النص الكامل للقرار الدستوري بشأن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب: اعتراضات دستورية على شروط الشكايات والتظلمات


2017-09-14    |   

النص الكامل للقرار الدستوري بشأن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في المغرب: اعتراضات دستورية على شروط الشكايات والتظلمات

أصدرت المحكمة الدستورية عشية يوم الأربعاء 2017/09/13 قرارها حول النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية[1]، والذي قضت فيه بعدم دستورية مجموعة من المواد منه، تتعلق أساسا بصلاحيات الرئيس المنتدب بخصوص تتبع وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع المجلس، وطريقة نشر نتائج المجلس، ومعالجة الشكايات والتظلمات المحالة عليه. وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت في وقت سابق قرارا قضت فيه بتعذر بتها في النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية نظرا لإغفاله التنصيص على المقتضيات المتعلقة بتحديد الجهة المبادرة لاقتراح النظام الداخلي، وضوابط جلسة التصويت عليه والأغلبية المطلوبة لإقراره وتعديله[2].

صلاحيات الرئيس المنتدب بخصوص تتبع وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع المجلس

اعتبرت المحكمة الدستورية أن ما نصت عليه المادة 5 من النظام الداخلي من أن الرئيس المنتدب يسهر على تتبع تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع المجلس، ويعمل على إحاطة أعضاء المجلس علما بمضمونها"؛ يبقى مخالف لنص الدستور على اعتبار أن المادة 113 من قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية  تنص على أنه "يمكن للمجلس أن يقيم، في مجال اختصاصه، علاقات تعاون وشراكة مع المؤسسات الأجنبية المماثلة وكذا الهيئات الأجنبية المهتمة بقضايا العدالة من أجل تبادل المعارف والتجارب ونقل الخبرات…". وعليه اعتبرت المحكمة الدستورية أن عبارة "يعمل على إحاطة أعضاء المجلس علما بمضمونها"، الواردة في المادة 5 المذكورة، يستفاد منها أن أعضاء المجلس لا يطلعون على مضمون الاتفاقيات إلا بمناسبة تنفيذها أو تتبع تنفيذها، وهو ما يخالف ما نصت عليه المادة 113 المذكورة من أن المجلس هو الذي يقيم علاقات تعاون وشراكة مع المؤسسات والهيئات الأجنبية الشبيهة والمماثلة.

نشر نتائج المجلس الأعلى للسلطة القضائية

بخصوص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 17 من النظام الداخلي اللتين تنصان على أنه "يقوم المجلس بنشر نتائج أشغاله النهائية المتعلقة بتعيين المسؤولين بمختلف المحاكم وبتعيين القضاة في السلك القضائي فور موافقة الملك عليها. تنشر باقي النتائج النهائية لأشغال كل دورة من دورات المجلس فور اتخاذها من طرف المجلس…"؛ اعتبرت المحكمة الدستورية أن التمييز الوارد في المادة المذكورة بخصوص طريقة نشر أشغال دورة المجلس بين تلك المتعلقة بتعيين المسؤولين القضائيين والقضاة، وباقي الأشغال الأخرى يبقى تمييزا مفتقدا للسند القانوني، خاصة وأن المادة 60  من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تنص على أنه "ينشر المجلس النتائج النهائية لكل دورة وفق الكيفية المحددة في نظامه الداخلي". وبالتالي، فإن المطلوب من النظام الداخلي أن يحدد كيفية نشر نتائج الأشغال النهائية للدورة في كليتها دون تمييز لمواضيعها سواء تعلقت بمجال التعيين أو الترقي أو التأديب أو غيرها.

المفتشية العامة والهياكل الداخلية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

اعتبرت المحكمة الدستورية أن المفتشية العامة ولئن كانت تابعة في تنظيمها الإداري للهيكلة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفي انتظار صدور القانون المنظم لها، وبالنظر لصلاحياتها غير المختزلة في المجال التأديبي كما ذهب إلى ذلك المجلس الدستوري في تفسيره للمادة 53 في فقرتها الأولى في قراره عدد 991/16، فإنه ضمانا لاستقلاليتها الوظيفية، يتعين أن تمارس أشغالها تحت إشراف المفتش العام مع  تبعيتها في أداء مهامها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في كليته[3]. وبخصوص ما تضمنه النظام الداخلي من إحداث لجنة لمعالجة الشكايات إلى جانب الرئيس المنتدب للمجلس، اعتبرت المحكمة الدستورية هذا المقتضى غير دستوري لأنه يجعل موضوع الشكايات والتظلمات مخولا لهيكلين إداريين مختلفين، دون بيان اختصاص كل واحد منهما، ومدى تكاملهما توخيا للنجاعة التدبيرية، وهو ما قد يؤدي إلى تنازع ممارسة اختصاص واحد من قبل جهازين إداريين مختلفين.[4]

بخصوص شروط وضع الشكايات والتظلمات

اعتبرت المحكمة الدستورية أن معالجة التظلمات والشكايات، يتوقف على تحديد طرق تلقي الشكايات والتظلمات، وإيرادها بشكل صريح داخل النظام الداخلي حتى يتأتى للمعنيين بها معرفتها والمفاضلة بينها لتوجيه شكاياتهم وتظلماتهم؛ وحيث إن ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 48 المذكورة، من تلقي الشكايات والتظلمات "بأي وسيلة يعتبرها المجلس ملائمة"، دون تحديد هذه الوسيلة بشكل إجرائي، يعد مساسا بحق المواطنين في معرفة، وبشكل قبلي، الوسائل التي تمكنهم من الولوج إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية لتقديم شكاياتهم وتظلماتهم.

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن الفقرة الأخيرة من المادة 48 المذكورة تعتبر مخالفة للقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

أجل قبول الشكايات والتظلمات

اعتبرت المحكمة الدستورية أن ما نصت عليه المادتين 49 و50 من النظام الداخلي للمجلس لجهة قبول الشكايات والتظلمات يبقى مقتضى غير دستوري على اعتبار أن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية حصر مجال تدخل النظام الداخلي في "تدبير ومعالجة التظلمات والشكايات" دون أن يمتد هذا التدخل إلى وضع شروط خاصة لقبول تلك التظلمات والشكايات[5].

وبخصوص  المادتين 51 و52 من النظام الداخلي وتنصان، بالتتابع على، أنه "يمكن لشعبة الشكايات والتظلمات مراسلة المسؤول القضائي للمحكمة التي يمارس بها القاضي المشتكى به مهامه، قصد التأكد من صحة البيانات الواردة في الشكاية أو التظلم، وعند الاقتضاء، إبداء ملاحظاتهم وتقديم أي معلومات أو توضيحات تقتضيها معالجة الشكاية أو التظلم" و"تتحرى شعبة الشكايات والتظلمات حول مدى جدية الشكايات أو التظلمات، وتحيل بيانات بشأنها دون تأخير، إلى الرئيس المنتدب".

وقد جاء في قرار المحكمة الدستورية:

"حيث إن شعبة الشكايات أو التظلمات، المشار إليها في المادتين المذكورتين، لا تظهر في الهياكل الإدارية المحدثة بمقتضى النظام الداخلي، ولم يرد انتظامها في أي قطب من الأقطاب المحدثة؛

وحيث إنه، علاوة على ذلك، فإن تخويل شعبة، غير محددة طريقة تشكيلها ولا مكانتها ضمن الهياكل الإدارية، مهام فحص جدية الشكايات والتظلمات، والاتصال بالمسؤولين القضائيين قصد التحقق من البيانات المضمنة فيها، وتلقي ملاحظاتهم عند الاقتضاء، يعد مندرجا في صميم إجراء البحث والتحري الضروريين، وهو ما لا يمكن أن يناط إلا بالأجهزة المؤهلة للقيام به، خصوصا وأن الشكايات أو التظلمات يمكن أن تكون مقدمة لتحريك المسطرة التأديبية تجاه القضاة المعنيين؛

وحيث إن إحداث أجهزة إدارية لتلقي الشكايات أو التظلمات، يجب أن يقترن بحصر مهامها في التدبير والمعالجة، دون أن يمتد عملها إلى تجهيز ملف الشكايات والتظلمات من الجانب القضائي، اعتبارا للضمانات التي خص بها الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية المسطرة التأديبية، لاسيما تخويله لقضاة مفتشين من ذوي الخبرة القيام بمهام البحث والتحري؛

وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن عدم تحديد مكانة شعبة الشكايات والتظلمات داخل الهياكل الإدارية للمجلس وعدم ترتيب مضمون موادها، وتخويلها مهام الاتصال بالمسؤول القضائي والتحري بشأن موضوع الشكايات والتظلمات مع إغفال ضمانة الاستماع إلى المشتكى به، يعد مخالفا للمادتين 86 و87 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية".

 


[1]– قرار  المحكمة الدستورية عدد :7/17 م.د ، في ملف عدد : 38/17، بتاريخ 13/09/2017.
[2]–  لمزيد من التفاصيل أنظر المواضيع التالية المنشورة بموقع المفكرة القانونية: المحكمة الدستورية بالمغرب ترفض البت في النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على حالته // الدستورية تؤخر بت ترقيات القضاة وتأديباتهم في المغرب (تعليق على قرار الدستورية بشأن نظام المجلس الأعلى للسلطة القضائية)
[3]– نصت المادة 28 من النظام الداخلي  على أن هياكل المجلس، تتألف بالإضافة إلى اللجان المنبثقة عنه، وديوان الرئيس المنتدب من : أمانة عامة، قطب الشؤون الإدارية والتكوين، قطب الشؤون المالية والتجهيز، قطب الشؤون القضائية، مفتشية عامة للشؤون القضائية يحدد القانون تأليفها واختصاصاتها وقواعد تأليفها واختصاصاتها وقواعد تنظيمها وحقوق وواجبات أعضائها"؛ وتنص الفقرة الرابعة من المادة 50 على أنه "يحدد النظام الداخلي للمجلس الهياكل الإدارية والمالية للمجلس وعددها واختصاصاتها وتنظيمها وكيفيات تسييرها".

[5]– تنص الفقرة الثانية من المادة 86 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أنه : "يحدد النظام الداخلي للمجلس كيفية تدبير ومعالجة التظلمات والشكايات".

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني