فتح باب الترشيح للمناصب القضائية في المغرب


2017-10-09    |   

فتح باب الترشيح للمناصب القضائية في المغرب

في حين دعا مجلس القضاء الأعلى في لبنان القوى السياسية تقديم لوائح بمرشحيها لتولي مناصب قضائية، كلا بما يتصل بطائفته، كان المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب يفتح باب الترشيح للمناصب القضائية، مع وضع نموذج جديد لتقييم أداء القضاة. وبذلك، يخطو المغرب خطوة إضافية في اتجاه الاعتراف بضمانات استقلال القضاء فيما ينزلق لبنان في اتجاه تسليم المسارات المهنية للقضاة للقوى السياسية وتاليا في اتجاه صناعة القضاء المنسجم والتابع. ويشار إلى أن الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي في تونس كانت أول من أدخل ممارسة الترشيح إلى الدول العربية (المحرر).

 

أطلق المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب موقعا رسميا، في سابقة تعد الأولى من نوعها، تعكس رغبته في إضفاء الشفافية على طريقة عمله، والتواصل مع القضاة ومع باقي الفاعلين والمهتمين بالشأن القضائي[1]. الموقع الجديد شرع بعد ساعات قليلة من إطلاقه عشية يوم الجمعة 06/10/2017 في نشر عدد من البلاغات الرسمية، تتعلق أساسا بإعلان لائحة مناصب المسؤولية الشاغرة، ولائحة الخصاص بالمحاكم، ونموذج تقرير تقييم القضاة، واستمارة المعلومات الخاصة بالقضاة. وهو ما يعني شروع المجلس الأعلى للسلطة القضائية في مباشرة عمله بطريقة رسمية.

الإعلان عن مناصب المسؤولية القضائية الشاغرة وسؤال المعايير

أعلن المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن فتح باب الترشيح لمناصب المسؤولية القضائية في بعض المحاكم، واشترط المجلس في المرشحين الذين يتقدمون لشغل مناصب المسؤولية بالمحاكم المتبارى حولها ضرورة التوفر على أقدمية تتراوح بين 12 سنة بالنسبة للمحاكم الصغرى، و15 سنة للمحاكم الابتدائية الكبرى، و18 سنة لبعض محاكم الاستئناف. كما اشترط المجلس من أجل الترشح لبعض مناصب المسؤولية بالمحاكم أن يكون المرشح سبق له العمل كمسؤول قضائي.

وفي أول ردّ فعل للقضاة على فتح باب الترشيح لشغل مناصب المسؤولية بالمحاكم، أكد رئيس نادي قضاة المغرب عبد اللطيف الشنتوف، أن قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية بفتح باب الترشيح لمناصب المسؤولية القضائية خطوة مهمة وجديدة في المغرب، وهو مطلب طالما طالب به نادي قضاة المغرب، والذي كان أمله في إقرار نظام المباراة بشكل كلي مثل باقي الإدارات العامة، ولكن القانون التنظيمي اعتمد نظام المقابلة وإمكانية تعيين المجلس بشكل مباشر. وأضاف بأن اشتراط أقدمية طويلة جدا قد تصل إلى 18 سنة في بعض محاكم الاستئناف من شأنه إقصاء فئة عريضة من القضاة[2].

الإعلان عن الخصاص الموجود بالمحاكم وفتح باب طلبات الانتقالات

كشف المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن حجم الخصاص الموجود بالمحاكم، حيث يبلغ 143 منصبا في قضاء الحكم، و67 منصبا بالنيابة العامة وذلك على صعيد المحاكم العادية، بما فيها محكمة النقض، أما الخصاص بالمحاكم المتخصصة التجارية والادارية فقد بلغ 14 منصبا.

تحديد نموذج تقرير تقييم أداء القضاة

نشر المجلس الأعلى للسلطة القضائية عبر موقعه الرسمي نموذج تقرير تقييم أداء القضاة، واضعا بذلك حدا للنموذج الذي سبق وأن أعدته وزارة العدل ولاقى انتقادات كبيرة من طرف القضاة وجمعياتهم المهنية[3]. النموذج الجديد يضم معطيات تتعلق بالمعلومات الشخصية للقاضي، والمعلومات المهنية، والمؤهلات العلمية، ورغبات القاضي وهي ذاتها المعطيات التي كانت موجودة في النموذج السابق.

لكن اللافت هو تخصيص خانة جديدة تتعلق بملاحظات القاضي حول ظروف العمل والإمكانيات المتوفرة، وخانة أخرى تخص ملاحظاته حول جودة البناية والتجهيزات.

ويبدو من النموذج الجديد أيضا أن تقييم أداء القضاة سيتم وفق معايير جديدة، تراعي خصوصيات كل من القضاء الجالس وقضاء النيابة العامة، تتجلى هذه المعايير في:

1- الأداء المهني: يركز هذا المعيار على مدى احترام القاضي للآجال القانونية والمسطرية، وقدرته على التواصل، والتأطير، وتحمل المسؤولية، والمواكبة وتتبع الملفات، والمواظبة.

وبالنسبة لقضاة الحكم، سيركز التقييم على عدد الملفات المحكومة سنويا حسب نوعية القضايا، ومعدل زمن البت في القضايا، واحترام توقيت انعقاد الجلسات، والدراسة القبلية للملفات وتجهيزها، والقدرة على تسيير الجلسات، والنطق بالأحكام بعد تحريرها داخل الآجال القانونية، وجودة الأحكام، وتمديد المداولات والتأملات.

أما تقييم قضاة النيابة العامة فسيركز على الجوانب التالية: تنفيذ التوجهات العامة للسياسة الجنائية، تطبيق التعليمات الكتابية القانونية، جودة الملتمسات والتقارير الاستئنافية وعرائض النقض، ومراقبة أعمال الشرطة، والقدرة على اتخاذ القرار، ومدى قوة المرافعات داخل الجلسات، ومراقبة الشعبة المكلف بها النائب.

كما أفرد نموذج التقييم الجديد ولأول مرة خانة تخص القضاة الملحقين (المقصود بهم الملحقون ببعض الإدارات العمومية) أو الموضوعين رهن الإشارة حيث سيتم تقييمهم بناء على مؤشرات: إنجاز الأعمال المكلفين بها، المردودية، القدرة على التنظيم، البحث والاجتهاد.

2- السلوك المهني والالتزام بالقيم القضائية: اشتمل النموذج الجديد لتقييم القضاة على خانة تتعلق بتتبع مدى التزامهم بالسلوك المهني وبالقيم القضائية، وهي معطيات سيتم الوقوف عليها من خلال تتبع المؤشرات التالية:

– الإقامة داخل الدائرة الاستئنافية؛

– احترام آداب وتقاليد المهنة والوقار؛

– السمعة الشخصية والمهنية؛

– السوابق التأديبية؛

– التوبيخ أو الاستفسار؛

– العلاقة مع الزملاء والمتقاضين ومساعدي القضاء؛

– الهندام؛

– الشهادات الطبية.

وبناء على هذه المعايير سيتم تقييم القضاة من طرف المسؤول القضائي المباشر الذي سيختار السير المقترح للترقي بين السريع أو المتوسط أو بالأقدمية، ويتعين أن تكون نظريته مبررة ومنسجمة مع معايير التقييم المذكورة أعلاه، كما أن المسؤول الأعلى على مستوى محاكم الاستئناف سيختار بدوره السير المقترح للترقي بالنسبة لقضاة المحاكم الابتدائية، وفي حالة الاختلاف مع الرئيس المباشر في النظرية يتعين أن يبين أسباب ذلك.

لكن المكسب الحقيقي الذي تحقق بصدور قوانين السلطة القضائية الجديدة بالمغرب[4] هو رفع السرية عن تقارير تقييم القضاة إذ أصبح بإمكانهم الاطلاع على آخر تقييم، كما أصبح بإمكانهم الاعتراض عليه.

استمارة جديدة للتعرف على القضاة

نشر المجلس الأعلى للسلطة القضائية عبر موقعه الرسمي استمارة جديدة خاصة بالقضاة تترجم رغبته في التوفر على قاعدة بيانات محينة بمعلوماتهم، لمساعدته في اتخاذ القرارات الملائمة التي تخص تدبير وضعيتهم أو اقتراحهم لشغل بعض المناصب أو اللجان أو الهيئات أو لشغل مناصب بها أو للقيام بأي مهام مؤقتة أو دائمة لديها أو للمشاركة في بعض التظاهرات.

تضم الاستمارة معطيات شخصية بالقاضي وزوجه وبالأولاد، ومعطيات أخرى تتعلق بالتحصيل العلمي، بما في ذلك الندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية، والمؤلفات الورقية أو الرقمية، فضلا عن المعلومات المهنية.

 


[1]– الموقع الرسمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية موجود على الرابط التالي : http://www.cspj.ma
[2]– لمزيد من التفاصيل، يمكن زيارة الروابط التالية: لأول مرة بالمغرب .. فتح التباري حول مناصب المسؤولية القضائية // المجلس الأعلى للسلطة القضائية يفتح باب الترشيحات لشغل مناصب
[3]-حول موضوع تقييم القضاة في القانون المغربي وعلاقته بنظام التنقيط، تراجع الدراسات التالية المنشورة بموقع المفكرة القانونية: ملاحظات حول تنقيط القضاة في المغرب: لئلا يتحول تقييم القضاة أداة لضرب استقلاليتهم // نادي قضاة المغرب يفتح أرشيف مظالم القضاة  // ملاحظات على مذكرة المفتشية العامة حول تقييم قضاة النيابة العامة
[4]-يتعلق الأمر بالقانون رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وصدر بشأنه ظهير رقم 1.16.40 بتاريخ 24/03/2016. والقانون رقم 106.13 المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة وصدر بشأنه ظهير رقم 1.16.41 بتاريخ 24/03/2016.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني