فندق على شاطىء صيدا؟


2017-01-13    |   

فندق على شاطىء صيدا؟

هناك شاطئٌ رمليٌّ طويلٌ وجميلٌ في صيدا، شمال المدينة القديمة. وكان أهالي المدينة يقصدونه للتنزّه على ضفاف “نهر القملة” الذي يصبّ فيه. كان النهر غزيراً خلال فصل الشتاء، ترتمي على جانبيه مجموعةٌ كبيرةٌ من أغصان الأشجار والحمضيّات، إذ يمرّ النهر من قلب بساتين الحمضيات الشهيرة في المدينة ويحملها معه.

اليوم، يدور نقاشٌ واسعٌ بين أهالي صيدا حول مستقبل هذا الشاطئ في ظلّ الحديث عن مشروع يقتضي إقامة فندقٍ سياحيّ عليه. ما حكاية هذا الفندق؟ وكيف يتمّ تخطيطه على الأملاك العامّة البحريّة؟

على مرّ الزمن، بقيت المنطقة الواقعة شمال صيدا القديمة مكوّنةً من بساتين تاريخيّة ممتدّة على طول “نهر الأولي” حتى الشاطئ الرمليّ. لمّا قامت سلطات الإنتداب الفرنسي بتسجيل الأراضي وإنجاز التخطيطات الأولى في معظم المدن اللبنانيّة خلال ثلاثينيّات القرن الماضي، شُقّ طريقٌ يربط بيروت بمدينة صيدا. وتمّ تسجيل كافة الأراضي الواقعة غربيّ الطريق المستحدث بصفتها أملاكاً عموميّةً بحريّةً.

على هذه الأملاك البحريّة، يقع الشاطئ الرمليّ الشماليّ لصيدا، وبقي “قانونياً” على حاله حتى العام 1948 عندما صدر المرسوم رقم 10830 الذي أدخل تغييراتٍ جذريّةً عليه. قام هذا المرسوم بإسقاط أجزاء واسعة من الشواطئ البحرية والأملاك العامة البحرية لصالح أملاك الدولة الخصوصية. وفي المادة الثالثة منه، أسقط المرسوم هذه الأراضي لصالح أملاك بلدية صيدا الخصوصيّة.

ما كانت غاية المشرّع وقتها في تحويل أملاكٍ عامّةٍ بحريّةٍ إلى أملاكٍ بلديّةٍ خصوصيّة؟ يروي أحد مهندسي صيدا أن الهدف كان إنشاء المشاريع العقاريّة، ومن ضمنها إنشاء فندق على العقار 375، وهو العقار الأكبر على الشاطئ الرمليّ. بالبناء على هذا المرسوم، وعندما بدأت السياحة في لبنان تنتقل من الجبل إلى الشاطئ في أوائل الخمسينيّات، تمّ بناء “فندق صيدون” الفخم على شاطئ صيدا، الذي يُقال أنه استقبل الوفود الرسميّة والقضاة. خلال هذه العملية، تمّ أيضاً إخلاء الدبّاغات التي كانت تشكّل حركةً إقتصاديةً هامّةً في صيدا، كونها متواجدة على جزءٍ من الأراضي الساحليّة هذه. كما تمّ هدم بيوت أصحاب الدبّاغات الذين انتقلوا في ما بعد إلى منطقة المسلخ في جنوب صيدا.

هُدم “فندق صيدون” خلال القصف الإسرائيليّ في العام 1982، وبقي “الشاطئ الرمليّ” على حاله، يتكدّس عليه ركام الفندق المهدوم. ولكن، في العام 2009، وبحجة إعادة إحياء ذاكرة “فندق صيدون”، أصدرت بلدية صيدا القرار 856، وفيه موافقة البلدية على إنشاء فندقٍ على العقار 375، يتكوّن من 4 طوابق تضمّ 84 غرفة فندقيّة، ويحوي “مارينا” على البحر، وحواجز للأمواج، ونادٍ سياحيّ لليخوت.

في ظلّ غياب رؤية متكاملة للشاطئ في لبنان كمساحةٍ مفتوحةٍ ومشتركةٍ ومتاحةٍ للجميع، يتضح أن السياق التاريخيّ الذي أنتج “فندق صيدون” في الخمسينيّات هو نفسه الذي نواجهه اليوم. فما هو الإطار القانونيّ والتنظيميّ البديل الذي من شأنه أن يحافظ على الشاطئ والمساحات المحاذية له، لكلّ أهالي المدينة وسكانها؟

أشغال عامة في العدد 46 من مجلة المفكرة القانونية، العدد 2: الأملاك البحرية


(فندق على شاطىء صيدا) مقتطف من بحث وعرض مشي تَ دلّيك” لمجموعة الدكتافون مع نشطاء ومجموعة شبابية من صيدا. تناول المشروع بحث عن الأماكن العامة المشتركة في مدينة صيدا وعلاقة السكان التاريخية والحالية مع الشاطئ والبحر

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني