الحقوق السياسية للقضاة بالمغرب


2016-11-25    |   

الحقوق السياسية للقضاة بالمغرب

عرف المغرب يوم السابع من أكتوبر 2016 إجراء انتخابات تشريعية عامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب إحدى غرفتي البرلمان المغربي، نتج عنها تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لانتخابات بحصوله على أكبر عدد من المقاعد وفق ما يقتضيه الدستور المغربي لسنة 2011. وكانت الحملات الإنتخابية السابقة لهذا الموعد التشريعي صاخبة بين الأحزاب السياسية كما جرت بذلك العادة. إلا أن الجديد الذي عرفته هذه السنة وطُرح للنقاش الإعلامي هذه المرة لم يكن يخطر على بال، وهو يتعلق بقضية أحقيًة القضاة للمشاركة في الإنتخابات النيابية بشكل عام كأحد أهم الحقوق السياسية التي لا ينبغي أن يُحرم منها أيّ مواطن ومنهم القضاة. وإذ بدا هذا النقاش محتشماً، فإنه فرض نفسه في النقاشات الإعلامية والعلمية والأكاديمية، في ثلاث نقاط أساسية هي على التوالي (1) الوضعية الراهنة للمشاركة الإنتخابية للقضاة بالمغرب و(2) مؤايدات وحجج المطالبة بهذه المشاركة الانتخابية وفوائدها و(3) بما يمكن أن نسميه مضادات الفكرة أو حجج المعارضين.

الوضعية الراهنة للمشاركة الإنتخابية للقضاة بالمغرب

يتضح من خلال تتبع النصوص القانونية  المتعلقة بالعملية الانتخابية، فيما له علاقة بموضوعنا، ما يلي:

  • أن الدستور المغربي لسنة 2011 منع في الفقرة الاخيرة من الفصل 111 القضاة المغاربة من الإنخراط في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية.
  • تنص المادة السابعة من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، بشكل صريح على حرمان القضاة من الترشح لعضويته، بحيث نصت هذه المادة على ما يلي: “لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب، في مجموع أنحاء المملكة، الأشخاص الذين يزاولون بالفعل الوظائف المبينة بعده أو أولئك الذين انتهوا من مزاولتها منذ أقل من سنة في تاريخ الاقتراع ومنهم، القضاة.–
  • تنص المادة السادسة من القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، بشكل صريح على حرمان القضاة من الترشح لعضويته،
  • لا يوجد نص تشريعي واحد يمنع على القضاة المشاركة في العملية الإنتخابية عن طريق التصويت.

هذه هي الوضعية الراهنة المتعلقة بالمشاركة الإنتخابية للقضاة بالمغرب. وكما هو ملاحظ، مردّ حرمان القضاة من حقّ الترشح إنما مرده إلى نص التشريع الصادر عن أعضاء البرلمان وليس إلى الدستور الذي اكتفى بمنع القضاة من الإنخراط في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية التي تجسد أحد الأشكال الأساسية (وليس الشكل الوحيد) للممارسة الإنتخابية لكنها ليست الوحيدة في المغرب (بحيث يمكن الترشح للبرلمان عن طريق لوائح مستقلة بدون ألوان سياسية).

مؤيدات ومبررات المطالبة بمشاركة القضاة في الانتخابات النيابية بالمغرب

يمكن الاعتماد على مجموعة من المؤيدات المبررة لوجود القضاة في المؤسسات التمثيلية بالمغرب والتي لا تقتصر على البرلمان وحده بل تشمل كافة المؤسسات التي لها علاقة بتسيير الشأن العام. ومن هذه المؤيدات ما يلي:

  • يجب أن لا تغيب عنا أن مسألة مشاركة القضاة في الإنتخابات العامة لها علاقة بحق من حقوق القضاة الأساسية كمواطنين أولا وقبل كل شيء.
  •  إن المؤسسات النيابية الوطنية ومنها البرلمان ستستفيد من خبرات وكفاءات قانونية سوف تسهم من دون شك في تجويد العمل التشريعي من خلال نقل تجربتهم العملية إلى مجال التشريع.
  •   التجارب المقارنة المتقدمة التي آمنت بحق القضاة في الترشيح لمناصب التمثيل النيابي استفادت من فعالية عمل القضاة في المؤسسات النيابية. وهناك عدة تجارب على المستوى الأوروبي خصوصا لا يسع المجال لذكرها (حالة المانيا وهولاندا).
  • يجب أن لا يغيب عنا أن هناك قضاة أعضاء في الحكومة سواء الحالية أو الحكومات السابقة، الى جانب العديد من الوزراء الذين لهم انتماءات سياسية، بل إن الكثير منهم أمناء لأحزابهم السياسية. فما هو اذاً الفرق بين الحكومة والبرلمان؟ لماذا يسمح المشرع للقضاة بدخول الحكومة وإداراتها ولا يسمح لهم بالترشح للبرلمان؟

حجة المعارضين لفكرة مشاركة القضاة في الإنتخابات النيابية

إن أهم حجة يقدمها المعارضون لفكرة مشاركة القضاة في الإنتخابات النيابية بالمغرب هي المتمثلة في فقدان القضاة لحيادهم واستقلالهم . لكن هذه الفكرة تقدم بشكل غامض وموجه ، باعتبار ما يلي:

  • إن فكرة مشاركة القضاة في الإنتخابات النيابية بالمغرب هي فكرة تهدف إلى تكريس حق من حقوق المواطنة، وإنه للحفاظ على مبدأ الحياد والاستقلال نتصور أن تتخذ ترتيبات قانونية لإقامة توازن ما بين ممارسة الحق وعدم المساس بمبدأ حياد القاضي.
  • أن لاعلاقة لموضوع ترشح القضاة بمسألة الاستقلالية، لأن هذه الاخيرة وما يرتبط بها من مبادئ أخرى كالحياد وغيره إنما تهم الممارسة الفعلية للقضاء، أي عندما يحكم القاصي في ملف أو قضية معينة يجب أن يكون مستقلا في قراره ومحايدا في عمله لا يحابي أحدا من طرفي الدعوى وإذا لم يفعل فإنه يتعرض للمساءلة القانونية وهو أمر شبيه بكل من يتولى وظيفة عامة. فإذا تم مثلا استغلال مركزه أو وظيفته أو قام بتبديد المال العام المتعلق بهذه الوظيفة، فإنه يتعرض للمسؤولية القانونية والتأديبية.
  • كما تجدر الإشارة إلى أن القاضي إذا ترشح وتمكن من الفوز بثقة الناخبين والولوج إلى البرلمان، فإنه لا يمكنه أن يبقى ممارسا للقضاء في المحاكم وإنما سيعتبر في حالة تنافٍ إلى حين انتهاء ولايته النيابية ويعود بعدها إلى وظيفته بشكل عادي.

نشر هذا المقال في العدد 6 من مجلة المفكرة القانونية في تونس

– الفصل 47 من الدستور المغربي.

– بدأ الموضوع  في شكل مطالبة بتدوينة على صفحة التواصل الاجتماعي “الفايسبوك ” لرئيس نادي قضاة المغرب عبداللطيف الشنتوف طالب من خلالها بعدم حرمان القضاة من حقهم في الترشح لانتخابات النيابية  تم التفاعل معها من طرف القضاة وغيرهم بين مؤيد ومعارض  ثم انتقل الأمر الى تصريح لأحدى اشهر المواقع الاليكترونية بالمغرب وهو موقع هسبريس الاليكتروني ثم قامت جريدة العرب اللندنية بتخصيص مادة اعلامية للموضوع مع اخد اراء بعض القضاة  ثم حوار مع رئيس النادي في جريدتي المساء والصباح المغربيتان الواسعتي الانتشار عشية جراء الانتخابات التشريعية ل :07-10-2016 .

– القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5987 وتاريخ 17-10-2011 ، يمكن الاطلاع على هذا القانون بموقع النصوص القانونية التابع لوزارة العدل والحريات المغربية : Adala.justice.gov.ma تاريخ التصفح هو 20-10-2016

– تراجع بعض الامثلة التي ذكرها الاستاذ ياسين مخلي في مقاله المنشور بجريدة الأخبار المغربية بتاريخ 03-08-2015 وهو متاح على موقعها الاليكرتوني : www.alakhbar.press.ma تاريخ التصفح هو :18-10-2016

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب ، مجلة تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني