء على الإرهاب؛ حيث تم رصد المئات من الحالات التي تعرضت لانتهاك خصوصيتهم الرقمية، والقبض عليهم وحبسهم احتياطيًا لمدد طويلة أو الحكم عليهم بالسجن بسبب آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي على أساس أنها "آراء تحريضية" ضد مؤسسات الدولة؛ بالإضافة إلى رصد لحملات إلكترونية يتعرض لها النشطاء والحقوقيون من اختراق لحسابتهم الخاصة[12].

وتجدر الإشارة إلى التوسع في تجريم استخدام تقنيات المعلومات، حيث لم تقتصر على المدونين والنشطاء السياسيين، بل طالت موظفي الدولة كذلك. فهناك سلسة كبيرة من الاجراءات والقرارات داخل كافة الأجهزة الإدارية بالدولة لمنع موظفيها من كتابة آرائهم إذا كانت تخالف السياسة العامة للدولة أو توجيه الانتقاد لرؤسائهم بالعمل على مواقع التواصل الاجتماعي. فهناك المئات من الموظفين والعمال الذين وقع عليهم جزاءات ما بين الخصم والفصل والوقف عن العمل بسبب التعبير عن هويتهم الفكرية، وهو ما يعكس الخوف المتنامي من تأثير تلك المواقع من الرأي العام.[13]

 وكذلك الأمر بالنسبة للقضاة؛ حيث أصدر النائب العام بتاريخ 5 مايو 2016، كتابًا دوريًا رقم 6 لسنة 2016، يحمل شعار إدارة التفتيش القضائي بالنيابة العامة جرى تعميمه على جميع المحامين العموم للنيابات الكلية والفرعية على مستوى الجمهورية، تضمن تعليمات مشددة لأعضاء النيابة العامة بتجنب التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية بشأن أية أحداث تتسم بالطابع السياسي وكذلك تجنب إبداء الإعجاب بأية صفحات أو أخبار تشير إلى تأييد اتجاه سياسي أو حزبي وأخيرًا عدم قبول طلبات الصداقة التي ترد إليهم إلا بعد التحقق من أصحابها[14]. وبرر النائب العام هذا الاجراء بأن مسألة التدوين في الأمور السياسية تمثل خروجًا على موروث التقاليد القضائية التي رسخت واستقرت في تاريخ النيابة العامة. وكنتيجة لهذا القرار،  شكل وزير العدل السابق لجنة لمراقبة ورصد كل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي سواء العامة أو الخاصة بأعضاء الهيئات القضائية، وتم إحالة خمسة من القضاة إلى التفتيش والتحقيق معهم بسبب تدوينهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي انتقدت بعض قرارات مجلس القضاء الأعلى ووجهت "إساءات" للمحكمة الدستورية ورئيسها وكذلك توزيع القضاة المشرفين على الانتخابات[15]. وقد أثارت هذه الملاحقات جدلاً في الأوساط القضائية حول مدى جواز مراقبة الحسابات الشخصية للقضاة على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة وأن قانون السلطة القضائية يحظر فقط الاشتغال بالعمل السياسي[16].

 

سياسات الحجب والمراقبة

لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ. فعلى الرغم من سيطرة أجهزة الدولة على الإنترنت بالطرق التي سطرناها، إلا أن السلطات قررت زيادة حدة القمع عن طريق حجب المواقع الإلكترونية والصفحات التي تعمل على رصد الأحداث بطريقة مختلفة وفضح انتهاكات كيانات داخل الدولة، أو إعطاء فرصة للرأي الآخر، وذلك استنادًا على قانون مكافحة الإرهاب[17]. وبدأت السلطات المصرية بحجب 21 موقع بتاريخ 24 مايو 2017 بحجة أنها تتضمن محتوى يدعم الإرهاب والتطرف وتعمل على نشر الأفكار الإرهابية التي تهدد أمن البلاد داخليًا وخارجيًا. وقد تضمنت تلك القائمة مواقع صحفية وإعلامية وقنوات فضائية مثل موقع مدى مصر وجريدة البداية وقناة الجزيرة والعربي الجديد وديلي نيوز وبعض المواقع الخاصة بمنظمات المجتمع المدني مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان[18]. كما اشتمل الحجب على بعض المواقع الخاصة بمنظمات المجتمع المدني المهتمة بالحريات الشخصية وحقوق الإنسان كالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

ويجدر الذكر أنه لم يصدر أي قرار رسمي بالحجب، وبالتالي لا نعلم أي جهة مسؤولة عن هذا القرار وضمن أي إطار قانوني تم الحجب خاصة وأن جميع المواقع التي تم حجبها لديها التراخيص اللازمة للعمل في مصر[19]. وهو ما يؤكد بشكل واضح محاولة السيطرة على المجال العام ويخالف الدستور الذي يحظر فرض الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام المختلفة أو رقابتها [20].

وفي خطوة إضافية لفرض رقابة "قانونية" على هذه الوسائل، أصدر النائب العام مؤخرًا قرارًا بتكليف المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة بمتابعة وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وضبط "ما يصدر عنها من عمدًا من أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام…"، على أن يتم اتخاذ الاجراءات الجنائية حيال هذه الممارسات[21].

يُذكر أنه في وقت سابق، أصدرت وزارة الداخلية قرارًا بإجراء ممارسة محدودة تحت اسم "مشروع رصد المخاطر الأمنية لوسائل التواصل الاجتماعي" لاستخدام أحدث الإصدارات في هذا المجال "لرصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي والتعرف على الأشخاص الذين يمثلون خطرًا على المجتمع وتحليل الآراء المختلفة التي من شأنها التطوير الدائم للمنظومة الأمنية للوزارة". وقام أحد المواطنين بالطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الاداري مطالبُا بالغائه. ولكن المحكمة فضلت عدم الخوض في هذا الأمر وقررت رفض الدعوى شكلًا تحت حجة رفعها من غير ذي صفة[22]. وبالتالي، اكتفت المحكمة بالنظر في الطبيعة القانونية لهذا الإجراء وطرق الطعن عليه، دون التطرق إلى جوهر الموضوع وأبعاد استخدام تلك التقنيات على الحق في الخصوصية للمواطنين.

 

خاتمة

من الجدير بالذكر أن كافة المحاولات المذكورة  للسيطرة على شبكة المعلومات الدولية والحد من الاستخدام الحر لوسائل التواصل الاجتماعي التي ازدادت بشكل ملحوظ بعد ثورة يناير هي انعكاس لنجاح النشطاء والمعارضين في استخدام هذه الوسائل كأداة لإحداث تغيير سياسي على أرض الواقع تسبب في زعزعة استقرار النظام الحاكم والإطاحة برئيسها في 2011، وكأداة للمعارضة والحشد ضد بعض قرارات الحكومة، وخلق إعلام بديل بعد 2011.

والدليل على ذلك هو تيقن السلطة التنفيذية بأهمية تواجدها على وسائل التواصل الاجتماعي ومحاولة التأثير على الشعب من خلالها. فنلاحظ إنشاء النظام الحالي لصفحات على موقع "فيسبوك" لترويج رؤية الدولة عن المستقبل والتسويق للمشروعات القومية التي يتم إنجازها، بالإضافة إلى صفحات لتأييد الرئيس الحالي وحكومته وصفحات تنقل إنجازات وزراة الداخلية في القبض على العناصر الإرهابية يوجد عليها الملايين من المواطنين. كما استخدم النظام الحالي هذه الصفحات لشن حملات تشويه ضد ثورة يناير وأفكارها بالترويج للفوضى التي جلبتها على مصر، والربط بينها وبين وصول الأخوان المسلمين للحكم. وبالتالي، تدخلت السلطة التنفيذية الحالية للسيطرة على هذا النوع الجديد من "الإعلام" كما سيطرت على وسائل الإعلام التقليدية؛ راغبة في إحكام سيطرتها على وعي الشعب وأفكاره. كما تم "توظيف" أشخاص من وزارة الداخلية لمراقبة حسابات المواطنين وخاصة المعارضين منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أدى إلى تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى مساحات غير آمنة للتعبير عن الرأي تحت تهديد الحبس.

ولم تقف السلطة التنفيذية عند هذا الحد اذ قدمت مشروع قانون لتنظيم الجرائم الالكترونية. وهو ما يناقشه البرلمان المصري حاليًا؛ ونتناوله في مقال لاحق.

 

مراجع اضافية:

  • مصعب حسام الدين قتلوني، "دور مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" فى عملية التغيير السياسي- مصر نموذجًا"، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية في نابلس-فلسطين، 2012.
  • Clive Walker “Journalist Terrorist or counter terrorist? The perils of investigative Journalism post 09/11”, International Journal of Open Governments, Les Editions de L’IMODEV, Vol.2 (2015).
  • Xinyan Zhao, “Effects of perceived Media Diversity and Media Reliance on Public Opinion Expression”, International Journal of Public Opinion Research, Volume 28, Issue 3, 1 September 2016, Pages 335-375
  • Kai Hafez, “Radically polarized Publics and the Demise of Media Freedom in Egypt”, in “Evolution des systèmes médiatiques après les révoltes arabes », Egypt/Monde Arabe 12/2015.  
 


[1] "Egypt increasing Curb over internet usage harassments against Net Cafes should immediately End", Arabic Network for Human rights Information, 23 Feb 2015.

[2] تنص المادة 28 من قانون التوقيع الألكتروني رقم 15 لسنة 2004 على أنه " لا تسري أحكام المادة 13 من هذا القانون على أجهزة رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية".فى حين تنص المادة 13 من ذات القانون على " تلتزم جميع الجهات والشركات العاملة في مجال المعاملات الألكترونية وتكنولوجيا المعلومات بموافاة الهيئة بما تطلبة من تقارير أو إحصاءات أو معلومات تتصل بنشاط الهيئة".

[3] تنص المادة 87 من قانون الاتصالات المصري رقم 10 لسنة 2003 تنص على: "لا تسري أحكام المواد (5 بند 8، 21، 24، 39، 40، 42، 43، 44 فقرة أولى، 48، 51 فقرة أولى، 52 فقرة أولى، 53ن 59) من هذا القانون على القوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي وشركات الهيئة القومية للإنتاج الحربي بالنسبة إلى أجهزة الاتصالات التي تتعلق بمتطلبات الأمن القومي" 

[4] تنص المادة 64 من قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 على أن "يلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات والتابعون لهم وكذلك مستخدمو هذه الخدمات بعدم استخدام أية أجهزة لتشفير خدمات الاتصالات إلا بعد الحصول على موافقة من كل من الجهاز والقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي، ولا يسري ذلك على أجهزة التشفير الخاصة بالبث الإذاعي والتليفزيوني. ومع مراعاة حرمة الحياة الخاصة للمواطنين التي يحميها القانون يلتزم كل مشغل أو مقدم خدمة أن يوفر على نفقته داخل شبكة الاتصالات المرخص له بها كافة الإمكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج واتصالات داخل شبكة الاتصالات والتي تتيح للقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي ممارسة اختصاصها في حدود القانون، على أن يتزامن تقديم الخدمة مع توفير الإمكانيات الفنية المطلوبة، كما يلتزم مقدمو ومشغلو خدمات الاتصالات ووكلائهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على معلومات وبيانات دقيقة عن مستخدميها من المواطنين ومن الجهات المختلفة بالدولة.

[5] مثل قانون مكافحة الأرهاب – قانون الكيانات الأرهابية- قانون الجمعيات الأهلية- قانون الطوارئ

[6] "Digital Darkness: U.S, UK. Companies help Egyptian Regime shut down Telecommunication and Identify Dissident Voices", Democracy Now, 1 Feb 2011.

[7] راجع نص المادة 31 من الدستور المصري.

[8] قانون مكافحة الأرهاب رقم 94 لسنة 2015.

[9] راجع نص المادة29 من قانون مكافحة الارهاب رقم 94 لسنة 2015.

[10] راجع نص المادة 46 من قانون مكافحة الأرهاب رقم 94 لسنة 2015

[11] راجع نصوص المواد 57 و58 من الدستور المصري لسنة 2014

[12] راجع تقارير لحالة حرية التعبير فى مصر يصدر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير لأعوام 2016/2017/2018.

[13] مثال القضية رقم 5300 لسنة 2014 عمال كلى شمال القاهرة الدائرة 63 عمال/ الأربعاء. وللمزيد من القضايا راجع موقع المركز المصري للحقوق الأقتصادية والأجتماعية/ قسم القضايا العمالية.

[14] راجع – محمد نابليون حظر التدوين السياسي على مواقع التواصل الأجتماعي لأعضاء النيابة العامة- موقع جريد الشروق بتاريخ 10 مايو 2016

[15] راجع مصطفى عيد وأحمد سعد بدء التحقيق مع 5 قضاة بسبب " الفيس بوك" موقع الشروق الألكتروني بتاريخ 9 ديسمبر 2015.

[16] قانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المادة رقم 73 تنص على" يحظر على المحاكم إبداء الأراء السياسية، ويحظر كذلك على القضاه الأشتغال بالعمل السياسي…."

[17] راجع نص المادة 49 من قانون مكافحة الأرهاب رقم 94 لسنة 2015.

[18] راجع تقرير صادر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تحت عنوان غلق النوافذ الرقابة على الأنترنت فى مصر.بتاريخ 19 فبراير 2018 .

[19] راجع- تأجيل قضية حجب " مدي مصر" إلى جلسة 24 ديسمبر لإضافة خصوم جدد- موقع مدي مصر بتاريخ 26 نوفمبر 2017.

[20] راجع نص المادة 71 من الدستور المصري

[21] صدر القرار بتاريخ 28-2-2018 ونُشر بمختلف الصحف المصرية.

[22] راجع حكم محكمة القضاء الاداري في الدعوى رقم 63055 لسنة 68 قضائية، الصادرة بتاريخ 28-2-2017.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، مصر



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني