بتاريخ 18/7/2017، وبعد خمس سنوات من الإنتظار المرير، أقرّت سلسلة الرتب والرواتب. وقد بدا أن التوافق الذي أوصل الجنرال عون إلى سدة الرئاسة، انعكس إيجابا ليس فقط على الملفات السياسية (قانون الإنتخابات)، ولكن أيضا على الملفات الاجتماعية ومنها إقرار سلسلة الرتب والروااتب. وقد تم إقرار هذا القانون بعد نحو سبع ساعات من الجدل وفي ختام جلستين صباحية ومسائية، وقد تضمن بعض المخالفات الدستورية الأساسية، أبرزها المس باستقلالية القضاة المالية وجعل رواتب فئات من الموظفين أعلى من رواتب القضاة.

وكان في القاعة، وشاهد النقاش الدائر وعملية التصويت على مواد السلسلة يلحظ أمرين: الجهل لدى عدد من النواب في مضمون المواد وأهدافها. وقد عبر بعضهم مراراً عن جهله لمقاصد هذه المادة أو تلك، حتى ان الأمر  دفعهم عدة مرات إلى التصويت بإلغاء بعض المواد، ثم العودة عن الأمر بعداكتشاف أهميتها. كذلك قلما كان أحد يدقق في عدد رافعي الأيدي أثناء التصويت وإن كانت المواد تحظى فعلاً بقبول النواب. وحدهما النائبان سامي ونديم الجميل كانا يتبادلان الأدوار في المطالبة بأن يتم التصويت بالمناداة  لكن عبثاً حاولا.

وفي اليوم التالي، عمد مجلس النواب إلى إقرار قانون تمويل السلسلة الذي كانت قد أقرت مواد كثيرة منه في جلسة سابقة ومنها زيادة ضريبة القيمة المضافة T.V.A واحد في المئة، وفرض ضرائب على المصارف والشركات العقارية. وسنعمد هنا إلى توثيق مجريات جلستي مجلس النواب، بالنظر إلى أهميتهما التاريخية.

خلاصات

اذا عند الساعة الحادية عشر صباحاً، افتتحت جلسة استثنائية للمجلس النيابي برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، استهلها بطلب الوقوف دقيقة صمتٍ عن روح النائب السابق الدكتور عبد المجيد الرافعي. ثم عرض لأسماء النواب المتغيبين بعذر وهما سليم كرم ونعمة طعمة. وتلي مرسوم فتح الدور الاستثنائية للمجلس. وقد كان بادياً على الرئيس بري أنه حضر حاسماً أمره بإقرار السلسلة على قاعدة “it’s now or never“. على أن موضوع الحسم لم يغب أيضاً عن سيماء النواب ولكن ليس من باب القناعة بالشيء وانما على قاعدة التسليم في أمرٍ محسوم سلفاً. وربما هذا الأمر بدا واضحاً من خلال تعليق النائب علي قانصوه الذي عبر عن ذلك بقوله “المطلوب التكافل والتضامن بين الكتل النيابية وعدم استثناء الكتل غير الممثلة بالحكومة”. والنائب اسطفان الدويهي الذي قال: “آن الأوان للتوقف عن النهج السياسي المتبع في لبنان، فالقرار لا يُختصر بأربع كتل وازنة في بلد تحكمه ديمقراطية توافقية”.

ولم يغب عن أذهان بعض النواب أن يكون سبب الحماسة والإسراع في إقرار السلسلة يتمثل في كون الموسم “موسما انتخابيا” وهو ما عبر عنه النائب والوزير السابق وائل أبو فاعور الذي قال “نحن جايين عإنتخابات وربما ليس من الخيار الحسن مناقشة موضوع السلسلة قبل أشهر من الإنتخابات، حيث تتصاعد وتيرة الشعبوية..”. على أن الرئيس برّي نفى هذا الأمر مؤكداً بأن السلسلة مضى عليها خمس سنوات وقال “القصة مش قصة انتخابات لكن في ناس إلها حق.. وأنا لو عندي مال كنت بعطي أكثر.. والقصة مش قصة شعبوية.. ما ننسى أنو الطبقة الوسطى التي هي أساس اعتماد اقتصاد العام وتتمثل بطبقة الموظفين في لبنان”. فيما حقيقة الأمر أن أحداً من الفرقاء لم يعبر عن رفضه للسلسلة أو يحاول عرقلة إقرارها، لأنه لا يريد أن يلبس “التهمة” أمام مناصريه في الشارع.

وحدهما النائب غازي يوسف والرئيس فؤاد السنيورة أظهرا نقصاً في الشغف لإقرارها. فقد رأى يوسف أنه “لا يوجد بلد في العالم يعطي السلسلة على أساس 85%” منوهاً بأن “بعض المتقاعدين مضى على تقاعدهم 30 عاماً” معتبراً أن “إقرار السلسلة ممكن أن يؤدي الى خراب البلد” واصفاً إياها بأنها “أخطر من إسرائيل” إن لم يكن هناك توازن بين الإيرادات والنفقات.

وهو ما أكد عليه الرئيس السنيورة الذي قال “أن جوهر الاستقرار النقدي هو تأمين التوازن بين المصاريف والإيرادات. وهذا ما كنا نحذر منه منذ سنوات وهو ما يوصلنا إلى الفتنة التي قسمت ظهر البعير.” محذراً أنه “عندما ندرس إعطاء الحقوق، يجب أن نتبصر بما يرتبه ذلك على البقية الباقية من اللبنانيين”. فيما لفت الحزب التقدمي الإشتراكي على لسان نائبه أكرم شهيّب بأنه يلتزم “سقف 12 مليار ليرة” فيما يتحفظ عن أي مبلغ يزيد عليه.

إذاً في ختام النهار الطويل أقرت السلسلة، بعد جدال طال أمده، الأمر الذي اعتبره بعض النواب “بالإنجاز” والذي تمخض عما سميّ “بإصلاحات” في محصلتها أنه: تم رفع الحد الأدنى للرواتب إلى ستمائة وخمسة سبعين ألف ليرة، على غرار القطاع الخاص. وبلغت كلفة سلسلة الرتب والرواتب 1300 مليار (الأمر الذي دفع بكتلة التقدمي الاشتراكي للتحفظ عليها أثناء التصويت)، مع احتساب زيادة المتقاعدين للعامين 2017 و2018 وسترتفع الى 1760 مليار عام 2019 مع إكمال دفع الزيادة للمتقاعدين.

ومن القرارات الهامة، الآتية:

  • إعطاء ثلاث درجات استثنائية إضافية للمعلمين. يعطى المتعاقدون للتدريس بالساعة في التعليم الرسمي ما قبل الجامعي والتعليم المهني زيادة غلاء معيشة على أن تحدد الاجرة الجديدة للساعة بقرار صادر عن وزير التربية،
  • منع التوظيف في الإدارات العامة إلا عند الضرورة وبقرار صادر عن مجلس الوزراء بناء على تحقيق تجريه إدارة الأبحاث،
  • رفع ساعات العمل أسبوعياً من 32 إلى 35 ساعة على أن يصبح دوام العمل في أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس من الثامنة صباحاً إلى الثالثة والنصف بعد الظهر. أما يوم الجمعة، فيُعطى ساعتان راحة تمكينا للمسلمين من الصلاة فيما يصبح نهار السبت والأحد عطلة رسمية.

وفي كل الأحوال، فإن ما سماه الرئيس بري “بالإصلاحات” في هذه النقطة إفتقد الى الكثير من الواقعية والموضوعية. إذ لم يلحظ حق الموظفين بالراحة رغم طول الدوام اليومي. كما لم يأخذ بعين الإعتبار أن العديد من الموظفين يعملون بعد الدوام في أعمال أخرى يحتاجون إليها لتأمين معيشتهم (أحيانا خلافا لما يفرضه عليهم القانون). كما قيّد العديد من الأسر التي يعمل فيها الزوج والزوجة، وأربكهم بحيث بات العديد منهم ملزمين بنفقات إضافية تتمثل بتأمين جليس لأطفالهم العائدين من المدرسة سيما وأن الدوام الجديد لا يطال المدارس أيضاً.

  • تكليف الحكومة إعادة النظر في تقديمات الدولة لصناديق التعاضد، بما يشمل صندوق التعاصد للقضاة، على نحو يخلّ بالاستقلالية المالية للقضاة.

البحث في موضوع السلسلة

بعد مداخلات عامة، انتقل النواب إلى جدول الأعمال للبحث في “مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 10416: رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والأجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية”. ولعل الإنجاز العظيم في هذا السياق هو التمكن من فصل السلسلة عن الموازنة العامة، وذلك بعد اقتراح تقدم به وزير المالية علي حسن خليل بإضافة نص إلى المادة العشرين من قانون السلسلة، يقول بأن “اعتمادات السلسلة تدفع من الموازنة في حال إقرارها خلال شهر، وإلا تصبح ناجزة حكماً حتى لو لم تقرّ الموازنة”.

عضو كتلة التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان أكد باسم كتلته على أهمية أن تصدر الموازنة بالتوازي مع السلسلة وقال: “لا حاجة لأؤكد أن موقف كتلة التغيير والاصلاح وموضوعنا اليوم هو موضوع الموازنة ولم يبق من درسها سوى موازنة 3 وزارات ومتوقع بضعة أيام لإنجاز درس لجنة المال للموازنة. الموازنة تعطينا المشهد المالي العام وقد وصلنا لخلاصات وتحديد نفقات ويوصلنا إلى وفر في الموازنة قد يصل إلى الألف مليار ليرة لبنانية، ومع التأكيد على دعم السلسلة أتمنى على المجلس أن يأخذ بعين الاعتبار الموازنة”.

وعلّق بري بالقول: “إن هذا الموضوع أخذ نقاشات لخمس سنوات وهي على جدول الأعمال والموازنة منذ 10 او 12 سنة لم تقر وهذا دليل قصور وتقصير. إعطاء الناس حقها الشرعي لو أعطينا كل سنة غلاء معيشة لم نكن لنصل إلى هنا، ندفع 888 مليار ليرة منذ سنوات ندفعها من دون موارد. الموازنة صارت بين أصابعنا وأقول خلال شهر حد اقصى من يقول أن لا نراعيها وأن نراعي الواردات فيها للسلسلة. نحن بصدد مناقشة السلسلة. عندئذ نستطيع أن نواكب هذا الأمر ولا نحرم الناس من حقهم وبنفس الوقت ترعى الموازنة.
إذا انتهت الموازنة في لجنة المال، تعقد جلسة عامة بعد 48 ساعة وبشكل مستمرّ حتى نقرها. والآن يجب أن نقرّ حقوق الناس بالسلسلة ولكن دائما مع مراعاة الخزينة”.

التصويت على المادة الأولى تم بعد شطب عبارة “اعتبارا من 1/2/2012 من المادة الأولى”. فيما أكد النائب أكرم شهيب أنه” بعيداً عن الشعبوية نحن مع حق السلسلة إنما متمسكين بسقف ال1200 مليار وأي زيادة تعني الدخول مالياً في المجهول. اليونان لديها الاتحاد الأوروبي لكن نحن أي قرش سيكون لدينا موقف متحفظ عليه”.

ثم توالت النقاشات في المواد من باب المماطلة لا أكثر ولا أقل. أما عملية التصويت للتصديق فبدت سورياليةً أمام تردد البعض في رفع يده فيما يخبط الرئيس بري بعصاه قائلاً “صدق صدق صدق”. وتوالت المواد  2و3و4و5و6و7و8 التي صدق عليها كما هي.

لكن عند الوصول الى المادة الثامنية، علق النائب علي فياض موضحا أنه “تم التوافق على زيادة 3 درجات اخرى للتعليم الثانوي وتمنح الدرجات الست للمعنيين بعد 1/1/2010 ويمنح حملة الإجازات درجتان استثنائيتان”. فأكد وزير المال على ما قاله. أما الرئيس فؤاد السنيورة فرأى أنه “من هذه المادة يبدأ الانزلاق ونحن مضطرين للمحافظة على التوازن”، مبديا تحفظه. ثم أقرت المادة 9 وعشرة معدلتين بعبارة “من تاريخ نفاذه”. و 11.  أما المادة 12 فبداية رأى النواب ألا داعٍ لها ثم عادوا وصدقوا عليها.

وقد فتح النقاش في المادة 13 التي تقول بأن تسري أحكام قانون السلسلة على الهيئة التعليمية في المدارس. إذ قال وزير المالية أنه في اجتماع الكتل لم يكن هذا النص يوجد. وقال وزير التربية مروان حمادة أنه مع الإبقاء على النص الأساسي. أما الرئيس السنيورة فاعتبر أن هذا النص سيؤدي إلى زيادة الرواتب للمعلمين في المدارس الخاصة الأمر الذي سينعكس ارتفاعاً في أقساط المدارس الخاصة وبالتالي سيؤدي إغلاق بعضها بسبب عدم تمكن الأهالي من تحمل النفقات. وشدد على أهمية التبصر في الزيادات قائلاً: “نحن نفرض زيادات دون أن نرى تداعياتها التي تطرأ”. أما الرئيس الحريري فسأل:”لماذا نجبر المدارس الخاصة أن ترفع أقساطها مثلما نريد أن نرفعها لمدارسنا؟”. وأوضح النائب سمير الجسر بأن”هذا المبدأ مستقر منذ بدء التعليم”. فيما اعتبر حمادة أن “وزارة التربية مسؤولة عن التعليم ككل وجرت العادة من خمسين سنة أن لا نفصل بين التعليم الخاص والتعليم الرسمي”. وأوضحت النائبة بهية الحريري أن “ما ينطبق على المدارس الخاصة كما الرسمية هو من سنة  1993 وأتمنى للعدالة أن نبقي على هذه المادة”. وقد جرى التصويت على إلغاء المادة. فسقط الإقتراح وصدق على الإبقاء عليها كما هي.

وصدق على المادة 14 كما هي. كما صدقت المادة 15 مع شطب عبارة “الموظفين”. وصدقت المادة 16. اما المادة 17 فقد علق التصويت عليها للجلسة المسائية بعد استفسار عدد من النواب عن المقصود “بالمؤسسات العامة”.

أما المادة 18 والمتعلقة بالمتقاعدين  فكادت أن تشعل حرباً بين وزير المالية حسن خليل والنائب إبراهيم كنعان. ووحدها أخذت قرابة الساعين من النقاش. أما أبرز المداخلات فكانت للرئيس السنيورة الذي لم يتردد في التصريح عن “مخاوفه” من التغيير الديمغرافي وإرتفاع أعمار الناس. معتبراً أن هذا التغيير ستقع تبعاته على الإقتصاد اللبناني وسأل:”كيف بدنا نعمل نمو؟”.

ولعل “الضيقة” التي شعر بها الرئيس السنيورة من أزمة التنمية دفعت بالنائب علي عمار لأن يدعو له بطول العمر مشيراً إلى أن “لكل أجلٍ كتاب”. لافتاً أن: “المشكلة تكمن في الخلط بين إمكانيات الدولة والواقع المعاش”،  لافتا إلى وجوب “النظر إلى الأصول الدستورية والقوانين في مناقشة السلسلة”.

وعندما جاء دور وزير المال علي حسن خليل قال:”نحن عندما نوقش موضوع المتقاعد كنا حريصين على أن يأخذ هؤلاء الناس ما يستحقون من حقوق وفق ما ورد في سلسلة الرتب والرواتب. ولكن يهمني أن أقول أنه لدينا قرابة ـ100 ألف متقاعد تطورت رتبهم خلال 10 سنوات سنة 2006 من 693 مليار ليرة إلى 1795 مليار ليرة الآن”.

تابع:”اذا  اقرت الزيادة وفق القانون 98  يعني يصبح دفع رواتب المتقاعدين 2500 مليار ليرة. أي بزيادة 770 مليار ليرة. وأوضح ان 85% لا يوجد فيه نص وهذا كله في حكومة الرئيس السنيورة. وقاعدة الـ85% أقرها الرئيس السنيورة عندما كان وزيرا للمال.

فتدخل الرئيس السنيورة معترضاً على كلامه وقال: “أنا رفضت كل هذه التعديلات”.
ثم قاطعه الرئيس بري: “القصة ليست هذه القصة، واذا كنت أم لا فإن مجلس النواب اخذ هذا القرار. أنا الآن لدي وضع وأريد إعطاء حقوق الناس وحماية موازنة البلد. وأريد أن أصل إلى ذلك وعلينا أن نكون جميعا متفقين على ذلك”.

وتابع الوزير خليل: “علينا تقييم ماذا تستطيع أن نقدم للمتقاعدين وأنا معهم. فعندما جئنا لفكرة الشطور لم يكن هناك قرار بظلم المتقاعدين ولكن الحكومة وضعت سقفا للسلسلة وكلنا نحاول أن نتكيف تحت هذا السقف”. وأثناء حديثه، اعتبر كلام كنعان عن توفير ألف مليار ليرة في الموازنة لا أساس له من الصحة أو “مزحة” وما جرى من مساهمات قد تم صرفه. هنا غضب كنعان واعترض على كلامه. ثم احتد النقاش بين الاثنين سيما عنما نعت الوزير الخليل النائب كنعان بقول “إنت واحد بلا أدب”. وتدخل بري طالبا شطب كل الكلام.

المشادة بين الإثنين جاءت “كالشحمة على الفطيرة” للنائب أحمد فتفت الذي حاول أن يصب الزيت على النار بقوله “معليش هيدا الإبراء المستحيل”. فغضب كنعان أكثر وردّ قائلاً: “بعدو مستحيل”. فيما راح النائب سيرج طور سركيسيان يسأل: “وين الحب بهل بلد؟”.

سريعاً استعاد الوزير الخليل هدوءه وتابع كلامه قائلاً: “عندما وضعنا الشطور للمتقاعدين كنا محكومين بسقف مالي معين. بعد مشاورات وصلنا إلى صيغة يمكن أن توجد نوعا من الحل ويثبت حل المتقاعدين وحتى النظر بنظام التقاعد. وكان هناك إجماع بان النظام التقاعدي هو نظام غير سليم وليس المشكلة بالـ85% بل بالمستفيدين ووضعنا اقتراحات. ولكن الآن ليس لدينا وقت لمناقشته”.

وأوضح الصيغة التي اتفق عليها حول المتقاعدين، مشيراً إلى أن إنجاز الملفات يحتاج الى سنتين لذلك تم الاتفاق على فكرة متكاملة. تدفع 25% مباشرة الآن زيادة على معاشاتهم التقاعدية وتصبح للعسكريين كأننا ندفع 45% من أصل 85% من قيمة تقاعدهم.

وفي قطاع التربية عندما تدفع 25% ندفع عمليا 66% من أصل 85%. والإداريون تكون 25% كحل مباشر لهذا العام وللعام الذي يلي على أن تستحق في عام 2019 باقي الزيادة المقررة بالقوانين بعد مهلة سنتين من هذا القانون. وإذا وضعنا هذا النص الذي حاز على موافقة الرئيس الحريري وباقي الأطراف تصبح تكلفة المتقاعدين لهذه السنة 336 مليارا تصبح زيادة على 1200 مليار 136 مليار يصبح معدل السلسلة 1300 مليار. أما في العام 2019 فتصبح الزيادة 768.

وأردف الرئيس السنيورة: “النظام التقاعدي تم في المجلس النيابي وخلافا لرأي وزير المال (السنيورة) آنذاك، وأتمنى أن تكون أرقام الوزير خليل صحيحة”. وعلق الرئيس بري: “من قال لك أنا أو أنت توافق على إعادة النظر بالنظام التقاعدي بموضوع النسب، ولكن هناك أمور أخرى تبحث بالنسبة للعائلات”.

أما الرئيس الحريري فقال: “نحن تشاورنا باللجنة مع وزير المال والكتل لإيجاد حلول لهذا الموضوع، كل ما قيل بموضوع المتقاعدين ليس موضع مزايدة، ولكن أن نستسلم أننا لا نستطيع أن نقوم بالإصلاح لا يجوز ذلك.

واجبنا أن نعدل النظام ونزيد موارد الدولة. نحن نقر السلسلة ولكن هناك إصلاحات وإلا أننا نستدين أيضا. انا مع المتقاعدين ولكن أيضا مع الشباب ليجدوا فرص عمل وعلينا مقاربة الموضوع بشكل علمي. نحن مع المتقاعدين ومع الشباب أيضا، الجيش والمعلمون والإداريون عملهم للشعب اللبناني وليس الشعب يعمل لديهم، وأنا أيضا أعمل عند الشعب اللبناني. بالأمس في الاجتماع كان هناك انفتاح لمصلحة البلد والناس.

وعلق الرئيس بري: زد على ذلك دولة الرئيس أن هذا ليس ببلاش هناك إصلاحات عديدة ننادي بها وهناك ضرائب تزيدها يمكن أن تؤمن واردات أكثر ليس من الموازنة فقط بل أيضا من قانون السلسلة أيضا.

واعتبر النائب وائل أبو فاعور أنه “ربما ليس من الخيار الحسن مناقشة السلسلة قبل الانتخابات تفاديا لاستغلالها في تصاعد الشعبوية”. وسأل عن صحة ما قاله النائب كنعان عن وجود وفر في الموازنة بألف مليار ليرة.

ورد الرئيس بري أن:”القصة ليست انتخابات هذه منتظرة من خمس سنوات وأنا لو عندي مال كنت أعطيت الناس والقصة ليست قصة شعبوية، ولكن تنتظر سنوات الطبقة الوسطى هي اعتماد وأساس كل الاقتصاد في العالم. الأغنياء الكتار ما بيعملوا اقتصاد والفقراء الكتار ما بيعملوا اقتصاد. الطبقة الوسطى هي الأساس.”

وفي ختام الجدل اقرت المادة 18 كما اقترحها الوزير خليل بالتعديل مع التجزئة. ثم أقرت المادتان 19 و20 من المشروع. ورفعت الجلسة الى السادسة مساء.

الجلسة المسائية والشق الإصلاحي

ومساءً، ناقش مجلس النواب الإصلاحات المطروحة في الإدارة العامة.

– منع التوظيف
فطرحت المادة 21 المتعلقة بالتوظيف ووقف التوظيف في الفئات دون الفئة الأولى لسنتين. واعتبر النائب فتوش أن “هذه المادة هي دليل على عجز الحكومة وهروب إلى الوراء”.

ورأى النائب نواف الموسوي أن المادة تكبل السلطة التنفيذية بموضوع التوظيف. وقال: “أعتقد أن شواغر الدولة اللبنانية تصل إلى 70%” مُعتبراً أن: “القرار الصارم لعدم التوظيف يبدو غير رشيد، فقد تحتاج مؤسسة من المؤسسات إلى موظفين”.

بينما رأى النائب فريد الخازن أن “هذه المادة تفتح الباب لإصلاح جدي وفعلي، إذ مطلوب إجراء مسح جدي وفعلي من قبل مجلس الخدمة المدنية أو مؤسسة خاصة حتى يكون بها مفعول إيجابي”. أما النائب روبير غانم فسأل إن” كان الإستخدام يتوقف بشتى الأشكال حتى المستشارين”.

واعتبر النائب غسان مخيبر أن هذه المادة تشكل هيكلية الدولة وحجمها مطالباً بتوحيد المهل فيها.
أما النائب علي عمار فقال:” ما وجدت نصاً استبدادياً يشابه نص هذه المادة لأننا نحارب جيلاً من الشباب اللبناني ونمنع تأمين فرص له. وسأل أي رسالة نقدم لهذا الجيل الذي يعاني من تقطع السبل؟”. وشدد على أن “هذا الجيل لا يتحمل مسؤولية ما ارتكب في المرحلة السابقة”. مطالباً بإلغاء المادة.

وقال زير المال أن: “التوظيف متوقف عمليا ونص المادة في الفقرة الثانية ترجم هذا الواقع. والغاية من المادة القيام بمسح شامل للوظائف قبل تعبئة الملاكات. واقترح فقرة استثناء الفئة الأولى، وإلغاء وقف التوظيف”.

ورأى النائب عمار حوري أن “هذه المادة إصلاحية بإمتياز”، إلا أنه اقترح “تقصير المهلة من سنتين إلى سنة”.

واقترح النائب سامي الجميل إعطاء الحكومة مهلة ستة أشهر والاستعانة بشركات استثنائية لدراسة الحاجات للوظائف. وقد تمت الموافقة على اقتراح الجميل. أما المادة 22 المتعلقة بدور المعلمين، فقد اتفق على إلغائها لأن لا حاجة لها.

– العطلة القضائية
أما المادة 24 المتعلقة بالعطلة القضائية وإعطاء إجازة سنوية لمدة شهر يحدد مجلس القضاء العدل تمنى وزير العدل نظراً لخصوصية هذه السلطة إعطاء مجلس القضاء الأعلى ومكتب مجلس الشورى ومجلس ديوان المحاسبة صلاحية تحديد موعد إجازة شهر ونصف ضمن شهرين من الصيف وفقا للحاجات ووفقا لنظام المداورة في الفترة الواقعة بين 15 تموز و30 أيلول من كل سنة. وبالتالي القضاء لا ينقطع. وصدقت المادة معدلة وفق اقتراح الوزير جريصاتي.

– دوام العمل
وعلى نحو غير مدروس، تقرّر تحديد عدد ساعات العمل ب 35 موزعة على دوام من الساعة 8 إلى 3.30 لا يتخللها أي راحة ويُعطى الموظفون ساعتان تمكينا للمسلمين من الصلاة. وقد اعتبر بري “بأن هذا بند إصلاحي”.

وكان الرئيس بري اقترح بخصوص الدوام أن يمتدّ من الساعة 8 إلى الساعة 3.30 عوضاً عن أن يذهب الموظف إلى بيته لنحو الساعة من الوقت ويعود قرابة الرابعة. وقد قال: “أن يترك الموظف مكان عمله ثم يعود إليه فيه مصاريف زيادة بالنسبة لموضوع النقليات. لذلك برأيي أن يتم وصل الدوام إلى 3.30 وبإمكانه أن يأكل “سندويشة أو شي”. ما عدا ذلك يكون هناك نهار الجمعة للمسلمين ساعتان للصلاة”. ولفت إلى أن النص يذكر بأن دوام العمل نهار الجمعة يبقى للساعة 11 لكنه قال: “معنى ذلك أن العطلة تصبح 3 أيام في الأسبوع”.

وعلق سيمون أبي رميا قائلاً: “أنه إن بقي الدوام من الساعة 8 إلى الساعة 4 دون تحديد، فبالامكان اعتبار ساعة الغداء من ضمنها للراحة وبنفس الوقت نكون قد أبقينا لدى كل إدارة موظفين لتسوية الأمور حتى يبقى هناك أحد في المؤسسة”. لكن بري أجابه مركزاً على أهمية توفير النقليات في حال إعطاء ساعة راحة. فلفت بطرس حرب نظره إلى أن هذا الوقت “ليس للنقليات وإنما break“. أما الرئيس فؤاد السنيورة فقد أثنى على هذه المادة معتبراً ان يومي العطلة سيتيح للناس التوجه إلى قراهم، وبالتالي فان الأمر سيسهم في إنماء المناطق خارج بيروت وسيخفف من ازدحام المدينة”. وقال: “إن هذا الامر مكسب لكل المناطق خارج بيروت”. أضاف: “أعتقد أنه كان يجب تطبيق هذه المادة سنة 98”. ووافق على توزيع ساعات العمل  مخفضاً فرصة الصلاة من ساعتين إلى ساعة ونصف.

ولفت أبي رميا النظر إلى أن “هناك أناسا يريدون أن يقوموا بمعاملات في الإدارة ولا يملكون مجالا إلا نهار السبت”. أما النائب فتوش فقال: “نحن نفكر في الوقت بينما الكثير من الأهالي يريدون أن يحضروا أبناءهم من المدارس، من هنا ضرورة النظر إلى كل الأطراف وليس النظر في عين واحدة”.

أما النائب أنور الخليل، فتحدث عن اقتراح تقدم به وحظي بقبول من مجلس الخدمة المدنية يتمثل بأن “يبقى عدد ساعات العمل 35 ساعة لكن بدوام من 8 إلى 4 فيما يبقى نهار الجمعة كما هو”.

فرد بري: “أنت بذلك تكون قد عطلت البلد ثلاثة أيام أي نصف أسبوع”.

وانتقد النائب محمد الحوت فكرة تعطيل نهار السبت وقال: “هناك أناس في المناطق لا يستطيعون القيام بمعاملاتهم إلا نهار السبت لأنهم يعملون من الإثنين إلى الجمعة. ماذا يفعلون عندئذ؟ إنها فرصة للناس”. أضاف: “أنا بلبنان ولست بأوروبا. وعندما تؤمن لي مترو يوصل الناس إلى أشغالهم في الوقت المناسب، عندها أضع للموظف دواما طويلا. لكن عندما لا أؤمن له كل المقومات من مطعم أو كافيتريا في الإدارة إلى مواصلات ولا garderie للأولاد. وسأل اليوم دوام 32 ساعة عمل هل الموظف يعمل خلالها؟ هل يعطي إنتاجيتهم؟ إذا الموظف الآن لا يعطي انتاجية هل سيعطيني انتاجية 35 ساعة عمل؟”. ورأى أنه يجدر القيام اولاً بمراقبة انتاجية ساعات العمل الحالية وعند تأمينها أرفع عدد الساعات. تابع: “من حق المسلم أن يصلي براحته مثلما هو حق للمسيحي. بدنا نعمل عطلة لنجعلها جمعة وأحد ونترك السبت للعمل”.

عندها توجه بري بسؤال إلى المجلس: “هل نريد اقرار السلسلة دون إصلاحات؟” فرد عليه الحوت: “وهل هذه إصلاحات؟”. تابع بري: “كل العالم باستطاعتهم تنظيم أوقاتهم، وبالنسبة للصلاة قلنا أنه من تاريخ الصلاة لمدة ساعتين صلاة جماعة أو إفرادية”.

وسأل النائب سامي الجميل عن “الموظفين الذين يعملون في قطاع خاص ودوامهم من الساعة 8 الى الساعة 5 ب.ظ. كيف ينجزون معاملاتهم؟”. وفي النهاية صدق على المادة. وعندها سأل النائب سامي الجميل :”نهار الجمعة في تمييز طائفي؟ الساعتان للكل أو للمسلمين؟”. لم يرد بري على سؤاله لكن عاجله بطرس حرب بالقول إن الحديث هو عن “دوام الموظف”، مما يفهم منه أنه يحق للمسيحيين بالراحة أيضاً. وتم التصديق على المادة 26 المتعلقة بالدوام النصفي للموظفة المتزوجة دون نقاش أو اعتراض.

– الرقابة على الموظفين
أما بخصوص المادة 27 المتصلة بأجهزة الرقابة على عمل الموظفين، فتحدث النائب سيرج طورسركسيان قائلاً: “نحن اليوم وجهة المجلس هي الإصلاح، لذا يجب أن نضيف على هذه المادة موضوع أجهزة الرقابة”. فردّ الوزير الخليل أن “أجهزة الرقابة لديها أعمال إضافية؟”. فرد عليه النائب روبير غانم قائلا: “لا. وتابع طورسركيسيان:”نحن نريد تفعيل العمل في المؤسسات”. واعتبر بري أن “هذا هو أهم بند إصلاحي”.

وتحدث غانم قائلاً: “أجهزة الرقابة المقصودة ثلاثة: ديوان المحاسبة، ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، ولا يأخذون ساعات إضافية”. وطالب بإعطائهم حوافز. لكن بري لم يكن مقتنعاً ثم صدق على المادة.

وتناولت المادة 28 حق أفراد العائلة في المعاش التقاعدي للموظفين في حال وفاتهم ومن دون إبداء أي ملاحظة جرى التصديق عليها.

وأضافت المادة 29 فقرة إلى نص المادة 26 من نظام الصرف من الخدمة والتقاعد. وهنا علق النائب غسان مخيبر قائلاً: “أن قانون المعوقين 220/2000 ألغى كل التدابير المتعلقة بما يسمى “العلّة” واستعاض عنها ببطاقة واحدة هي بطاقة معوق، وبالتالي انسجاماً مع هذا القانون يجب الاكتفاء ببطاقة المعوق  وليس استناداً الى “العلة”.

وانتقد وزير المال ما جاء على كلام مخيبر معتبراً أن “هذا الكلام خطير، وهذا النص أشمل وأوضح”.

وتحدث النائب بطرس حرب عن “الحوادث التي تصيب الموظفين أثناء العمل وتسبب لهم إعاقة لعدد من السنوات ثم بعدها يعود إلى ممارسة مهنته”. من هنا نوه بضرورة أن يؤخذ هذا الأمر بعين الإعتبار.

أما النائب أيوب حميد فقال: “هناك أكثر من 50 توصيف لحالات الإعاقة.. لذا يجب تحديد الإعاقات”. فردّ بري بأن “النص واضح أكثر من حكيك” فيما ذكر الوزير الخليل أنه وردت عبارة “عاجزين عن كسب العيش” ثم تم التصديق عليها.

وبالنسبة للمادة 30 التي تتناول موضوع “إعادة سريان الراتب بعد توقفه، فقد تم التصديق عليها بعد توضيح وزير المال أن “الكلام في المادة يتعلق بتنظيم المعاش المرتبط بالأولاد”.

– صناديق التعاضد والقضاة
وبخصوص المادة 33 المتعلقة بوضع نظام موحّد للتقديمات الاجتماعية، تمنى الوزير جريصاتي أيضاً “استثناء صندوق تعاضد القضاة كون القضاء سلطة مستقلة بناء للمادة 20 من الدستور وليس مؤسسة عامة”. فقال بري: “مظبوط” وقدم اقتراح تعديل. وقد رفض السنيورة الأمر وسأل: “مجلس النواب مش سلطة؟” وتوجه إلى بري سائلاً: “اذا كيف نعطي القضاء سلطة لنفسه؟” وقال: “هذه المادة مثل كرة الثلج وهناك كمية كبيرة من المستعمرات وكل واحد سيطالب باستقلاله. هذه المادة تساوي بين الناس”.

وقال بري: “أنا بالمبدأ معك لكن التبرير الوحيد بالنسبة للقضاء أنه سلطة مستقلة”.

وعلق فتفت: “موضوع السلسلة للقضاة سمعنا نفس الحديث وحكي عن الإصلاح بالقضاء وأن هذه سلطة مستقلة. ولم يحصل شيء. ولكن هذا الأمر سيؤدي إلى مصيبة كبيرة بالبلد: ما أن فتح باب فان الجميع سيحاول الدخول فيه. لذا أتمنى حتى لو كانت سلطة أن تعامل بنفس الطريقة. وزير العدل الأسبق جاء على المجلس النيابي ووعد أن المال الذي سيدفع للقضاة سيؤدي إلى اصلاح حقيقي في القضاء. وفي لجنة المال منذ أسبوعين سمعنا رئيس مجلس القضاء الأعلى يقول أن الامكانيات التي وضعت بالقضاء هي لأن القضاء سلطة مستقلة ولا علاقة لذلك لا بالاصلاح ولا غيره. غداً، عندما نفتح الموضوع أساتذة الجامعات سيدخلون في القصة ومن بعدها كل الناس”.

وبالنهاية، رفض اقتراح جريصاتي وصدق على المادة كما هي.

وبخصوص المادة 35 المتصلة بـ”إعادة النظر بسياسات الدعم ومساهمة الدولة في بعض الصناديق”، طالب النائب غسان مخيبر بتوضيح المعنى “لسياسات الدعم”. فتحدث وزير المالية الخليل قائلاً: “اليوم يطلب من الحكومة دعم الشمندر أو التفاح أو الكهرباء لذا عليها أن تقوم بخطة عمل شاملة”. فرد أبو فاعور: “إن هذه المادة لا تعني شيئا”. فرد بري: “نحن نلزم الحكومة بأن تقوم بخطة عمل”. فرد أبو فاعور:””وهل تحتاج إلى قانون؟”. وسأل النائب سامي الجميل: “شو خصها بسلسلة الرتب والرواتب؟”. فقال الوزير الخليل: “نحن ندفع ما يقارب المئة مليار دعم وندفع لصناديق وكذلك ندفع مساهمات. من هنا نريد أن يكون هناك سياسة واضحة للحكومة في هذا السياق”. واقترح النائب محمد الحوت إضافة تعديل “إبلاغ مجلس النواب بنتيجة الدراسة”. لكن أبو فاعور لم يقتنع بها وطالب بإلغائها. ورد بري مؤيداً وقال: “هذا الكلام 100% صحيح “. ووصف ابو فاعور المادة “بالخليليات” نسبة لوزير المال علي حسن خليل. واقترح الناب مخيبر أن يتم تعديلها بطلب إجازة الصرف من مجلس النواب. وبعد جدال، تم الاتفاق على تعديل المادة بإضافة عبارة “مع إبلاغ النتائج لمجلس النواب”.

– وظائف محجوزة لعسكريين متقاعدين
تقول المادة 34 بأنه “خلافاً لأي نص آخر، لا يجوز أن تحفظ وظائف الفئتين الأولى والثانية لقدماء العسكريين حيث يبقى التعيين في هاتين الوظيفتين خاضعاً لأحكام نظام الموظفين. ويستمر الموظفون الذين عينوا قبل تاريخ العمل بهذا القانون بإشغال الوظيفة التي عينوا فيها حتى انتهاء خدماتهم”. وكاد أن يتم التصديق عليها دون تعليق. إلا أن النائب فتفت طلب رأي وزير الدفاع الوطني في هذا الموضوع. فتحدث وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قائلاً: “أن هذا النص يتعلق بعدد محدد من الموظفين. وأن هناك مواقع لا تحتمل سوى وجود عسكريين متقاعدين”. ورأى الوزير محمد فنيش أن “هذه المادة لا تطال المتعلم وأن هناك استفادة سابقة من المرسوم بأن هناك حجز وظائف لمن ذهب إلى التقاعد”. ورأى أن الأحقية هي لمدنيين يريدون الوظيفة. فعلّق السنيورة أنه: “لا يحول ذلك دون توظيفه”. وبين الرد والرد المقابل والمباشر دون إذن، علّق بري: “برأيي تحكوا كلكن مع بعضكم”. وتابع فنيش: “إذا كان هناك وظيفة عسكرية وتتطلب مؤهلات عسكرية بإمكانه أن يشغلها ولكن إذا ذهب إلى التقاعد بالإمكان أخذ عسكري من الخدمة”.

ورد وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف معلقاً: “هناك وظائف في ملكات الدفاع الوطني أو الصليب الاحمر ولكن يحق له لان طبيعة العمل شبه عسكرية ووجود عسكري …” فقاطه بري قائلاً: “طول بالك وظيفة عسكرية خدو من العسكر”. فرد الصراف: “أنا لا أريد ـأن أنتدب على يلدية بيروت ضابطاً في الخدمة. ولكن ضابط متقاعد في السلك العسكري قد يخدم لتأمين فوج حرس بلدية بيروت.. نحن نتحدث عن دفاع مدني: نحكي طوائف بلديات وصليب أحمر”. وقال النائب أنطوان زهرا: “إذا خدمة العسكرية تفيد في بعض الأماكن لكن هذا لا يعني احتكاره  للقدرة على إدارة هذه الامكنة وحجزها لهم هو تفريق بين المواطنين وهو أمر مخالف للدستور”.

أما النائب فتفت، فطالب مناقشة الموضوع ببعض الهدوء وقال: “في بلاد العالم كله، سن الانسان يكبر وبالتالي  التقاعد يتأخر وبات لل70 سنة، بينما العسكر يخرجون على سن الخمسينات ما يعني أن لدينا طاقات لا نستخدمها. يجب أن نفتح المجال أمام هذه الطاقات عند كل المؤسسات”. ونوه النائب فريد مكاري بأن “هذه المادة وضعت كمادة إصلاحية”. وقد أيد النائب سمير الجسر ما قاله فنيش قائلاً: “لقد استند كلامه إلى مرسوم واليوم هذا السلك مستقل ولا يجوز النقل من السلك العسكري إلى المدني”. وسأل النائب آلان عون: “إذا أراد ضابط أن ينتدب إلى وظيفة مدير عام هل هناك إمكانية لتعيينه؟” فرد بري: “إذا كان قبل صدور القانون يعين وإذا بعد لا يعين”. ولحسم الجدل خير بري النواب بين التصديق على المادة أو إلغاءها، فصدق عليها.

– المحروقات في المؤسسات العامة
وتتناول المادة 36 مسألة “تحديد إنفاق المحروقات في المؤسسات العامة”. وقد تحدث وزير الدفاع عن مشكلة تواجه المؤسسة العسكرية من خلال شراء المحروقات بأسعار السوق. وقال: “لا يمكن مقارنة شخص توجه الى المحطة لشراء البنزين مع مؤسسة أمنية تشتري عشرين مليون ليتر. لذا يجب أن تكون أرخص بموجب مناقصة عمومية”. وسأل الرئيس السنيورة: “هل تبقى بونات البنزين؟”. وكرر الصراف: “من غير المفروض على مؤسسة تشتري عشرين مليون ليتر بنزين أن تدفع بسعر السوق”. وسأل أبو فاعور :”ما ضمناة الشفافية”. فرد الصراف: “القيام بمناقصة”. فرد أبو فاعور بأنه: “يوجد في المحاكم قضايا للعديد من رؤساء الاجهزة الامنية السابقين بتهمة تزوير بملايين الدولار وإلى الآن لم نصل إلى حكم”. كما سأل ابو فاعور :”عن السبب في استخدام سيارات مدنية في المهمات”. فرد عليه النائب سكرية قائلاً: “بأن أجهزة المخابرات تستخدم سيارات مدنية لذلك تحصل على بونات بنزين”. ورأى النائب جورج عدوان أن “المشكلة تكمن في بعض القيادات العسكرية التي تقوم بتوزيع البونات هنا وهناك”. وفي النهاية صدق على المادة بعد تحديد قسائم البنزين للعسكريين وحصرها بالمهام.

– تقييم الموظفين
وتمحور النقاش حول كيفية تقييم أداء الموظفين. وطرح وزير المال نصا بديلا للمادة يقول بأن على الحكومة خلال مهلة ستة أشهر إعادة النظر بنظام تقييم أداء الموظفين. أما بالنسبة للمادة 37 فأقر المجلس أن تأتي الحكومة بمشروع قانون التقييم لأداء الموظفين. وصدقت المادة 38.

في ختام النهار الطويل، حصل مشهد سوريالي. فالنائب نديم الجميل كان يطالب بأن يتم التصويت بالمناداة فيما كان النائب غسان مخيبر يتكلم ويبدي تحفظه على التصويت. ومع ذلك خبط الرئيس بري بعصاه قائلاً صدق صدق مهنئاً بإقرار السلسلة.