بتاريخ 19 أيلول 2017، أقرّ مجلس النواب قانونا بتعديل 16 مادة من قانون الأحوال الشخصية لطائفة الموحدين الدروز. ومن أبرز الأحكام المعدّلة، رفع سن الحضانة من 7 و9 سنوات إلى 12 و14 سنة تباعا للصبي والفتاة. وفيما جاء هذا القانون تكليلا لجهود مجموعات نسائية امتدّت أكثر من عشرين سنة، فإنه يستدعي عددا من الملاحظات أفردنا لمناقشتها مساحات واسعة في هذا العدد، وأهمها الآتية:

• أنه يشكل مؤشراً آخر على إمكانية إصلاح قوانين الطوائف بفعل حراك في معظمه نسائي من صلبها، في ظل العجز عن وضع قوانين مدنية شاملة للأحوال الشخصية. فالإنجاز الذي تمثل في هذا القانون يشبه في عمقه الإنجاز الذي حققته “شبكة حقوق الأسرة” على صعيد قوانين الطائفة السنية في 2011 وأدى آنذاك إلى مجموعة من التعديلات أبرزها رفع سن حضانة الأطفال من 7 و9 إلى 12 للصبي والفتاة. وكانت الشبكة العابرة للطوائف قد اعتمدت منذ تأسيسها في 2006 مقاربة جديدة قوامها إيلاء الأولوية في مجال الأحوال الشخصية للضغط على السلطات الطائفية لتعديل قوانينها الشخصية بما ينصف المرأة والطفل. ويؤمل أن يولّد تراكم هذه الاصلاحات الطائفية إلى نشوء توجهات عامة عابرة للطوائف تسمح رويدا رويدا في تقريب القوانين الطائفية بعضها من بعض، أقله بالنسبة إلى أحكامها الأكثر تأثيرا على حقوق النساء والأطفال،
• أن الأسباب الموجبة للتعديل تضمنت جملة فائقة في رمزيتها مفادها أنه “يأتي منسجماً مع أحكام الدستور التي تساوي بين المرأة والرجل”. فهذه الجملة تعكس تسليم الطائفة بوجوب مواءمة قوانين مع مبادئ الدستور وتاليا بخضوعها لنظام عام ملزم لها كما لسائر الطوائف؛ وهي جملة تقلب الاتجاه الآيل إلى تعزيز القوقعة الطائفية على حساب الدولة. بالطبع، ما يزال القانون بعيدا عن مراعاة هذا المبدأ بالكامل، لكن من شأن الاعتراف بعلوية مبدأ المساواة أن يشكل دعامة لاستمرار المطالبات بتعديل القانون تدريجيا إلى حين الوصول إلى المساواة التامة.
• يؤمل أخيرا أن يحفز هذا الإنجاز النساء من طوائف أخرى للضغط على سلطاتها لتعديل قوانينها في اتجاه مزيد من العدل والمساواة.

مقدمة العدد 52 من مجلة المفكرة القانونية في لبنان

نشر هذا المقال في العدد | 52|كانون الأول 2017، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه :

“قوانين الطوائف في مغازل النساء”