الحكم على خالد علي بالحبس: محاكمة غير عادلة مؤداها تفريغ الانتخابات الرئاسية من مضمونها


2017-09-27    |   

الحكم على خالد علي بالحبس: محاكمة غير عادلة مؤداها تفريغ الانتخابات الرئاسية من مضمونها

أصدرت الاثنين 25-9-2017 محكمة جنح الدقي، حكمًا ضد المحامي والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية خالد علي بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وكفالة 1000 جنيه لإيقاف تنفيذ الحكم، وذلك على خلفية اتهامه بخدش الحياء العام، على خلفية صورة يزعم أنها التقتطت له أثناء احتفاله عقب صدور حكم من محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية، والمعروفة إعلامياً بقضية تيران وصنافير. ونشير إلى أن دفاع خالد علي قام باستئناف الحكم سالف الذكر، وتم تحديد جلسة 8-11-2017 للنظر في القضية.

 

محاكمة دون أي ضمانات عادلة

منذ بدايتها، احتوت هذه القضية على انتهاكات قانونية تخص إجراءات التحقيق والمحاكمة. فعندما مثل خالد علي للتحقيق في 23-5-2017 للمرة الأولى، طلب الاطلاع على البلاغ وملف القضية، وهو الطلب الذي يُعد من حقه قانونا وضمانة من ضمانات حق الدفاع، إلا أن رئيس النيابة رفض دون إبداء أي أسباب. وتبعا لذلك، تمسك خالد بحقه الدستوري في الصمت. وهو ما أدى إلى إصدار رئيس النيابة قراراً بحبسه لمدة 24 ساعة بقسم الدقي بدعوى استكمال التحقيق في اليوم التالي. ولكن في اليوم التالي،  فوجئ الجميع بإخلاء سبيله بكفالة قدرها 1000 جنيه مع إحالة القضية إلى المحكمة دون استكمال أي تحقيقات. وهو ما يعكس وجود نية مسبقة  للتنكيل به بإيداعه بالحبس لمدة يوم كامل دون أي سبب قانوني.

وعندما انتقلت القضية للمحاكمة، شهدنا انتهاكات فجة لضمانات المحاكمة العادلة وعلى رأسها حق الدفاع. فالمحكمة لم تلبّ طلبات فريق الدفاع طوال الجلسات وأصدرت حكمها  دون سماع مرافعات. فطبقا لما رواه مالك عدلي عضو فريق الدفاع[1] عن علي، فاجأ القاضي فريق الدفاع، بالحكم في القضية، من دون مرافعة، رغم تقديم المحامين طلبات للمحكمة. كما لم تلتفت المحكمة في جلستها بتاريخ 25-9-2017 لطلب فريق الدفاع بندب لجنة مختصة ثلاثية، من كلية الفنون التطبيقية أو معهد السينما على نفقة الدفاع لتبين رسميا مدى التلاعب بالفيديو. وعلى الرغم من إثبات رئيس الدائرة لهذا الطلب في محضر الجلسة، وفيما توقع فريق الدفاع تأجيل الدعوى، إلا أن القاضي أصدر حكمه بالحبس 3 شهور بدون تحقيق باقي طلبات الدفاع أو السماع لمرافعاتهم في موضوع القضية.

 

حكم مخالف لمبدأ التناسب بين العقوبة وخطورة الجرم

فضلا عن الانتقاص من حقوق الدفاع، يخالف الحكم بشكل فاقع مبدأ التناسب بين العقوبة وخطورة الجرم المحكوم به. وهذا الأمر يشكل مؤشرا آخر على تحول القانون الجزائي في مصر إلى أداة للحكم بعقوبات مقيّدة للحرية لفترات طويلة على كمّ كبير من الأفعال السياسية المعترضة على النظام السائد.  

 

قضية خالد علي كوسيلة لتقويض أي معارضة سياسية

تعتبر هذه القضية حلقة في مسلسل التنكيل بالمعارضين وبخاصة المدافعين عن مصرية تيران وصنافير. فقد تم القبض على عشرات من النشطاء وأعضاء الأحزاب المؤيدين لمصرية الجزر. وبالتزامن مع ذلك، في مايو 2017، حركت النيابة العامة البلاغ المُقدم من محامٍ موالٍ للنظام ضد خالد علي في يناير 2017، وذلك بعد صدور حكم المحكمة الادارية العليا بتأييد حكم محكمة القضاء الاداري ببطلان الاتفاقية ومصرية الجزر.

بالإضافة إلى ما سبق، لا يمكن إغفال أن تحريك الدعوى ضد خالد علي، يأتي في توقيت استراتيجي. فبالإضافة إلى كون خالد علي محاميا حقوقيا ومن أشهر معارضي النظام الحالي، فهو مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية القادمة عام 2018. وبالتالي، يرجح أن تكون السلطة، متجسدة في النيابة العامة، حركت الدعوى بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت، لابتداع سبب قانوني يمنعه من امكانية الترشح للانتخابات الرئاسية حيث أن قانون الانتخابات يشترط ألا يكون المرشح قد حكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولو رد إليه اعتباره[2]. وذلك يدلل على توجه النظام إلى التخلص من خصومه السياسيين، ورغبته في ضمان أن تمضي الانتخابات القادمة دون أي منافسة حقيقية، ودون أي جدل أو نقاش سياسي من أي نوع.   

 

ويذكر أن خالد علي هو أحد أبرز المدافعين عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية. وقد عرف بشكل خاص في القضايا التي قدمها لإلزام الدولة برفع الحد الأدنى للأجور في مصر ولإبطال الخصخصة.  

 

 

 


[1]  مالك عدلي يروي شهادته عن وقائع جلسة الحكم على خالد علي: http://albedaiah.com/news/2017/09/25/138918

[2] راجع المادة 1 من القانون رقم 22 لسنة 2014 بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، دستور وانتخابات ، مصر



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني