رفض تعيين مؤتمنين عدليين على الأموال المصادرة: القضاء يحمّل السلطة السياسية المسؤولية كاملة


2017-06-16    |   

رفض تعيين مؤتمنين عدليين على الأموال المصادرة: القضاء يحمّل السلطة السياسية المسؤولية كاملة

رفض القاضي الإستعجالي بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتاريخ 14-06-2017 مطالب تعيين مؤتمنين عدليين على أموال صادرتها الدولة التونسية عملا بأحكام المرسوم عدد 13 لسنة 2011[1] في إطار ما بات يُصطلح على تسميته محليا بالحرب على الفساد.

وتبدو هذه الأحكام التي كان مبناها انعدام مصلحة الدولة في طلب الإستعانة بمؤسسة الإئتمان العدلي لتوفر مؤسساتها على "اللجنة الوطنيّة للتصرّف في الممتلكات والأموال المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع"[2] جريئة جدا في تطبيقها للقانون، باعتبار ما تحظى بها الحرب على الفساد من دعم شعبي وما يرافقها من اتهام للقضاء بالتقصير فيها.

تجاهلت المحكمة عند إصدارها لأحكامها أثر البروباغندا السياسية وسعت لأن تبرز تصورا لإدارة الأموال المصادرة ينهي التعويل على مؤسسة الإئتمان العدلي، ويفرض على مؤسسات الدولة الإضطلاع بدورها. ويذكر أنه بعدما كانت تمت مصادرة الأموال التي اكتسبها رئيس الجمهورية الأسبق زين العابدين بن علي والمقربون منه بعد الثورة، التجأ المكلف العام بنزاعات الدولة للمحكمة الإبتدائية بتونس ليطلب منها إصدار احكام في تعيين مؤتمنين عدليين على تلك الأموال. وفي حينها، استجاب القاضي الإستعجالي للطلب.

سعت السلطة السياسية من خلال طلبها إلى استنساخ التجربة فيما تعلق بالأموال التي صادرتها نهاية الشهر الخامس من سنة 2017 من أشخاص يتهمون بالفساد، ولم تلتفت لما سبق وأن ادعته من مسؤولية لهذه التجربة عن إفلاس عديد الشركات المصادرة وسوء تصرف فيها. 

تصدّت المحكمة بقراراتها لحسابات السلطة وفرضت عليها أن تتحمّل مسؤوليتها كاملة في إدارة ما صادرته من أموال بعدما ذكّرتها بكونها بما يتوفر لها من خبرات تعد الجهة الأمثل للإدارة الرشيدة للمال المصادر. وينتظر بالتالي بفضل الأحكام التي صدرت أن تتجاوز الحكومة التونسية مرحلة التوظيف السياسي للأموال المصادرة لتنخرط فعليا في إصلاح مؤسساتها بما يحقق الحفاظ على المال العام ويؤكد مجدداً أهمية القضاء كسلطة قادرة على  تحقيق الإصلاح الديموقراطي. وسيكون للمفكرة القانونية عودة لقراءة هذه الأحكام الهامة بعد نشرها.

 


[1] ينص الفصل الأول من المرسوم  عدد 13 لسنة 2011 مؤرخ في 14 مارس 2011 يتعلق بمصادرة أموال وممتلكات منقولة وعقارية تصادر لفائدة الدولة التونسية وفق الشروط المنصوص عليها بهذا المرسوم وفي تاريخ إصداره، جميع الأموال المنقولة والعقارية والحقوق المكتسبة بعد 7 -11- 1987 والراجعة للرئيس السابق للجمهورية التونسية زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي وبقية الأشخاص المبينين بالقائمة الملحقة بهذا المرسوم وغيرهم ممن قد يثبت حصولهم على أموال منقولة أو عقارية أو حقوق جراء علاقتهم بأولئك الأشخاص
[2] تم استحداث هي اللجنة  بمقتضى المرسوم عدد 68 لسنة 2011 المؤرخ في 14-07-2011  والذي ينص الفصل الاول منه  على أنه " تحدث لجنة وطنية لدى وزارة المالية تتولى التصرف في الأموال والممتلكات العقارية والمنقولة المعنية بالمصادرة بمقتضى المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14 مارس 2011 المشار إليه أعلاه والأموال التي يتّم استرجاعها لفائدة الدولة بمقتضى المرسوم عدد 15 لسنة 2011 المؤرخ في 26 مارس 2011 المشار إليه أعلاه يطلق عليها إسم اللجنة الوطنية للتصرف في الأموال والممتلكات المعنية بالمصادرة أو الإسترجاع "  

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني