عنف في مؤتمر مناهضة العنف


2013-06-19    |   

عنف في مؤتمر مناهضة العنف

شهدت جلسة اليوم الاول لمؤتمر مناهضة العنف والارهاب الذي انطلقت فعالياته في 18/06/2013 بتونس العاصمة مظاهر عنف متعدد الاوجه تراوحت بين العنف الجسدي والاتهامات المتبادلة بالسعي للإرهاب الفكري وممارسة الاقصاء. كانت فكرة عقد مؤتمر وطني يحدد استراتيجيات التعامل مع العنف السياسي ويساهم في خلق جبهة وطنية موحدة تضمن التصدي للخطر الارهابي تجسيدا لمبادرة أطلقها شهيد الارهاب الاستاذ شكري بلعيد يوم 05 فيفري 2013 اي يوما واحدا قبل استشهاده.
ونجحت الأطراف المنظمة للمؤتمر في تجسيد الفكرة وضمنت مشاركة 300 جمعية من جمعيات المجتمع المدني و77 حزبا سياسيا في أعماله بعد أن حرصت بداية على استثناء كل من قامت شبهة على ممارسته للعنف السياسي من المشاركة. وكان ينتظر أن يشكل المؤتمر مناسبة لإيجاد جبهة موسعة حاضنة لقيم التسامح والقبول بالآخر تتولى صياغة توصيات تحدد أخلاقيات التعايش السلمي داخل المجتمع وتحقق أوسع قدر من الاجماع على نبذ العنف الذي أودى بحياة صاحب فكرة المؤتمر. شكل المؤتمر باعتبار اهمية الاطراف المنظمة له وتنوع الطيف الذي تداعى للمشاركة في اعماله أبرز حدث وطني وحظي يومه الاول بتغطية اعلامية منقطعة النظير تبرز حقيقة الحاجة اليه بعد ان استحالت الساحة السياسية عنوانا للأطروحات الاقصائية وبعد تفشي ظاهرة الارهاب وتحولها لخطر حقيقي يهدد النمط المجتمعي.
غير ان الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي تستمر اشغاله لأربعة ايام ابت الا ان تكاشف الجميع بحقيقة تفشي ظاهرة العنف السياسي في تونس، اذ تم الاعتداء على أحد المدعوين المحسوبين على حركات الاسلام الدعوي من طرف مشاركين في المؤتمر بشعارات رفعت ضد حضوره وتضمنت اتهامات لأطراف سياسية بالوقوف وراء اغتيال شكري بلعيد لتصل لحد تعنيفه. وفي هذا الخضم تولى أحد المشاركين في المؤتمر شتم الصحافيين الذين يتابعون اشغاله بوصفه لهم بالكلاب مما اضطر رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان الاستاذ عبد الستار بن موسى للتقدم باعتذار رسمي لهم بعد ان تولوا تنظيم وقفة احتجاجية. وانتهى مسلسل العنف في حلقته الاخيرة الى اعلان سبعة احزاب سياسية من أبرزها حزب حركة النهضة الحاكم وحليفه حزب المؤتمر من اجل الجمهورية انسحابها من اعماله بعد ان ذكرت ان الجهات المنظمة تعمدت ممارسة الاقصاء الفكري ضدها بمنعها من المشاركة في صياغة توصيات المؤتمر. فيما رد ائتلاف الجبهة الشعبية أبرز تكتل احزاب شارك في الدعوى للمؤتمر باعتبار الانسحاب محاولة للتآمر على اشغال المؤتمر وارباك اعماله.
ورغم تواصل اعمال المؤتمر فان يومه الاول جسد العنف المتفشي بمختلف مظاهره بداية من العنف الجسدي المغلف بالشعار السياسي مرورا بالعنف اللفظي انتهاء بالعنف الفكري السياسي الذي ينهض على الرفض المتبادل بين شركاء الطيف السياسي وعجزهم عن الحوار بعيدا عن تبادل الاتهامات. كان ينتظر في أعمال اليوم الاول لمؤتمر مناهضة العنف أن تتعدد الخطب البروتوكولية التي تبرز رفض العنف وتتحدث عن الحوار غير أن تحمس المشاركين منعهم من ممارسة طقوس النفاق الخطابي وألزمهم بمعاينة عمق العنف السياسي في مكان ندوتهم. ورغم المؤشرات السلبية التي يحملها الحدث فان تلقائية الأحداث وتعبيرها الصادق على حقيقة تفشي الفكر الإقصائي ورفض الحوار قد يشكل تحديا حقيقيا للمؤتمر يسمح بصياغة ممارسات تعالج العنف الطارئ وتنجح في تجاوز آثاره وهو أمر متى تحقق يكون أثره أعظم من التوصيات والمقترحات التي تنتج عادة في المؤتمرات لأنه سيحقق الممارسة المرجوة بعيدا عن الشعارات.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني