الحلقة 7: اضراب عمال النفط، الأول من نوعه في دول الخليج


2013-03-28    |   

الحلقة 7: اضراب عمال النفط، الأول من نوعه في دول الخليج

الحركة الاحتجاجية والاعتصامات والمظاهرات في فبراير/مارس 2011، ترافق معها العديد من الوقفات الاحتجاجية في مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة، فرغم أن الاعتصامات التي توزعت على أربع مدن رئيسية (صحار في محافظة الباطنة، العاصمة مسقط، صور في محافظ الشرقية، صلالة في محافظة ظفار)، إلا أن عددا من التحركات الاحتجاجية الأخرى ظهرت في مؤسسات رسمية وخاصة احتجاجا على سوء الوضع الوظيفي أو طلبا لرفع الرواتب أو التأمين الصحي…إلخ. وتمثلت هذه الوقفات الاحتجاجية في وقفة موظفي وزارة الإعلام ووقفة موظفي القوى العاملة ووقفة موظفي وزارة الصحة ووقفة عمّال بنك عمان الدولي ووقفة بعض عمّال القطاع الخاص المنتمي لشركات مختلفة..إلخ، إلا أنّ الوقفة الاحتجاجية الأشهر التي تحوّلت إلى شبه إضراب، هي وقفة عمّال النفط.
في 15 مارس 2011، تجمع المئات من موظفي شركات النفط، كان في مقدمتهم موظفون من شركة تنمية نفط عمان (PDO) التي تنتج ما نسبته 80% من النفط العماني، حيث وصل عدد الموظفين الى 300 موظف، كما اشترك عدد آخر من الموظفين يقدرون بالعشرات من موقع حقل مرمول النفطي الذي يضم 12 حقلا للنفط ، وموقع آخر لأكبر حقل للغاز في عمان وهو: قرن العلم. الإضراب كان الأوّل من نوعه في منطقة الخليج العربي، منذ أن بدأت احتجاجات الربيع العربي في الوطن العربي.
النفط العماني يتم انتاج 930 ألف برميل يوميا، حسب الموازنة العامة للدولة لعام 2013، إلا أن الوقفة الاحتجاجية الأولى والمتمثلة في اضراب عن العمل لعدد من الساعات، لم يتم التعرف ما إذا أثّرت على انتاج النفط العماني أم لا، طالما كان عدد من عمال النفط في حقل مرمول النفطي قد اشترك فيه، إلا أنّ الاضراب تم الالتفاف عليه سريعا، مع تقديم وعود للمضربين بالعمل على تحقيق مطالبهم، واعطاء الإدارات وقتا حتى يتم تنفيذ الأمر. وليس بمقدورنا التأكيد على ما إذا تمّ فصل موظفين أم لا.
اضراب عمّال النفط 24 مايو 2012:
رغم مرور ما يقرب من العام والشهرين، تجدد اضراب عمّال النفط، وهذه المرّة لم يكن الاضراب مؤقتا كالعادة، أو عبارة عن ساعات معينة من ساعات الدوام الرسمي، بل كان اضرابا كاملا عن العمل، وتوّزع على عدد من حقول النفط، ولكن، كان الاعتصام كذلك متمثلا لعمّال الشركات المقاولة مع شركات التنقيب عن النفط في مناطق الامتياز في عُمان. الاضراب الذي بدأ يوم 24 مايو 2012، اشترك فيه ما يقرب من 4000 آلاف عامل في كافة مناطق السلطنة، وهو العدد الأكبر من نوعه لاعتصام عمّال نفط في الخليج العربي، واستمر الاضراب أسبوعا من موعد حدوثه، وذلك بعد تدخل عدد من الجهات المتمثلة في وزراء من الحكومة، وأعضاء من مجلسي الدولة والشورى، الذين تجشّما عناء زيارة مواقع الاضراب والاستماع لمطالب المضربين وتسلّم أوراق المطالب في ذلك، وهو الأمر الذي ساهم فعلا في وقف الاضراب عن العمل، واعطاء الجهات المختصة مهلتها للنظر في مطالبهم بعد ذلك.
وكانت المطالب العامة هذه المرة تلخصت فيما يلي:
المساواة بينالقطاعين في صندوق التقاعد، وعلاوة غلاء المعيشة، ومنحهم علاوة خطر بحيث لا تقل عن 100 ريال عماني.ومن الأسباب المعلنة لتلك الخطوة كذلك المطالبة بإعادة النظر في ساعات العملبحيث لا تزيد عن 8 ساعات عمل وفي شهر رمضان 6 ساعات، على أن تحتسب ساعات العملالأخرى ساعات عمل إضافية بعد الدوام الرسمي بأجر إضافي، وتقليص ساعات العمل فيالصيف، نظرًا لارتفاع درجات الحرارة في المناطق الصحراوية.ويطالب الموظفون أيضًا بمنحهم بطاقة تأمين صحي تشمل العائلة، والنظر في تخفيضالعقوبة المرورية داخل مناطق النفط بتقليصها من 500 ريال للمخالفة الواحدة في حالةاستخدام الهاتف النقال و500 ريال في حالة عدم ربط الحزام إلى ما ينص عليه قانونالمرور المعمول به في شرطة عمان السلطانية، بالإضافة إلى عدم استخدامهم كصفقاتتجارية بين المقاولين واستئجار العمال بدون عقود أو تأمين.
أما مناطق الاضراب فتم تحديدها كالتالي:  فهود.الخوير .جبال .قرن العلم .سيح الرول. وقد شارك فيه موظفو 19 شركة نفط.
الحراك المدني حول إضراب النفط:
كانت ردة فعل الشارع العماني متعددة حول إضراب عمّال النفط، خاصة وأن الاضرابات والاعتصامات قد توقفت منذ 14 مايو في عمان، بعد أن تمّ القضاء على كافة الاعتصامات بدخول المؤسسة العسكرية والأمنية في فضّها واعتقال كافة المشتركين فيها. ولعلّ ردة الفعل المتعددة والمتناقضة تعود إلى عدم معرفة الكثير من المواطنين ما يجري في حقول النفط من انتهاكات لحقوق الانسان وقوانين العمل في حق العمّال هناك، وهو ما ثبت لاحقا من خلال مطالب عمّال النفط التي تمحورت حول الأمور المادية كالراتب والعلاوة وراتب ما بعد التقاعد، وكذلك ساعات العمل المطبقة عليهم وساعات العمل في شهر رمضان وساعات العمل في فصل الصيف.
ولكن الأمر الذي ذكر كعبارة في آخر المطالب وهي: عدم استخدامهم كصفقاتتجارية بين المقاولين واستئجار العمال بدون عقود أو تأمين. وهو ما يبيّن مدى تعاون الشركات ذات امتياز التنقيب عن النفط والشركات المقاولة كذلك، إلى تبادل عمّال النفط فيما بينهم دون عقود أو علاوات للعمال، ولا حتى تأمين صحي يحفظ حقّ علاجهم في حالة تعرضهم لأية إصابة في ساعات العمل على حساب الشركة الموظِّفة.
ولكن، عمل الناشطون الحقوقيين، والناشطون في المنتديات الإلكترونية ومواقع الاتصال الاجتماعي على الوقوف إلى جانب المضربين، وقاموا بالترويج عبر المنتديات والفيس بوك والتويتر للاضراب، وتوضيح فكرته والهدف منه، وأنه ليس للقضاء على اقتصاد البلاد، بقدر ما أنه يمثل مطالبة بحقوق هؤلاء العمّال المنسيين تحت لهيب شمس الصحراء، دون أن يهتم بهم أحد أو يسأل عن وضعهم الصحي والحقوقي.
وتطوّر الأمر لاحقا إلى دعوة "الفريق العماني لحقوق الإنسان" بعد أسبوع من تكوينه وتدشينه، إلى وقفة احتجاجية في ساحة حيّ الوزارات، التي شارك فيها العشرات من الناشطين، ورفعوا فيها لافتات تطالب الحكومة بضرورة تحقيق مطالب العمّال والاهتمام بهم.
مواقف اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان: تأييد للسلطة واستفزاز للعمال
رغم أن الاتحاد العام لعمّال السلطنة، الذي يتم تعيين أعضائه بموجب مرسوم سلطاني، حاول قدر الإمكان التدخل وحل مشكلة الإضراب، إلا أن جهوده لم تفض الى نتيجة، خاصّة وأن مناقشته لفلسفة الإضراب وقانونيته، دون التطرق إلى نقاش مطالب المضربين وأهميتها جعل المتابع للأمر يتوقع عدم وصول الاتحاد الى نتيجة حاسمة في أمر الإضراب، وهو ما تمّ لاحقا كما أوضحنا سابقا من خلال تدخل عدد من وزراء الحكومة على رأسهم وزير الخدمة المدنية، وعدد من أعضاء مجلس الدولة والشورى، لحل المشكلة.
لكن الموقف الأكثر غرابة كان من قِبل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي نظرا لمواقفها السابقة في الشأن الحقوقي في عمان، ما كان أحد لينتظر منها موقفا في صالح المضربين عن العمل في مواقع حقول النفط، إلا أن تصريحا لأمين عام اللجنة جهاد الطائي عبر إذاعة برنامج الشباب الحكومية، قال فيه: أن الــ4 ألاف عامل لا يمثلون عمان!!! وهو ما يعني عدم اعتراف هذه اللجنة الوطنية بحق العمّال بالاضراب أو المطالبة بحقوقهم.  والواقع أن تصريحا جافّا ومجحفا كهذا، لا يصدر عادة عن لجنة حقوقية حتى وإن كانت حكومية، بل تعمل هذه اللجان على تشكيل لجنة مختصة، لتباشر زيارة مواقع الإضراب والاستماع للمضربين ورفع مطالبهم كلك للجهات المختصة، وهو مالم يحدث.
ورغم أن التصريح كان عبارة عن تحريض للسلطات الرسمية إلى عدم الاستجابة والتصرف بحزم تجاه المضربين سواء بتدخل المؤسسة العسكرية -تم وضعها في حالة التأهب وقتها للتدخل- أو عبر فصل كافة المضربين عن العمل واستبدالهم بآخرين – قامت بعض الشركات فعلا بفصل بعض المضربين من عمّالها مثل شركتي شليم وديوتاج- إلا أن تدخل بعض الناشطين ووقفهم صفا واحدا مع مضربي عمّال النفط،  حول السلطات الرسمية الى القبول ببعض هذه المطالب. وكذلك، لم يتم الإشارة فعليا ما إذا أثّر هذا الإضراب الذي استمر بحشده لفترة إسبوع في الاقتصاد العماني، خاصة وأن النفط والغاز يسهم بما نسبته 85% من ميزانية الدولة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، بلدان عربية أخرى



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني