نقيب محامي بيروت في جمعيته العمومية الأولى: مسائل حياتية بمنأى عن إصلاح القضاء والفساد والحريات


2017-12-13    |   

نقيب محامي بيروت في جمعيته العمومية الأولى: مسائل حياتية بمنأى عن إصلاح القضاء والفساد والحريات

بتاريخ 7/12/2017 وفي خطوة نادرة، دعا نقيب المحامين المنتخب في بيروت اندريه شدياق المحامين والمحاميات إلى ما سماه لقاء عند الساعة الواحدة من بعد الظهر، في قاعة المحاضرات في بيت المحامي دون أن يحدد في دعوته تلك عنوان واضحاً، فيما ترك الأمر لتكهنات بعض المدعوين حول أسباب هذه الدعوة ومضمونها. وفي قاعة المحاضرات، كان النقيب يجلس وحيداً على المنصة كأستاذ محاضر، فيما كانت القاعة تعجّ بالحضور، وبعد النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين، بدأ شدياق كلامه مرحباً بالحضور موضحاً أسباب دعوته التي اختصرها بعنوان”المسؤولية، الشفافية والمكاشفة”. ويلحظ أنه استخدم بشكل منتظم صيغة  “هو” في الحديث عن نفسه عوضاً عن “الأنا”.

وتحدث شدياق:”كما قلت يوم الانتخاب، هذه المهنة اتخذنا منها منزلاً مكتباً هي أم هي أب لنا. في اليوم 18 من بدء الولاية حرصت على أن يكون هذا اللقاء العائلي الطابع بيننا. تدركون وتعلمون أكثر مني أن شرعية الانتخاب مشيدة على السيادة الشعبية التي تتبلور من خلال الاقتراع الحر من قبل الناخب لاختيار ممثلين ونحن معشر المحامين بصفتنا مجلساً إدارياً تمثيلياً نستمد ونؤسس ونشيّد شرعيتنا عبر الانتخاب عن طريق الجمعية العامة التي تقترع بحرية ممثليها ومن عدادهم نقيب المحامين. الاختيار الحر والثقة مفهومان يستدعيان المسؤولية، الشفافية والمكاشفة وهذا هو العنوان الذي من أجله دعا نقيب المحامين زملاءه لحضور هذا اللقاء”.

واعتبر شدياق أن دعوته تأتي من “باب المسؤولية والمكاشفة والشفافية” والتي على أساسها أراد أن ينقل “العناوين الخطوط العريضة التي طرحها في أول جلسة لمجلس النقابة والتي اتخذ بصددها قرارات مبدئية” سوف يتم السير عليها واحترامها موجزاً هذه العناوين بست نقاط أساسية.

وقبل استغراض هذه النقاط، تقتضي الإشارة إلى أن حديث النقيب إلى المحامين خلا من مسائل وطنية ومهنية أساسية، أبرزها إصلاح القضاء والفساد والحريات العامة.

الحصانة

النقطة الأولى تناولت “الحصانة”. وهنا أكد النقيب حرص الجميع على المحافظة عليها والدفاع عليها من نحوين:

  • النحو الأول هو درس كل ملف بعناية فائقة. فيجب كي لا نفتقد هذه الحصانة نصاً وتشريعاً أن نولي كل اهتمام لأي ملف بشأن أي ملاحقة جزائية، يرد إلى مجلس النقابة برمته. بمعنى أنه حيث يقتضي أن نأذن لن نتوانى عن إعطاء الإذن. وحيث يجب ألا نأذن لن نتوانى أيضاً عن حجب الإذن بملاحقة أي زميل. وبهذه الطريقة، تتم محافظة صحيحة على الحصانة الملازمة لشخص المحامي واللصيقة به تأميناً منه لحق موكله.
  • النحوٍ الثانٍي في موضوع التدرج، اتفقنا كمجلس باقتراح من النقيب، أن نسعى قدر المستطاع، وهذا من صلب مهامنا، إلى رعاية التدرج بشكل نؤمن للمتدرج/ة حياة تدرجية مستقرة، بمعنى أن نحاول الحد من عملية نقل التدرج من مكتب الى مكتب “كلما دق الكوز بالجرة” بالتالي نضفي على الحياة التدرجية طابعاً من الجدية وطابعاً من الاحترام ونمكن متدرجاتنا ومتدرجينا من إكمال حياتهم التدرجية تمهيداً لانتقالهم إلى الجدول العام”.

وفي هذا الصدد لفت الى أن “نقيب المحامين سوف يحيل في الجلسة الثانية المنوي انعقادها، نهار الجمعة 8/12/2017، على المجلس مجموعة من الأسماء لم تعد تستوفي الشروط. حيث سيتم شطب كل من انقضى وفقاً للنظام الداخلي طبعاً، على تدرجه أكثر من مدة خمس سنوات ولم يتقدم بطلب نقل إلى الجدول العام من جدول المتدرجين. وكذلك كل من تقدم ضمن مهلة الخمس سنوات بطلب نقل إلى الجدول العام ولم يوفق في اجتياز الامتحان على مدى أكثر من سبع سنوات سيشطب أيضاً.

كما سيتم شطب الناجحين في الانتقال إلى الجدول العام وانقضت المدة اللازمة دون تسديد الرسوم واستكمال عملية نقلهم إلى الجدول العام من جدول المتدرجين أيضاً”.

الجدول العام

في النقطة الثانية وهي في موضوع الجدول العام أيضاً، تحدث النقيب عن نقطتين أساسيتين في استمرار الحياة المهنية للمحامي وهي تمتعه بالإحترام أولاً دون أن يحدد ما هي المعايير الملاصقة لهذا الأمر، وأن يكون لديه مكتب محدد يعمل فيه ثانياً. ولفت إلى أن “المجلس اتجه  في قرار مبدئي منذ جلسته الأولى، إلى التأكيد على قراراته السابقة، بأن نص قانون تنظيم مهنة المحاماة وتحديداً المادة الخامسة منه، التي تفرض حيازة ما نسميه أحد الشروط وهو التمتع بسيرة توحي بالثقة والاحترام أن هذا الموجب مطلوب على الدوام، وليس فقط لحظة انتساب المحامي إلى جداول النقابة. وعلى الزميل المحامي أن يبقى متحلياً طيلة ممارسته للمهنة بهذا الشرط وهو شرط مستمر ودائم يلازمه منذ أول تدرجه لغاية آخر لحظة من ممارسته لهذه المهنة”. وفيما خص مسألة وجود مكتب، قال: “خلال هذه الفترة الوجيزة ونتيجة مجموعة من المعاملات الأخرى في هذا الصدد، فإن أدراج النقابة مليئة بالتحقيقات التي أجريت بحثاً ومحاولة شاقة في اتمام عملية تبليغ لأحد الزملاء لموعد جلسة، وهذا الأمر فضلاً عن أنه يتنافى مع قانون أصول المحاكمات المدنية، يناقض الأعراف والأخلاق المهنية وما يقتضي أن يتوفر من صفات بشخص الزميل/ة. وهذا يجاور إلى حد ما مسألة عدم وجود أو توفر المكتب مما يشكل شرطاً مخلاً باستمرار انتساب تلك الزميلة أو ذاك الزميل الى جدول المحامين العام العاملين وبالتالي لن يتوانى مجلس النقابة عن اتخاذ القرارات اللازمة بهذا الصدد وعنيت بها اتخاذ قرار بوقف مزاولة الزميل/ة المعني/ة. فليست أجهزة النقابة وليس أعضاء مجلس النقابة وليس الأعضاء السابقون في مجلس النقابة أن يتولوا نيابة عن دائرة المباشرين هذه المهمة”. مؤكداً في هذا السياق “أن هذه القرارات ستلاقي الدرس الجدي والدؤوب كي لا يقول قائل بأن قرار مجلس نقابة محامي بيروت قد فسخ استئنافه”.

مكتب الدواء

النقطة الثالثة تناولت موضوع مكتب الدواء. وفي هذا الخصوص لفت النقيب الى أن “هناك فكرتين يتم السعي إلى تنفيذهما” مستشهداً بنقباء سابقين. وقال:”لقد قيّد لي أن أجتمع بالمسؤولين عن هذا المكتب الذي هو ضرورة ماسة وسوف يستمر في توفير ما يوفره. وكي لا أعدكم بما لم أستطع تحقيقه لغاية الآن، هناك فكرتان نسعى إلى تحقيقهما في مزيد من تأمينٍ للسياسة الدوائية والسياسية العلاجية التي دشنها النقيب نهاد جبر وتابعها النقيب جورج جريج. أملا بأن نطور رويداً رويداً هذا المكتب أو هذا المركز ليشمل أوسع الخدمات الممكنة في هذه الأيام الصعبة حيث المحامي ما هو قلق إلا على مصيره الصحي”.

الممارسة اليومية للمهنة

أما النقطة الرابعة فتمحورت حول “السياسة التي سينتهجها المجلس النقابي فيما يتعلق بالمشاكل والمسائل والأوهام والمعترضات التي تعوق ممارسة المحامي اليومية في المحاكم أمام الإدارات الرسمية، وأمام الإدارات الرسمية غير المدنية”. وعن ذلك قال: “لقد طرح الموضوع على المجلس في أول جلسة وتمنى نقيب المحامين على الزملاء الأعضاء الذين قبلوا مرحبين بأن يكون لهم ونقيب المحامين متسع من المهلة لا تتجاوز تاريخ العشرين من هذا الشهر كي نعدّ مضبطة كاملة في كل ما يعترض المحامي في ممارسته اليومية للمهنة لكي يتم بالدرجة الأولى محاولة معالجة هذا الأمر بالطريقة المناسبة، عن طريق التعاون بين نقابة المحامين ومجلس القضاء الأعلى وحتى وزير العدل إن اقتضى الأمر”.

وأكد شدياق أنه “في حال عدم تلبية مطالبنا المحقة المتصلة بكرامتنا الشخصية، والمهنية فإن جميع أشكال التصعيد دون الإضرار بالحياة المهنية للمحامي وبحياة موكليه من حيث ارتدادها على مصالحهم لناحية تعطيل جلسات وسواه كل التدابير وكل الاجراءات مفتوحة آفاقها أمام نقيب المحامين وأمام المجلس”.

أمور إدارية “سرية”

النقطة الخامسة وهي نقطة بقيت غامضة. وقد قدمها النقيب على النحو الآتي: “فور انفضاض الجلسة الأولى الانتخابية الحكمية لمجلس النقابة المخصصة لانتخاب مكتب المجلس المؤلف من نقيب المحامين وأمين السر وأمين الصندوق ومفوض القصر، سمحت لنفسي أن أدعو المكتب إلى اجتماع فوري تم خلاله تحديد ما يجب تحديده من سلوكية ومن تدابير يتخذها المكتب بشأن أمور إدارية ليس لي أن أفصح عن مضمونها، ولكن ما أستطيع أن أقوله أنني تمنيت على المكتب الذي قبل أن نعتبر أنفسنا في شبه حالة جهوزية تامة أو شبه حالة إنعقاد دائم لتتم معالجة أي ثغرة، أو إشكال أو طارئ ينال من كرامة الزميل/ة”.

التأمين الصحي

النقطة السادسة والأخيرة على جدول كلمته كانت حول التأمين الصحي وهذه النقطة لم تكن بعيدة عن توقعات بعض المحامين. وهنا لفت شدياق إلى أن هناك نقاطا مطروحة وغير مطروحة في هذا الشأن، منوهاً أنه لم يكن في عداد الأعضاء على طاولة المجلس عند طرح هذا الموضوع. وقال:” أوضح ذلك، ليس من باب إعفاء الذات من المسؤولية وأنا مدعو إليها وأنا طوعاً دعيت نفسي إليها، لكن أطرح هذا المدخل لأكرر أن نقيب المحامين انكب منذ انتخابه وخلال أحد عشر يوم عملٍ فقط، على قراءة ودراسة مستندات هذا الملف بكل عناية”. وشدد على حاجته إلى “تكوين الاقتناع ودرس الملف بكل روية ودقة ومسؤولية وانتباه” منوهاً أن ليس لديه أفكار مسبقة حول الموضوع.

ثم تناول  العجز الذي يضرب ميزانية النقابة قائلاً: “تبين لي من خلال السنين التأمينية المنتهية ثالثتها في 31/3/2018، أن هناك عجزاً يجاوز الستة أو السبعة ملايين دولار ولا أفشي سراً. فمن اطّلع منكم ومن الأكيد أنكم اطلعتم على البيان المالي وعلى الميزانية وهذا وارد بكل صراحة عبر الأرقام. وبالتالي إن هذا العجز هو مؤقت لأنه من نحو أول قد تكون الأرقام التي بحوزتنا غير متطابقة مع شركة الإدارة. ومن نحو ثان، إن السنة التأمينية الثالثة غير المتطابقة مع السنة المالية النقابية تنتهي ثانيتها في 30/9/2018 وأولاها في 31/3/2018. وأنا أغوص بالموضوع بحذر ذلك أن الأرقام ليست نهائية وأنا متأكد أننا بالإرادة الحسنة والإرادة الجماعية وبالإرادة المشتركة سنتوصل إلى الحلول، المقتضى أن نصل إليها بما يحفظ كرامة المحامي الصحية والاستشفائية وبما يجنب نقابة المحامين الخسارة”.

وفي سياق متصل، لفت النقيب إلى أن”برنامج الخدمات الصحية والاستشفائية له مفهوم مغاير لبرنامج التأمين، وفي ظل العقد الحالي الساري المفعول لغاية نهاية آذار 2018 من ركائز هذا العقد أن موجب الإدارة يقع على عاتق شركة الإدارة، أما موجب الدفع فيقع على عاتق نقابة المحامين”.

ولفت الى أن الأموال الموجودة في حساب النقابة تعادل ما عليها من التزامات مالية للمستشفيات عارضاً لخطة سيجري اعتمادها لمعالجة الموضوع وقال:”هذا الحساب بعد تسديد مبلغ الثلاثة ملايين دولار أميركي المتوجبة لا يبقى فيه أي فلس. من المبكر كما قلت في الشق الأول من هذه المسألة معالجة هذا الموضوع من حيث الأساس، أي دراسة دفتر الشروط وإجراء تعديلات حيث يقتضي على دفتر الشروط اللجوء إلى استدراج عروض شفافة ليتمكن مجلس النقابة وعلى رأسهم نقيب المحامين من اتخاذ القرار الصائب بالنسبة إلى الفترة التي ستبدأ في الأول من نيسان 2018″. وأكد أن”هذا المسار سواء استغرق في الوقت أسبوعاً أو أسبوعين أو أشهر ضمن فترة الأربعة أشهر الباقية سيولى الانتباه والعناية اللازمتين ضمن العناوين الكبيرة التي أوضحتها أي الدراسة الجدية الصيغة الفضلى والشفافية المطلقة”.

وتحدث شدياق عن اقتراح حظي على موافقة مجلس النقابة قوامه “أن يصار إلى أخذ سلفات من الصندوق التعاوني لتأمين سداد المطالبات التي ترد بشأن التأمين الصحي. هذه المبالغ تمكن نقيب المحامين من تشريف توقيع النقابة على العقد كي لا يهان المحامي أو تمتهن كرامته وذلك ليس فقط لغاية 31/3/2018 كتاريخ ولكن لغاية انتهاء مفاعيل العقد المنتهي في 31/3/2018. لأنه سوف ترد بعد هذا التاريخ من وحي خبرتنا ومن وحي معرفتكم بسير الأمور، سترد مطالبات ليس مستعداً نقيب المحامين ولا النقابة أن تقول أو أن ترد بأن هذه السلفات تنتهي مع تاريخ إنتهاء العقد”.

وختم النقيب معتبراً في كلامه بشارة ما، أرخت بعض التفاؤل لدى البعض في حال طبقت الشفافية التي تحدث عنها النقيب بحذافيرها. أما ختام اللقاء فكان بتأكيد النقيب على ان هذه الدعوة لن تبقى يتيمة داعياً الى تكريس هذه الخطوة ضمن الأعراف النقابية”. ثم نهض عن كرسيه وانصرف دون أن يكون هناك مجال لأحد ممن استمع إليه أن يستوضح أو يسأل أو يعلق أو يبدي أي رأي. وعليه، وفيما بدت الدعوة إلى جعل الجمعيات العمومية عرفا في مكانها، يؤمل أن يتسع هذا العرف لترسيخ الحوار والتشاركية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حقوق العمال والنقابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني