نقابة محامي بيروت تتجاهل قانون حق الوصول إلى المعلومات: الشفافية ضحية على مذبح شركة تجارية


2018-04-27    |   

نقابة محامي بيروت تتجاهل قانون حق الوصول إلى المعلومات: الشفافية ضحية على مذبح شركة تجارية

ما تزال معركة الشفافية في نقابة محامي بيروت تتسع وتتفاعل في ظلّ رفض النقيب أندريه شدياق الالتزام بطلبات الحصول على نسخ عن عقد التأمين الصحي الذي وقعه مع شركة كلوب مد. ويوما بعد يوم، تزداد المواقف المعلنة من داخل النقابة وخارجها، بهدف الاطلاع على هذا العقد. جديد أمس تمثل في صدور مواقف صريحة عن مجلس النقابة، يستشف منها أن النقابة لا تجد نفسها معنية بقانون حق الوصول إلى المعلومات، أو على الأقل أنها لا تجد حرجا في نقض هذا القانون كرمى عيون شركة تجارية. وما يزيد الأمر قابلية للنقد هو أمران: الأول، أن هذه المواقف لم تصدر فقط عن نقيب المحامين اندريه شدياق، بل بدت وكأنها أمور يتفق عليها عدد كبير من النقباء السابقين، والثاني، أن الشركة التجارية المعنية شرعت تبعا لذلك، تحدّد من عليائها للنقابة من لديه المناقبية الكافية للاطلاع على العقد ومن لا يتحلى بهذه الصفات.

مع هذا التطور، باتت القضية ترتدي أهمية إضافية مضاعفة: فما نحن أمامه ليس فقط مسّا بشفافية النقابة، بل سابقة يخشى معها تعطيل قانون الوصول إلى المعلومات من مضمونه، مما ينعكس سلبا على حقوق جميع المواطنين ويقلل من احتمالات مكافحة الفساد. فأن نسلّم بسابقة النقابة، يعني عمليا أن من حق أي مؤسسة رسمية أن تطلب من شركة تجارية تضمين العقود معها بنودا سرية للتملص من هذا القانون وتبعاته.

 

بيانا النقابة والشركة: البند السري جائز

بتاريخ 26 نيسان 2018، انعقدت في نقابة المحامين في بيروت جلسة جمعت نقباء سابقين وأمناء سر سابقين وأعضاء مجلس النقابة، وذلك بدعوة من النقيب لإطلاع هؤلاء على مضمون العقد. في ختام الاجتماع، صدر بيانان وزعتهما نقابة المحامين نفسها:

الأول، صدر عن نقيب المحامين في بيروت تضمن لائحة حضور وسردا مفصلا للوقائع الحاصلة خلال الاجتماع. وقد تبين فيه أن أكثر من 9 نقباء سابقين لبوا الدعوة. وإذ تضمن البيان تأكيدا على أن العقد لا يتضمن أي بنود سرية، فإنه عاد ليؤكد "أن العقد الموقع يندرج ضمن عداد العقود التي لا تحتمل الإفشاء بالنظر إلى اختزان بنوده على معلومات ذات طابع تجاري تؤثر على المنافسة بين شركات الإدارة وعلى علاقة الشركة مع سائر عملائها … وأن الأعراف درجت على عدم حصول التداول العلني لهكذا نوع من العقود".

وقد انتهى البيان إلى ذكر أن جميع الحاضرين باستثناء اثنين، رفضوا تسلم نسخة العقد المذكور. وقد سرت معلومات أن هؤلاء رفضوا استلام العقد بسبب الالتزام المعنوي المطلوب منهم بعدم إفشائه، وهو التزام يضعهم في حرج تجاه جميع المحامين الذين ما برحوا يطالبون بالاطلاع عليه.

أما الوثيقة الثانية التي وزعتها النقابة فقد صدرت عن وكيل الشركة كلوب مد، المحامي شكري الخوري. هذه الوثيقة أوضحت من دون مواربة أن الشركة أصرت على أن يلتزم كل معني بالنقابة بموجب السرية، معللة ذلك بأنه "من الطبيعي أن يلازم هذا الحق التزام كلي بالسرية من قبل الصندوق لعدم تعريض مصالح الشركة لأية أضرار أو إساءة وبصورة خاصة في علاقاتها مع المستشفيات وموردي الخدمات لا سيما مع وجود شركات إدارة منافسة".    

وفيما أجازت الشركة للنقابة إطلاع النقباء وأمناء السر السابقين وأعضاء مجلس النقابة، فإنها طلبت من النقيب نقل طلبها إليهم بالمحافظة على العقد، تماما كما يحافظ أي محام على مستند عائد لموكله. مما تقدم، يظهر وأكثر ما يلفت في بيان الشركة هو استنكارها أن الأمور أخذت "منحى لم نتعوده في نقابة المحامين إذ علت أصوات تطالب بالاستحصال على العقد" وذلك في نقد ضمني لحراك المحامين الحاصل اعتراضا على إخفاء العقد. 

وعليه، تكون النقابة والشركة قد اتفقتا على جواز إبرام عقد سري (غير قابل للإفشاء) حماية لمصالح الشركة. ويبدو أن هذا التنسيق في المواقف بين الشركة والنقابة جاء في سياق استراتيجية استيعابية للحراك تمهيدا لوأد أي مطالبة بالكشف على العقد. وقد تزامن ذلك مع صدور بيان عن محامي حركة أمل بدعم النقيب ومجلس النقابة مع التأكيد على أحقية إبقاء العقد سريا. 

 

بيان مخالف للنظام العام وباطلا بطلانا مطلقا 

بالعودة إلى قانون حق الوصول إلى المعلومات، يسجل الأمور الآتية:

  • أن نقابة محامي بيروت مثلها مثل جميع الهيئات الناظمة للقطاعات المهنية أو المؤسسات التي تقوم بخدمات عامة تعدّ مؤسسة إدارية بمفهوم القانون،
  • أن أيا الاستثناءات الواردة ضمن قانون الحق بالوصول إلى المعلومات لا يمت بصلة للمصالح التجارية للشركات.

وعليه، فإن البند المذكور يكون بهذا المعنى باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته قانون الحق بالوصول إلى المعلومات. ويكون لأي كان المطالبة بإبطاله.

 

حراك المحامين مستمرّ..

في مقابل ذلك، عقد المحامون اجتماعا في بيت المحامي بتاريخ 27/4/2018 جددوا فيه مطالبهم بالكشف عن العقد والتحقيق في أسباب ضياع الأموال. ومن اللافت حضور المحامي عضو مجلس النقابة المستقيل زاهر عازوري الاجتماع لتأكيد أن استقالته حصلت تبعا لرفض تسليمه نسخة عن العقد. وقد اعتبر عازوري أن هيكلية النقابة لا تسمح حاليا قط بإنشاء صندوق تعاوني للاستشفاء، لعجز النقابة عن مراقبة شركة التأمين والمستشفيات. كما أكد عازوري أن مجلس النقابة لم يصوت على العقد الذي لم يتم إطلاع أعضاء مجلس النقابة عليه، إنما فقط على الخيار بين مبدأ الاستمرار في صندوق تعاوني للاستشفاء واعتماد التأمين الجماعي؛ وأن التصويت انتهى لمصلحة الخيار الأول بنسبة 7 أصوات ضد 5.  

وينتظر أن يؤدي اجتماع الأربعاء القادم للجنة المتابعة لحراك المحامين عن اتخاذ خطوات عملية في مواجهة استمرار نقابة المحامين في سياسة التستر على العقد. كما يصادف يوم الأربعاء الواقع في 2 أيار 2018 انتهاء مهلة النقابة لإجابة طلب المفكرة القانونية بالحصول على نسخة عن عقد النقابة مع كلوب مد.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني