نساء عكار يحملن مناطقهن المحرومة إلى قلب السباق الإنتخابي


2018-05-04    |   

نساء عكار يحملن مناطقهن المحرومة إلى قلب السباق الإنتخابي

صحيح أن ترشح 111 امرأة لبنانية للإنتخابات النيابية في 6 أيار 2018 سجل سابقة في تاريخ لبنان السياسي، لكن المفاجأة الكبرى أتت من عكار التي تنطحت نساؤها للمنافسة في لائحة نسوية صافية وإن كانت غير مكتملة. وترشحت خمس نساء في لائحة “نساء عكار” تترأسها رئيسة حزب 10452 رولى المراد وتضم كل من نضال سكاف وماري الخوري وغولاي الأسعد وسعاد صلاح. وبقي مقعديّن شاغريّن على اللائحة أحدهما للطائفة العلوية وأخر للأرثوذكس.

وتأتي النساء الأربع من خارج المدن الأساسية لعكار وعاصمتيها سواء الإدارية حلبا، أو السياسية القبيات، وهو ما يكسب اللائحة بعداً إضافياً قريباً من طبيعة عكار المحرومة وضيعها المتروكة من دون أدنى مقومات الإنماء، وعلى تباين مع الوضع الاجتماعي للمرأة(على غرار المناطق النائية) وسيادة التقاليد بصورة عامة نحو أدوارها التقليدية.

وعليه، مع ترشح المراد نجد بلدة العيون القريبة من بينو، وتحمل سكاف عدبل إلى قلب التنافس الإنتخابي، وتقول الخوري أنها تأتي من بيت ملات لتمثل عكار أولا وكل لبنان ثانياً، فيما تسجل غولاي الأسعد الرقم القياسي لأصغر مرشحة (25 عاماً) من الكواشرة التي يعود أصل أهلها إلى التركمان، أما سعاد صلاح فهي من أكروم وجبلها، أكروم التي ما زال أهلها يملأون غالونات المياه من النبع على الطريق بينها وبين المونسة بعد 28 عاماً على جمهورية الطائف ووعود السلطة بإيصال الماء إلى العطشى فيها.

شكلت لائحة نساء عكار صدمة ايجابية جذبت وسائل إعلام غربية الى المنطقة المنكوبة فيما بدأت ردود الفعل بالتحول تدريجيا إلى النظر إليها بصورة ايجابية. تقول رئيسة اللائحة رولى المراد، وهي رئيسة حزب 10452كلم ل “المفكرة” عندما أسسنا الحزب كان الهدف اشراك المرأة في السياسة الى جانب المواضيع الوطنية. مددنا يدنا إلى المجتمع المدني دون جدوى، ووجدنا أن جميع اللوائح بما فيها لوائح السلطة ستتشكل في عكار من دون النساء، فكان لا بد من إثبات أننا قادرات على المنافسة”.

خرقت اللائحة القيود بحيث أنها “لا تتبع لأي شخص وأخذت قرارها أن تكون نفسها في منطقة مثل عكار، صحيح أننا كثيراً ما نسمع انه ليس الآن وقت المرأة وألم يعد هناك رجال؟”، لكنها، وفق المراد “حركت الرأي العام النسائي وحتى  الرجال أعجبتهم الفكرة، خاصة أن معظم المواطنين يشعرون بالقرف من الطاقم الموجود اليوم”.

وفعلاً أنتجت اللائحة النسائية الصافية حركة في الإعلام الدولي أكثر منه في الإعلام المحلي الغارق في الإنفاق الإنتخابي والتحايل الذي يتعمد الخلط بين الإعلام والإعلان الإنتخابيين “صارت عكار بأسرها مقصداً للإعلام الدولي الذي قدم للقائنا من ايطاليا وفرنسا والسويد والانكليز والاسبان، معتبرين الخطوة حدثاً يستحق الحديث عنه”، تقول المراد.

لم تكتمل لائحة نساء عكار لأنها لم تجد امرأة علوية واحدة تقبل بالترشح لأسباب سياسية وخاصة برغم الإتصال بسبع نساء من الطائفة العلوية، وكذلك الأمر بقي المقعد الأرثوذكسي شاغراً. وتعزو المراد بعض الأسباب إلى افتقار النساء للقدرة المالية للترشح وكذلك الإنفاق، وبعضهن عزفن عن الترشح لكي لا ينافسن فرداً من العائلة قد يكون ترشح على لوائح أخرى، مما يدفع النساء إلى تجنب المنافسة العائلية.

 وعبر تجوالهن تلمست “نساء عكار” القضايا المشتركة في مناطق المحافظة الشمالية :”وجدنا أن الوجع واحد وهو البطالة والاستشفاء ومشاكل الحياة اليومية، والقرف من الطبقة الحاكمة لأنها لم تقدم شيئا وها هم يتأملون بالنساء ربما لأنهن أكثر حنية ولسن فاسدات ويشعرن بوجع الناس اكثر، فاتفقوا على منحنا الفرصة”.

وتواجه اللائحة معضلة المال الإنتخابي والخدمات التي يقدمها النافذون من السياسيين “للأسف في الكثير من المناطق يقول لنا البعض أنهم يريدون بيع أصواتهم، فنقول لهم أن يأخذوا المال المعروض عليهم من المرشحين دون ان ينتخبوهم، لأن هؤلاء بعد أن يشتروا أصوات الناس لن يسألوا عنهم”.

وترى المراد أن القانون بصيغته الحالية “لديه حسنات للجميع وسيئات للجميع، لكنه ألغى واقع المحادل نوعاً ما، وعلى الأقل هناك أمل بوصول شخص من كل لائحة، ولكن المشكلة هي انه لم يعط خيارات للناس فلوائح السلطة والذين يملكون المال هم أنفسهم”.

وتشكي اللائحة من عدم مساندة الإعلام اللبناني للنساء المرشحات في الترويج للائحة إلا ضمن وقت جد قصير وعلى محطات محدودة، واكتفى الأخرون بالإتصال للتهنئة يوم إعلان اللائحة من دون دعوة أي منهن إلى المشاركة في برامج حوارية. وتقول المراد “فوجئنا بعرض الpackage 150 ألف دولار و 50 ألف دولار و 20 ألف دولار ونحن غير قادرات على ذلك”.

وتطرح اللائحة في برنامجها الإنتخابي سؤالاً محلياً: أي عكار نريد؟ لتجيب: نريد بناء عكار جديدة وإنماء الإنسان عبر مكافحة البطالة ووضع برنامج نمو اقتصادي شامل، والعمل على تحسين وضع المستشفيات وأداءها، ودعم المدارس الرسمية وتعزيز مستوى اللغات الحية والتكنولوجيا، واستحداث تجمع آلات زراعية لاستصلاح الأراضي المتروكة وتشغيل الشباب وتحسين الزراعة وتصريف الإنتاج ودعم المزارع العكاري، والاهتمام بالسياحة الريفية والدينية والثقافية والعلاجية في عكار، وإنجاز نظام ضرائبي تصاعدي، وترميم المنازل المتصدعة، وتبني كل قضايا الحقوقيين والجمعيات الداعمة للمرأة والعدالة والمساواة.

وتأتي مرشحات نساء عكار من خلفيات متعددة: رولى المراد تعمل في الشأن العام ورئيسة حزب 10452 الذي شكل اللائحة. نضال سكاف محامية بالإستئناف.ماري الخوري ماجستير في الفلسفة. غولاي الأسعد مجازة في العلاقات الدولية والعلوم الدبلوماسية. وسعاد صلاح محامية مختصة بالقضايا الشرعية ومعلمة مدرسة.

وأخيراً تشعر المراد بالأسف لعدم تمكن لائحتها من تشكيل مكنة انتخابية وذلك لافتقارها للإمكانيات المادية، لكنها تفخر في المقابل بنجاح حققته قبل اعلان نتائج الانتخابات :” يكفي أننا منحنا الأمل للنساء واعطيناهن الجرأة فمن خلال الجولات التي نقوم بها بتنا نسمع من العديد من النساء وعوداً بالترشح معنا في الانتخابات المقبلة سواء نيابية او بلدية. فالخطوة الحالية هي بمثابة انطلاقة لرفع صوت النساء”.

  • نشر هذا المقال في العدد | 54 |  نيسان 2018، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه: عرسٌ على حطام الديمقراطية
انشر المقال

متوفر من خلال:

مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني